اختطف طائر الموت الحزين ثلاثة أفراد من أسرة واحدة بعد أن حط بجناحيه الأسودين علي باب تلك الأسرة المنكوبة بقرية المعابدة في مركز ابنوب بأسيوط. حيث كانت الأسرة في سبيلها لحضور حفل زفاف أحد الأقارب علي الجانب الآخر من النيل في مدينة منفلوط ولكن القدر أراد ألا يواصلوا الطريق فلم تكد تحط الأسرة برحالها في أحد القوارب النيلية الصغيرة للعبور الي الجانب الآخر حتي لقوا مصرعهم غرقا في لحظة من عمر الزمن بعد أن نسوا أو تناسوا أن قاع النيل كان مقبرة لأمثالهم علي فترات متباينة وفي أحداث مغايرة حيث جاءت لحظة القدر التي لم يمنعها الحذر وكانت أشبه بحلم يمتليء بالكوابيس ليودع أهالي القرية جثامينهم في موكب جنائزي مهيب قال خلاله أهل القرية بأسي ان الحوادث سوف تظل دائما، خاصة حوادث الغرق في النيل، مادامت الأجهزة المعنية في واد وحاجات الجماهير في واد آخر، ليواري جثامينهم التراب وغصة في الحلق ودمعة حزينة محبوسة لا تعرف طريقها للخروج حزنا علي فراق الأحبة. بدأت أحداث الواقعة المأسوية عندما تلقي الزوج دعوة لحضور حفل زفاف أحد الأقارب بمدينة منفلوط في الجانب الغربي من نهر النيل وكعادة أهالي الصعيد يتحملون عناء المشقة من أجل تأدية الواجب فقرر الأب الذهاب برفقة شقيقه الي الفرح وفي أثناء خروجهما أصر الطفل الصغير علي الذهاب برفقتهما فما كان من الأب إلا أن رق واستجاب لصرخات طفله الصغير وتوسلاته غير مدرك أنه يسوقه إلي مثواه الأخير فإصطحبه معه ونظرا لتأخر الوقت وتوقف عمل المعدية التي تقل أهالي القرية من وإلي الجانب الآخر أضطر الأب وشقيقه إلي استقلال القارب الصغير «الفلوكة» التي يعتمد عليها الأهالي بشكل كبير في الوصول للجانب الآخر بعد توقف عمل المعدية مع غروب الشمس أبحرت بهم «الفلوكة» التي ظلت تتمايل يمينا ويسارا وسط الظلام الدامس اختل توازن الطفل فسقط في المياه ليغوص في أعماق القاع وبشكل غير إرادي قفز الأب خلف طفله ليبحث عنه في أعماق النيل محاولا انقاذه وانتشاله من الغرق ولكن ابتلعت المياه الأب ونجله فتملكت الشهامة عم الأبن وشقيق الأب لينقذ أخيه وأبن أخيه فألقي بنفسه خلفهما ليلقي نفس المصير المحتوم وعبثا حاول كل من كانوا في القارب الصياح علي الثلاثة لعلهم يسمعون صوتهم أو حتي صدي الصوت ولكن هيهات فقد نفذت الإرادة الألهية ولقي الثلاثة حتفهم غرقا وعقب ذلك قام الأهالي بالاتصال بالنجدة لانتشال جثث الضحايا قبل أن يجرفهم التيار إلي مكان مجهول. وبإشراف اللواء طارق نصر مدير أمن أسيوط ومتابعة اللواء حسن سيف مدير المباحث الجنائية والعميد عصام الدسوقي رئيس مباحث المديرية نجحت جهود رجال الأنقاذ النهري بعد محاولات جمة في العثور علي جثث الضحايا في قاع النهر وهم أحمد سيد (9 سنوات)، ووالده سيد أحمد، وعمه أحمد عبدالمنعم (28 سنة)، متأثرين بإسفكسيا الغرق وتم نقلهم إلي مشرحة مستشفي منلفوط المركزي ليتسلمهم عقب ذلك ذووهم لتجهيزهم إلي القبر وخرجت جثامين الضحايا في موكب جنائزي مهيب اتشحت خلاله القرية بالسواد حزنا علي شهداء راحوا ضحية الظروف الصعبة التي يعيشون بها نتيجة لغفلة الأجهزة المعنية بالمحافظة وا لبحث عن مشكلاتهم ومحاولة إيجاد الحلول لها.