رئيس قصور الثقافة يتفقد بيت ثقافة قاطية بشمال سيناء تمهيدا لافتتاحه    الزمالك يتقدم على سيراميكا كليوباترا في الشوط الأول    بالأسماء.. إصابة 17 شخصا في حادث حريق شون الكتان بالغربية    كجوك: تخفيف الأعباء والالتزامات عن كل الممولين وتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين بيئة الأعمال    بسبب صاروخ يمني.. توقف بعض مباريات الدوري الإسرائيلي لكرة القدم    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    تراجع جديد في أعداد قاطني مخيم الهول السوري    متحدث الخارجية الأمريكية يدعو إلى استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة    تصميم معماري حديث.. محافظ بورسعيد يفتتح مسجد "الرضوان" في بورفؤاد - صور    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر بمستهل التعاملات المسائية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    ودع الدنيا يوم مولده.. 75 عامًا على رحيل الشيخ محمد رفعت وحكاية الصوت الذي لا ينسى    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    أكرم القصاص: دعوة بوتين للرئيس السيسى لحضور احتفالات ذكرى النصر تقديرا لدور مصر    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور فى خطاب وداعى: مصر عائدة لمكانتها لا محالة
السيسى يؤدى اليمين أمام الدستورية صباح الأحد ويستقبل الزعماء بالاتحادية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 06 - 2014

فى خطاب وداعي، يختتم به توليه الرئاسة لمدة عام، أكد المستشار عدلى منصور، أن التاريخ سيذكر أن القوات المسلحة والشرطة، حالت دون سقوط أقدم دولة فى التاريخ، موضحا أن 30 يونيو كانت كاشفة، وأظهرت معادن الرجال والمواطنين الشرفاء، ومثلت الإرادة الشعبية.
واستعرض منصور، فى خطابه، ما يمر به المجتمع المصرى الآن، وماشهده من تحولات وأشار إلى حالة الانفلات الأخلاقى والقيمى، التى تخالف تعاليم الإسلام والمسيحية، موضحا أننا بحاجة إلى تجديد الخطاب الدينى بعيدا عن التعصب أو التخريب.
وقال إن تجديد الخطاب الدينى يتعين أن يكون جزءا من حركة تنويرية شاملة لإعادة إحياء الهوية الثقافية المصرية برفضها الفطرى للتعصب، وكرهها الطبيعى للإرهاب، مشيرا إلى أن مصر القبطية جزء لا يتجزأ من نسيج هذا البلد، ومكون أصيل من تاريخ مصر الثري.
وأوضح عدلى منصور أن يد الإرهاب الخبيثة لم تفرق بين مسلم ومسيحي، أو بين مسجد وكنيسة، وخالفت روح الإسلام الحقيقية التى تجلت قيمها ظاهرة فى العهدة العمرية، وقد جددت مصر هذه العهدة ومبادئها، وسنظل دائما أمة واحدة تدعو إلهها الواحد.
ووجه منصور التحية للأشقاء الذين دعموا مصر منذ اليوم الأول، وخص بالذكر السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، والأردن، ودولة فلسطين.
أما المعسكر الآخر، فقال المستشار منصور له: إن مصر كانت وستظل بكم أو بدونكم، وهى عائدة لا محالة لدورها ومكانتها فى المنطقة شئتم أم أبيتم.
وأوصى منصور الرئيس المنتخب بأن يحسن اختيار معاونيه، وحذره من جماعات المصالح التى تود أن تستغل المناخ السياسى الجديد لطمس الحقائق وغسل السمعة.
وأشار إلى ما يحدث فى المنطقة من تفكك لدولها.
فى غضون ذلك، أعلن المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، المتحدث الرسمى لها، أنه تم الانتهاء من جميع الاستعدادات اللازمة لأداء الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى لليمين الدستورية أمام الجمعية العامة لمستشارى المحكمة.
وقال إن أداء اليمين سيكون فى تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح الأحد المقبل، بحضور المستشار عدلى منصور، بوصفه رئيس الجمهورية المؤقت، وإبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء الحكومة الحالية بكامل تشكيلها، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعدد من الشخصيات العامة والسياسية، من بينهم الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أنه سيعقب أداء اليمين الدستورية، إقامة حفل يدعو فيه السيسى الملوك ورؤساء الدول ضيوف مصر للترحيب بهم فى قصر الاتحادية، ثم تقام احتفالية ثانية الساعة السابعة مساء بقصر القبة دعى إليها نحو ألف شخص من مختلف القوى، والأحزاب، والشخصيات السياسية، والرموز المصرية.
وقد تسلم الحرس الجمهورى أمس مقر المحكمة الدستورية لإنهاء إجراءات التأمين اللازمة فى أثناء أداء اليمين، إلى جانب اتخاذ إجراءات أمنية مشددة فى محيط المحكمة، تقوم بها القوات المسلحة مع الشرطة.
وصرح اللواء عبدالفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات، بأن إجراءات التأمين ستكون غير مسبوقة، ويشارك فيها جميع قيادات الداخلية، وقطاعاتها المختلفة من الأمن العام، والأمن المركزي، ومدير أمن القاهرة، والعمليات الخاصة.
نص خطاب الرئيس عدلى منصور:
‎حيا الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور الشعب المصرى على وعيه السياسى وشعوره الرفيع بالمسئولية, وإنجاز الانتخابات الرئاسية على نحو مشرف..
‎وقال:لقد أنجزتم استحقاق الانتخابات الرئاسية كما ينبغى، وستكملون خريطة الطريق بالانتخابات البرلمانية على هذا النحو المشرف..لقد برهنتم أنكم تدركون قدر وخطورة ما تواجهه مصر من تحديات.
‎وأعرب منصور - فى خطاب وداعى يختتم الفترة الانتقالية التى انتهت بإعلان عبد الفتاح السيسى رئيسا منتخبا لمصر- عن شكره لشعب مصر الذى شارك رغم حرارة الطقس فى انتخابات الرئاسة, وقال:شكرا للدولة المصرية التى حافظت مؤسساتها على الحياد بين المرشحين المتنافسين فى انتخابات الرئاسة.
‎وأضاف:أودعكم اليوم بعد عام من المسئولية الجسيمة والأمانة الكبيرة بكل مافيها من تحديات وصعوبات.. اننى كمواطن مصرى فخور بهذا الوطن وحضارته وواثق بأن مصر ستستعيد مكانتها فى المستقبل القريب
وفيما يلى نص الخطاب:

شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
اِسْمَحُوا لِى فِى الْبِدَايَةِ .. أَنْ أُهَنِّئَكُمْ عَلَى وَعْيِكُم السِّياسِى .. وحِسِّكُم الْوَطَنِى .. وشُعُورِكُم الرَّفِيعِ بِالْمَسئولِيَّةِ .. لَقَدْ أَثبَتُّمْ أَنَّكُمْ أَهْلٌ لِهَذَا الْوَطنِ الْعَظيمِ .. كَمَا بَرْهَنْتُمْ أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ قَدْرَ وخُطُورَةَ مَا يُوَاجِهُهُ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ .. تَعلَمُونَ مَتَى تَتَّحِدُونَ .. وتَتَّحِدُ كَلِمَتُكُمْ .. مَرَّةً أُخرَى .. تُبهِرُونَ الْجَمِيعَ .. شَعْبَاً ودَولَةً .. لَقَدْ أَنجَزْتُمْ الاِنتِخَابَاتِ الرِّئاسِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكمَلِ.. ويَقِينِى أَنَّكُمْ سَتُنجِزُونَ مَا تَبقَّى مِن اسْتِحقَاقَاتِ خَارِطَةِ مُستَقبَلِنَا عَلَى ذَاتِ النَّحوِ الْمُشَرِّفِ.. لِتَبدَأوا مَرحَلةَ الْبِناءِ الْمُقبِلَة.
إنَّنِى كَمُواطِنٍ مِصريٍّ فَخُورٌ بِهَذَا الْإِنجَازِ الْكَبيرِ الَّذِى قُمْتُمْ بِهِ .. فَخُورٌ بِوَعى وتَصمِيمِ وصَلابَةِ هَذَا الْوَطنِ وشَعبِهِ .. شُكرَاً لَكُمْ .. نَحنُ جَدِيرُونَ بِهَذَا الْوَطنِ وحَضَارَتِهِ .. وإنَّنِى لَعَلَى ثِقَةٍ فِى أنَّنَا سَنَسْتَعِيدُ مَكانَتَنَا ودَورَنَا الرَّائِدَ فِى مُستَقبَلٍ قَريبٍ جِدَّاً.. شُكرَاً لِشَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. عَلَى هَذِه الْمُشَارَكَةِ الْوَاسِعَةِ .. عَلَى الرَّغمِ مِن ارْتِفَاعِ دَرجَاتِ الْحَرارَةِ وصِيَامِ الْكَثِيرِينَ مِنَّا.. وعَلَى الرَّغمِ مِنْ أَنَّ هَذَا الاِسْتِحقَاقَ الاِنتِخَابِيَّ هُوَ السَّابِعُ فِى سِلسِلَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الاِسْتِحقاقَاتِ الاِنتِخَابِيَّةِ .. مُنذُ ثَورَةِ الْخَامِسِ والْعِشرِينَ مِنْ يَناير.
وشُكرَاً لِلدَولَةِ الْمِصرِيَّةِ ومُؤسَّسَاتِهَا الَّتِى حَافَظَتْ عَلَى عَهْدِهَا بِالْحِيَادِيَّةِ والْبَقاءِ عَلَى مَسَافَاتٍ مُتَسَاوِيَةٍ مِنَ الْمُرشَّحَيْنِ .. شُكرَاً لِكُلِّ مَنْ أَسْهَمَ فِى إِنجَاحِ هَذَا الْحَدَثِ الْوَطَنِى .. شُكرَاً لِلحُكومَةِ الَّتِى أَسْهَمَتْ فِى خُروجِ هَذَا الْإنجَازِ الْهَامِّ بِهَذَا الشَّكْلِ الرَّائِعِ .. سَوَاءٌ عَلَى الْمُستَوَى التَّنظِيمِى أو الْأَمنِي.

الْإخْوَةُ وَالْأَخَوَات ..
أُوَجِّهُ حَدِيثِى إِلَيكُم الْيَومَ مُوَدِّعَاً .. بَعدَ أنْ شَرُفْتُ بِرِئاسَةِ جُمْهُورِيَّةِ مِصْرَ الْعَربِيَّةِ مَا يُناهِزُ الْعَامَ .. عَامٌ مِنَ الْمَسْئولِيَّةِ الْجَسِيمَةِ.. والْأمَانَةِ الْكَبيرَةِ.. لَمْ أَكُنْ أَتصَوَّرُ يَومَاً .. وأنَا فِى صُفُوفِ الْجَمَاهِير ِ.. وَطْأةَ الْعِبءِ.. وحَجْمَ التَّحَدِّياتِ .. وصُعُوبةَ الْمُهمَّةِ .. أنْ تَكونَ مَسئُولاً عَنْ بَلَدٍ بِحَجمِ مِصْرَ.. الَّتِى كَمَا تَتَطلَّبُ أَداءً رِئاسِيَّاً .. يَتَنَاغَمُ مَعَ عَظمَةِ تَاريِخِهَا .. ويَتَفَاعَلُ مَعَ وَاقِعِ حَاضِرِهَا .. ويُخَطِّطُ لِقَادِمِ مُستَقبَلِهَا .. فَإنَّها تَفْرِضُ أَيضَاً أَنْ يَكُونَ .. جَادَّاً ودَؤوبَاً .. مُخلِصَاً وأمِينَاً.. يُواجِهُ مُشْكِلَاتِ الْوَاقِعِ السِّيَاسِى والْاِقتِصَادِى والْاِجتِمَاعِى .. ويُدَبِّرُ الْمَوارِدَ اللازِمَةَ لِلتَّغَلُّبِ عَلَيهَا .. ويَحْشُدُ الطَّاقَاتِ .. الَّتِى تَعمَلُ عَلَى تَأمِينِ مُستَقبَلِ هَذَا الْوَطَنِ وأَبنَائِه.
إنَّ تَوَلِّيَ رِئاسَةِ مِصْرَ .. وحَتَّى بِدُونِ الظَّرْفِ التَّارِيخِى الرَّاهِنِ .. مُهمَّةٌ عَظِيمَةٌ.. تَسْتَمِدُ عَظَمَتَهَا .. مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الْبَلَدِ .. الرَّائِدِ فِى مُحيطِهِ الْإقلِيمِى عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ .. مُلتَقَى الْأَديَانِ السَّمَاوِيَّةِ .. مَعبَرِ الْأَنبِيَاءِ .. مَهْدِ الْحَضَارَةِ .. مَنبَعِ الْفُنونِ .. وبَهَاءِ الْعِمَارَةِ .. عَبقرِيَّةِ الْمَكَانِ .. مَركَزِ الْعَالَمِ.. وهَمزَةِ الْوَصْلِ بَينَ قَارَّاتِهِ الْقَدِيمَةِ .. مَشعَلِ الْحُرِّيَّةِ فِى إفرِيقيَا .. بَلَدِ النِّيلِ .. وأَرضِ الْفَيرُوزِ .. وقَناةِ السُّوَيسِ.. مِصْرَ الْأَزهَرِ والْكَنِيسَةِ .. مِصْرَ الْعَرَبيَّةِ والْإفرِيقِيَّةِ والْإسْلَامِيَّةِ والْمُتوَسِّطِيَّةِ .. دُرَّةِ الْعَالَمِ .. ومَحَطِّ أَنظَارِ الْجَمِيع.
لَقَدْ قَبِلْتُ بتِلكَ الْمُهمَّةَ أَداءً لِلوَاجِبِ، ولَعَلَّكُمْ تَعلَمُونَ أنَّنِى لَمْ أَكُنْ أَوَدُّ الْقِيامَ بِهَا .. إلَّا أنَّهُ مِنْ مُنطَلَقِ الْمَسْئولِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ .. ووَفَاءً لِمَا أُدِينُ بِهِ مِنْ أَفضَالٍ لا تُعَدُّ لِهَذَا الْوَطَنِ الْغَالِى .. لَبَّيتُ النِّدَاءَ.. وقَدْ تَحمَّلْتُ .. مَسْئولِيَّاتٍ صَعبَةً والْتِزامَاتٍ جَسِيمَةً .. وحَمَّلْتُ أُسرَتِى .. مَخَاوِفَ أَمْنيَّةً .. وقُيودَاً اِجْتمَاعِيَّةً .. وقَدْ حَرَصْتُ عَلَى أنْ أَكونَ أمِينَاً فِى أدَائِى لِلتَّكلِيفِ .. رَئِيسَاً لِمِصْرَ ولِلمِصرِيينَ .. كُلِّ الْمِصرِيينَ .. لا أَقبَلُ تَدَخُّلاً أو وصَايةً مِنْ أَحَدٍ مِنْ دَاخِلِهَا أو خَارِجِهَا .. أَسْتَمِعُ لِلجَميعِ .. وأُقِيمُ الشُّورَى.. ثُمَّ اَتَّخِذُ الْقَرَاراتِ الْمُناسِبَةَ .. وأَتحمَّلُ مَسْئوليَّتَهَا أَمامَ اللَّهِ والْوَطنِ .. فَلَقَدْ حَرَصْتُ فِى كَافَّةِ هَذِه الْخُطُواتِ .. أنْ أُطَبِّقَ وأُعْلِيَ مَبْدَأَ الشُّورَى .. ودِيمُقراطِيَّةَ اتِّخَاذِ الْقَرارِ.. فَدَعَوتُ إِلَى الْحِوَارِ الْمُجتمَعِى ..مَعَ كَافَّةِ قِطاعَاتِ الشَّعبِ .. وفِى مُقدِّمَتِهِمْ الشَّبابُ.. مُستَقبَلُ الْأُمَّةِ .. قَلبُهَا النَّابِضُ .. ووَعْيُهَا الْمُتفَتِّحُ .. ورُوحُهَا الْوَثَّابَةُ .. وذَلكَ سَواءٌ فِيمَا يَتَعلَّقُ بِأولَوِيَّاتِ إجْراءِ اسْتِحقاقَاتِ خَارِطَةِ الْمُستَقبَلِ .. أو فِيمَا يَرتَبِطُ بِهَا مِنْ قَوَانِينَ ذَاتِ صِلَةٍ .. تَشْهدُ مُسَوَّدَاتُها الْأُولَى .. أَنَّهَا تَغيَّرَتْ وَفقَاً لإرَادةِ الشَّعبِ .. ونُزُولاً عَلَى مُقتَرحَاتِهِ .. ولَيسَ فَرضَاً لِرَأيٍ..أو احْتِكَاراً لِسُلْطَةٍ.
واسْمَحُوا لِى أنْ أَنسِبَ الْحَقَّ لِأَصْحَابِهِ .. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أنَّ الثلاثين من يُونيو تُمَثِّلُ الْإرَادةَ الشَّعبِيَّةَ الْمِصرِيَّةَ، إلَّا أنَّنَا مَا كُنَّا لِنَنْجَحَ فِى تَحقِيقِ هَذِه الْإرَادةِ دُونَمَا الدَّورِ الْوَطَنِى لِرِجَالِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ الْبَواسِلِ .. ورِجَالِ الشُّرطَةِ الْأبطَال.
فَبِاِسْمِ الشَّعبِ الْمِصرِى الَّذِى أَتَى بِى عَلَى رَأسِ الْوَطنِ فِى هَذِه الْمَرحَلَةِ .. أَقولُ لَهُمْ إنَّ التَّارِيخَ الَّذِى عَرَفَ مِصرَ مُوَحَّدَةً مُنذُ مِينَا مُوَحِّدِ الْقُطْرَينِ .. سَيَذْكُرُ لَهُمْ أنَّهُمْ حَالُوا دُونَ سُقوطِ أَقدَمِ دَولةٍ مَركَزِيَّةٍ فِى التَّارِيخ.
السَّيدَاتُ والسَّادَة ..
أَوَدُّ بَعدَ أنْ أنْهَيتُ مُهمَّتِى .. أنْ أُلْقِيَ الضَّوءَ عَلَى مُجْمَلِ الْأوضَاعِ الَّتِى قَبِلْتُ فِيهَا تَوَلِّيَ مَهَامِّ مَنصِبِى الرِّئاسِى .. وَطنٌ يُواجِهُ تَحدِّيَاتٍ لا تُهدِّدُ هُوِيَّتَهُ فَقَطْ .. بَلْ وِحدةَ شَعبِهِ وأرَاضِيهِ .. وَطنٌ مَرِضَ جَسَدُهُ عَلَى مَدارِ عُقودٍ مَاضِيَةٍ .. وأُرِيدَ لِلجَسَدِ الْمُنهَكِ أنْ يُسْتَباحَ فِيمَا تَبقَّى لَهُ مِنْ حَياةٍ .. حَالةٌ مِنَ الاِرتِبَاكِ السِّياسِى .. شَعبٌ ثَارَ عَلَى نِظَامَيْ حُكْمٍ فِى أَقَلَّ مِنْ ثَلاثَةِ أَعوَامٍ .. اِحْتِكَارٌ لِلدِينِ والْوَطنِ .. مُنَاخٌ عَامٌّ مِنَ الاِحتِقَانِ السِّياسِى .. ظُرُوفٌ اِقتِصَاديَّةٌ مُرتَبِكَةٌ .. ثُمَّ تَلا ذَلكَ إرهَابٌ أَعْمًى ..لا دِينَ لَهُ ولا وَطنَ.. يُرِيدُ فَرْضَ رُؤاهُ الْمُخالِفَةِ لِحَقيقةِ الدِّينِ .. أُنَاسٌ شَوَّهُوا تَعالِيمَ دِينِنا السَّمْحَةَ .. وقَدَّمُوا لِلعَالَمِ بِأسْرِهِ صُورَةً مَغلُوطَةً عَنِ الْإسْلَامِ الْحَنِيف.
ولِاسْتِكمَالِ الصُّورَةِ .. يُضَافُ إِلَى تَردِّى الْأَوضَاعِ الدَّاخِليَّةِ .. مَوقِفٌ دُوَلِيٌ مُنقَسِمٌ .. مَا بَينَ دُوَلٍ رَبَطَتْ مَصالِحَهَا بِالنِّظامِ السَّابقِ .. واسْتَثمرَتْ فِيهِ .. واتَّخذَتْ إِزَاءَ مِصرَ وثَورَتِهَا الشَّعبِيَّةِ مَوقِفاً سَلبِيَّاً .. فَانْهارَتْ مُخطَّطَاتُهَا عَلَى أَيدِى الْمُخلصِينَ مِنْ أَبناءِ هَذَا الْوَطَنِ .. ودُوَلٍ كَانَتْ تُؤْثِرُ الصَّمْتَ .. ولا تَمُدُّ يَدَ الْعَونِ .. وإنَّمَا تُراقِبُ الْمَوقِفَ .. اِنتِظَاراً لِوضُوحِ مَعالِمِ الْمَشهَدِ السِّياسِى أَكثَرَ فَأَكثَر.. ولا يُخفَى عَلَيكُمْ .. أنَّ ثَورةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو كَانَتْ لَهَا طَبِيعَةٌ كَاشِفةٌ .. أَظهَرَتْ مَعادِنَ الرِّجالِ .. ومَواقِفَ الشُّرفَاء.
فَتَحِيَّةَ تَقديرٍ وامْتِنانٍ لِأشِقَّائنَا الَّذِينَ دَعَمُونَا مُنذُ الْيَومِ الْأَولِ .. الَّذِينَ طَالَمَا تَبادَلَتْ مِصرُ مَعَ دُولِهِمْ الشَّقِيقةِ.. أَدوارَ الْمُسَاندةِ والتَّأييدِ فِى الشَّدَائدِ.. تَحيَّةً إلَى الْمَملكَةِ الْعَربيَّةِ السُّعودِيَّةِ.. ودَولةِ الْإمَاراتِ الْعَربيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ .. ودَولةِ الْكُوَيتِ .. ومَملكَةِ الْبَحرَينِ .. والْمَملكَةِ الْأُردُنيَّةِ الْهَاشِميَّةِ .. ودَولةِ فَلَسطِين.
أمَّا لِلمُعَسْكَرِ الآخَرِ.. فَأقُولُ.. إنَّ مِصرَ قَدِيمَةٌ قِدَمَ التَّارِيخِ.. كَانَتْ وسَتَظلُّ بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى .. بَاقِيَةً خَالِدَةً .. بِكُمْ أو بِدُونِكُمْ .. سَواءٌ كُنتُمْ مَعَهَا أو عَلَيهَا .. واعْلَمُوا أنَّهَا عَائِدةٌ لَا مَحَالَة لِدَورِهَا ومَكانتِها فِى الْمِنْطَقَةِ .. شِئتُمْ أَمْ أَبَيتُمْ .. فَهَذَا قَدرُهَا .. وهَذِه رِسَالتُهَا .. رِسَالةٌ تَفرِضُهَا مُقوِّمَاتُها التَّارِيخيَّةُ والْجُغرافِيَّةُ والْبَشرِيَّةُ .. وأمَّا اسْتمرَارُكُمْ فِى مَواقِفِكُم الْخَاطِئةِ .. فَأثرُهُ الْوَحيدُ زِيادَةُ كُلْفَةِ تَصوِيبِ تِلكَ الْمَواقِفِ فِى الْمُستَقبَل.
الْإخْوَةُ والْأَخَوَات ..
وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ إدرَاكِى لِطَبيعَةِ الْمُهمَّةِ .. الَّتِى اخْتَرْتُ تَوافُقاً مَعَهَا أنْ أُدِيرَ الْبِلادَ.. ولا أَحكُمَهَا .. فَقَدْ آلَيتُ عَلَى نَفسِى ألَّا أُخَالِفَ رَغبَةَ الشَّعبِ .. مَا دَامَتْ مُتَوافِقَةً مَعَ صَالِحِ الْوَطنِ .. ولا تَتَنَاقَضُ مَعَ مَا أَتَاحَهُ لِى الْمَنصِبُ الرِّئاسِيُّ مِنِ اطِّلاعٍ عَلَى مَعلُومَاتٍ لَيسَتْ مُتَاحَةً .. فَقَد اِسْتَجَبْتُ لِنَبضِ الشَّعبِ.. حِرصاً عَلَى إنجَازِ الْمَرحلَةِ الاِنتِقالِيَّة.
لَمْ أَتعصَّبْ أَبداً لِرَأيٍ .. أو أُصِرْ عَلَى وِجهَةِ نَظَرٍ .. وكُنتُ مُدرِكاً تَماماً .. عَلَى قِصَرِ الْمُهمَّةِ.. الَّتِى لَمْ تَتجَاوَزْ عَاماً وَاحِداً .. أنَّ لِكُلِّ مَرحَلَةٍ مِنْهَا .. رِجَالَهَا الْقَادِرِينَ عَلَى إدَارَتِها .. وإنجَازِ ما تَوافَقَتْ عَلَيهِ الْقُوَى الْوَطَنِيَّةُ فِى خَارِطَةِ الْمُستَقبَلِ .. ورَغْمَ التَّحَدِّياتِ الْأَمنِيَّةِ .. والظُّروفِ الْمُحتَقِنَةِ .. نَجحْنَا فِى إِقرَارِ دُستُورِ مِصرَ الْجَديدِ .. بِنِسبَتَى مُشارَكَةٍ ومُوافَقَةٍ.. غَيرِ مَسبُوقَتَين.
وهَا نَحْنُ قَدْ أَنْجَزْنَا الاِسْتِحقَاقَ الرَّئيسِيَّ الثَّانِيَ.. وهُو الاِنْتِخابَاتُ الرِّئاسِيَّةُ.. لِأُسَلِّمَ رَايةَ الْوَطنِ للرَئيسِ المُنتَخَبِ.. لِيُكْمِلَ الْمَسيرَةَ.. ويَقُودَ هَذِه الْأُمَّةَ.. نَحوَ آفَاقِ التَّقدُّمِ والاِزْدِهَار.

شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
لَقَدْ أَولَيتُمُونِى أَمانَةَ الْعُبورِ بِوَطنِنَا فِى ذَلكَ الظَّرفِ الدَّقيقِ .. عُبورٌ كَانَ مِنَ اللادَولَةِ إلَى الدَّولَةِ .. ومِنَ الْوَطنِ الْمُستَبَاحِ .. إلَى الْوَطنِ المُصَانِ .. أُسَلِّمُ مِصرَ الْيَومَ .. لِلرَئيسِ الَّذِى اِئتَمَنَهُ الشَّعبُ عَلَى المَسئولِيَّةِ .. بِوَاقعٍ جَديدٍ .. لَنْ أَدَّعِيَ أنَّهُ الْمَنشُودُ .. ولَكِنَّنِى أَستَطِيعُ أنْ أَقولَ وبِكُلِّ ثِقةٍ .. إِنَّهَا أَفضلُ كَثِيراً مِمَّا كَانَتْ عَلَيهِ لَدَى تَسَلُّمِى مُهمَّتِى فِى يُوليو 2013.
دَولَةٌ لَهَا دُستُورُهَا.. وَرَئِيسُهَا المُنْتَخَبُ.. وسَنُكْمِلُ بِإذْنِ اللَّهِ فِى قَريبٍ عَاجلٍ .. اِنتِخَابَ بَرلمَانِنَا .. وعَلَى الصَّعيدِ الدُّوَلِى تَستَعِيدُ مَكانَتَهَا اللائِقةَ والْمُناسِبةَ .. سِياسِيَّاً واقْتِصَادِيَّاً .. فَكُلُّ يَومٍ نَكْسِبُ أو نَستَعِيدُ أَصدِقاءَ لَنَا .. ونَشهَدُ تَعدِيلاتٍ إِيجَابيَّةً فِى مَواقِفِ كَثيرٍ مِنَ الْأَطرَافِ الَّتِى لَمْ تُدرِكْ مَاهِيةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو .. وتَحَسُّنَاً فِى تَصنِيفِ مِصرَ الاِئتِمَانِى .. وحِزَمَ تَحفِيزٍ اِقتِصاديٍ .. تُشَجِّعُ عَلَى الاِسْتِثمَارِ .. وتَخطِيطاً لِمَشرُوعَاتٍ اِقتِصَادِيَّةٍ عِملَاقَةٍ .. وقَبلَ هَذَا وذَاكَ .. إِرهَاصَاتِ تَحقِيقِ آمَالِ وطُمُوحَاتِ أَبنَاءِ الشَّعبِ الْمِصرِى الْعَظِيمِ .. الَّتِى سَتَتَحقَّقُ .. بِإِرادَةِ نُفُوسِهِمْ .. وأَفكَارِ عُقولِهِمْ .. وقُوَّةِ سَوَاعِدِهِمْ .. وعَرَقِ جِبَاهِهِمْ.
واعْلَمُوا يَا أَبناءَ مِصرَ أنَّهُ لا يَضُرُّنَا مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَينَا .. وأنَّهُ بِفَضلِ وَعْيِكُمْ وعَزِيمَتِكُمْ الْقَويَّةِ .. لَنِ تَرَى مِصرُ احْتِكَاراً لِلوَطنِ أو الدِّينِ بَعدَ الْيَومِ .. واعْلَمُوا أَيضاً أنَّهُ لَنْ يُسَاوِمَ أَحَدٌ الشَّعبَ مَرَّةً أُخرَى عَلَى الْخُبزِ مُقَابِلَ الْكَرَامَةِ .. ولا عَلَى الْأَمْنِ مُقَابِلَ الْحُرِّيَّةِ.. فَسَيَأتِى الْخُبزُ بِكَرامَةٍ مَا دُمْنَا اهْتَدَينَا بِالْعَمَلِ سَبِيلاً .. فِى وَطنٍ خَيرَاتُهُ بَاتَتْ لِأَبنَائِهِ.. وسَيَأتِى الْأَمْنُ مَا دَامَتْ الْحُرِّيَّةُ الْمَسئولَةُ ضَامِنَةً لَهُ ولِبَقَائِهِ بِفَضلِ غِيرَةِ ووَطَنِيَّةِ الْمِصرِيين.

الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
إنَّنِى لَعَلَى ثِقةٍ فِى أنَّ رَئيسَ مِصرَ، سَيتَّقِى اللَّهَ فِى هَذَا الْبَلدِ الْعَظيمِ .. وفِى شَعبِهِ الْكَريمِ .. فَيَكُونُ لَهُمْ قَائِداً عَظِيمَاً .. وأَبَاً رَحِيمَاً .. وأَقولُ لَهُ أَحْسِنْ اِخْتِيارَ مُعَاونِيكَ.. فَهُمْ سَنَدُكَ ومُعِينُوكَ عَلَى مَا سَيُواجِهُكَ مِنْ مُشكِلاتٍ دَاخِليَّةٍ صَعبَةٍ .. ووَضعٍ إقلِيمِيٍ مُضطَرِبٍ .. ووَاقِعٍ دُوَلِيٍ لا يَعرِفُ سِوَى لُغَةِ الْقُوَّةِ والْمَصالِحِ.. وتَقتَضِى الْأَمانَةُ أنْ أُحَذِّرَ مِنْ جَمَاعَاتِ الْمَصالِحِ.. الَّتِى تَوَدُّ أنْ تَستَغِلَّ الْمُناخَ السِّياسِيَّ الْجَديدَ لِطَمْسِ الْحَقائقِ.. وغَسْلِ السُّمعَةِ .. وخَلْقِ عَالَمٍ مِنَ الاِسْتِفادَةِ الْجَشِعَةِ.. يُمَكِّنُ هَذِه الْفِئاتِ مِنِ اسْتِعادَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ.. يَوَدُّ الشَّعبُ الْمِصرِيُّ ألَّا تَعودَ أبداً.
وأُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِالْمَرأةِ الْمِصرِيَّةِ خَيراً .. فَلَقَدْ أَثبَتَتْ عَبرَ تَجارِبَ دِيمُقرَاطِيَّةٍ مُتوَالِيَةٍ.. أَنَّ مُشارَكَتَهَا نَشِطَةٌ فَاعِلَةٌ .. ووَعْيَهَا نَاضِجٌ مُتَحَضِّرٌ .. ويَتَعيَّنُ أَنْ تَشهَدَ مَرحَلَةُ الْبِنَاءِ الْمُقبِلَةُ .. طَفرَةً حَقيقِيَّةً لِتَمكِينِ الْمَرأةِ .. سَواءٌ فِى الْمَناصِبِ السِّياسِيَّةِ والتَّنفِيذِيَّةِ .. أو عُضوِيَّةِ بَرلَمَانِنَا الْمُقبِلِ .. وثِقَتِى كَامِلَةٌ فِى أنَّكُمْ سَتَمنَحُونَ الْمَرأةَ الْمِصرِيَّةَ كَافَّةَ حُقوقِهَا .. الَّتِى تَتَنَاسَبُ مَعَ حِرْصِهَا عَلَى التَّفَاعُلِ مَعَ تَحَدِّيَاتِ الْوَطنِ والْإِسهَامِ فِى بِنَاءِ مُستَقبَلِهِ.
وأَقولُ لَكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ .. إنَّ الْقَضاءَ الْمِصرِيَّ الشَّامِخَ هُوَ الْحِصْنُ الْمَنِيعُ .. الَّذِى يُحقِّقُ مُحاسَبةً عَادِلةً .. ويَضَعُ كُلَّاً فِى نِصَابِهِ الصَّحِيحِ .. فَإنْ كُفِلَ لِلقَضَاءِ الْمِصرِى اِسْتِقلالُهُ.. إِعْمَالاً لِنُصُوصِ الدُّستُورِ .. ضُمِنَ إِحقَاقُ الْحَقِّ .. وإِقرَارُ الْعَدَالَةِ .. فَالْعَدلُ أَساسُ الْمُلْكِ .. كَمَا أُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِهَذَا الشَّعبِ الصَّابِرِ خَيرَاً .. فَحُقوقُ الْإِنسَانِ لا تَقتَصِرُ عَلَى الْحُقوقِ السِّياسِيَّةِ والْحُرِّيَّاتِ الْمَدَنِيَّةِ .. الَّتِى يَجِبُ أنْ تُعَظَّمَ وتَزدَهِرَ.. وإنَّمَا تَمتَدُّ لِتَشمَلَ نِطَاقاً أَوسَعَ .. ومَفهُوماً أَعمَقَ .. يَرتَبِطُ ارْتِباطاً مُباشِراً بِالتَّنمِيَةِ .. والْحُقوقِ الاِقتِصَادِيَّةِ والاِجتِمَاعِيَّةِ.. ولِذَا أَقولُ اِجْعَلْ تَنمِيةَ الْمَناطِقِ الْمَحرُومَةِ نُصْبَ عَينَيكَ.. الْعَشْوَائِيَّاتُ ومَا تُمَثِّلُهُ مِنْ تَحَدٍّ كَبِيرٍ .. والصَّعيدُ.. وسَيناءُ.. الصَّحراءُ الْغَربيَّةُ .. ومَرسَى مَطرُوح .. ومُثلَّثُ حَلايبَ وشَلاتِين.
وأَخِيراً أَتَمنَّى لَكَ.. كُلَّ التَّوفِيقِ والنَّجاحِ فِى إِنجَازِ مَهامِّكَ الثَّقِيلَةِ وأَعبَائِكَ الْجَسِيمَةِ .. أَعانَكَ اللَّهُ عَلَيهَا .. ولِيُوفِّقْكَ .. بِمُسَاعدةِ شَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. لِسُلوكِ طَريقِ الْحَقِّ والرَّشَاد.

شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ سِجِلَّ وَفَاءِ الْمِصرِيينَ لِوَطَنِهِمِ سِجِلٌّ حَافِلٌ .. قِيَمٌ وقَامَاتٌ لا تُحْصَى .. وفِى شَتَّى الْمَجَالاتِ .. قَصَّرَ الْوَطنُ فِى حَقِّ الْبَعضِ مِنْهُمْ ومَازَال .. ولَقَدْ حَرَصْتُ مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى رَدِّ بَعضِ الْحُقوقِ لِأَصحَابِهَا .. حَتَّى وإنْ جَاءَتْ الْحُقوقُ مُتَأخِّرَةً وغَابَ أَصحَابُهَا .. فَمِصرُ لا تُنكِرُ عَلَى أَبنَائِهَا فَضْلَهُمْ، ولا تَبْخَسُ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ إِبدَاعَاتٍ أو تَضْحِيَاتٍ .. أو خَدَمَاتٍ جَليلَةٍ قَدْرَهَا وحَقَّهَا .. فَمِصرُ وأَديانُهَا السَّمَاوِيَّةُ عَلَّمَتْنَا دَومَاً قِيَمَاً نَبِيلَةً .. عَلَى رَأسِها الْوَفاءُ والْعِرفانُ والتَّقدِيرُ .. لِكُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِهَذَا الْوَطنِ عَملاً صَالِحاً ونَبِيلاً.

شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ التَّارِيخَ سَيَكْشِفُ يَوماً الْحَقِيقةَ .. وسَتَعلَمُونَ حِينَها.. حَجْمَ مَا خُطِّطَ ودُبِّرَ لِمِصرَ.. صُعُوبَةَ الْمَرحَلَةِ .. ودِقَّةَ الظَّرفِ التَّارِيخِى .. والْمَسئولِيَّةَ الْمُلقَاةَ عَلَى عَاتِقِ مِصرَ .. لَيسَ فَقَطْ لِلحِفَاظِ عَلَى وِحدَتِهَا وسَلَامَةِ أَرَاضِيهَا .. وإنَّمَا أَيضاً لِلدِفَاعِ عَنِ الْعَالَمِ الْعَرَبِى بِأَسْرِه.
واعْلَمُوا أنَّ عَودَةَ مِصرَ إلَى مَكانِهَا الرَّائِدِ إقلِيمِيَّاً .. واللائِقِ دُوَلِيَّاً .. لَنْ تَتَأَتَى إلَّا بِإصْلاحِ الدَّاخِلِ أَولاً .. بِدَولَةٍ تَسْتَرِدُّ قُوَّتَهَا مِنْ خِلَالِ إِعْلاءِ الْمَصَالِحِ الْوَطَنِيَّةِ .. والاِبْتِعَادِ عَنْ ضِيقِ الْأُفُقِ.. ونَبْذِ التَّركيزِ عَلَى الْمَصالِحِ الشَّخصِيَّةِ .. أو الْمَطَالِبِ الْفِئوِيَّةِ .. أو التَّوَجُّهاتِ الْحِزبِيَّةِ .. فَكَافَّةُ دَوائرِ أَمنِنَا الْقَومِى مُهَدَّدَةٌ.
ورُبَّمَا تَكونُ هَذِه الْمَرَّةُ الْأُولَى فِى تَارِيخِنا .. الَّتِى يَشتَعِلُ فِيهَا مُحيطُنَا الْإِقلِيمِيُّ بِكَافَّةِ جِهَاتِهِ.. فَاعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً .. ولا تَفَرَّقُوا .. وكُونُوا عَلَى قَدْرِ الْمَسئولِيَّةِ .. ولا يَغُرَّنَّكُمْ دَعَوَاتٌ لا تَستَهدِفُ سِوَى إِضرَارِ هَذَا الْوَطنِ .. واعْتَبِرُوا مِنْ تَجَارِبِ الآخَرِينَ حَولَكُمْ .. فَكَمْ مِنْ دَولَةٍ شَقِيقَةٍ تَفكَّكَتْ .. وكَمْ مِنْ أَروَاحٍ عَربِيَّةٍ أُزهِقَتْ خِلَالَ السَّنواتِ الْأَخيرَةِ.. حَتَّى بَاتَ مِنَ الصَّعبِ إِحصَاؤُهَا.

الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
وإذَا كَانَ حَديثِى إلَيكُم الْيَومَ .. حَدِيثَ وَداعٍ .. فَلا أُخفِيكُمْ أنَّهُ تَحْزُنُنِى حَالَةٌ مِنَ الاِنْفِلاتِ الْأَخْلاقِى والْقِيَمِى .. بَدَأَتْ إِرهَاصَاتُهَا تَلُوحُ فِى مُجتَمعِنَا الْمِصرِى .. بِالْمُخالَفَةِ لِتَعالِيمِ الْإِسْلامِ والْمَسِيحِيَّةِ .. وبِمُجَافَاةٍ لِمَنظُومَتِنا الْقِيَمِيَّةِ.. ومِنْ هَذَا الْمُنطَلَقِ فَإنَّ مُجتَمعَنَا الْيَومَ فِى أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إلَى تَجدِيدِ الْخِطابِ الدِّينِى .. تَجدِيداً وَاعِياً مَسئولاً .. تَجدِيداً يَلِيقُ بِمَكانَةِ مِصرَ الْإِسْلامِيَّةِ .. بَلَدِ الْأَزهَرِ الشَّرِيفِ .. مَنَارَةِ الْعِلْمِ .. الَّتِى صَّدَّرَتْ عَبْرَ عُلمَائِهَا الْأَجِلَّاءِ عُلُومَ الْإِسْلامِ إلَى الدُّنيَا كُلِّهَا .. وسَاهَمَتْ بِفَعَالِيَةٍ فِى نَشْرِ تَعَالِيمِهِ السَّمْحَة.
إنَّنَا بِحَاجَةٍ إلَى خِطابٍ دِينيٍ يَحْفَظُ قِيَمَ الْإِسْلامِ وثَوابِتَهِ .. ويُعِيدُ إِحياءَ رُوحِهِ الْحَقِيقيَّةِ..يَسمُو بِالنُّفوسِ.. ويُهَذِّبُ الْأَخلاقَ.. ويُحِيلُ تَعالِيمَهُ إلَى وَاقعٍ عَملِيٍ مُطبَّقٍ فِى حَياتِنَا الْيَومِيَّةِ.. نَنشُرُ مِنْ خِلَالِهِ مَعَانِيَ الرَّحمَةِ والْإِنسَانيَّةِ .. الصِّدقَ والْأَمَانَةَ .. وكَافَّةَ مَكارِمِ الْأَخلَاقِ .. الَّتِى بُعِثَ نَبيُّنَا الْكَرِيمُ لِيُتَمِّمَهَا .. وذَلكَ بَعيداً عَنِ التَّعَصُّبِ أو التَّحَزُّب.
شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..
إنَّ تَجدِيدَ الْخِطابِ الدِّينِى يَتَعيَّنُ أنْ يَكونَ جُزءَاً مِنْ حَركَةٍ تَنوِيرِيَّةٍ شَامِلَةٍ .. لا تَقتَصِرُ فَقَطْ عَلَى الْجَانبِ الْأَخلاقِى والْقِيَمِى .. وإنَّمَا تَستَهدِفُ الاِرتِقَاءَ بِالذَّوقِ الْمِصرِى الْعَامِّ .. وتُشارِكُ فِيهَا كَافَّةُ الْمَرافِقِ الثَّقافِيَّةِ .. سَواءٌ الْقَومِيَّةُ أو الْخَاصَّةُ .. فَكُتَّابُ مِصرَ وأُدبَاؤهَا .. وشُعرَاؤهَا وصَحفِيُّوهَا وإِعلامِيُّوهَا .. وفَنَّانُوهَا ومُبدِعُوهَا .. مَدعُوونَ جَميعاً .. لِلمُساهَمةِ الْفَاعِلَةِ .. الْجَادَّةِ والمَوضُوعِيَّةِ .. فِى هَذِه الْحَركةِ التَّنوِيريَّةِ .. لِإعَادةِ إِحيَاءِ الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ الْمِصرِيَّةِ .. بِرَفْضِهَا الْفِطرِى لِلتَعَصُّبِ .. وكُرهِهَا الطَّبِيعِى لِلإِرهَابِ .. بِحُبِّهَا لِلتَسامُحِ .. وبِقُبُولِهَا لِلآخَرِ .. أَعِيدُوا لِلشَّعبِ الْمِصرِى قُدرَتَهُ عَلَى تَذَوقِ الْفُنونِ الرَّاقِيَةِ .. واسْتِلهَامِ مَعَانِيهَا .. وتَحقيقِ أَهدَافِهَا.

إِخْوَتِى فِى الْوَطنِ .. مَسِيحِيى مِصر ..
كَمَا كَانَتْ مِصرُ رَائِدةً سَبَّاقةً لِنَشرِ الدَّعوَةِ الْإِسْلامِيَّةِ .. وإِيصَالِ صُورَةِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقِيَّةِ .. فَإنَّ مِصرَ الْقِبطِيَّةَ جُزءٌ لا يَتَجزَّأُ مِنْ نَسيجِ هَذَا الْبَلدِ الطَّيبِ الْمُبارَكِ .. ومُكَوِّنٌ أَصِيلٌ مِنْ تَارِيخِ مِصرَ الثَّرِي.
فَأَقُولُ لِأقبَاطِ مِصرَ لَقَدْ أَسْهَمْتُمْ إِسْهَاماً كَبِيراً فِى نَسيجِ هَذِه الْأُمَّةِ الْمِصرِيَّةِ ..
اِرتَوَتْ سَيناءُ الْمُبارَكَةُ بِدِمَائِكُم الَّتِى اِختَلَطَتْ بِدِمَاءِ إِخوَتِكُم الْمُسلِمِينَ فِى مَلحَمَةِ نِضَالٍ وَطنِيٍّ.. ضَرَبَتْ لِلعَالَمِ أَجمَعَ .. أَسمَى مَعَانِى الْوِحدَةِ .. والاِنْدِمَاجِ فِى حُبِّ الْوَطنِ..وقَدْ ظَلَّتْ مِصرُ بِمُكَوِّنِهَا الْمَسِيحِى وَلَّادَةً مِعطَاءَةً .. فَجَادَتْ بِخِيرَةِ أَبنائِهَا مِنَ الْمَسِيحِيينَ .. الَّذِينَ سَاهَمُوا إسْهَامَا جَلِيلاً فِى كِتابَةِ تَارِيخِ هَذِه الْأُمَّةِ .. وصِنَاعَةِ حَاضِرِهَا .. واسْتِشرَافِ مُستَقبَلِهَا .. الْحَكِيمُ الرَّاحِلُ الْبَابَا شِنُودَة الثَّالِث .. مَكرَم عِبيد.. فُؤاد عَزيز غَالِى .. بُطرُس بُطرُس غَالِي.. كَمَال الْمَلَّاخ.. د. لوِيس عَوَض.. د. يُونَان لَبِيب رِزق.. د. مَجدِى يَعقُوب .. وغَيرُهُمْ كَثِيرُونَ .. شَخصِيَّاتٌ وَطنيَّةٌ.. لا يُنكَرُ لَهَا فَضْلٌ.. ولَمْ تَتَقاعَسْ عَنْ أَداءِ وَاجِبٍ ..
مُوقِنٌ أنَّ عَطَاءَكُمْ سَيَستَمِرُّ .. وأنَّ مُسَاهَمَاتِكُمْ فِى بِناءِ هَذَا الْوَطنِ سَتَظَلُّ ثَرِيَّةً .. مُتَعَدِّدَةً وسَخِيَّةً.. فَقَدْ شَارَكْتُمْ فِى ثَورَتَينِ مَجِيدَتَينِ جَنباً إلَى جَنبٍ مَعَ إِخوَتِكُمْ الْمُسلِمِينَ.. أَعَدْتُمْ إلَى أَذهَانِنَا صُورَةً حَيَّةً لِرُوحِ ثَورَةِ 1919 الَّتِى اتَّحَدَ فِيهَا الْهِلالُ مَعَ الصَّلِيبِ..حَقِيقةً مُؤكَّدَةً .. ووَاقِعاً مَلمُوساً .. لا شِعَارَاتٍ رَنَّانَةً.. أو مَقُولاتٍ جَوفَاءَ.
وكَمَا تَعلَمُونَ .. يَتَعرَّضُ بَلدُنَا الْآمِنُ .. الْمُبارَكُ شَعبُهُ .. إلَى مُحَاولاتٍ آثِمَةٍ لِزَعزَعَةِ أَمْنِهِ واسْتِقرَارِهِ .. وبَثِّ رُوحِ الْفُرقَةِ والشِّقاقِ بَينَ أَبنَائِهِ .. إنَّ قَدَمَ الْإِرهَابِ حَمقَاءُ الْخُطَى .. لَمْ تُفرِّقْ بَينَ مُسلِمٍ ومَسِيحِيٍ .. بَينَ مَسْجِدٍ أو كَنِيسَةٍ .. حَصَدَتْ فِى طَرِيقِهَا أَروَاحاً بَرِيئةً .. ونُفوسَاً حَالِمَةً بِمُستَقبَلٍ مُشرِقٍ .. طَالَتْ يَدُ الْإِرهَابِ الْخَبِيثَةُ ذَوِينَا وأَحبَّاءَنَا .. فَأدْمَتْ قُلُوبَنَا جَميعاً وآلَمَتْ الْوَطن.
وأُخَاطِبُكُم الْيَومَ بِرُوحِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقيَّةِ .. بِرُوحِهِ الَّتِى تّجَلَّتْ قِيَمُهَا ظَاهِرَةً فِى الْعُهْدَةِ الْعُمَرِيَّةِ الَّتِى قَطَعَهَا الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لِمَسِيحِيى الْقُدْسِ، حِينَمَا فَتحَ الْمَدينَةَ عَامَ 638 مِيلَادِيَّة .. الْعُهْدَةِ الَّتِى أَمَّنَتْ الْمَسِيحِيينَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ وصَوَامِعِهِمْ وصُلبَانِهِمْ.. عَلَى دِينِهِم وأَموَالِهِمْ.
لَقَدْ جَدَّدَتْ مِصرُ مَعَكُمْ رُوحَ هَذِه الْعُهْدَةِ ومَبَادِئهَا .. مِصرُ الدَّولَةُ الْمُسْلِمَةُ الَّتِى تَتَّخِذُ مِنْ قِيَمِ ومَبَادِئِ الشَّريعَةِ الْإِسْلامِيَّةِ السَّمْحَةِ الصَّحِيحَةِ أَساساً لِتَشرِيعَاتِهَا .. مِصرُ الَّتِى تَحفَظُ وَصِيَّةَ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ (ص) .. "اسْتَوصُوا بِقِبْطِ مِصْرَ خَيراً؛ فَإنَّ لَكُمْ فِيهِمْ ذِمَّةً ورَحِمَاً".. مِصرُ الَّتِى تُؤمِنُ .. أَنَّنا سَنَظَلُّ دَوماً وإلَى انْقِضَاءِ الدَّهرِ .. أُمَّةً وَاحِدةً.. تَتَعَلَّمُ وتَعمَلُ .. تَبنِى وتُشَيِّدُ .. وتَدعُو إِلَهَهَا الْوَاحِد.
الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات
.. بِكُلِّ الْإِجْلَالِ والتَّقدِيرِ.. أَنْعِى أَروَاحَ شُهَدائِنَا الْأَبرارِ .. الَّذِينَ جَادُوا بِأَروَاحِهِمْ رَخِيصةً.. مِنْ أَجلِ أنْ يَحيَا الْوَطنُ.. كُلَّ الشُّهَداءِ.. شُهَداءُ ثَورَتَى 25 يَناير و 30 يُونيو.. وشُهَداءُ قُوَّاتِنَا الْمُسلَّحَةِ وجِهازِ الشُّرطَةِ .. شُهَداءُ مِصرَ.
واسْمَحُوا لِى أنْ أُشَارِكَكُمْ أَصْعَبَ مَا وَاجَهْتُ فِى هَذَا الْعَامِ الَّذِى مَضَى .. ومَنَعَتْنِى ضَوَابِطُ الْمَنصبِ الرِّئاسِى مِنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ فِى حِينِهِ .. فَلا أُخْفِيكُمْ .. أَنَّ تَكرِيمَ أَروَاحِ شُهدَاءِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ والشُّرطَةِ .. وتَسلِيمَ ذَوِيهِمْ الْأَنوَاطَ والْأَوسِمَةَ .. كَانَ مِنْ أَصْعَبِ الْمَواقِفِ الْإِنسَانِيَّةِ الَّتِى عَايَشْتُهَا فِى حَياتِى .. فَقَدْ تَنَازَعَتْنِى مَشَاعِرُ قَويَّةٌ .. وخَوَاطِرُ مُتدَفِّقَةٌ.. طَالَمَا جَاهَدْتُهَا لِأَتَمَاسَكَ .. فَمَاذَا عَسَاى أَنْ أَقُولَ .. لِأُمٍ ثَكْلَى.. أو لِزَوجَةٍ مُترَمِّلَةٍ .. أو لاِبنٍ أو اِبنَةٍ.. فَقَدَا الْأَبَ الْعَائِلَ .. مَصْدَرَ الْحِمايَةِ والسَّنَدِ .. هَلْ سَتُعَوِّضُ كَلِمَاتُ الْعَزاءِ والْمَواسَاةِ .. أو أيُّ تَكرِيمٍ مَادِيٍّ أو مَعنَوِيٍّ .. لَحظَةً وَاحِدَةً لِتَواجُدِ أيٍّ مِنْ هَؤلَاءِ الشُّهَداءِ بَينِ مُحبِّيهِ وذَوِيهِ.. رَاعِياً لِأُسرَتِهِ وحَاضِنَاً لِأَبنَائِهِ.. فَمَنْ أَحَبَّ وأَوْفَى .. لا يَنسَى ولا يُنسَى.. إنَّهُ فِرَاقٌ ألِيمٌ.. وحِرمَانٌ أَبَدِيٌّ .. أَدعُو اللهَ لَهُمْ دَائِماً .. أنْ يُخفِّفَ عَنهُمْ .. وأنْ يَتلَطَّفَ عَلَيهِمْ بِرفْقِهِ .. وأنْ يَجمَعَنَا وإيَّاهُمْ بِأحِبَّائِنَا فِى مُستَقرِّ الرَّحمَةِ والرِّضوَانِ.. وأَدعُو مِصرَ دَولةً وشَعباً أنْ تَجتَهِدَ فِى أنْ تُعَوِّضَ مَا لا يُعوَّضُ دَعمَاً ومُسانَدةً .. تَقدِيراً وعِرفَاناً لِتَضحِيَاتِ أَعزِّ الرِّجَال.

الإِخْوَةُ والأَخَوَات ..
شَعْبَ مِصْرَ النَبِيل ..
أَتوَجَّهُ إليكم مِنْ مَقَامِى هَذَا .. بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقدِيرِ.. لِمَا غَمَرْتُمُونِى بِهِ.. فِى خِتَامِ مُهِمَتِي.. مِنْ مَشَاعِرَ إِنْسَانِيَّةٍ رَفِيعَةٍ.. عَبَّرْتُمْ فِيهَا عَنْ تَقدِيرِكُمْ لِمَا أَدَّيتُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَطنِيٍّ .. شُكراً لِكُلِّ رَجُلٍ وامْرَأةٍ مِنكُمْ .. عَلَى هَذَا التَّقدِيرِ وتِلكَ الْمَشاعِرِ النَّبِيلَةِ .. الَّتِى تَوَّجْتُمْ بِهَا مُهمَّتِى .. سَعَادَتِى غَامِرَةٌ بِمَشاعِرِكُمْ تِلكَ .. الَّتِى هِى أَسْمَى مَا فِى تَجرِبَتِى هَذِهِ .. ومَا كُنْتُ أَطْمَعُ فِى أَكثَرَ مِنهَا مَغنَمَاً.. كما أتوجه بالشكر لِكُلٍّ مِنْ مَعَالِى الدُّكتُور حَازِم الْبِبلاوِى .. ومَعَالِى الْمُهندِس إِبراهِيم مَحلَب.. وحُكومَتَيِهِمَا اللتَينِ عَمَلَتَا مَعِى بِكُلِّ جِدٍ وإِخْلاصٍ.. مِنْ أَجلِ عُبورِ هَذِه الْمَرحَلةِ الدَّقِيقَةِ مِنْ تَارِيخِنَا الْمُعاصِرِ.. وفِى ظُروفٍ بِالِغَةِ الدِّقَّةِ والصُّعوبَةِ.. لِتَحقِيقِ تَماسُكِ الْأَوضَاعِ فِى الدَّاخِلِ .. وإِيضِاحِ حِقيقَةِ الْمَشهَدِ فِى الْخَارِجِ .. وأُقَدِّرُ بِكُلِّ صِدقٍ .. كُلَّ جَهدٍ مُخلِصٍ .. بَذَلَتْهُ الْأَجهِزةُ الْمُعاوِنةُ فِى الدَّولةِ .. أو بَذَلَهُ أَيُّ مُواطِنٍ مِصرِيٍّ .. لِإعْلاءِ مَصلَحةِ هَذَا الْوَطَن.
كَمَا أَتوَجَّهُ بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقديرِ .. إلَى كُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِى عَوناً أو مَشُورَةً مِنْ مُستَشَارِيَّ .. الَّذِينَ لَمْ يَبخَلُوا بِعِلمِهِمْ وخِبرَتِهِمْ وجَهدِهِم.. الْأَمرُ الَّذِى انْعَكَسَ عَلَى قَرارَاتِى الَّتِى اِتَّخذْتُهَا خِلالَ فَترةِ إدَارَتِى لِلبِلاد.. والشُّكرُ مَوصُولٌ لِلعَامِلِينَ فِى مُؤسَّسَةِ الرِّئاسَةِ .. لِمَا أَبْدُوه مِنْ أَداءٍ طَيبٍ .. ورُوحٍ بَنَّاءَةٍ مُتجَرِّدَةٍ .. مِمِّا سَاهَمَ إيجَابِيَّاً فِى خَلْقِ بِيئةِ عَمَلٍ مُوَاتِيَةٍ فِى تِلكَ الْمُؤسَّسَةِ الْوَطَنِيَّةِ .. صَاحِبَةِ التَّقَالِيدِ الْعَرِيقَة.
وبِكُلِّ صِدْقٍ وتَجَرُّدٍ .. وبِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ صَافِيَةٍ .. خَالِيَةٍ مِنْ أَيَّةِ مَصالِحَ شَخصِيَّةٍ.. فَأَنَا أُوَدِّعُكُمْ الْيَومَ .. أَقُولُ لَكُمْ .. اسْتَوصُوا بِمِصرَ خَيراً .. أَحِبُّوهَا عَمَلاً .. لا قَولاً.
هَذَا الْوَطنُ.. طَالَمَا كَانَ .. وسَيَظَلُّ بِإذْنِ اللَّهِ .. مُتَّسِعَاً لَنَا جَميعاً.. نَعيشُ عَلَى أَرضِهِ .. ونَستَظِلُّ بِسَمَائِهِ .. لِيَرحَمْ بَعضُكُمْ بَعضاً .. ولِيَترفَّقْ قَويُّكُمْ بِضَعيفِكُمْ.. ولِيُوقِّرْ صَغيرُكُمْ كَبيرَكُمْ .. اعْمَلُوا كَثِيراً .. وتَحدَّثُوا قَلِيلاً .. كُونُوا عَلَى ثِقةٍ فِى أنَّ غَرْسَكُم الطَّيبَ .. سَيَخرُجُ نَبَاتُهُ طَيبَاً بِإذْنِ اللهِ .. وتَعرَّفُوا إلَى اللَّهِ فِى الرَّخاءِ .. يَتعرَّفُ إلَيكُمْ فِى الشِّدَّة.
صَفُّوا نُفوسَكُمْ .. واغْسِلُوا قُلوبَكُمْ بِالمَحبَّةِ والْوَفاءِ .. لِوَطنِكُمْ .. ولِبَعضِكُم الْبَعض .. فَإنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ .. حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ .. وأَحسِنُوا الظَّنَ بِاللَّهِ .. فَهُوَ الْقَائلُ جَلَّ وعَلا فِى حَدِيثِه الْقُدسِى : "أَنَا عِندَ ظَنِ عَبدِى بِي".

الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..
أبناء مصر الكرام ..
كَانَ عَهدُنَا لَكُمْ أنْ تَبقَى الدَّولةُ.. وأنْ تَظلَّ رَايتُهَا مَرفُوعَةً خَفَّاقَةً.. وبِتَوفِيقٍ ونَصرٍ مِنَ اللهِ .. أُرِيدَ لَنَا أنْ نُوفِيَ بِالْعَهدِ .. وإنَّنِى لَعَلَى ثِقةٍ بِأنَّ الْمُستَقبَلَ يَحمِلُ لِهَذَا الْوَطنِ غَداً مُشرِقاً.. وإنْ كَانَتْ أَرضُهُ مُخَضَّبَةً بِدِماءِ الْأَبرِياءِ .. وسَمَاؤهُ تَشوبُهَا بَعضُ الْغُيومِ .. لَكِنَّ أَرضَ بِلادِى سَتَعودُ .. سَمراءَ بِلَونِ النِّيلِ .. خَضراءَ بِلَونِ أَغصَانِ الزَّيتُونِ .. سَمَاؤهَا صَافِيَةً .. تَبعَثُ بِرياحِ النَّجَاحِ والْأَملِ.. دَومَاً كَمَا كَانَتْ.. وشَعبُ بِلادِى .. شَعبٌ أَصيلٌ.. حَضارِيٌّ عَريقٌ.. عَلَّمَ الدُّنيَا .. مَعَانِيَ الْإِنسَانِيَّةِ والْمُروءَةِ .. وأَنَا فِى انتِظَارِ الْعَودةِ .. عَمَّا قَرِيبٍ.. عَودَةٌ إلَى هُوِيَّتِنَا الْمِصريَّةِ.. إلَى قِيَمِنَا النَّبيلَةِ .. وحَضارَتِنا الْفِطريَّةِ.. أَرضٌ تَطرَحُ أَمنَاً .. وسَماءٌ تُمْطِرُ مَحبَّةً .. وشَعبٌ مِعطَاءٌ كَريمٌ .. لِنَعُدْ جَميعاً كَمَا كُنَّا دَومَاً.. فِى الْوَطنِ.. ولِلوَطنِ.. وبِالوَطنِ نَحيَا .. بَلْدَةٌ طَيَّبَةٌ .. ورَبٌّ غَفُورٌ.
فَاللَّهُمَّ أَلِّفْ بَينَ قُلوبِنَا.. وأَصْلِحْ ذَاتَ بَينِنَا .. واهْدِنَا سُبُلَ السَّلامِ .. واحْفَظْ لَنَا مِصرَنَا .. ومَتِّعْنَا فِيهَا بِالْأَمْنِ والرَّخَاءِ .. واجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِأَنْعُمِكَ .. مُثْنِينَ بِهَا عَلَيكَ وأَتِمَّهَا عَلَينَا.
والسَّلامُ عَلَيكُمْ ورَحمَةُ اللهِ وبَركَاتُه،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.