أول إثبات لمهارة البنت المصرية يحدث عادة فى المناسبات العائلية .. وقتها تلمع عيون الصغيرة من السعادة وهى تراقب تعبيرات الإنبهار على أوجه المتابعين لهزات "الوسط " الصغير .. ولحركاتها وهى تقفز فى الهواء كالدمية ثم تنثنى وتستدير . ماشاء الله بنتك موهوبة .. رقصها خطير !! تسعد الأم أيما سعادة بهذه الكلمات وتشعر بأنها تكاد تطير، وبمرور الوقت يتحول الرقص من موهبة إلى عادة ويصبح من الصعب على الطفلة ( التى لا تظل بالطبع طفلة ) أن تسمع صوت الموسيقى ولا تستجيب... وسواء كانت الألحان فى البيت أو قاعات الأفراح وأعياد الميلاد أو فى الشارع أمام لجان الإنتخابات وهنا يبدأ الرأى العام فى التكشير عن أنيابه ويصرخ معلنا رأيه الصارم: رقص الفتيات ليس إلا خروجا على الأخلاق وعلى التقاليد والعادات. ولا تفلح وقتها تبريرات الفتاة وأمثالها بأن الفرحة ارتبطت لديهن منذ الصغر بهز الوسط والتمايل بالجسد ! وهذا لا ينفى أن الرأى العام هذا فى اعتقادى مدان هو أيضا فيما وصلنا إليه فى كثير من الأمور بسبب ما أسميه حالة الإزدواجية فى الشخصية المصرية .. لأن من شجع الصغيرة على الرقص فى الحفلات ومن يجلس مبهورا لمشاهدة حوارات وسماع ذكريات الراقصات، ومن يدفع الآلآف كيلا يكون فرحه بدون زفاف راقصات هو من يسهم فى خلق هذه الإزدواجية عندما يجلس بعد ذلك يسب ويلعن قائلا: الرقص عيب وحرام. الكثير يسهم دون أن يدرى فى خلق حالة الإنبهار بالرقص الشرقى، حتى أننا كثيرا مانسمع أن الطفلة قالت لأبيها: بابا نفسى أطلع رقاصة!! وتستغرب جدا عندما تجد الرد غاضب وحاسم بالرفض ما أريد أن أقوله أن مالايتفق مع عاداتنا وتقاليدنا لا يصح قبوله، وأن حالة الإنبهار التى ترسخونها داخل أبنائكم بسلوكيات أو بشخصيات لابد أن تنتج أثرها عندما يكبرون وتصبح لهم شخصياتهم، ولذا فطبيعى جدا أن من تشجع طفلتها على الرقص أمام الغرباء، ولا تعلمها أن الرقص "حالة خاصة جدا" أن تفاجأ بها ترقص فى الشارع للعوام ، فلا تلومين إلا نفسك إذا وجدتى الناس يتبادلون فيديو ابنتك على اليوتيوب لتكتشفى أن الصغيرة الموهوبة "قديما" أصبحت راقصة محترفة الآن. لمزيد من مقالات علا مصطفى عامر