البطل فى كل الأفلام السينمائية هو ذلك الشخص غير التقليدى الذى يستخدم قدراته أحياناً فى القضاء على من منافسيه، وفى أحيان أخرى كثيرة فى مساعدة البشر المحيطين به على تحقيق أحلامهم، لكن لا هذا ولا ذاك يكون بالضرورة هو بطل الجميع... فالأثرياء والإقطاعيون وأصحاب النفوذ سوف يرون بطلهم حتماً هو ذلك الرجل الذى يحافظ على مصالحهم أمام هجوم الفقراء والمهمشين الذين ينكرون ما يقدمه هؤلاء الأغنياء لهم من فتات، بينما كان ينبغى عليهم أن يكونوا شاكرين طائعين، وأن يدركوا أن بطش الأغنياء بهم إنما هو لصالحهم بعد ان فرض قانون الدنيا أن يكون هناك طبقات وأن يكون الأقوياء هم فقط من يحكمون... أما الفقراء والمهمشين والمنتهكة جلودهم ونفوسهم وبيوتهم وأبناءهم وكرامتهم فهؤلاء بطلهم هو من يقف فى وجه الطغيان، هو من يحررهم من العبودية والذل، هو من يعيد إليهم كرامتهم المسلوبة وأرزاقهم المسروقة ... فكرت فى هذا الأمر بينما كنت أشاهد فيلم "استبدال"، وهو فيلم أمريكي قامت ببطولته النجمة "انجيلينا جولى" وأخرجه النجم الشهير "كلينت إيستوود " عام 2008... أحداث الفيلم مستوحاه من قصّة حقيقيّة حدثت في لوس أنجلوس عام 1928 عن امرأة فقدت طفلها ثم أعادت إليها الشرطة أحد الأطفال لتكتشف أنه ليس ابنها، فتدخل فى مواجهة مع شرطة لوس أنجلوس ليتم إيداعها بمصحة نفسية بسبب إصراراها على رفض قبول أن يكون هذا الطفل هو ابنها المختفى... تقرر الأم أن تستمر فى نضالها رغم رفض الشرطة لموقفها بسبب خوفهم من التأثير السلبي على الدعاية الانتخابية لعمدة الولاية، وسوء صورة الشرطة أمام الإعلام ،ورغم ما يمكن أن يشكله ذلك من خطورة عليها هى نفسها، وتكتشف الأم أثناء وجودها في المصحة أن بهذه المصحة يوجد الكثير من النساء اللاتى تعرضن لسوء المعاملة من العاملين في المصحة، وتعرضن لجلسات الكهرباء والمهدئات بسبب رفضهن إطاعة أوامر مدير المصحة... يثور الرأي العام بعد العثور على مقبرة جماعية لحوالى 20 طفل تم قتلهم على يد قاتل مختل، و يُعتقد أن من بين العظام المدفونة ابن السيدة كولنز الحقيقي، ، بعد أن يرشد الطفل الذى ساعد القاتل فى جريمته البوليس إلى هذه المقبرة، ذلك الطفل نفسه الذى انتحل صفة ابن السيدة "كولنز"، لتتحول المرأة المتهمة بالجنون إلى بطلة حقيقة أمام الرأى العام وتصبح رمزاً للصمود والبحث عن الحقيقة... وجدتنى أفكر فى كل هؤلاء الذين يرغبون فى أن يصبحون أبطالاً، ووجدتنى أقول لنفسي، تستطيع أيها البطل أن تختار روايتك التى سوف يرويها الناس عنك ، ولكن تذكر وأنت تختار روايتك، أن جميع الأبطال فى النهاية يرحلون، وأن أبطال الطغاة والمستغلين رحلوا مصحوبين بلعنات الفقراء والمحرومين والمنتهكة حيواتهم ، لكن أبطال أولئك الفقراء والضعفاء، هؤلاء الأبطال الذين دافعوا عن الحق والعدل وكرامة الناس، ظلت حكاياتهم ملء التاريخ، وبنى لهم الفقراء فى خيالاتهم قصوراً فى الجنة، تحيط بها الخضرة من كل جانب وتجرى من تحتها جداول الماء الصافى وتطل شرفاتها على قمم الجبل المكسوة بالثلوج... الآن فكر جيداً يا عزيزى الراغب فى البطولة حول أى من الأبطال ترغب فى أن تكونه، وتذكر أنه لن يبقى إلا ذكراك، وما حققته للبشر و كانوا به يحلمون، وتذكر ايضاً أنك لن تأخذ معك شيئاً مما حصلت عليه فى الدنيا إلى ذلك المكان الذى لن تعلم ما هو حتى [email protected] لمزيد من مقالات أحمد محمود