مصر تسودها الفوضي الآن, ويخطئ كثيرا من يقول غير ذلك, ويكفيك أن تراقب حالة الشوارع لعدة دقائق, لتكتشف أن الانفلات يتسرب كالسرطان ليصيب المجالات كلها, وتلك الفوضي لن يكفي لإيقافها الدعاء في المساجد أو الكنائس, كما لن توقفها دموع الأمهات الثكالي, اللائي يفقدن فلذات الأكباد كل يوم وكل ساعة. الفوضي علاجها الحسم, ولا شيء سوي الحسم. وهب أن المجلس العسكري خرج صباح اليوم, وأصدر إعلانا دستوريا جديدا, يتم بمقتضاه انتخاب رئيس للبلاد خلال شهر, وجاء الرئيس الجديد في أول شهر مارس المقبل, وعاد الجيش الي الثكنات.. هل تعتقد أن ذلك كفيل بوقف الانفلات وإعادة الحياة في البلد الي سيرتها الأولي, والي الأمن والنظام والاستقرار والهدوء؟ أبدا.. سوف يبقي الوضع علي ماهو عليه, وربما أسوأ, لماذا؟ لأن الرئيس الجديد مهما تكن شخصيته قوية, وكفاءته غير مسبوقة, والشعب يحبه فلن يملك عصا سحرية تقول للهدوء عد فيعود. وما الحل إذن؟ هل نعيد الديكتاتورية والسجون والتعذيب ونعطل الحياة الدستورية؟ لا.. فقد مضت تلك الحقبة الي غير رجعة, وأصبح مكانها مزابل التاريخ, فما الحل؟ هناك وصفة ربما تنجح, تتكون أولا: من إعادة هيكلة جهاز الشرطة, بحيث يتم البحث فورا عن أكفأ عناصر الداخلية لتتولي عجلة القيادة في تلك الوزارة المهمة, وأن يتم ثانيا: تطهير وسائل الإعلام الخاصة قبل الحكومية من المهيجين والمحرضين غير المهنيين الذين حولوا ليالينا الي كوابيس, ثم ثالثا: أن يتم فورا وضع حزمة إجراءات اقتصادية سريعة وحازمة لإعادة توزيع الثروة في البلد, بحيث يشعر الغاضبون بأن البلد أصبح بلدهم. بدون ذلك لن تهدأ الفوضي!