بعد ساعات قليلة سيكون لدينا حاكم جديد، ولا شك أن مصر كلها تنتظر هذا الحاكم –أيا كان اسمه- بتوقعات مختلفة وآمال متباينة، فمن بيننا من يساندونه ويتمنون له التوفيق والسداد، وأيضا هناك من يعادونه ويتمنون فشله، وسيتربصون به وبكل فعل من أفعاله. والحقيقة التى يجب أن نعترف بها قبل الخوض فى أى أمر آخر هو أنه بصلاح هذا الحاكم ينصلح حال البلاد والعباد، وبفساده يفسد كل شئ، لذلك فإن معاداة أى حاكم للبلاد هو -بالأصح- خيانة لمصر وللأمة كلها، والتربص والتشهير به يُعَد خدمة لأعداء الوطن ولمن ينتظرون سقوطه، وندعو الله ألا يتحقق لهم هذا الأمل، وألا يرينا فى بلادنا إلا كل خير. وقد علم سلفنا الصالح من أئمتنا الأعلام بأهمية صلاح الحاكم على حال الأمة، ففضلوا الدعاء له على الدعاء لأنفسهم، فها هو الإمام أحمد يقول: "لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان" مع العلم أنه عاش فى عصر ظلم وقهر، وقد عُذِّب وحُبِس على أيدى حكام عصره، ومع ذلك كان يدعو لهم بالصلاح لعلمه بأثر صلاحهم على الأمة، بل إنه لما ناظر من أرادوا الخروج على الخليفة الواثق –وكان ظالما يضطهد أهل السنة وينشر البدع بين الناس- قال لهم: "عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بَرٌّ ويُستراح من فاجرٍ". وكذلك قال الفضيل بن عياض: "لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا للسلطان، فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاة، ولم نُؤمَر أن ندعو عليهم وإن جاروا وإن ظلموا، لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وعلى المسلمين، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين". بل إن الأئمة ربطوا هذا الأمر بصميم السنة المطهرة، فقال الإمام البربهارى في كتاب السنة: "إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى". إن الحاكم الجديد –أيا كان اسمه- ينتظر من المصريين الدعم والمساندة، فإن أمورا غاية فى الصعوبة تنتظره، وعليه أعباء ثقيلة وخطيرة لبلد يئن وينتظر من يقوده إلى ريادة افتقدها فى كثير من المجالات، فعلينا أن نكون عونا له، لا أن نكون حجر عثرة يسد طريق الإصلاح أمامه، ومن المؤكد أننا نعلم أن عيونا كثيرة حولنا تترقب الأمر وتنتظر السقوط -الذى نأمل ألا يرونه أبدا- لينقضوا علينا من كل حدب وصوب... فاللهم يا مجيب الدعاء أصلح حاكمنا الجديد وسدد خطاه واجعله سببا فى صلاح الأمة، ووفقه إلى خير البلاد والعباد، وهيئ له من أمره رشدا وارزقه البطانة الصالحة التى تكون عونا له فى الخير.. إنك ولى ذلك والقادر عليه. لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى