محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    متى تُعلن نتيجة انتخابات «النواب» 2025؟ وهذا موعد الإعادة بالخارج والداخل    سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    الغرفة التجارية: إيقاف 51 ألف محمول في أكتوبر بسبب تطبيق «الرسوم الجمركية»    الإسكان: الوحدات المطروحة مشطبة وكاملة الخدمات والمرافق    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا أكثر من 22 عملية ضد داعش فى سوريا    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    الخارجية الروسية: تقارير تعليق أوكرانيا المفاوضات تشير لعدم إلتزامها بالسلام    روبيو يعرب عن تفاؤله بصدور قرار أممي بشأن غزة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف بالمدفعية أطراف قريتين في ريف درعا الغربي    فضائح الفساد في أوكرانيا تثير أزمة سياسية ورفضا للمناصب الوزارية    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    بيراميدز في صدارة تصنيف الأندية العربية والأفريقية    الفراعنة يرفعون وتيرة التدريبات قبل اللقاء الودي أمام أوزبكستان    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    «مكنش يطلع يستلم الميدالية».. مجدي عبد الغني يهاجم زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    بتروجيت: حامد حمدان لم يوقع على أي عقود للانضمام إلى الزمالك    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ذروة الهجمة الشتوية.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: الأمطار الرعدية تضرب بقوة    السيطرة على حريق محل بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية فى بورسعيد    سحر السينما يضيء القاهرة في افتتاح الدورة ال46 للمهرجان الدولي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    أروى جودة بإطلالة مميزة في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي    أحمد تيمور خليل: ماما مها والدة مى عز الدين معانا بروحها    ريهام حجاج تتألق بفستان كريستالي جذاب وتخطف الأنظار في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي (صور)    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    عودة الآثار    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات مصر .. فى عيون العرب والعالم
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 05 - 2014

لن تكون انتخابات الرئاسة في مصر شأنا محليا، بل تحظى باهتمام هائل عربيا وعالميا، سياسيا وإعلاميا، ليس هذا فحسب، بل إن هناك أطرافا كثيرة في المحيط الإقليمي والخارجي حاولت أن تكون طرفا في اللعبة بأي شكل من الأشكال، وتحاول أن تكون كذلك، قبل أن تقطع نتائج الانتخابات المقبلة الطريق بالكامل عليها، وتفرض عليها قبول إرادة المصريين واختياراتهم، والتعامل مع القيادة الجديدة.
تأرجحت مواقف الدول الغربية الكبرى، وبخاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، منذ ثورة 30 يونيو وحتى انطلاق سباق انتخابات الرئاسة فعليا، فبدأ الأمر عدائيا، ثم عاد الجميع إلى أدراجهم، أمريكا بسبب مصالحها في المنطقة وبعد صفعة التقارب المصري مع روسيا، وأوروبا بسبب الجهد الدبلوماسي الهائل الذي بذلته مصر لتصحيح الصورة، وبدأ كل طرف منهما يسعى إلى حماية مصالحه وقبول الأمر الواقع الجديد في مصر والمنطقة.
وكانت مواقف الدول العربية أكثر ثباتا وقوة وتأييدا لإرادة الشعب المصري منذ البداية، باستثناء قطر بطبيعة الحال، وسيتحول الأمر إلى دعم قوي وهائل بعد انتخاب الرئيس.
وفي الوقت نفسه، لعب الإعلام دورا رئيسيا في محاولة التقليل من شأن انتخابات الرئاسة المصرية والتشكيك في شرعيتها، وهو ما اتضح في وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية التي ركزت اهتمامها على قضايا تافهة واصطياد الأخطاء، وستظل على هذا المنوال حتى وصول الرئيس الجديد للسلطة، ولكن دورها السلبي لا يكاد يقارن بالدور الهدام الذي لعبته وسائل إعلام عربية تدعم جماعة "الإخوان" الإرهابية، وعلى رأسها قناة "الجزيرة".
وفي هذا الملف نحاول استعراض كيف يرى العالم العربي والغربي الانتخابات الرئاسية في مصر، وكيف حدثت هذه التحولات، وما الذي سيكون عليه الحال بعد انتهائها؟

«نحن» فى «الميديا» العالميةكثير من المغالطات قليل من النزاهة
هاني عسل
على مضض، وبطوفان من المغالطات والمعلومات المدسوسة والأفكار المسبقة، تتابع وسائل الإعلام الأجنبية وقائع الانتخابية للرئاسة في مصر، وهي تحاول توجيه رسائل محددة، والوصول لنتائج محددة سلفا.
ومنذ بدء الحملات الانتخابية للمرشحين، تتعامل معظم وسائل الإعلام العالمية مع الأمر لشيء من الاستخفاف، وهو استخفاف مقصود يستند إلى عدم اقتناع بخريطة المستقبل وثورة 30 يونيو، لدرجة أن 30 يونيو لا يزال يوصف في تلك الوسائل حتى يومنا هذا بلفظ "احتجاجات" أو "الانقلاب"، بل والمفاجأة أن ثورة 25 يناير نفسها ما زالت توصف بأنها "انتفاضة" أو "احتجاجات واسعة"، وليست ثورة!
ويركز الإعلام الغربي في تناوله للانتخابات الرئاسية على عبارات سابقة التجهيز لتوصيل رسالة معينة، فدائما يقول إن الانتخابات محسومة نتائجها سلفا لصالح عبد الفتاح السيسي، لأنه الحاكم الفعلي لمصر منذ 3 يوليو، ويردد فكرة أن العملية الانتخابية "مسرحية هزلية"، وهو نفس الخطاب الإخواني، فالإعلام الغربي ما زال يبدي كثيرا من التعاطف مع الإخوان والرئيس المعزول، ويرفض حتى الآن الربط بين الجماعة والإرهاب، ويعتبر أن التفجيرات والاغتيالات من تدبير الجماعات التكفيرية الأخرى.
وفي بداية الحملات الانتخابية، كان هناك تشكيك واضح منذ البداية في أكثر من وسيلة إعلامية أجنبية في إمكانية إجراء الانتخابات من الأساس، فكان هناك تركيز على أحداث العنف والتفجيرات أكثر من التركيز على أجواء الانتخابات نفسها أو برنامجي المرشحين، مثل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية التي قالت إن التفجيرات تعكس حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار تشهدها مصر بالتزامن مع انطلاق سباق الدعاية الرئاسية، بل إن الصحيفة نفسها بررت "هدوء" الحملة الانتخابية للسيسي بالتهديدات المتتالية من تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة الموالية له، ولكن دون أي إشارة إلى دور جماعة الإخوان في هذه التهديدات!
في الوقت نفسه، تركز وسائل إعلام أخرى على فكرة التشكيك في القضاء المصري الذي سيشرف على انتخابات الرئاسة المقبلة، وهذا هو النهج الذي اتخذته هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي." مثلا وصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، حيث كالتا الانتقادات والسخرية لمؤسسة القضاء المشرفة، إذ كيف ستشرف على انتخابات في الوقت الذي تحاكم فيه صحفيي "الجزيرة"، وتصدر أحكاما "قاسية" تجاه عناصر جماعة الإخوان، لدرجة أن مجلة "إيكونوميست" كتبت مقالا ساخرا بعنوان "اعدموهم جميعا"، ملخصه أن أحكام الإعدام حتى ولو لم يتم تنفيذها فإنها "تهدف لترويع الناس"، وفي هذه النقطة تحديدا، بلغ التعاطف في الإعلام الغربي مع جماعة الإخوان صدور عنوان في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن أحكام الإعدام بالمنيا يقول "أحكام بإعدام 102 من مؤيدي الإخوان"، حيث اعتبرت أن الأحكام صادرة فحسب لمجرد أن المتهمين "مؤيدون" للجماعة!
وهذه الرؤية تتكرر في الإعلام الغربي منذ 30 يونيو و3 يوليو، فهناك جملة مطاطة تستخدم كثيرا، وهي أن "السلطات المصرية تعتبر الإخوان جماعة إرهابية، وتتهمها بمسئوليتها عن العمليات الإرهابية، إلا أن الجماعة لا تعلن مسئوليتها عن هذه العمليات، بينما أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسئوليتها".
ولا يدرك الإعلام الغربي أنه وقع في كثير من المغالطات الساذجة والأخطاء الفادحة بسبب هذا التعامل غير الموضوعي مع الشأن المصري، فعلى الرغم من أن هذا الإعلام سبق أن تهكم على كثرة عدد مرشحي انتخابات الرئاسة عام 2012، فإنه هو نفسه الذي يتهكم الآن على عدم وجود مرشحين سوى السيسي وصباحي فقط، وهو ما يعني - من وجهة نظره - أنها انتخابات بلا منافسة.
كما تبدو خطة وسائل الإعلام الغربية في التعامل مع انتخابات الرئاسة محفوظة من الآن، فهناك استعداد كامل للتشكيك في نتيجة الانتخابات من الآن، وكذلك تكرار نفس النغمة التي رددتها في استفتاء الدستور، فالأغلبية الساحقة التي صوتت للدستور نالت السخرية بزعم أن التصويت "موجه"، وهذا ما سيحدث في الرئاسة.
وحتى نسبة الإقبال على انتخابات الرئاسة سيتم التقليل من شأنها مهما ارتفعت، بل ستتردد الجملة السخيفة "إياها" التي تقول إن هناك ملايين لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهم بالتالي معارضون للانتخابات!
وبشكل عام، يولي الإعلام الغربي اهتماما مبالغا فيه بالتيار الليبرالي والإخوان والنشطاء ويعتبرهم هم الشعب المصري بأكمله، ويهتم بمقاطعة معظمهم للانتخابات وبرفضهم للسيسي، بدعوى أن هذه ردة عن أهداف ثورة يناير، ولا يحاول الإعلام نقل أي صورة مغايرة لذلك!
أما الإقبال الهائل من المصريين على انتخابات الخارج، فيكفي القول إن الإعلام الغربي تجاهله، بل اهتم في اليوم الأول من هذه الانتخابات بأخبار محاكمة صحفيي الجزيرة!
والمتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة توافد عدد كبير من مراسل الإعلام الغربي لتغطية الانتخابات اسما، إذ سيأتي معظم هؤلاء إما بأفكار مسبقة أو بهدف واحد هو البحث عن الأخطاء والسلبيات في العملية الانتخابية مهما تكن ضئيلة، دون النظر إلى الصورة الانتخابية برمتها، تماما كما حدث في استفتاء الدستور عندما قيل في أكثر من صحيفة بريطانية وأمريكية إن مؤيدي الإخوان تم منعهم من الاقتراع وتعرضوا للاعتقال والقمع أمام اللجان، في حين أن حقيقة الأمر أن من تعرضوا للاعتقال كانوا يسعون لمنع الناخبين من الوصول إلى اللجان باستخدام العنف أو البلطجة!
والخلاصة، أن الإعلام العالمي ارتضى لنفسه أن يكون طرفا غير نزيه في المشهد الانتخابي المصري، بل سيحاول إفساد هذا المشهد بشتى السبل.
الدول الأجنبية تعيد رسم سياساتها
مروى محمد إبراهيم
ها نحن الآن على أعتاب استحقاق دستوري جديد لا يختار بموجبه المصريون فقط رئيسا جديدا، وإنما يعلنون بقرارهم وباختيارهم هذا إعادة رسم خريطة العلاقات السياسية بين مصر ودول العالم الكبرى.
فقبل عام تقريبا من الآن، هاج العالم وماج معترضا على استجابة الجيش لمطالب الحشود الغاضبة في الشارع المصري في ثورته العارمة، وراح يملي شروطه ويلوح ويهدد بعقوبات صارمة وعزلة ما لم يعد الإخوان إلى السلطة فورا.
تجاهل المجتمع الدولي حق المصريين في اختيار رئيس يعبر عن هذا الشعب ويعكس هويته ويدرك حجم المتاعب التي يعيشها الشارع المصري. وقف الشعب المصري صامدا متمسكا بموقفه، ولم يأبه بتجميد واشنطن لمساعداتها العسكرية، أو تلويح الاتحاد الأوروبي بوقف مساعداته ، أو تعليق الاتحاد الأفريقي لعضوية مصر، ولكن تحديد موعد للانتخابات الرئاسية وتصاعد حدة المعركة بين المرشحين الرئاسيين، والحالة الديمقراطية والحماس الذي يعيشه الشارع المصري حاليا، دفع العالم للتراجع عن موقفه المتصلب إزاء التغيرات ليبدي من جديد دعمه وتقبله لرغبة هذا الشعب القوي.
بدأ الموقف الأمريكي من مصر متذبذبا وغير محدد، فواشنطن رفضت تعريف التحولات السياسية بعد 3 يوليو في مصر على أنها "انقلاب عسكري"، وعلى الرغم من ذلك جمدت مساعداتها العسكرية لعدم اعترافها أيضا بأنها أمام ثورة شعبية، إلا أن إعلان القيادة المصرية موعد الانتخابات الرئاسية أكد جديتها والتزامها بخريطة المستقبل، وهو ما ساعد واشنطن على تخفيف حدة موقفها والتراجع عن قرار تجميد مساعداتها العسكرية لمصر، وهو ما عللته باحترام القاهرة الكامل لمعاهداتها مع إسرائيل.
كما اعترفت واشنطن أيضا بأهمية الحرب التي تشنها مصر على الإرهاب في سيناء وكافة المدن الكبرى، وأشارت إلى أن ما يتخذه الجانب المصري من إجراءات أمنية تمتد آثاره لتأمين إسرائيل بل الولايات المتحدة أيضا.
فعلى الرغم من أن بريطانيا وألمانيا وفرنسا سارعوا بالتلويح بمراجعة علاقاتهم بمصر، حيث أعلنت لندن مثلا تجميد التعاون العسكري مع القاهرة، فإن الكل يعرف أن المساعدات الأوروبية لم تكن يوما بنفس أهمية المساعدات الأمريكية، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي حريص على توجيه دعمه لخدمة المجتمع عبر هيئات ومنظمات أغلبها غير حكومية، وبالتالي فإن وقع هذه التهديدات على القيادة الانتقالية في مصر كان معنويا أكثر منه ماديا، أما فيما يتعلق بالعلاقات العسكرية فكانت محدودة للغاية.
ونظرا لأن أوروبا تدور في فلك واشنطن في الأساس، فإن الاعتراف الأمريكي الضمني بشرعية الانتخابات الرئاسية والتزام القيادة المصرية بخريطة المستقبل دفع الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف هو الآخر بأن مصر تسير على طريق الديمقراطية.
وعلى الرغم من تحفظات كاثرين أشتون وزيرة الخارجية الأوروبية المتكررة على بعض الأوضاع الحقوقية والأحكام القضائية في مصر، إلا فإن هذا لم يمنع جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة من الإشادة بتوجه مصر نحو الديمقراطية والتنمية، وقد جاء قرار الحكومة البريطانية بفتح تحقيق في أنشطة الإخوان على أراضيها لتؤكد أن أوروبا تحاول التأكيد أنها تعيد تقييم مواقفها وتصححها بشكل تدريجي.
ولم يكن تجميد الاتحاد الأفريقي لعضوية مصر سوى انعكاس لحالة الغربة بين مصر وشقيقاتها ، وهو ذنب يتحمله الرئيس المعزول محمد مرسي ونظامه الإخواني، ومن قبلهما نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ولكن جولات رئيس الوزراء إبراهيم محلب الأفريقية الأخيرة لعبت دورا مهما في التقارب بين أبناء القارة الواحدة، وهو ما أثمر بالفعل عن تغير لهجة الخطاب الأفريقي تجاه مصر والترحيب باستئناف نشاط القاهرة في الاتحاد وكانت هناك دولة واحدة ذات موقف شديد العدائية تجاه مصر وثورة 30 يونيو ، وهي تركيا ، غير أن رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان لم يتمكن من مواصلة دس أنفه في الشأن المصري أكثر من ذلك بعد أن بدأ هو نفسه يغرق في بحر الأزمات والفضائح، وآخرها كارثة المنجم التي جعلته هو الآخر مرشحا للانهيار على طريقة حليفه مرسي في انتخابات الرئاسة في أغسطس المقبل، وهذا هو السبب الذي جعل تركيا تبدو بعيدة تماما عن مشهد الانتخابات الرئاسية المصرية الحالي.
ومع ذلك، فأغلب المواقف الدولية لا يمكن أن نعول عليها في الفترة المقبلة.
الخليج .. ينحاز للمشير وللمصريين
أحمد هواري
سيدة مصرية مسنة تخرج في السعودية تحمل فوق صدرها جهاز التنفس الصناعي للإدلاء بصوتها في اختيار الرئيس القادم .. لتنتشر صورتها خلال ساعات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مشهد يحمل الكثير من الدلالات.
أبدت العديد من الدول العربية، لا سيما دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات والبحرين والكويت، انحيازا واضحا لخريطة المستقبل في مصر منذ اللحظات الأولى، وخاضت – جنبا إلى جنب مع مصر – منذ 30 يونيو الماضي طريقا مليئا بالصعاب والتحديات والقرارات المصيرية ، وشكلت مساندتها السياسية والمالية دعما رئيسيا استطاعت مصر به أن تستعيد مفهوم الدولة المفقود طيلة عام من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وأن تحقق انتصارات في حربها ضد الإرهاب، وأن تعيد بناء خياراتها على أسس وطنية سليمة ، دفعت السيدة المصرية العجوز المقيمة بالسعودية لاصطحاب أسرتها من على سرير المستشفى إلى المقر الانتخابي .. لتلبية نداء الوطن.
من بين أكثر من 8 ملايين مواطن مصري في الخارج ، تفوق نسبة المقيمين في دول الخليج 70%، ما يقرب من نصفهم في السعودية وحدها، شارك ما يزيد عن 170 ألف مواطن في انتخاب رئيس مصر الجديد، وبإقبال شكل ردا على كل دعوات اليأس والعودة للوراء، وطمأن الجميع بأن مصر والمنطقة تسير قدما نحو مستقبل أفضل.
وانعكست المساندة الرسمية لدول الخليج عبر وسائل الإعلام ومواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي، حيث تصدرت أخبار انتخابات الرئاسة في مصر عناوين الأخبار وافتتاحيات الصحف والمواقع الإليكترونية، فصدر أول إعلان مقروء عن ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر من جريدة كويتية، وأفردت صفحاتها الأولى لتصريحات المشير عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ودور مصر في حماية المنطقة العربية .
وفي ظل تغيرات إقليمية واضحة في موازين القوى، وتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، والصراعات المفتوحة في سوريا وليبيا، أظهرت وسائل الإعلام العربية – في معظمها – المسئولية في ضرورة الوقوف إلى جانب مصر حفاظا على أمنها القومي، وأبدت دعمها للمسار الديمقراطي الذي تنتهجه مصر نحو المستقبل، وخصصت مساحاتها للأخبار المتلاحقة عن مرشحي الرئاسة من لقاءات للسيسي وجولات وتصريحات للمرشح المنافس حمدين صباحي.
وبخلاف الأصوات المعارضة، عكست وسائل الإعلام الخليجية انحياز الشارع المصري الكبير نحو السيسي، وأظهرته باعتباره المرشح الأوفر حظا للفوز والأكثر قدرة على الحفاظ على أمن مصر والمنطقة التي تموج بالصراعات، وأبرزت تصريحات المشير عن جيش مصر باعتباره جيش العرب وضرورة حماية دول هذه المنطقة.
بل وبرزت في الفترة ما بين ثورة 30 يونيو وانطلاق سباق الانتخابات الرئاسية المصرية مجموعة من المقالات والافتتاحيات في صحف خليجية بارزة مثل «الخليج» الإماراتية و»الوطن» السعودية، أثلجت صدور المصريين، وقدمت لهم أقوة عبارات الدعم والمساندة، التي أشعرتهم بأن المعركة نحو الديمقراطية وضد الإرهاب ليست معركة مصر وحدها، وإنما معركة مشتركة.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فكان التأثير رهيبا، سواء عبر التسريبات التي كشفت عن التدخل القطرى في الشأن المصري والخليجي، أو عبر كسر الحصار الإعلامي الذي فرضه الإعلام القطري على انتخابات المصريين في الدوحة.
.. ومنابر إخوانية نشاز بغطاء عربى
سارة فتح الله
اللاعب الأول الذي استخدمته جماعة الإخوان الإرهابية ونجح هو الآخر في استخدام "الجماعة" لخدمة تطلعاته السلطوية في المنطقة هو قناة "الجزيرة" القطرية ،والتي لعبت دورا لا يستهان به في تحريك الرأي العام المصري والعربي خلال الأعوام القليلة الماضية، وبالفعل لمس المصريون ذلك بوضوح بعد 30 يونيو، وظهر دفاع "الجزيرة" المستميت عن الجماعة من خلال بث " فيديوهات" تنقل صورا لمظاهرات غالبا ما تكون قديمة لما يسمونه ب"مظاهرات ضد الانقلاب"، بالإضافة إلى استضافة قادة الجماعة الهاربين والترويج لأفكارهم عبر شاشتها، الأمر الذى أدى إلى استقالة الكثير من المصريين العاملين بها.
وبالحديث عن الإعلام المحرض على الساحة العربية، فلا شك أن جهود "الجماعة" لم تقف عند قطر، وإنما حاولت بث تلك السموم الإعلامية داخل دول المغرب العربي : الجزائر والمغرب وتونس، وهي دول بها ثقل للتيارات المتعاطفة مع الإخوان فقد شهدت الصحافة الجزائرية مثلا حالة من الجدل عقب تصريحات نسبت للمرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي تتعلق بتهديدات باجتياح الجزائر في ثلاثة أيام، الأمر الذي نفاه المشير بحسم في حينه، ومن بعده نفته حملته الانتخابية، والتي أرسلت خطاب تكذيب للخارجية الجزائرية أكدت فيه أن المشير لم يدل بهذه التصريحات، ومع ذلك، لم تتردد الحركات الإسلامية في الجزائر وعلى رأسها حركة مجتمع السلم المحسوبة على جماعة الإخوان في استغلال الموقف للتصعيد ضد مصر على عكس التيار الشعبي العام في الجزائر، فعكفت على نشر عدة مقالات معادية للسيسي ولمصر وللجيش، وعلى الرغم من تكذيب حملة المشير لتلك التصريحات، فإن "التكذيب" لم يتم نشره بنفس مساحة الخبر الكاذب.
ولم يختلف الوضع كثيرا في بعض الصحف المغربية ذات التوجه الإسلامي، والتي تناولت تصريحات لأعضاء بجماعة "العدل والإحسان" أكبر الجماعات الإسلامية في المغرب، تحدثت عن ترشح المشير السيسي للانتخابات، واصفة ذلك بأنه أمر "غير شرعي". وفي تونس، وعلى الرغم من نفي قيادات حركة النهضة الإسلامية الدائم لتهمة انتمائهم لتنظيم الإخوان، فإن مواقفهم من الانتخابات الرئاسية المصرية وثورة 30 يونيو خير دليل على توجههم الحقيقي، ولعل وصف راشد الغنوشي رئيس الحركة في آخر حوار صحفي له منذ أيام للانتخابات الرئاسية بأنها "مسرحية سخيفة" دليل آخر قوي على انحياز الحركة وتأييدها للجماعة الإرهابية، على خلاف رغبة المصريين، وكذلك كان أعضاء الحركة يصرون على رفع إشارة "رابعة" في أكثر من اجتماع مصور لها، بالإضافة إلى تداول وسائل الإعلام لأنباء حول احتمال لجوء عدد من قيادات الإخوان لتونس بعد استبعادهم من قطر بناء على دعوة من حركة النهضة التونسية نفسها.
وما يقال عن النهضة في تونس يقال أيضا على جبهة العمل الإسلامي في الأردن المعبرة عن نفس تيار الإخوان، إلا أن صوتها لم يكن مسموعا بشكل واضح في الفترة الأخيرة بحكم الموقف الحاسم والواضح الذي اتخذته الحكومة الأردنية في صالح ثورة 30 يونيو منذ اللحظة الأولى.
ويبقى أن نذكر أنه أيا ما كانت نسبة الرافضين من الأشقاء العرب لما يجرى في مصر حاليا، فإن الأيام جديرة بإثبات أن كل هذه الأصوات السياسية والإعلامية النشاز لم يكن لها أي دور ولم تنجح في تغيير الأمور على أرض الواقع، وهذا ما ظهر من خلال الإقبال القياسي من المصريين في الدول العربية، بما فيها قطر والأردن، على الانتخابات الرئاسية والتصوي للمرشح الذي يريده المصريون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.