مصدر أوروبي: سرعة التحرك المصري لاحتواء الأزمة مؤشر إيجابي على أداء القاهرة دبلوماسيون مصريون: العواصم الأوروبية اعترفت بالإرادة الشعبية قالت مصادر أوروبية وأخرى من السفارات الأجنبية في القاهرة، إن التحرك السريع للسلطات المصرية من أجل تسهيل مهمة بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الأوروبي وإقناع الاتحاد بالتراجع عن قراره خفض مهمة البعثة لتصبح "تقييم" وليس "متابعة" الانتخابات الرئاسية في مصر ينطوي على قدر كبير من الإيجابية، بشأن إدراك القائمين على الأمور في مصر أن التحرك نحو الماضي ليس بالخيار الأمثل. وأضافت المصادر، رافضة الإفصاح عن اسمها، في تصريحات خاصة ل«الشروق»: "أن الخارجية المصرية سعت من خلال القاهرة كما سعت البعثة الدبلوماسية المصرية في بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) للتحرك السريع بحيث لا ينتهي الأمر إلى التخفيض، وبدأت السلطات المصرية فور إعلان الاتحاد الأوروبي نية تخفيض سقف المهمة لإنهاء أسباب التحفظ الأوروبي وهو ما يعني أنه هناك إدراك بأن هذا التخفيض كان سيمثل تقليلا من مصداقية الانتخابات الرئاسية وأن الحكومة المصرية لا تريد وصول الأمور إلى هذا القدر". وقالت سفيرة أوروبية في القاهرة، إن قرار التخفيض الذي اتخذ في مكتب السيدة كاترين آشتون مفوض الاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، كان في الوقت نفسه رسالة واضحة من الاتحاد للقاهرة، تقول إن "الانفتاح الذي أبداه الاتحاد تجاه القاهرة بالنظر للتطورات السياسية في مصر، وبالنظر لأهمية الاستقرار في مصر لدول الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يؤخذ على أنه شيك على بياض وأن بروكسل ستتجاهل بالجملة أي انتهاكات يمكن أن تحدث في مصر، لأننا بالفعل نبدي صبرا كبيرا إزاء بعض الأمور بوصف أننا في نهاية المرحلة الانتقالية وفي انتظار وصول رئيس سيسعي لتنفيذ ما جاء به الدستور والذي يقال لنا كل يوم إنه دليل التزام مصر باحترام الحقوق والحريات". وتقول المصادر الأوروبية وغيرها من المصادر الدبلوماسية الأجنبية في القاهرة، إن القاهرة ستستقبل فور انتهاء الانتخابات الرئاسية توافد العديد من الوزراء وكبار المسؤولين من كبريات عواصم العالم للتباحث بشأن المستقبل. وأضافت المصادر، أن الملف الأهم بالنسبة لهؤلاء الزائرين عند لقائهم بالرئيس القادم في ظل توقعات قوية، بأنه سيكون المشير عبد الفتاح السيسي هو "ملف بالديمقراطية وحقوق الإنسان مع استعداد تلك الدول لتقديم الدعم الاقتصادي لمصر بشرط التزام الحاكم الجديد بالعمل على ضان الاستقرار السياسي والمجتمعي وتفادي الوقوع في أخطاء تتعلق بالممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان". ويقول نائب سفير إحدى الدول الآسيوية الكبرى، إن "الخيار هو للمصريين ونحن نود المساعدة وسنسعى لذلك ونرجو أن تساعدنا القيادة التي سينتخبها الشعب المصري للتحرك في هذا". بينما يقول نائب لسفير دولة أوروبية كبيرة: "لدينا أسباب واضحة للقلق – ليس أقلها ما يكرره المرشح الرئاسي الأوفر حظا من أن الوصول للديمقراطية ليس بالأمر السهل ولكننا نأمل أن يكون واقع الممارسة معبرا عن الرغبة التي أبداها الشعب المصري، ولم نبديها نحن في عواصمنا الأوروبية، للحصول على الديمقراطية والتنمية ولاحترام حقوق الإنسان". لننتظر ونرى اتفق أغلب الدبلوماسيين الغربيين الذين تحدثت إليهم «الشروق»، بعد الظهور الإعلامي المباشر وغير المباشر للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي خلال الأيام الماضية على عبارة "لننتظر ونرى" قبل الاسترسال في الحديث عما خرجوا به من رؤى وانطباعات من أحاديث السيسي. 3 نقاط أساسية فيما قاله «السيسي» تثير القلق توافق الدبلوماسيون على وجود 3 نقاط أساسية مثيرة للقلق فيما قاله السيسي؛ في مقدمتها ما وصفه أحدهم ب"التغيب التام بل وربما المتعمد" من قبل الرئيس المنتظر لملف المشاركة السياسية لكل أطياف الشعب في بناء مستقبل مصر في ظل رئاسته والذي لخصته عبارته الواضحة عن "عدم وجود شيء اسمه الإخوان في عهده". وتعليقا على هذا السبب، يقول أحد السفراء الأوروبيين في القاهرة، إن المرشح الأوفر حظا أوضح بكل تأكيد أن السبب في رفضه لوجود الإخوان هو الرفض الشعبي "الذي لا يمكن لأحد التغافل عنه وهو يعيش في مصر "جماعة الاخوان وقيادتها ورموزها"، مضيفا: "هذا التصريح يبقى، بحسب نفس السفير "مدعاة كبيرة للقلق". النقطة الثانية اعتزام الرئيس القادم التحرك للإطاحة ب"التيار السياسي الأقدم والأكثر توغلا في المجتمع" دون أن "يوضح أسسا قانونية جادة وغير مسيسة" لتحقيق هذا الهدف، وهو ما يهدد بأن "الديمقراطية ستغيب عن أجندة الرئيس الجديد، كما كان الحال في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي اكتفى بديمقراطية شكلية". النقطة الثالثة تصريح المرشح الأوفر حظا، بعدم وجود للإخوان في الفترة القادمة، بحسب قراءة ذات الدبلوماسيين جاء بنبرة صوت ونظرة عين قد تسعد القطاع المؤيد للسيسي من الأغنياء والطبقة الوسطى العليا، وربما قطاع واسع من مسيحيي مصر الذين تضرروا بصورة مباشرة أو غير مباشرة من حكم الإخوان أو الذين لديهم أسباب ضمنية لخشية عودة الإخوان، لكنه في ذات الأمر يشير إلى أن القادم لحكم مصر قد لا يكون معنيا بالضرورة بالتزام مقتضيات حقوق الإنسان – "والرجل نفسه تحدث بمباشرة عن أن السعي للأمن قد يأتي معه انتهاكات للحقوق، على حد قول من تحدثت إليهم «الشروق». وتقول دبلوماسية غربية توشك على إنهاء مهمتها التي بدأت في القاهرة عشية ثورة يناير والتي تجيد العربية: "إنني وأنا أستمع لحديث المشير السيسي تذكرت أحاديث الرئيس مبارك التي كنت أتابعها لدى وصولي للقاهرة، نفس الثقة في أن الشعب إلى جانبه ونفس الخلط غير المفهوم، بالنسبة لنا، بين الأمن والاستقرار والتجاوز عن انتهاك حقوق الإنسان". حديث السيسي.. بين الموافقة عليه والقلق من تصريحاته تتفق المصادر الغربية، على أن حديث السيسي وإن كان وجد أثرا طيبا في نفس مؤيديه إلا أنه وبحسب رصد هذه السفارات نفسها، أثار استياء القطاعات القلقة من وصولها للحكم أكثر من ذي قبل، بل وإنه قد يدفع بعض القطاعات التي كانت تعتزم مقاطعة الانتخابات الرئاسية للمشاركة والتصويت لمنافسه حمدين صباحي بهدف تقليل النسبة التي سيحصل عليها السيسي. كما تتفق المصادر التي تحدثت ل«الشروق»، على أن ما "يقلق" في حديث السيسي ليس فقط ما يتعلق بالجانب الحقوقي ولكن أيضا بالجانب المجتمعي والاقتصادي. ويقول سفير غربي آخر: "إن حديث السيسي عن عدم اعتزامه التسامح مع المظاهرات الفئوية التي تطالب بحقوق اجتماعية واقتصادية يعبر عن أن الرجل يذهب بعيدا، على الأقل، بحسب تقديري، في تقييم مكانة الأمن والاستقرار لدى جموع المصريين، فبينما نثق أن الأمن أصبح هاجسا كبيرا، فإن هذا الأمر ليس بالضرورة الهاجس الأول لدى كل فئات المصريين". وأضاف، أن هؤلاء الآلاف الذين ينضمون للتظاهرات الاقتصادية الاجتماعية لديهم أيضا هموم تتعلق بتوفير الطعام لأطفالهم، ولكن السيسي يقول لهم إن عليهم تحمل الجوع دون اعتراض مع العمل لمدة عامين ريثما يقوم هو بترتيب البيت"، مشيرا إلى أنه "ليس واثقا أن ما طرحه السيسي يحمل وصفة الاستقرار لمدة عامين في مصر". التشكيك في قدرة السيسي على التقشف الاقتصادي مدة عامين يبدو التشكك في قدرة السيسي على تنفيذ خطة التهدئة المجتمعية والتقشف الاقتصادي والتشدد الأمني والتزمت الحقوقي لمدة عامين، عاملا مشتركا بين كل من تحدث لهم «الشروق»، وإن بدا البعض يرى فرصا للنجاح إذا ما استمر الدعم الخليجي لمصر ورئيسها الجديد "بوصفه الرجل الذي يقود الحرب على جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة بكاملها لكي تبقى الأمور علي ما هي عليه". ويتساءل عدد من السفراء الغربيين في معرض حديثهم عما إذا كان السيسي في ضوء ما قاله قادرا على مواجهة تحديات فترته الرئاسية الأولى التي "ينوي خلالها على القضاء على أي شيء اسمه الإخوان"، و"يواجه المظاهرات التي يراها ستسقط مصر"، ويترك "الأثرياء يفعلون ما تمليه عليه ضمائرهم" ويطالب "الجوعى بمزيد من التقشف أو ربما يقدم لهم بعض الإعانة المحدودة في الغذاء بعيدا عن الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها". أعضاء بحملة السيسي يشككون في كلام الدبلوماسيين يقلل أعضاء من حملة السيسي مما يصفونه بالأسئلة التي تدور في ذهن بعض الدبلوماسيين الغربيين في القاهرة حول المعاني الضمنية لما أدلى به المشير في تصريحاته. يقول أحد أعضاء الحملة، إن "بعض التخوفات التي أتت عللا لسان الدبلوماسيين المعنيين هي تخوفات مرتبطة بتصور مسبق عن معنى أحداث 30 يونيو و3 يوليو، فالقول بأن السيسي سيتجه للقمع أو لإعادة نظام مبارك يقوم على افتراض خطأ وهو أن يحكم بعيدا عن رغبة الشعب، وهذا عكس الحقيقة بالضبط، لأن الشعب هو الذي ناشد السيسي الترشح، والرجل كان يفضل البقاء في القوات المسلحة ولم يترشح إلا نزولا عند رغبة الشعب وبالتالي فلا يمكن أن يتحرك ضد رغبته". وبحسب مصدر آخر من ذات الحملة، فإن مخاوف بعض الدبلوماسيين الغربيين من تجاوز السيسي لمقتضيات المشاركة السياسية والسعي نحو تحقيق التهدئة يرتبط بتصور أن حديث السيسي عن استثناء الإخوان كجماعة هو قرار لرئيس الجمهورية لكنه في الحقيقة قرار للشعب الذي أعلن رفضه القطعي للإخوان في 30 يونيو وقبلها وبعدها. في الوقت نفسه، تقول مصادر في القطاع الإعلامي لحملة المشير، إن ردود الأفعال السلبية جاءت بالأساس من أحد اللقاءات الإعلامية للمشير والتي تم التغلب عليها في اللقاءات التالية. تخوفات الدبلوماسيين.. جزء من عملية الموقف المستمرة التي تقوم بها السفارات في الوقت نفسه، قال دبلوماسيون مصريون تحدثوا ل«الشروق» من القاهرة ومن عدد من العواصمالغربية، إن التخوفات التي تدور في ذهن وعلى ألسنة الدبلوماسيين الغربيين هي جزء من عملية تحليل الموقف المستمرة التي تقوم بها السفارات ولكن موقف العواصمالغربية ذاتها موقف واقعي يرى أن الرجل سيتحرك باتجاه الاستقرار ومكافحة العمليات المسلحة للجماعات المتشددة والتركيز على تحفيز الاقتصاد وتأجيل الاهتمام بالقضايا الحقوقية، الأمر الذي يصفه أحد الدبلوماسيين المصريين بأنه "قد لا يزعج العواصم الكبري طالما تم ذلك في إطار من توافق مصري يقدم الاستقرار والأمن على الحريات والمشاركة السياسية وطالما تم ذلك بدون وقوع كوارث حقوقية كبرى". وبحسب دبلوماسي مصري آخر في الخارج، فإن العنصر الأكثر أهمية بالنسبة للعواصم الرئيسية ليس ما قاله السيسي في مقابلاته الإعلامية، وإنما كيفية اختيار فريقه الرئاسية وكذلك كيفية إدارة الانتخابات البرلمانية ومدى التعاون والتناعم بين الرئاسة والبرلمان.