يصل نبيل فهمى وزير الخارجية إلى بروكسل، غدًا الاثنين، في زيارة يلتقى خلالها مع كاترين آشتون، الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في لقاء سيركز على تطورات الوضع في مصر، خاصة بعد اعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترك وزارة الدفاع والترشح لرئاسة الجمهورية. وقال مصدر أوروبي يعمل مع آشتون، إن هناك «قائمة طويلة من الأسئلة ستقوم كاترين آشتون بطرحها على الوزير نبيل فهمي، وهي كلها أسئلة عاجلة وتتطلب إجابات واضحة». أحد أهم هذه الأسئلة، بحسب ذات المصدر، يتعلق ب«دور القضاء المصري» في الصراع السياسي الدائر «بين السلطات وجماعة الإخوان المسلمين» بعد صدور حكم بإحالة أوراق 529 شخصًا من المنتمين للإخوان إلى فضيلة المفتي، تمهيدًا لصدور حكم بإعدامهم منتصف الأسبوع الماضي، متبوعًا بقرار من النائب العام بإحالة 919 من أعضاء الجماعة لمحكمة الجنايات. وأضاف المصدر الأوروبي، الذي تحدث مع «الشروق» عبر الهاتف، «سيكون من المستحيل أن يقول لنا أيًا من كان أن هذا الحكم صادر عن قرار مستقل، هذا الحكم لا يمكن التعامل معه بجدية، والحقيقة أن الطريقة الوحيدة للتعامل معه بجدية ستكون بالنظر إليه على انه حكم مسيس صدر بغرض إخافة الاخوان المسلمين»، ويضيف «لا يمكن لفهمى ان يكون لديه تبرير لهذا الحكم بما فى ذلك ما تقوله البعثة المصرية هنا فى بروكسل من ان هذا الحكم قابل للمراجعة فى درجات تقاضى لاحقة لأنه فى النهاية هذا حكم بإعدام اكثر من 500 فيما نفهم انهم متهمون جميعا بقتل شخص او اثنين بعد محاكمة غير واضحة المعالم». ويؤكد المصدر، أن آشتون «وإن كانت تحرص دوما على الحديث العاقل والهادئ والدبلوماسى» فهى ستخبر الوزير المصرى، أن مثل هذه الأمور من شأنها أن تدفع باتجاه توتر سريع للعلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى فى وقت كان الاتحاد يتمنى فيه تقديم الدعم لمصر للتحرك نحو التنمية والديمقراطية. وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية في القاهرة، إن توقيت صدور حكم الإعدام وما تلاه من احالة لقرابة آلاف شخص من الإخوان المسلمين للجنايات عشية إعلان السيسى اعتزامه السير نحو رئاسة الجمهورية هو أمر «مثير للقلق» و«يبعث برسائل مزعجة» حول طبيعة الحكم القادم. وبحسب سفير أوروبي في القاهرة، فإن هناك درجة من الواقعية الشديدة في العديد من البلدان الأوروبية «خاصة جنوب المتوسط، حيث نعى تماما أن علينا التعاطى ببرجماتية مع الوضع فى مصر» ولكن فى الوقت نفسه فإن هناك أمورًا «سيكون من الصعب الادعاء بأنها لم تحدث مثل الحكم بإعدام أكثر من 500 شخص، فى أوقات يستمر فيها العنف بين الدولة والإخوان المسلمين بما لا يوحي بإمكانيات حقيقية للاستقرار». ويضيف السفير ذاته، أنه «وبالرغم من أن هناك تباينًا لا يستهان به» بين الدول ال28 الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع «التطورات المقلقة في مصر» بالتزامن مع ترشح السيسي، فإن هناك حدودًا دنيا لا يمكن للدول فى جنوب أوروبا وشمالها الاختلاف عليها وفى مقدمتها ضرورة ألا يتم إقحام القضاء فى الصراع السياسي، وأن يكون هناك حزمًا فى إيقاف كل أشكال الانتهاكات الأمنية ضد المواطنين. فى الوقت نفسه، وبحسب المصدر الذي تحدث للشروق من مكتب آشتون، فإن مواقف السيسي الداخلية والخارجية وطبيعة فريق المعاونين له ومدى الاستعداد لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي والسعي نحو «عملية ديمقراطية حقيقية وليست شكلية تسمح بإدماج كل العناصر السياسية دون استثناء للإخوان المسلمين» ستكون على سلم أولويات مناقشات آشتون مع فهمى فى بروكسل غدا. ويقول دبلوماسى غربى آخر فى القاهرة، إن الانطباع السائد فى العديد من الدوائر الدبلوماسية الأجنبية فى القاهرة، هو أن «السيسى أصبح يميل وبشكل واضح بل وربما تصاعدى للتعامل بالشدة والقسوة المبالغ فيها مع الخصوم السياسيين وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين». وتصر المصادر الغربية التى تحدثت للشروق من القاهرة ومن عدد من العواصمالغربية، بما فى ذلك بروكسل وواشنطن، على أن ما تسعى الدول المعنية لمعرفته اليوم هو «فريق العمل»، وليس مجرد الفريق الخاص بالحملة الانتخابية «المفترضة»، للسيسى. «نحن نحاول بشدة معرفة ما الذى ينتويه السيسى من خلال قراءة قائمة الأسماء المرشحة للتعاون معه عن قرب سواء حاليًا أو لاحقًا، وحتى الآن نجد بعض الأسماء المشجعة مثل عمرو موسى على سبيل المثال الذى يدرك بوضوح كيفية التفاعل مع المواقف الدولية، ولكن وبصراحة ليس لدينا تأكيدات من أى مصدر فى الحكومة المصرية، بما فى ذلك المقربين من السيسى أن موسى سيكون له دور كبير وفاعل فيما بعد تولى السيسى الرئاسة أو أنه سيكون له دور يتجاوز بضعة شهور قليلة ريثما يتمكن السيسى من السيطرة الكاملة على الموقف داخليا واحتواء الموقف الدولى،» بحسب أحد من تحدثوا مع الشروق بعد إعلان السيسى عزمه السعى لمنصب الرئاسة. ويضيف أن ما أشار إليه السيسى خلال الكلمة المتلفزة، لإعلان خوضه الانتخابات الرئاسية من حديث عن عدم الإقصاء وعدم تصفية الحسابات «كان يمثل فيما نستطيع أن نرى الأثر الواضح لآراء عمرو موسى». ولكن، حسبما يضيف، «هذا الأثر مازال مجرد توقع»، كما وأنه لو صح فليس من الأكيد أن هذا الأثر سيستمر» لأنه بالتأكيد وبحسب مقتضيات التفاعل السياسي في مصر سيسعى الصقور للوقيعة بين السيسي وموسى تمهيدًا لإبعاده بالكامل عن الصورة».