عاش جيل الخمسينات و الستينات في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أجمل سنوات العمر في زمن جميل ، بسبب الإهتمام الكبير من الرئيس و المجتمع بقضايا الفقراء و العمال و الفلاحين و التعليم و الرعاية الصحية و البنية الأساسية في المناطق الريفية و الصعيد ، فضلاً عن الأهتمام بقضايا الفكر و الثقافة و الأدب و الفن . مما جعل قضايا العدالة الاجتماعية تتحرك جنباً إلي جنب مع قضايا التنمية الثقافية و الإقتصادية في الوعي العام و العمل التنفيذي لمصر ، و هو ما أوجد ثماراً حقيقية لها ، فلم تكن مجرد أوهام أو خطاب سياسي بل أمرواقعي يشعر به أبناء المجتمع . وتمر مصر الأن بنفس الظروف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي عاشتها مصر فى تلك الفترة ، بعد تعرض المجتمع لتدهور كبير وإنهيار للطبقة المتوسطة والفقيرة وأهدار للثروات علي مدي ثلاثين عاما، زادت حدتها خلال السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة 25 يناير . لتكون المفاجأة هى تكرار نفس الشعارات خلال ثورتي يناير ويونيه، فى التعبير عن إحتياجات حقيقية و ملحة في المجتمع في العيش والحرية و العدالة الاجتماعية والديمقراطية ، لتحدد مطالب واضحة للشعب المصري في ضرورة إلتزام الدولة بتوفير الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الاساسية له، مع الحقوق المدنية و السياسية لأول مرة في توقيت واحد . و هو ما يطرح حتمية الألتفاف حول زعامة سياسية يتحقق معها أحلام البسطاء و الفقراء الذين يصل عددهم الي 40% من السكان تحت خط الفقر ، وطموحات الشباب الذين يصل عددهم الي 30% من السكان ، ورهانات العلماء و النخب الثقافية في عودة المناخ المناسب والملائم للتنمية والأبداع. فالمصريون يحلمون قبل أيام من بدء التصويت بالداخلفى الإنتخابات الرئاسية ، برئيس قوى و دولة قوية ، تحافظ علي حياة و مستقبل أبنائها ، و تهتم بالرفاه الإجتماعي وجودة الحياة و الحريات لهم ، لا تفرق بين رجل و إمرأة و طفل و كهل في حقوقهم الأدمية ، من خلال الخدمات التي تقدمها الدولة لإبنائها علي أنها حقوق لهم ، و ليست منحة من النظام السياسي و الدولة تعطيها لمن تشاء و تمنعها عمن تشاء . فهل يري جيل الوسط الذي ضاعت من بين يديه أفضل سنوات الصبا و الشباب جزءا من أحلامه أثناء حياته، مع أنتخاب الرئيس القادم لمصر سواء المرشح المشير عبد الفتاح السيسي، أو المرشح حمدين صباحي، ليشعر بعودة الروح من جديد لمبادىء العدالة و الانصاف لقضاياه التى أهملت لسنوات طويلة، أم سيتأخر أنطلاق قطار التغيير فيها لتظل مجرد أحلام في الهواء . لمزيد من مقالات عماد حجاب