تنسيق الجامعات 2025.. 70 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    صراع بين مرشحي الشيوخ بالشرقية لكسب أصوات الناخبين    وزير الشباب والرياضة يزور رئيس مجلس الدولة لتقديم التهنئة    7.53 صادرات مصر لأعلى خمس دول خلال 4 أشهر من 2025    فنادق مرسى علم تحتفل باليوم الوطني البلجيكي    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    عملية خطف في غزة.. الاحتلال يستهدف مدير المستشفيات الميدانية    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    الكرملين: بوتين وترامب قد يلتقيان فى الصين سبتمبر المقبل    اليوم وديا .. بيراميدز يواجه "باندرما سبور" في معسكر تركيا    محمد إسماعيل مستمر فى معسكر زد.. وحسم موقفه النهائى مع الزمالك الليلة    الشناوي يعلق على كثرة النجوم في غرفة ملابس الأهلي    ريال مدريد يتمسك بأمل التعاقد مع إبراهيما كوناتي.. وليفربول يرفع سقف المطالب المالية    منتخب مصر للسلة يواجه إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    بتروجت يعلن ضم عمر بدير لاعب الأهلي لتنس الطاولة    في مشهد صادم.. مصرع وإصابة 10 أشخاص بسبب سيارة تسير عكس الاتجاه| صور    مأساة دلجا بالمنيا تتفاقم.. فرحة ووالدها يصرعون المجهول بحثا عن الحياة والنيابة تواصل التحقيق    اليوم.. تعرف على برنامج عروض وندوات المهرجان القومي للمسرح    «هنو» يجتمع بمقرري لجان «الأعلى للثقافة» ويعلن آلية جديدة لاختيار أعضاء اللجان الدائمة    نادية رشاد: «أنا مش محجبة ولا صغيرة عشان أثير الفتن» (فيديو)    «أمنحتب الثاني».. تمثال يجسد السلطة الإلهية في قلب الدولة الحديثة    آمال ماهر تكشف كواليس ألبوم «حاجة غير» | فيديو    وزير الصحة يتفقد المجمع الطبي ومركز 30 يونيو للكلى بالإسماعيلية    مستشفى كفر الشيخ الجامعي ينقذ مريضة تعاني من ورم ضاغط على الوريد الأجوف العلوي    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    آمال ماهر تتصدر تريند يوتيوب ب3 أغنيات بعد طرح ألبومها الجديد    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على نقل خبراتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب لدعم القدرات النيجيرية    مدير صحة شمال سيناء يدعو المواطنين للمشاركة في المبادرة الرئاسية 100 يوم صحة    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضي المضافة لعدد من المدن الجديدة    بالفيديو.. الأرصاد: ارتفاع تدريجي في الحرارة والقاهرة تسجل 40 درجة مئوية    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    الفلفل ب10 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    محافظ مطروح يهنئ السيسى بمناسبة الذكرى ال73 لثورة 23 يوليو المجيدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    وكيل صحة الدقهلية: أكثر من 35 ألف جلسة علاج طبيعي استفاد منها 6 آلاف مريض خلال يونيو    ترامب ينشر فيديو مفبرك بالذكاء الاصطناعي لاعتقال أوباما في البيت الأبيض    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    اليوم.. «الداخلية» تعلن تفاصيل قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة في مؤتمر صحفي    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناشطة السياسية »منال الطيبي« تتحدث عن التعددية الثقافية والدستور والنوبة :
ليس من مصلحة الوطن طمس ثقافة النوبة
نشر في أخبار الأدب يوم 10 - 11 - 2012


منال الطيبى تتحدث للزميل طارق الطاهر
اللغة النوبية مهددة بالانقراض ..والمساومات تتم علي حساب حقوق المواطنين
هناك مواءامات سياسية تتم في الجمعية ..التأسيسية بين الليبراليين والاسلاميين
هي واحدة من الشخصيات التي ظهرت بقوة علي الساحة في الفترة الأخيرة، بسبب استقالتها من الجمعية التأسيسية للدستور، وقد أعلنت مبررات هذه الاستقالة ، ملخصها أنها تشعر بأن الدستور القادم، لايعبر عن ثورة يناير ولا يلبي طموحات الشعب المصري.
من هنا شعرت بأن الحوار معها علي تحفاظاتها علي أداء الجمعية التأسيسية للدستور، ربما لا يحمل جديدا، وفضلت أن أناقشها بداية في قضيتها الأساسية التي دافعت عنها طوال السنوات الماضية، وهي قضية النوبة وحقهم في العودة إلي أراضيهم، هذه القضية التي رأي خصومها السياسيون أن يستغلوها، فألصقوا بها تهمة أن الغرض من استقالتها رغبتها في تدويل قضية النوبة لتنفصل عن مصر، لذا سألت مباشرة منال الطيبي: هل بالفعل وأنت واحدة من ابناء النوبة ترغبين في الانفصال عن الوطن الأم؟.
وكما كان سؤالي واضحا، جاءت إجابتها واضحة، وفوجئت بها تعطيني كتابا لها بعنوان »الحقوق النوبية في ظل القانون الدولي لحقوق الإنسان«، وهو صادر عام 2010، وطلبت مني أن أقرأ صفحة 52 وأشارت إلي السطر الذي تريدني الإطلاع عليه تحديدا ونصه »للنوبيين تقرير المصير بدون الحق في الانفصال عن الدولة«.
تقرير المصير
وإزاء هذا السطر الواضح الدلالة سألتها: إذن من وجهة نظرك ما هو تقرير المصير للنوبيين؟
- أجابت: ما أقصده هو حقوق النوبيين، ودعني أعطي لك مسحة علي تاريخ وقضية النوبة، فقد عاش النوبيون خلال تاريخهم الطويل في عناق مع النيل، وهي العلاقة التي أثرت علي نمط حياتهم وثقافتهم مما شكل شعبا أصليا يتمتع بخصائص فريدة تتجلي في لغتهم وأسلوب حياتهم، ولذلك فإن انتزاع النوبيين من بيئتهم الأصلية ونقلهم إلي أماكن أخري تقع في قلب الصحراء وتشتتهم في محافظات مصر المختلفة بسبب غرق قراهم تحت مياه النيل بعد بناء خزان أسوان، والسد العالي، أدي إلي خلق حالة من الاغتراب والعزلة عاشتها ومازالت تعيشها الأجيال المختلفة لأبناء النوبة حتي الآن، و زاد الأمر سوءا بسبب الاستخفاف الشديد الذي تعاملت به الدولة مع تهجير النوبيين من موطنهم الأصلي، سواء علي مستوي التعويضات الضيئلة التي حددتها الدولة للنوبيين أو علي مستوي توفير المساكن والأراضي المناسبة للمهجرين.
وماذا عن ملامح قضيتهم في الوقت الحالي؟
- بصراحة.. تجاهل الحكومات المتعاقبة لمطالب النوبة للعودة إلي أراضيهم الأصلية حول بحيرة النوبة »السد العالي« وتغليب هذه الحكومات لمنطق الاستثمار وتحقيق الأرباح علي الحقوق النوبية في المشاريع التنموية التي أقامتها الدولة علي شواطئ البحيرة بعد استقرار منسوب المياه، أدي إلي تعظيم حالة الاغتراب لدي النوبيين، وعلي الرغم مما تعرض له أبناء النوبة إلا أنهم لم يفقدوا الأمل في العودة إلي قراهم الأصلية، ومازالوا يتطلعون للعودة إلي حياتهم الطبيعية والتخلص من حالة الاغتراب المريرة التي يعيشون حاليا تحت وطأتها، وفي هذا الإطار لم يتوقف النوبيون عند مجرد الحلم فقط، بل شرعوا في التحرك بدأب نحو المطالبة بحقوقهم الشرعية، التي سلبتها منهم الحكومات المصرية علي مدار أكثر من قرن من الزمان.
جماعة ذات خصوصية
هل ترين أن النوبيين حتي الآن لم يتأقلموا في المدن التي يعيشون فيها وأنهم مازالوا يحلمون بالعودة؟
- بالفعل بل هناك آثار كثيرة ترتبت علي عمليات التهجير المتتالية التي تعرض لها النوبيون وتشتتهم في أماكن عديدة تجسدت ليس فقط في الضرر المادي والاقتصادي، وإنما كان الأثر أعمق من ذلك بكثير، حيث شكلت الموجات المتتالية من التهجير خطرا داهما علي مجموعة بشرية ذات خصائص حضارية وثقافية فريدة ومتميزة عن غيرها في سائر المجتمع المصري، وتعود هذه الخصوصية التي تمتع بها النوبيون في جوهرها إلي البيئة الجغرافية والاقتصادية التي تطورت عبر التاريخ علي ضفاف النيل بالشكل الذي تستطيع أن نقول عنه إنه نحت الملامح المميزة للشخصية النوبية بثقافتها، وبالتالي فإن نزع هذه المجموعة البشرية من بيئتهم الأصلية ذات السمات الخاصة وإعادة توطنيهم في أراض أخري مغايرة لبيئتهم الأصلية، التي لا تتوافر بها هذه الشروط، إنما يهدد حق هذه الجماعة البشرية في الاحتفاظ بخصوصيتها الثقافية والحضارية.
إذن أنت مع النظرية التي تري التنوع الثقافي في مصر، وأن هناك ثقافات مختلفة تتكون منها الثقافة الأم؟
- نعم، فالتعددية الثقافية ليست اختراعا، فهي موجودة في كل دول العالم، ومصر تدخل ضمن هذه الدول، وتخضع لقوانين الطبيعة، فهناك ثقافة للصعيد وأخري للدلتا، وثالثة للمناطق الحدودية ورابعة للبدو وخامسة للنوبة، وتشمل الثقافة الأم، كل هذه الثقافات الفرعية الثرية بخصوصيتها، فهناك عناصر تكون ثقافة الشعب، وثراء الثقافة المصرية يرجع إلي تعدد مصادرها، وليس في ذلك انتقاص للثقافة الأم.
التعددية الثقافية ليست اختراعا وموجودة في كل مكان
التعددية الثقافية
لهذا السبب كنت من المصرين علي ذكر التعددية الثقافية التي تتمتع بها مصر في مقدمة الدستور الجديد؟
- روافد الحضارة المصرية ليست أحادية الثقافة، فهناك في شخصياتنا روافد متعددة منها الفرعونية، القبطية، الإسلامية، الرومانية، النوبية، إلي آخره، فهناك العديد من الحضارات التي خلقت الثقافة المصرية، لو تساءلت عن هويتنا، ستجدها خليطا مما ذكرته، وأي دستور لابد أن يعبر عن هوية المواطنين، وما طالبت به ليس بدعة، وعلي فكرة ما طرحته عن التعددية الثقافية، وجدت العديد من الشخصيات داخل الجمعية التأسيسية يوافقون عليه، ومنهم المستشار حسام الغرياني، وفاروق جويدة، وغيرهم يعلمون جيدا معني التنوع الثقافي، وانعكاسه علي ثراء الشعوب، ولكن للأسف التيار الإسلامي يستخدم نفس فزاعات مبارك، من تخويف فئات الشعب من بعضها البعض، رغم أن ما طرحته- أيضا- عن حقوق النوبيين، يدخل في صميم العدالة الاجتماعية، وهي الهدف المنشود للجميع، فالحق في السكن والتعليم والصحة، إلي آخره، كل ذلك ليس له علاقة بالنوبة فقط، بل في تأسيس لمجتمع مدني حقيقي، ترفع فيه قيم المواطنة بلا تمييز.
منال الطيبي..النوبة قضية عدالة اجتماعية
تتحدثين عن النوبة باعتبارها قضية عدالة اجتماعية، ماذا تقصدين بذلك؟
- يجب أن ننظر للأمور برؤية متسعة تري القضية من ابعادها المختلفة، من هذا السياق قضية النوبة بالفعل قضية عدالة اجتماعية، فهؤلاء أناس ابعدوا عن أراضيهم وتم تهجيرهم، عما يطلق عليه »الأراضي التقليدية« التي تربوا فيها ونتج عنها ثقافة وتقاليد معينة، لايهمني المكان الموجود فيه النوبيون الآن، فقد يكون أكثر ثراء ورفاهية من أراضيهم الطبيعية، لكن هذه الأراضي تحقق لهم ثقافتهم، وليس من مصلحة الوطن »مصر« طمس ثقافة موجودة علي أراضيها، فهناك دول تدرس هذه الثقافات، وكذلك
جهات دولية مثل اليونسكو، التي تحاول الحفاظ علي الثقافات المختلفة في العالم كله، فالثقافات ليست ملك الدول التي نشأت علي أرضها، وإنما ملك للإنسانية كلها، ودور الدولة الحفاظ عليها وليست محاولة طمسها.
الحكومات المصرية سلبت حقوق النوبيين علي مدي قرن من الزمن
سبعة مطالب
في نقاط محددة ما هي الحقوق التي ترين علي الحكومة الحالية ضرورة الاستجابة لها، فيما يخص قضية النوبة؟
- هناك سبعة حقوق واضحة هي: حق النوبيين في أراضيهم وموارهم الطبيعية وحقهم في العودة، وهو الأمر الذي ينطوي علي السماح لهم بالعودة إلي أراضيهم الأصلية حول بحيرة السد العالي في الأماكن نفسها وبذات أسماء قراهم الأصلية، حق النوبيين في عدم التمييز ضدهم من خلال تبني القوانين ذات الصلة ورفع الوعي العام للمجتمع السائد وتوفير وسائل للانتصاف، حق النوبيين في المشاركة في عملية صنع القرارات المتعلقة بالسياسات الوطنية ذات الصلة بالقوانين أو المشاريع التي تؤثر علي نمط حياتهم، وهذا يتضمن أيضا واجب الدولة في احترام وحماية القانون العرفي للنوبيين والقيادة المحلية لمجتمعهم والمتمثلة في قادة مجتمعهم الطبيعيين، حق النوبيين في ثقافتهم متضمنا حقهم في تعلم لغتهم والتراث النوبي في المدارس، وفي هذا السياق علي الدولة أن تناقش مناهج التعليم وتصميمها بالتعاون مع النوبيين ومساعدتهم في إقامة مؤسساتهم التعليمية، حق النوبيين في التمثيل بشكل مناسب في الحكومة، بما في ذلك الفصل بين الدائرة الانتخابية لمركز نوبة النصر والدائرة الانتخابية لكوم أمبو، حق النوبيين في التنمية، وهذا يتضمن إقامة ومساعدة النوبيين في إقامة مشاريع التنمية، التي يكون الفائدة لهم، حق النوبيين في تشكيل مؤسساتهم السياسية، علي سبيل المثال برلمان نوبي، مجلس عرفي نوبي أو أي شكل آخر، وهي المؤسسات التي تساعد في التعبير عن مصالح النوبيين، وذلك بالتفاوض مع الحكومة.
من ضمن الحقوق التي ذكرتيها حق النوبيين في التعليم، أعتقد أنهم لا يمنعون من التعليم في المدارس الحكومية، مثلهم مثل مختلف فئات المجتمع؟
- نعم هذا صحيح، يتمتع النوبيون بالحق في التعليم والانضمام إلي المدارس والجامعات في مصر، بيد أن عليهم أن يدرسوا باللغة العربية دون تعلم لغاتهم النوبية، فلا يوجد دعم حكومي للحفاظ علي لغتهم الأصلية، بل إنه ممنوع التحدث باللغة النوبية في المدارس، كذلك فإنه علي النوبيين التواصل في كل الأماكن الحكومية باللغة العربية، ولا يوجد أي برنامج تعليمي لتدريس الأطفال اللغة النوبية، ورغم ذلك بدأت حديثا بعض الجمعيات النوبية بالقاهرة في تدريس اللغة النوبية، للأجيال الجديدة من الأسر المهاجرة، غير أن التقارير الخاصة بالقري النوبية تؤكد أن الشباب في سن الثامنة عشرة وما دونها لا يتحدثون النوبية، ويستخدمون اللغة العربية حتي داخل بيوتهم، وهو الأمر الذي يهدد اللغة النوبية بالانقراض.
مواد .. قديمة
ألا تتفقين معي إنه بعيدا عن هذه التفصيلات، أن مبدأ المواطنة والاهتمتم بباب الحريات في الدستور الجديد يمكن أن يحل مشاكل عديدة؟
- أحب أن أقول لك، إنه من أحد الأسباب الرئيسية لاستقالتي، هو أنهم يميلون إلي أن تستمر مواد الحريات، كما كانت موجودة في دستور 1971 مع تعديلات طفيفة، هذه هي النية المبيتة، لذا كان ممثلو التيار الديني يحاولون إفشال أية اجتهادات لكتابة مواد واضحة الدلالة فيما يخص الحريات، فقد كان لدي الأمل عقب الثورة المصرية، أن تحذف كل العبارات سيئة السمعة من الدستور الجديد، والموجودة في دستور 1971، مثل »وفقا لما ينظمه القانون«، »الصالح العام«، »النظام العام«، بالإضافة إلي أن أي دستور في العالم يكتب علي أساس المواطنة، وليس علي أساس الأغلبية، الدستور للأسف يكتب حاليا بمعايير مزدوجة، فمثلا نضع في المواد الخاصة بالمرأة كلمة وفقا لأحكام الشريعة، في حين أن المادة الثانية يكتب فيها مبادئ الشريعة، كما لا توجد نصوص واضحة الدلالة في الوقوف ضد العنف تجاه المرأة، وينطبق هذا الأمر من عدم وجود نصوص واضحة في حماية الأطفال واستخدامهم في سوق العمل، للأسف الدستور الجديد لم ينحز لفكرة المواطنة، بل قسم فئات المجتمع إلي أقسام، هناك من يحصل علي حقوقه كاملة، وهناك من ينتقص منه هذه الحقوق.
لاعلاقة له بالثورة
إذن هذا الدستور لايعبر عن أهداف ثورة يناير؟
- بكل تأكيد لا، فكما ذكرت في مبررات استقالتي من عضوية الجمعية التأسيسية، أن هذا الدستور يعد ليكون علي مستوي فئة محددة ترسخ لمفهوم الدولة الدينية لتستحوذ بذلك علي السلطة، وليس معبرا عن شعارات الثورة »عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية«، دستور ينقلب علي مبادئ الثورة، ويمكن الإسلام السياسي من السلطة، دستور يكتبه الأغلبية لصالح الأغلبية.
ما تقولينه يجعلني أسأل عن موقف ممثلي التيارات المدنية من هذه المواد؟
- للأسف لا يشكلون قوة قادرة علي تغيير هذه المواد، وأشعر بأن هناك مواءمات سياسية تتم، وان هناك مساومات تحدث علي حساب حقوق المواطنين، للأسف بعض الليبيراليين والشخصيات تلعب لصالح أهدافها، ولا ينحازون إلي أن تعبر المواد بالفعل عن مدنية الدولة وحقوق المواطنة، فهناك مواد اعتبرها فضيحة منها ما يخص الاتجار بالنساء وانتهاك حقوق الأطفال والنساء، وتجارة الرقيق الأبيض، ويجب أن نعلم أن مصر لم تعد دولة عبور فيما يخص الاتجار بالبشر، بل أصبحت دولة مقر، فهناك ماڤيا عالمية لهذا النوع من الاتجار، له العديد من الأذرع في دول مختلفة، وهي تجارة تحقق المليارات، أضف إلي ذلك أن الكثير من المواد تخالف الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر.
انتهاك القانون
بمناسبة الاتفاقات الدولية، هناك اتهام موجه لك بأنك تهددين دائما بالمنظمات الدولية للانتقاص من السيادة المصرية؟
- ضحكت وقالت: مصر موقعة منذ عقود طويلة علي اتفاقيات خاصة بحقوق الإنسان ومواثيق قانونية دولية، وأي دولة تضع دستورا أو قانونا، هي ملتزمة بألا تصوغ مواد تخالف هذه الاتفاقيات، وهذا أمر واضح في القانون الدولي، لكن للأسف هناك الكثير من أعضاء الجمعية التأسيسية لا يعترفون بالمعاهدات والمواثيق والقانون الدولي، ويعتقد أن من حقه وضع النصوص التي يراها، من هنا جاء التحذير شديد اللهجة من جانب منظمو هيومان رايتس، وهي واحدة من المنظمات العالمية الشهيرة، وقالت بالنص إن الدستور الجديد ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهنا أقول بصفتي دارسة للقانون الدولي، ليست من مصلحة مصر أن تضع دستورا يخالف القانون الدولي، وهو أمر يضر بسمعتها، فلا يوجد في العالم الآن، دولة تقول أنا حرة أضع قانونا أو دستورا كما أريد، انتهي هذا الأمر منذ عام 1948 بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فليس هناك نظام سياسي من حقه انتهاك حقوق شعبه ويعتبره شأنا داخليا.
حقوق السكن
سؤالي الأخير يتركز علي نشاطك الأهلي، حيث ترأسين المركز المصري لحقوق السكن، ما الهداف الرئيسية لهذا المركز؟
توعية المجتمع بخطورة إهمال حق المواطنين في إيجاد مساكن كريمة وآمنة لهم، والتنبيه- ايضا- إلي المشاكل الفرعية الناتجة عن هذه المشكلة الأم، فمما لاشك فيه أن أزمة السكن في مصر واحدة من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية علي الإطلاق التي يواجهها المجتمع المصري منذ العديد من العقود، وقد تفاقمت هذه الأزمة في سبعينيات القرن الماضي مع توجه الدولة نحو سياسة الاقتصاد الحر إبان حكم الرئيس السابق السادات، وبلغت ذروتها خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وذلك مع إسراع الدولة في تطبيق السياسة النيوليبرالية الاقتصادية الجديدة، استجابة لضغوط المؤسسات العالمية، حيث انسحبت الدولة تماما من البناء للفقراء، ونحن في المركز المصري لحقوق السكن نحاول أن نلفت نظر الجميع لخطورة الأمر، كما أننا نتصدي للمشروعات التي تهدر حقوق الفقراء في السكن لصالح المشاريع الاستثمارية، التي تتجاهل حقوق الإنسان في أن يجد السكن المناسب، فقد وضع النظام السابق وتحديدا بداية من عام 2007، مجموعة من الخطط كان الهدف منها في الأساس التخلص من العشوائيات، بل ومن السكان انفسهم، بدلا من تحسين وضعهم الاجتماعي، وذلك لصالح رجال الأعمال المقربين من السلطة، بل والذين كانوا في السلطة آنذاك، ومن ضمن هذه المشروعات وأخطرها، التي تفضح سياسات النظام السابق المنحازة لرأس المال علي حساب الغالبية الفقيرة من الشعب المصري، كان المخطط الاستراتيجي لتطوير القاهرة الكبري، الذي يسعي إلي إزالة العشوائيات ونقل سكان القاهرة خارجها، وذلك لإقامة مشروعات ترفيهية وسياحية، وينطوي المشروع برمته علي انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وحقه الطبيعي في سكنه، ونتمني أن تكون ثورة يناير قد قضت تماما علي مثل هذه المشروعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.