كثيرة هي الحيل والأساليب التي تلجأ إليها المرأة لكي تدفع الرجل إلي تنفيذ رغباتها، سواء كان هذا الرجل أباً أو أخاً أو زوجاً. وأول هذه الأسلحة هي الدموع.. أشهر أسلحتها التي تلجا إليها منذ طفولتها المبكرة لكي تتغلب بها علي ما يواجهها من عقبات في مجتمع يحكمه الذكور. ويأتي بعد ذلك استخدامها للحيل، ثم استخدام آخر الأسلحة وهو «المقاطعة» والخصام. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تجد المرأة نفسها في حاجة غالباً إلي الحيل واللف والدوران لكي تحقق أهدافها؟ ولماذا يتعين عليها أن تسلك الطريق الطويل بدلاً من الطريق المباشر لكي تصل إلي غايتها المنشودة؟ لعل الإجابة عند المتخصصين. البداية عند د.هدي زكريا أستاذة علم الإجتماع بجامعة الزقازيق.. تقول: إن حياة البنات ليست هينة منذ نعومة أظفارهن، فنحن نربي أبناءنا علي وجود فارق بين البنت والولد، وأن الأخير هو صاحب الكلمة العليا حتي لو كان أصغر سناً من شقيقته، ويتمتع، حتي في طفولته، بحرية أكبر، في حين أن البنت تكبر وهي تشعر بأنها سجينة أنوثتها التي تحرمها من الكثير من اللهو البريء والمتع الصغيرة. حتي الألعاب تحمل فروقاً.. فالولد له البندقية والعجلة، والبنت لا تملك إلا العروسة وطقم المطبخ والبيت الصغير الذي يحتاج إلي ترتيب. لكن الزمان الآن حمل تغيرات كثيرة، فما كان خفياً علي البنت بحكم مكوثها في البيت، أصبح في متناول يدها وأمام أعينها من خلال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي فتحت عوالم كثيرة أمام أعين البنات في كل مكان، فأصبحت البنت مثل الولد، سريعة ومادية ويتسم سلوكها بالرفض والتوتر والمكابرة. لكن بحكم الموروث الاجتماعي والتقاليد القاسية، لا يمكنها أن تحقق مباشرة ما تريد، لذلك تلجأ إلي الالتفاف عليه من أجل إرضاء ذاتها. وتضيف زكريا أن الأسرة في مجتمعاتنا الشرقية لا تكون مهيأة للإنجاب، أولاداً وبنات، ففي الغرب مثلاً، يستعد الأب مثل الأم تماماً لاستقبال الطفل، ويحضر دروساً مع الأم، ويحضر لحظة الميلاد ليكون أكثر ارتباطاً بالطفل القادم، فيصبح طرفاً مهماً مثل الأم في الأسرة، له دوره المعروف والمتفاعل معها، وليس مجرد «بنك» متنقل عليه توفير المال فقط لأسرته. والمجتمع نفسه بوسائل إعلامه وإعلانه، بل وحتي بأبحاث علمائه، تؤكد دور الأب في حياة الأبناء والأسرة، وفي حياة البنت بصفة خاصة، ومن آخر هذه الأبحاث ما أثبت أن الفتاة التي تقيم علاقة جيدة مع والدها أكثر تفوقاً من حيث الدراسة والتعليم، لذلك فعلي الأب أن يتعلم كيف يكون «صديقاً» ليس فقط للولد، لكن أيضاً للبنت، وأن يفتح بينهما جسور الحوار حتي يستطيع أن يطالع أفكارها ويوجهها بالشكل الصحيح. وتوضح د.هدي أننا في الشرق نري الأم في وضع مختلف.. نراها تُضرب وتُطرد ويتزوج عليها الرجل ولا يحترمها ولا يقدرها.. لذلك فهي تتحمل بمفردها مسئولية الأسرة ومعها مسئولية الأبناء، حتي في أمثالنا الشعبية تحمل الأم تلقائياً مسئولية الابنة، حتي لو لم يكن لها دور، فقد تُطلق الأم ويأخذ الرجل ابنته ويحرمها من أمها، لكنها تبقي مع ذلك مسئولة عن أي تصرف، خاصة لو كان مخالفاً لرغبة الأب، تطبيقاً للمثل القائل«اكفي القدرة علي فمها تطلع البنت لأمها».. فالأم مرتبطة تلقائياً بالإبنه، والإبنه ترث صفاتها حتي لو لم تعرفها فعلاً. ومن أهم ما يجب أن تعمل الأم علي تحقيقه هو قيام الصداقة بينها وبين ابنتها،و تكون قريبة منها، تسمعها وتعطيها من تجاربها ما يزيد من مناعتها ضد الحياة وتقلباتها، ولابد أن تسبق فكر البنت لكي توجهها علي الطريق الصحيح، وعليها أن تكون علي معرفة بكل صديقاتها وأسرهن، وفي المدرسة تسأل عنها وتتابع تقدمها وتتعرف إلي أمهات صديقاتها حتي لا تتركها تحت تأثير أصدقاء سوء لا تعرف عنهم شيئاً. ويري الدكتور عادل المدني أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر ومستشار العلاقات الزوجية، أن المرأة عندما تتزوج تحلم بتكوين أسرة خاصة بها، وأياً كانت طريقة الزواج، زواج صالونات أو بعد قصة حب، فإنها تريد من زوجها أن يستوعبها ويحقق أحلامها. فإذا اصطدمت بزوج لا يهتم إلا بنفسه، ولا يأبه كثيراً لمشاعرها فإنها تجد نفسها مضطرة إلي التحايل عليه من أجل الفوز بحد أدني من أحلامها وآمالها.ونشير هنا إلي أن المرأة مخلوق يتمتع بذكاء عال، خاصة في مجال المشاعر، لذلك فإنها تستغل ذكاءها وموهبتها في تحقيق مكاسب والوصول إلي أهدافها. وقبل أن يحاسب الرجل زوجته لأنها كذبت عليه من أجل تحقيق أمنية غالية علي نفسها، عليه أن يحاسب نفسه ويعاتبها لأنه دفع زوجته إلي هذا الموقف. فليس مطلوباً من الرجل أن يتحول إلي مجرد وسيلة لتحقيق أحلام الزوجة، أياً كانت، خاصة إذا كانت تفوق إمكانياته، بل عليه أن يفهمها حدود قدراته ويشعرها بمسئوليتها عن الأسرة وعن الأبناء، ويوضح لها التنازلات التي يقدمها هو نفسه لكي ينجح في تلبية أكبر قدر من احتياجاتهم حتي تعرف أنه يشاركها المشاعر والأحلام ولا يتجاهلها بسبب أنانيته كما تعتقد المرأة في كثير من الأحيان. وينصح أستاذ الطب النفسي كل زوجين بأن يجلسا معاً، وليس هناك ما يمنع من «تخصيص» أوقات معينة لكي يناقشا خلالها حياتهما وما يعترضها من مشكلات، ويتبادلا طرح الحلول الممكنة، فهذا يجعل المرأة تشعر بقيمتها في حياة زوجها، وبدورها الأساسي في أسرتها وفي حياة الرجل الذي اختارته.