الصناعة هى الركيزة الأساسية فى تنمية وتطور اقتصاد أى دولة، ونظرا لما مرت به الصناعة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية من مشكلات حالت دون نموها وأثرت فى تراجع معدلاتها، الأمر الذى ألقى بظلاله على تراجع الاقتصاد المصرى بشكل عام، ومن منطلق البحث عن كيفية سبل استعادة الصناعة المصرية مكانتها العالمية ومعرفة رؤى التطوير من القائمين عليها، وأهم المشكلات التى تواجهها كان علينا مواجهة المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات المصرية ومن هنا بدأ الحوار: كيف تستعيد الصناعة المصرية مكانتها المتميزة فى الشرق الأوسط.. وما هى رؤيتكم كرئيس اتحاد الصناعات لتطويرها؟ المهندس محمد السويدي، كى تستعيد الصناعة المصرية مكانتها هناك عدة محاور، أولها يجب تفعيل عدد من القرارات والقوانين الداعمة لهذه الصناعة، على سبيل المثال قرار وقانون المشتريات الحكومية لرئيس الوزراء الذى يعطى الأولوية للمنتج المصري، وأن تصبح نسبة مشتريات الحكومة من المنتج المصرى 40% بدلا من 25% وهو قرار من شأنه انعاش الصناعات المغذية بصورة كبيرة, وهنا يكون للمنتج المصرى الأولوية فى بيته قبل خروجه للعالم، وبدلا من أن نكون دولة مستوردة علينا أن نكتفى ذاتيا بمنتجاتنا المصرية المصنعة وفقا للمعايير الدولية سواء من ناحية التصنيع أو البيئة أو حماية المستهلك, وهى مبادئ غير قابلة للتغير، بمعنى أن المنتج المصرى غير القادر على منافسة المنتج المستورد لا مكان له.. المحور الثانى أن نطبق المعايير الدولية فى التعليم والتعليم الفنى وهناك تجربة خاضها اتحاد الصناعات مع وزارة التربية والتعليم، بالبدء ب10 مدارس مدعومين من الغرف الصناعية ماليا، سيتم تدريب الدارسين فيها من خلال برامج تعليمية متطورة معتمدة دوليا ليكونوا مؤهلين للعمل. أما المحور الثالث فيتعلق بعملية تطوير الصناعة التى تحتاج اعادة توزيعها جغرافياً وهو مطلب الآتحاد من رئيس مصر القادم، من خلال انشاء مناطق صناعية تحتوى على مبان جاهزة للإيجار، لأن المُصنع الصغير قد يحتاج لمكان ليستأجره، ليتمكن من البدء فوراً فى تنفيذ مشروعه الصناعي، وتفعيل وجود مناطق صناعية كالمنطقة الصناعية بميت غمر، ومنطقة الصف، ومنطقة صناعة البلاستيك بمرغم، وبذلك نحقق انتشارا جغرافيا أوسع على مستوى المحافظات، وما ينعكس عليه من رفع مستوى المعيشة خاصة لمواطنى كل من الصعيد والنوبة وسيناء . وهل هناك تجارب دولية ناجحة يمكن إعادتها فى مصر؟ قال: إن نقل تجربة دول شرق آسيا الأفضل لأنها نجحت فى تفعيل منظومة تكامل الصناعات، وأن نعطى فى مصر الصناعات الصغيرة والمتوسطة فرصتها الحقيقية، لكن يجب ألا يتعامل القائمون عليها من خلال المنظومة البنكية، لأن التعاملات البنكية تستلزم العديد من الإجراءات المعقدة والشروط، التى ترهق صغار المصنعين وقد تبعدهم عن خوض التجربة، ومن هنا يأتى دور الدولة بأن تبحث عن هؤلاء وتشجعهم على بدء مشروعاتهم، وأن تتخذ كافة الضمانات معهم، وهو أمر يحتاج جرأة فى القرار، وجرأة فى التنفيذ، دون أى مجاملة سياسية، وتحقيق ذلك سيوجد طبقة متوسطة تخدم الاقتصاد المصرى من خلال الصناعات المتوسطة المغذية للصناعات. وماذا عن تصريحات الحكومة بتطبيق منظومة تكامل الصناعة؟ كل ما قيل حتى الآن حول هذا الأمر هو مجرد شعارات سياسية، وتفعيلها كمنظومة تلامس أرض الواقع هى غير حقيقية، بل اننا كدولة لا نملك حتى الان القدرة على الربط بين الصناعات الكبيرة والصناعات المغذية. ما رأيك فى أن اتحاد الصناعات لا يملك حرية اصدار قرارات الصناعة وحده، ومازال تحت وصاية وزارة الصناعة؟ ان الاتحاد تقدم بطلب للبرلمان السابق يطالب فيه بإستقلالية اتحاد الصناعات ووعدنا بإتخاذ قرار ولم يأخذ قرار، وسنعيد التجربة مع البرلمان القادم، وكان مطلبنا أن تكون رئاسه الاتحاد وفقاً للنظام الانتخابى وليس نظام التعيين، ومنع التدخل الحكومى فى اتحاد الصناعات، ويسمح بمشاركة كل الشركات لاختيار الوكلاء ورئيس الاتحاد، خاصة ان الاتحاد يهتم بكل الصناعات دون أى توجه سياسيى وكل ما يهمنا مصالح الصناع ككل الصغير والكبير. لكن وفقاً للوضع الحالى هناك الكثير من القضايا الصناعية المعلقة من غرف الاتحاد فى مكتب وزير الصناعة دون اصدار قرار بشأنها بعد؟ سيكون الحل ذاتيا من خلال غرف الاتحاد، بأن تقوم كل غرفة بعمل استراتيجية لتطوير صناعتها والوقوف على مشكلاتها، وبحكم منصبى تم توفير الموارد المالية للغرف بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة، لكى تقوم الغرف بتعيين مكاتب استشارية لعمل استراتيجية التطوير والوقوف على المشكلات من جميع المحاور وكيفية حل مشكلات هذة الصناعة. وماذا عن تدخلات عدد من الوزارات فى الصناعة كالتموين والزراعة والصحة؟ إن هذه تلك المشكلة تؤكد أهمية وجود خطة واضحة لكل صناعة تحول دون تضارب القرارات، كصناعة الذهب التى تنقسم قراراتها بين الصناعة والتموين، وهو ما يؤكد أهمية استقلال اتحاد الصناعات. وما هى رؤية الاتحاد لدعم الطاقة؟ تقدم اتحاد الصناعات كأول قطاع فى مصر برفع دعم الطاقة، مؤكدا أن القرار لم يأتى بصورة منفردة من خلال المجلس بل من خلال لجنة الطاقة بالاتحاد التى اخذت فى الاعتبار آراء غالبية الصناع بالموافقة, على أن يتم ذلك من خلال خطة مدتها أربع سنوات. ماذا عن المصانع المتعثرة ودور الاتحاد تجاهها؟ ملف الصناعات المتعثرة هو ملف سياسى فى المقام الأول، يتطلب ضرورة دراسة أبعاد تعثر كل مصنع على حده وحتى يتحقق ذلك سيتطلب وقتا طويلا، لأن العينة الأولية كشفت عن أن من أسباب غلق بعض المصانع أنها قد تنتج منتجا لا يصلح فى الوقت الحالى أو ظهر ما يغنى عنه تماما، وقد يكون التعثر لخلاف على ورث, والضرورة تستلزم علينا الأهتمام بملف أكبر وأهم، وهو منع الصناعات القائمة من التعثر، حتى لا نزيد من المتعثرين عددا، وحماية العاملين فيها من التسريح، خاصة أن غالبية المصانع تعمل بنحو 50% من طاقتها على مدار الثلاث سنوات الماضية. ماذا عن أزمة صناعة النسيج فى مصر؟ ندرس مشاكلها ونعمل على حلها من خلال استراتيجية دون التحيز لطرف على الآخر، لكن حلها يتطلب الوضوح والصراحة التامة ولسنا الجهة المنوط بها الحل لأن أزمة صناعة النسيج الحقيقية فى قطاع الأعمال العام وليس الخاص، وعلى الرغم من أنه قطاع اقتصادى من ضمن قطاعات ذات امكانات اقتصادية ضخمة لا نجيد استخدامها، وأن نهضة الصناعة بشكل عام لا تعرف الأيدى المرتعشة، ومشكلة صناعة النسيج خاصة تحتاج للشفافية والوضوح وقرارات حاسمة لحلها. ما هى الصناعة المصرية التى تعد الحصان الرابح وقادرة على المنافسة العالمية بجدارة؟ لا يمكن القول إن هناك صناعة محددة لكن صناعاتنا القديمة كصناعة النسيج لو استعادت مكانتها ستتمكن من المنافسة عالميا وكذلك صناعة الملابس الجاهزة، وهناك أيضا صناعة الجلود وبدلا من تصدير الجلد الخام نضع عليه قيمة مضافة حتى نتمكن من تصديره كمنتج كامل. التهريب أليس يهدد الصناعة؟ بالطبع وعلى الجيش السيطرة على جميع منافذ التهريب، وفرض السيطرة على جميع مداخل المنتجات المستوردة. ماذا عن القطاع غير الرسمى وكيفية ضمه للقطاع الرسمي؟ هو قطاع ضخم للغاية يحقق ايرادات خيالية لكن الدولة لا تعلم عنها شيئا، ويجب أن يضم للقطاع الرسمى من خلال تقنينه والخروج به من المناطق السكنية المزدحمة، وحث قطاعاته المختلفة على الدخول للمنظومة الرسمية للصناعة بمنحه المزيد من الامتيازات والضمانات والتسهيلات. بصراحة هل دخلت عمالة جديدة لقطاع الصناعة خلال السنوات الثلاث الماضية؟ لكى يكون القول بشفافية هناك العديد من العمالة التى دخلت وخرجت من القطاع، وهناك قطاعات تعانى من نقص العمال وهناك قطاعات اضطرت لتسريحها، خاصة أن الكثير من المصانع تكبدت خسائر فادحة خلال عام 2013، وعلى الرغم من ذلك البنوك لم تتمهل عليها، وجمدت تمويلها, ممازاد من الأعباء عليها وهو ما اضطرها لتسريح العمالة بعد خفضها للإنتاج. قضية الحد الأدنى للأجور لم تحسم بعد بقرار من اتحاد الصناعات لماذا؟ لأن الاتحاد لا يريد اصدار قرار لا يطبق، لذلك طالبنا منظمة العمل الدولية بعمل دراسة مستوفاة حول الطريقة المثلى فى حل مشكلة الأجور، وان وجدت فى القطاع الخاص ولأن التطبيق بطريقة غير مدروسة يعمل على رفع البطالة وإحداث مشاكل أكثر للصناعة، ومع ذلك لنا رؤية ترتبط بالتأمينات الاجتماعية والمعاشات، بأن يتم أولاً رفع قيمة التأمينات للعامل الذى يفاجأ بعد سنوات طوال من العمل بمعاش غير مجد، وقد تم اقتراح مبلغ 600 جنيه كحد أدنى للتأمينات وأن تطبيقه يتطلب إعادة تطوير منظومة التأمينات، وأن تحصل الحكومة 20% من الشركات بدلا من 40%، وتلتزم الشركات برفع التأمينات.