رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير الشؤون النيابية لتهنئته بتولّي المنصب    غرفة القومي لحقوق الإنسان لمتابعة الانتخابات بلا أعضاء حزبيين    جامعة المنيا تطلق الدورة الثالثة لتأهيل عمداء الكليات    رسميًا.. استبعاد ترشح نائب حزب النور في سباق الشيوخ بكفر الشيخ    القومي للاتصالات يطلق النسخة الثانية من برنامج أكاديمية الأمن السيبراني    محافظ الشرقية يشدد على سرعة إنهاء خدمات المواطنين بمركز ههيا التكنولوجي    مؤشرات ورسائل.. تفاصيل الاحتفال باليوم العالمي للسكان    حملة مكبرة لإزالة التعديات على الطريق بقرية نفيشة بالإسماعيلية    لماذا لن يصمد أي وقف لإطلاق النار في غزة؟    مقتل 3 جنود إسرائيليين في استهداف لدبابة "ميركافا"    ترامب يواصل هجومه على السيارات اليابانية: "نشتري منهم الملايين ولا يشترو سياراتنا"    لجنة العلاقات الأفريقية تبحث تعزيز الشراكات ومشروعات التنمية المشتركة    بينها "تحريض الأهلي".. الزمالك يقدم لائحة اتهامات في جلسة استماع زيزو    من هو لاعب أرسنال الذي ضمه منتخب مصر للشباب؟    تقارير: النصر لن ينسحب من السوبر السعودي    أول تعليق من الداخلية على فيديو ضرب 3 سيدات بالدقهلية    بعد غرق سيدة أمام أبنائها.. بورسعيد تطمئن المواطنين: أعداد المنقذين كافية    أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بأسوان بعد التظلمات (صور)    الجمعة.. روبي ومطرب الراب ليجي سي بحفل غنائي في الساحل الشمالي    للمرة الثانية.. نجل عمرو دياب بطل إعلانه الجديد    ننشر أسماء الفائزين في النسخة ال17 من "كشاف المترجمين"    خالد الجندي: محبة الله أساس الإيمان وسر السعادة في المساجد    رئيس الوزراء يشيد بمبادرة لإدخال الإسكندرية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.. ويؤكد: نجاحها سيمكننا من تكرارها بمحافظات أخرى    أكاديميون إسرائيليون: المدينة الإنسانية برفح جريمة حرب    سحب 868 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رومانو: أوسيمين يغيب عن انطلاق معسكر نابولي للمرض    محافظ الفيوم توفير مساعدات عاجلة ومعاشات شهرية للمستحقين    وزارة النقل تنفي صلة الفريق كامل الوزير بتسجيل صوتي مزيف يروج لشائعات حول البنية التحتية    بطرس دانيال يكشف ل"البوابة نيوز" تفاصيل حالة الفنان لطفي لبيب الصحية    مقتل 4 أشخاص في تحطم طائرة ببريطانيا    3 أغسطس.. أولى جلسات دعوى إبراهيم سعيد لضم حضانة ابنتيه    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    كاظم الساهر يرد على شائعة وفاته ويعلن عن حفل مرتقب في الكويت 17 يوليو    مدبولي: عيادات بالذكاء الاصطناعى لدعم التأمين الصحي بالإسكندرية    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    ضبط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين عبر منصة إلكترونية بمسمى "VSA"    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    لفت الأنظار في المونديال.. بالميراس يرفض 3 عروض أوروبية لريتشارد ريوس    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    جداول امتحانات الدور الثاني للمراحل التعليمية بقنا    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    ضبط 382 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك الأدمى ومجهولة البيانات بالغربية    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    «نيابة الغردقة» تُصرح بدفن جثة لاعب «الفلاي بورد» ونقله لدفنه ببلدته بالمنوفية    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    «الكشف والعلاج مجانًا».. «الصحة» تواصل حملتها للوقاية من سرطان عنق الرحم ضمن المبادرة الرئاسية    تفاصيل زيارة المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب في دمياط لمتابعة تنفيذ برنامج "المرأة تقود"    من بكوية الملك إلى تصفيق المهرجانات، يوسف وهبي فنان الشعب وأسطورة المسرح    جيش الاحتلال: أكثر من 100 هجوم على مواقع مختلفة في غزة خلال الساعات الماضية    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الازدهار الاجتماعي إلى الغياب
الطرابيش .. اندثار تاريخ من الأناقة والخُيلاء
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 05 - 2014

سعبر التاريخ ظل الناس يعتمرون أغطية رأس تختلف حسب المكان والزمان.ففي المناطق الحارة تكبر العمامة، وتكون بيضاء لتحمي الرءوس من حرارة الشمس، وفي المناطق الباردة كانت قبعات الفرو الثقيلة التي تقيهم البرد، والقبعات الخفيفة في الصيف.
وفي مصر والوطن العربي ظهرت الطرابيش، كبديل سهل وقيِّم، للعمامة التي كانت تتطلب جهدا كبيرا في اللف والتثبيت يوميا، وانتشر الطربوش تدريجيا، إلى أن ساد، بل وأصبح إجباريا في الوظائف العمومية، والمدارس، وبات من أساسيات الوجاهة والأناقة،واعتماره من ضرورات »الإتيكيت«، فانكشاف الرأس كان آنذاك يعد عيبا اجتماعيا، ومخالفة لتقليد اجتماعي راسخ. لذا فقد اعتمره الناس جميعا، وأصبحت كل الرءوس حمراء، فازدهرت »صناعة الطرابيش« في مصر، وكثرت دكاكينها بالعشرات في أنحاء القاهرة، والاسكندرية، وبعض عواصم المحافظات، واختلفت مستويات الطرابيش وأسعارها وفق الوضعية الطبقية للزبائن، فكانت هناك أنواع ومحلات فخمة في وسط القاهرة، وأخري شعبية، وأيضا طرابيش تباع على الأرصفة.
وكانت مصر تستورد الطرابيش قبل عهد »محمد على«، لكن الباشا ضمن نهضته الصناعية الكبرى أنشأ مصنعا للطرابيش في »فوة«، بكفر الشيخ، وبالتوازي نشأت صناعة شعبية في القاهرة الفاطمية، بمنطقة الغورية والحسين، والعجيب أن الغرب في اتفاقية لندن1840 كما ألزم »محمد علي« بالانسحاب، وتقليص عدد قوات جيشه، وتحطيم الأسطول، اشترط عليه تفكيك مصانعه، ليقضي على نهضته تماما، ويحطم منابع قوة مصر، وكان »مصنع الطرابيش« بين تلك المصانع، ما ساعد لاحقا على ازدهار مصانع الطرابيش الخاصة.
والطربوش فيما بعد أصبح قيمة مضافة لأناقة من يعتمره، ومدعاة للخُيلاء أثناء المشي، وللطربوش المصري شكل مختلف عن الطربوش التركي، والشامي، والمغاربي، فهو أطول منها وشراشيبه أقصر، ولونه أحمر قانِ، له زر وشراشيب سوداء تزيده أناقة، وكان الأزهريون، ووجهاء المدن والأرياف، ممن يرتدون الجلابيب، يعتمرون طربوشا قصيرا، يلفونه بشال أبيض، و هذا الطربوش (المغربي) لا يزال حتى الآن هو العمامة الرسمية للأزهريين.
واعتمره أيضا حكام مصر من أبناء»محمد علي« من الخديو سعيد إلى الملك فاروق، ومشاهير الساسة والشخصيات العام، وإلى أن قامت ثورة يوليو 1952 كان الطربوش إجباريا لسائر موظفي الدولة، ولطلاب المدارس والجامعات، ولم يكن مسموحا لأحد الذهاب إلى جهة عمله من دونه، وربما سجلت الأفلام المصرية وجود الطربوش في الحياة المصرية، من الحكام إلى الأفنديات، وغيرهم من الفئات الشعبية، لكن رجال يوليو ولأنهم من أبناء ( الكاب الميري) لم يهتموا بتاريخية الطربوش، ولم يلتفتوا إلا إلى كونه رمزا لعهد »بائد«، وهو ما سهَّل عليهم لاحقا إلغاءه كغطاء رأس رسمي، مما ساعد على تراجعه، بكل ما يعنيه، واختفائه من المجتمع المصري، وهو الآن يعاني سكرات الاندثار ربما الأخيرة، فلم يعد أحد يعتمره إلا ندرة ممن يمتلكون حنينا جارفا إلى الماضي، وأشهرهم هو الشيخ »حافظ سلامة«، و ما زال يستخدم في بعض الأعمال الفنية التي تدور أحداثها في عصر ما قبل ثورة يوليو. ويصنع الطربوش كاملا في ماكينة يدوية لاتزال موجودة في ( دكانين) فقط بمنطقة الغورية، والماكينة تسمى »الوجاء«، وهى تصنع الطربوش المصري التقليدي »الأفندي«، وطربوش »العمامة الأزهرية«، وهى تصنع من الصوف المضغوط (اللباد)، أو (الجوخ الملبس)، المقوي بالقش، أو الخوص من الداخل، ويتم تفصيل القماش على القالب، ويضاف إليه القش، ثم يكبس الزر وتُثبت فيه الشراشيب السوداء.
وربما كان المحلان المتبقيان والمتخصصان بصناعة الطرابيش دليلا على انحسار صناعة كانت مزدهرة يوما ما، أكثر منهما دليلا على بقائها، فلم يعد من سيرة الطربوش غير صور سينمائية في أفلام قديمة، أو صور فوتوغرافية تطويها صفحات النسيان، وبعض ذكريات في ذاكرة ضعيفة لمن لحقوا زمن الطرابيش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.