أدخلها محمد على باشا حين أمر ببناء مصنع فى «فوة» لصناعتها، حينها كان يتم استيراد خاماتها من الخارج، وفى عهد السلطان حسين تم افتتاح مصنع آخر لتصنيع هذه الخامات فى الدراسة بشارع أُطلق عليه فيما بعد «شارع مصنع الطرابيش» ليظل محتفظا باسمه إلى الآن رغم اندثار المصنع والطرابيش. ورشة صغيرة تحمل كل عبق الماضى؛ فصاحبها لا يزال محتفظا بإرثه عن أجداده لا يفرط فيه، ربما تعود الأيام ويحلو الزمان وترجع للطربوش هيبته واحترامه «كل موضة قديمة ليها وقت وبترجع فيه، يمكن الطربوش يرجع هو كمان». هنا ورشة «عم مجاهد»، الرجل الأخير فى صناعة الطرابيش، الذى يحمل على كاهله 50 عاما قضاها فى صناعة الطرابيش محتفظا بتراث أجداده فى دكان صغير افتتحوه منذ مائتى عام ولا يزال شاهدا على الصناعة: «الطرابيش اللى بنعملها دلوقتى بتبقى للتمثيل وللفنادق الشرقية بس شغلنا أكتر على عمائم الأزهريين». الطربوش له أنواع وألوان، ولكل منها دلالة معينة؛ فالطربوش الأحمر القاتم صاحبه كبير السن وذو مكانة مرموقة يحافظ دائما على وضعه فى منتصف رأسه، أما الطربوش ذو الحائط المنخفض فهو مخصص للشباب وكثير منهم من يضعونه على جانب الرأس للدلالة على «الروشنة» كما يقول عم مجاهد. صناعة الطربوش ليست سهلة، لكنها تمر بمراحل متعددة -حسب مجاهد- رغم وجود أنواع مختلفة من الطرابيش «المصرى والمغربى والتركى، فإنها تتشابه جميعا فى مراحل الصناعة» يحكى عم مجاهد وهو يمسح تلك الماكينة الذهبية المخصصة لكبس الطربوش «أصل دى عمرها من عمر جدودى وأقرب لى من ولادى». «الطربوش زمان كان بعشرة مليم لكن دلوقتى بقى بعشرة جنيه للطربوش العادى وخمسين للممتاز حسب خامة الجوخ»، لم يبق عمر طويل أمام الحاج مجاهد ويخشى أن يأتى زمن لا يجد المحل من يباشره «خايف لما أموت عيالى يبيعوا المحل، ده يجيب ملايين وتنتهى حكاية طرابيش مصر».