رغب سعد زغلول عام 1926 فى القيام برحلة نيلية إلى بلاد "مديرية" الجيزة ترويحا للنفس واستردادا للنشاط وخروجا عن دوائر الروتين، فتم تجهيز الباخرة "محاسن" للإبحار يوم الأربعاء 24 مايو وعلى متنها زعيم الأمة ورفاقه من المدعوين يتقدمهم الدكتور محجوب ثابت محور أنس الجماعة، ومحمود فهمى النقراشى مؤلف المقالب ومخرجها اللذان يُضحكان سعد حتى تغرورق عيناه بالدموع ليقول كعادته "ضحكنا كثيرا فاللهم اجعله خيرا"، وكان محجوب وقتها يرى نفسه أحق بمنصب وزير الصحة الشاغر فى الوزارة الائتلافية الأولى برئاسة عدلى يكن باشا، وكان من المبحرين عثمان محرم وكيل وزارة الأشغال، وعلى الشمسى وزير المعارف، وعبدالرحمن عزام وواصف غالى باشا، وفخرى عبدالنور وأمير الشعراء أحمد شوقى و..إبراهيم الجزيرى سكرتير سعد الذى خلع الجبة والقفطان وارتدى البذلة والطربوش مثل زعيمه الذى اختبر خطه قبل تعيينه وأثنى عليه بقوله "برافو! خطك أحسن من خطى" وكان خط سعد غير مستقيم لا يكاد يقرؤه إلا من مُرِّن على قراءته، ولم يكن يتضح من كتابته غير امضائه وكان يعترف برداءة خطه بقوله إنه أرسلت إليه إحدى شركات الأقلام مندوبها ليهدى إليه نموذجا من أقلامها بديع الصنع دقيق التركيب، والتمس المندوب أن يتفضل الرئيس فيكتب جملة بهذا القلم يذيلها بإمضائه، فكتب وهو يمازح المندوب (خط هذا القلم جميل فى غير يدى) وقد تأخر طباخ الرئيس الأسطى بدران فى الحضور فأتى للباخرة على ظهر رفّاص، وكان فى خدمة الرئيس الحاج أحمد عثمان الوصيف الخاص ومودموازيل "فريدا" المشرفة على صحة الرئيس والمكلفة بتقديم أدويته فى مواعيدها، ويعود إليها فضل تعليمه الإنجليزية والألمانية. كان الرئيس قد تناول غداءه فى بيت الأمة ثم قصد "محاسن"، وعقب قيلولة قصيرة فى قمرته الخاصة خرج ليهل على ضيوفه فى القاعة الكبرى بالباخرة مرتدياً عباءته الحمراء التى كان يلبسها أيام المجاورة فى الأزهر واحتفظ بها ليرتديها فى سنواته الأخيرة مزهواً بما تبعثه فى نفسه من ذكريات الفتوة والشباب فرآهم منشغلين بلعب الطاولة فأبدى استحسانه "خشيت أن يكون الخدم قد نسوها فى بيت الأمة" وجلس يلعب بينهم فاقترعوا بطرح الزهر على أى اثنين يلعبان أولا فأسفرت القرعة عن الرئيس والدكتور حامد محمود، فلعبا، فكانت الغلبة للدكتور، مع أن الرئيس مشهود له بالبراعة فى الطاولة والورق.. وتداولوا اللعب ليقوم المغلوب ويبقى الغالب بحسب ترتيب القرعة، وسألهم الرئيس أخيرا عن الموعد الذى يريدون فيه شرب الشاى، فاقترحوا منتصف السادسة ليتناولوه مع الفطائر الشهية، وقد كانت الباخرة فى مبدأ قيامها مسرعة ليأمر سعد بعدها بالسير على مهل، فالرحلة إلى غير وجهة ولا داعى للعجلة، ومطرح ما يأخذنا الهواء ترسى مراسينا.. ويفتح الجو الجميل والنسيم العليل شهية الرئيس زعيم السامر على المرح والممازحة فيسأل الدكتور محجوب ثابت عما يختزن فى صدره من آمال لتولى وزارة الصحة فيجيب محجوب: "والله يا مولاى إنى لأتردد كثيرا، فالوزارة ستحرمنى من الجلوس على قهوة الشيشة كعادتى.. النقراشى: وستحرمه أيضا من مناكفة بائعى الجرائد! محجوب: حقيقة يا نقراشى، فإنى أنتظرهم كل ليلة لأشترى منهم الجرائد، ثلاثا أو أربعة بقرش.. الرئيس: هل هذا هو المانع فقط؟! محجوب: ويا مولاى تضطرنى الوزارة إلى السكن فيما يسمونه "فيلا" وأدفع لها أجرة عشرين جنيها شهريا على الأقل! الرئيس: ثم ماذا؟! محجوب: آه! والملابس الرسمية، فسأدعى فى كل ليلة إلى حفلة ساهرة لأختنق بالياقات المنشَّاة والقلع واللبس وأنا رجل تعودت على العيشة السهلة بالقميص والبنطلون.. الرئيس: ليس فى هذه الأسباب ما يمنع لأن الذى يعرض عليك الوزارة الآن يعرف طبعاً أنك نائب العمال، وأنه لابد وأن تكون على صلات وثيقة بهم ونحن فى عهد ديمقراطى، فماذا يمنع من جلوسك وأنت وزير على قهوة الشيشة أو حتى قهوة صولت! النقراشى: مع أنه اشترط تسمية وزارته باسم وزارة الصحة والعمال.. محجوب: يقينا لأنى منهم وانتخبت على أكتافهم. الرئيس: تعنى لو أن الوزارة عرضت عليك علىّ ألاّ تجلس فى قهوة الشيشة، أفكنت ترفضها وتؤثر عليها الجلوس فى القهوة؟ محجوب: يمين الله نعم، لأن الوزارة ستعتقلنى طول النهار بين أربعة حوائط وليس فى هذه العيشة ما يشجع أو يرفه أو يسلى، وحقيقة عندى شيشتى فى البيت بعد العودة لكنها فى القهوة مع الشلة لها كل معانيها. الرئيس: ألم تفكر فى الإقلاع عن التدخين مثلى؟ وكان التدخين فى مجلس سعد فى سنينه الأخيرة ممنوعا حيث لم يكن يطيق أن يشم رائحته وإن كان فى شبابه من أكثر المدخنين إلى أن مَرِض بالربو عام 1904 فمنعه الأطباء فامتثل ثم عاد إليه، ثم امتنع مرة واحدة لم يشربه بعدها أبدا. محجوب: كان قرارك سيادياً أما قراراى فعبودي. النقراشى: ولا تنسى مناكفة بائعى الجرائد مع الانبساط الرئيس: ومتى تبدأ هذه المناكفة يا دكتور؟!! محجوب «يبطئ فى الجواب ويحمر وجهه»: حوالى الساعة الحادية عشرة مساء وما بعدها.. الرئيس: لا حق لك فى التمنع عن قبول الوزارة لمثل هذه الأسباب.. وترسو محاسن فى مياه حلوان على مقربة من يخت الملك "قاصد خير" وتطول السهرة إلى ما بعد منتصف الليل فى صالون الرئيس، ويستيقظ الجمع مبكرين فى 5 مايو ليقدم لهم الإفطار من الفطير المشلتت بالعسل الأسود والطحينة المحمول من جزيرة البدرشين، وفى الثامنة تستأنف الباخرة سيرها تحفها مراكب فلاحى البلاد من كل جانب يتبعهم على الشاطئ صفوف متلاحقة من الأهالى يهتفون لسعد زغلول، وتصل الباخرة إلى بلدة "الشوبك الشرقى" حيث يجبرها الأهالى على التوقف ليخرج إليهم الدكتور محجوب الذى يستعير طربوش فخرى عبدالنور ليخطب فيهم فيهتفون «يحيا سعد» بلحن يشبه الأذكار، وتتابع الباخرة سيرها إلى بلدة "المساندة" من دائرة العياط فى الثانية ظهرا فيجرى الأهالى على الشاطئ بمحازاتها حتى هويس العياط، وتمر المسيرة النيلية على طلمبات "الصف" ليستقبلها جمع غفير من أهالى البلاد المجاورة، حيث وصلت جريدة الأهرام من قبل وفيها أخبار الرحلة، وبعد الغداء ترسو «محاسن» أمام جزيرة "فيشر" وسط النيل وكلها حدائق غنّاء، ويأوى الرئيس إلى حجرته لينام، ويهبط النقراشى وعبدالرحمن عزام فى مركب صغير لتحية الجماهير على الشاطئ فيحملونهما خرفاناً ودجاجاً وكثيراً من الطعام تكفى زاداً وزواداً لرحلة مدتها شهور، ويوغر فخرى عبدالنور صدر "الدكتور محجوب" على النقراشى بقوله: انظر ماذا فعل النقراشى! تركك وأخذ معه عبدالرحمن عزام ليستأثرا بمقابلة أهل الجزيرة وتلقى هداياهم!» فقال الدكتور محجوب: هكذا يا ابن نقرشى، تخص نفسك بالاستقبالات والحفاوات والإبهات وعلى رأى الشاعر: وإذ تكون كريهة ادعى لها.. وإذا يحاس الحيس يدعى جندب وتصدر الأوامر للعودة للقاهرة يوم الجمعة 6 مايو فتشرع الباخرة فى رحلة العودة على مسافة قريبة من الشاطئ لتغرز فى الوحل فى مكان لا يعلو ماؤه، وتبوء جميع محاولات البحارة بالفشل فى دفع الباخرة قيد أنملة، ولما كانت محاسن مغروزة فى مياه بلدة اسمها "نزلة عليان" فقد قصدها النقراشى فى مركب صغير ليتكلم من تليفون حضرة العمدة مع وزير الأشغال فوجد الخط مقطوعا والعمدة مع جماعته التى أنجبت حديثا فى مستشفى المركز فعاد محبطاً، وفى الساعة الواحدة حاولت باخرة الركاب "بركة" إنقاذ الموقف ففشلت فى زحزحة "محاسن" من مغرزها، ولم يخرجها من مطب الطين سوى مائة من الفلاحين الأشداء أتوا على ظهر مركب شراعى للخوض إلى رقابهم فى الماء هاتفين "يحيا سعد"، و"على بركة سعد" و"هيلا هوب يا زغلول" حتى استطاعوا بسواعدهم وأكتافهم تحريك محاسن التى وقف الجمع على سطحها لتشجيعهم وبينهم سعد يحفزهم ويدعو لهم، فلما أتموا صنيعهم حيّاهم الزعيم بكلتا يديه تحايا متكررة تحمل كل معانى الشكر والامتنان.. بينما هم خائضون تحت الباخرة فى الماء يهتفون له هتافاً حاراً متصاعداً إلى عنان السماء.. و..استأنفت الباخرة سيرها وكلما قابلت مركباً فى طريقها أطلق صفارته تحية لها ولوَّح ركابه بالهتاف.. وعند نقطة النهاية على مشارف القاهرة يأتى الدكتور محجوب مهرولا بعد تأخره فيؤنبه النقراشى بقوله: «دائما تتأخر يا دكتور! فماذا تفعل لو أصبحت وزيرا؟!» فأجاب الدكتور: «لا يا نقرش الوزارة سوف ترغمنى على حفظ المواعيد، ومادام الرئيس يضع ثقته فىّ ويرشحنى لها، فلا أقل من أن أحقق حسن ظنه، حتى لا يقول أحد إنه رشح خائباً». الرئيس: لاتزال متعلقا بالوزارة يا دكتور؟! النقراشي: حتى يكون باشا! محجوب: لا يا نقرش! لا أريد الباشوية، وإلا فمن أين أشترى بذلتها المقصّبة وثمنها يبلغ ما فوق الثمانين جنيها! و..تعود محاسن إلى مرفئها فى السادسة مساء ليكون فى استقبال الرئيس على باب بيت الأمة طفل صغير ينشد أبياتا وطنية يحيى فيها الزعيم بسلامته، ولأن سعداً كان عائدا من رحلته النيلية معتدل المزاج رغم مأزق الباخرة فقد طرب من غناء الصغير النحيف ذى البنطلون القصير وسأله عن اسمه، فقال بثقة تفوق سنه "محمد عبدالمطلب".. وبعد شهر واحد لا غير من رحلة محاسن بدأت الدورة الأولى لبرلمان الائتلاف فى 10 يونيه 1926 حيث أتمت الدورة تسعا وخمسين جلسة تَرَأَسَ سعد منها ثلاثا وخمسين فى أشد شهور السنة حرارة عندما كانت الجلسة تبدأ فى الثالثة بعد الظهر لتستمر ما لا يقل عن خمس ساعات، وتبدأ الدورة البرلمانية الثانية من 18 نوفمبر 1926 حتى يوليو 1927 لتتم سبعا وتسعين جلسة لم يتخلف سعد عن واحدة منها مما جعل رجلا من غير حزب الوفد ولا نائبا من نواب سعد يكتب روشتة لسعد يصف فيها علاجا لشيخ بألف شاب ذهب ليستريح فى قرية مسجد وصيف.. كتب النائب الصحفى فكرى أباظة فى يومياته ب«الأهرام» تحت عنوان «مذكرات نائب»: «أرجو من الدكتور سليمان عزمى أن يطوى روشتاته وأن يسحب من الطابق العلوى لبيت الأمة أدويته.. لقد اكتشفت أنجع علاج لسعد أسفر تبعا للتجربة عن نجاح باهر لصحة الزعيم، وروشتة العلاج الجديد كما يلى: - 50 ألف جرام مناقشات ومناضلات ونقاط نظام - 30 ألف جرام محاورات وإقناعات وشطب فى محاضر الجلسات - 30 ألف جرام تنبيهات وتعليمات وإنذارات - 3 كيلو "بستفة" وتعنيف وتسخيف - 1 أقة خطب يمزج هذا كله ببعضه، ويستعمل كل يوم فى مجلس النواب صباحا فى اللجان، ومساء فى المداولة، وبعد العصر فى الاطلاع، وفى المغرب، وبعد المغرب، فى الجلسة، وبعد الجلسة! هذا هو العلاج الذى تتقدم عليه صحة سعد، الشاب القوى ونحن الشيوخ المهازيل، وبهذه المناسبة أود أن أدس دسيسة لدولته وهو الذى ذهب يطلب الراحة بأن يبادر محبوه وعشاقه ومقدسوه إلى مسجد وصيف ليمضوا الإجازة معه فى مناقشات ومناضلات ومعارضات وقرارات.. وأقسم بالله ليعودون من عنده وقد جرت فى عروقه من جديد دماء الشباب وفى هذا مصداقاً لما يقوله سعد بنفسه كثيرا: «صحتى تجىء على المقت».. سعد ناظر مدرسة الأحرار الذى فتح أمام المواهب والقدرات كل المنافذ والأبواب، ولم يكن يستطيع الفصل بين التفوق الدراسى والأخلاق الرفيعة، ومن ملاحظاته فى هذا المجال أنه استعرض الطلبة المرشحين لإحدى البعثات، فسأل أحدهم وقد استكبر سنه: «هل تزوجت؟ فأجاب الطالب: نعم! فعاد سعد يسأله: وكيف تصنع بزوجتك وأنت مقدم على سفر فى أوروبا لبضع سنوات؟ فرد الطالب ببساطة متناهية: طلقتها يا باشا»، وأمر سعد زغلول بحذف الطالب من البعثة قائلا فى حزن وغضب: «مثل هذا لا يؤتمن على تعليم!!».. ولم تكن الأخلاق والمبادئ تتجزأ عند سعد مهما تكن شخصية من يحكم عليه، فحدث أن رشح أحد النواب من أنصاره وزيرا، ثم عَلِمَ سعد أن هذا الرجل طلق زوجته بعد زواج دام عشرين سنة لاكتشافه أن زوجته سيئة السمعة، فعدل عن ترشيحه للمنصب، قائلا لمن حوله: "إن الرجل الذى لا يستطيع أن يكتشف سوء خُلق زوجته إلا بعد عشرين سنة لا يستطيع أن يكتشف الأخطاء فى وزارته إلا بعد مائتى سنة"!! و..«وحقك أنت المنى والطلب».. وفجأة تسكت أم كلثوم عن الغناء فى ملهى البوسفور أمام محطة مصر عندما تفاجأ بالمتفرجين وقد تسللوا واحدا تلو الآخر تاركين لها الصالة خاوية، فتلفتت حولها تناشد الموسيقيين العون فتجد آلاتهم قد أعلنت خرسها، والوجوه شاحبة قد زايلها انسجامها، فتسأل محمد القصبجى المحتضن عوده كطفل يتيم فتأتى الإجابة طاعنة كحد السكين: "الباشا مات".. فتموت الأغنية على شفتى أم كلثوم التى تنهار فوق المقعد القريب.. وبعدها يضع لها الشاعر أحمد رامى أنشودة: "أنا انتهيت" لتوزع منها شركة جرامفون نصف مليون اسطوانة تردد كلمات سعد زغلول الأخيرة على فراشه فى بيت الأمة فى 23 أغسطس 1927 بعدما عاد إليه على متن الباخرة محاسن التى كانت راسية أمام منزله فى قرية مسجد وصيف، وفى صحبته دائرة الخلاّن الأوفياء.. حفل راقص فى تأبين ميت يذهب الكثيرون إلى أن "مائة عام من العزلة" هى أهم روايات الروائى الكولومبى جابرييل جارسيا ماركيز الذى رحل عن 87 عاما فى الأسبوع الماضى، لكننى أرى أن روايته "الحب فى زمن الكوليرا" هى جوهرته الأجمل والأعمق والأهم لأنها تحكى قصة تراجيدية كوميدية فاتنة بالغة الثراء، ولنا أن نتخيل عجوزين أنيقين فى يخت باذخ الثراء يتجول بين الموانئ وربانه يدرك تماما أن ليس مسموحا له بالرسو فى أى منها.. ألا تذكرنا هذه الحكاية بآدم وحواء والخروج من الجنة؟! ألا تذكرنا بقيس وليلى فى الصحراء؟! ألا تذكرنا بعطيل وديدمونة فى المسرح؟! أو لا تذكرنا بنا ونحن نتيه بين الحلم واليقظة؟!.. فى قصر الفنون الجميلة بمدينة مكسيكو وضع وعاء أحمر يحوى رماد الكاتب الشهير فوق منصة نثر عليها الورد الأصفر فيما مر آلاف الأشخاص على مدى أكثر من 4 ساعات أمامه على أنغام بيتهوفن وعزف الفرق الكولومبية الصغيرة التى دفعت الكثير من الحضور من شدة التأثر إلى الرقص وتبادل الزهور الصفراء التى كان الكاتب يعتقد أنها تحميه من سوء الطالع، وعلى مدى هذا الشهر قررت الحكومة الكولومبية قراءة أعمال جارسيا فى أكثر من ألف مكتبة عامة ومتنزه ومدرسة، حيث بدأ الرئيس الكولومبى "خوان مانويل سانتوس" إشارة البدء بالقراءة شخصيا.. وربما كان "ماركيز" أكثر الكتاب الذين تحدثوا عن مناخ ودوافع وأصول أعمالهم مما قرّبها للقارئ العالمى البعيد عن أسلوب الحياة فى منطقة البحر الكاريبى وأعطى لأمريكا الوسطى فيها صوتها الأكثر علوا وجمالا فى العالم المعاصر الذى تلتقى فيه الأسطورة والواقع والضراوة بالبساطة.. جارسيا قال عن أعماله: «لا تعجبنى الفكرة التى لا تقاوم الإهمال طويلا فإذا كانت جيدة مثل فكرة روايتى (الحب فى زمن الكوليرا) وقد قاومت سبعة عشر عاما فلا مفر من كتابتها. فكرت فيها طويلا إلى حد أستطيع معه استعادتها مرات ظهرا ووجه، كما لو كانت كتابا قرأته من قبل»... «ليس أصعب من أن تجعل لهجتك فى الرواية تلقائية، وكأنك كتبت بطرف القلم، فإن شئت أن يقبل الناس على قراءتك مستمتعين فإن عليك أن تتريث كثيرا فى الكتابة».. «أعلنت مرات أنى أرفض المناصب العامة والإعانات المالية، من أى نوع كانت، ولم اتسلم سنتيما واحدا لم أربحه، وأعتقد أن كل معونة مادية لا تتصل بمهنة الكتابة تعرض استقلالية الكاتب للخطر، الاستقلالية التى فى رأيى تعادل القدرة على الكتابة»... «العمل الشريف الوحيد الذى يجب أن يقوم به الكاتب حتى تذيع كتبه، هو أن يكتبها جيدا»... «يشعر البعض بأنهم ملزمون بتحديد ضوابط الكتابة، ولهؤلاء أقول إن هذه الضوابط تحد من حرية الإبداع، وكل ما يحد من حرية الخلق فهو رجعى، وأقول لهم إن رواية حب جميلة لا تؤذى أحدا، ولا تؤخر مسيرة العالم، لأن كل عمل فنى يسهم فى ارتقاء الإنسانية، والإنسانية المعاصرة لا تستطيع التقدم إلا فى اتجاه واحد، وأعتقد أن واجب الكاتب الثورى أن يكتب جيدا. ذلك هو التزامه»... «لا أدرى كيف قضى الآخرون وقتهم وهم يقرأون روايتى مائة من العزلة أما أنا فقد استمتعت استمتاعا لا يكاد يصدق وأنا أكتبها حتى أن زوجتى مرسيدس كانت تفاجئنى أحيانا وأنا أكتب وأقهقه»... «لم يحدث أى أمر هام فى حياتى بعد الثامنة، كل ما أثر فى تكوين شخصيتى كان قبل ذلك»... «الكاتب على نزاع مع المجتمع، والكتابة وسيلته إلى تسوية هذا النزاع بين الأديب وبيئته»... «لنبدأ من النهاية حتى لا يكون هناك ثمة التباس، إنى أعتقد أن العالم سيصبح اشتراكيا، إن عاجلا أو آجلا، وخير له أن يحدث ذلك فى أقرب وقت، على أنى أؤمن كذلك أن انتشار الأدب الرخيص من شأنه أن يعوق هذه المسيرة». قيل وقال! الآن وتبعاً لما أعلنته جويل ميلكى وزيرة الداخلية البلجيكية هذا الأسبوع عن أهمية الاجتماع القادم فى 8 مايو بالعاصمة بروكسل بحضور ممثلين عن الولاياتالمتحدة ودول أوروبا والمغرب والأردن وتونس لبحث قضية وجود نحو 11 ألف مقاتل أجنبى فى العراق والشام وجبهة النصرة منهم 1900 من أوروبا، و366 بريطانياً، و269 بلجيكياً، و412 فرنسياً، و249 ألمانياً، وغيرهم مئات من الدول الاسكندفانية، وكانت السلطات البريطانية واسكوتلانديارد وأجهزة الاستخبارات قد كشفت فى الأشهر الأخيرة رصد المئات من الذين سافروا إلى سوريا للقتال وعادوا إلى البلاد بعدما اكتسبوا خبرة من مقاتلى القاعدة فى حرب العصابات وممارسة الإرهاب وتعلم صناعة القنابل والمتفجرات والطرق القتالية المختلفة مما يشكل حالة عامة من عدم الاستقرار فى البلد الذى يعشش فيها الإخوان تحت لواء التنظيم العالمى لهم.... و..قلنالكم الإرهاب واحد قلتوا لنا مائدة حوار.. قلنالكم مرسى رأس الأفعى قلتوا لنا لازم ترجعوه.. قلنالكم ثورة شعب قلتوا لنا انقلاب.. قلنالكم الجيش والشعب إيد واحدة قلتوا لنا حُكم العسكر.. قلنالكم بيحرقوا الجامعات قلتوا لنا إلاّ الحرس الجامعى.. قلنالكم دم الشهداء قلتوا لنا اتصالحوا.. قلنالكم اغتالوا وسحلوا الضباط والعساكر قلتوا لنا قضاؤكم مستبد.. قلنالكم المظاهرات بالمولوتوف قلتوا لنا الديمقراطية.. قلنالكم خيانة 6 ابريل وصاحبها الديب السحلاوى قلتوا لنا حرية رأى.. قلنالكم مكيدة أسوان قلتوا لنا نقسم البلد نصفين.. قلنالكم حرقوا العلم قلتوا لنا النار مابتحرقش مؤمن.. قلنالكم بيرفعوا شارة رابعة قلتوا لنا لعب عيال.. قلنالكم مجندين الجزيرة ضدنا قلتوا لنا كلام فى الهواء.. قلنالكم جيفارا مات قلتوا لنا رجعوا القنوات.... قلنالكم بلاوى سد النهضة قلتوا لنا النيل نيل أبوهم وانتم بتمنعوهم.. قلنالكم السياحة انضربت والأسعار ولّعت والكهرباء انقطعت والأخلاق انحلّت والبطالة نضحت والشماعات اكتسحت والأطباء جمحت قلتوا لنا الفوضى الخلاّقة.. قلنالكم ثور قلتوا لنا احلبوه.. قلنالكم السبكى بلع السينما قلتوا لنا حلاوة روح... قلنالكم انضباط التوكيلات قلتوا لنا افتحوا له الجمعة... قلنالكم قانون الإرهاب قلتوا لنا قلبكم أسود.... قلنالكم إدّوا زوبة زقّة قلتوا لنا بعد انتخابات حرة نزيهة.... قلنالكم من غير شماتة: انتم لسّه شفتوا حاجة.. ده احنا بكره نقعد على الحيطة ونسمع عندكم الزيطة!! لمزيد من مقالات سناء البيسى