من المؤكد أنه لم يدر بخلد أي من الثلاثين مليون ناخب الذين أوكلوا498 نائبا لتمثيل أبناء الوطن تحت قبة البرلمان إضافة إلي10 آخرين لم يكن لهم أي دور في اختيارهم أن أجنحة سوف تنبت فجأة في ظهور هؤلاء النواب ليصبحوا ملائكة..!! أيضا لم يعبر في ذهن أي من هؤلاء الناخبين أي خاطر بأن صراع القوة واستعراض القوي سوف يبدأ في اللحظة الأولي لبدء أول جلسة لبرلمان الثورة الذي ظل المواطنون يحلمون بأن تتاح لهم كامل الفرصة للمشاركة في رسم ملامحه دون أن تنفرد بتلك المهمة حكومة لحزب اعتاد علي أن يكون هو صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في تحديد كل ما يخص المواطن فعهدت إلي أجهزتها الإدارية والأمنية وإلي ذباب البلطجية الذي دائما ما يتجمع حول عسل المنفعة طوال الأعوام الثلاثين الماضية بتلك المهمة تحديد ملامح البرلمان دون النظر إلي رأي المواطن وقرار اختياره الذي دسه في صندوق التصويت أو حتي أنابوا عنه في أداء هذه المهمة!! ما جري في الجلسة الأولي للبرلمان يوم الإثنين الماضي ربما يثير مخاوف الكثيرين الذين رأوا أن ما حدث قد يكسب هذا البرلمان لقب برلمان أول القصيدة...!!.. إذ مع كامل التقدير لغياب سوابق الخبرة في العمل البرلماني للكثيرين الذين شغلوا مقاعد تحت القبة إلا أن مظاريف المزايدة قد فضت في اللحظة الأولي لأداء اليمين الدستورية لإتمام مراسم العضوية البرلمانية بصورة أثارت قلق البعض بأن حلم التوافق وتغييب الصراعات قد يكون بالفعل حلما غير قابل للتحقيق.. إذ أضاف البعض في مخالفة دستورية واضحة إلي اليمين الدستورية ما يعكس توجهه السياسي أو العقائدي ليعلن بذلك أن الانقسام ومحاولة التفرقة ربما يسودان طوال مشوار التشريع الذي إن كتب له الاكتمال سيطول5 سنوات مقبلة!! ولأن اختيارات الناخب قد أكسبت جماعةالإخوان المسلمين من خلال ذراعها السياسية الحرية والعدالة أغلبية نسبية تحت قبة البرلمان في الوقت الذي حرمت فيه الكثيرين من أصحاب التيارات الفكرية والسياسية المختلفة فإن هذه الاختيارات قد وضعت الجماعة وحزبها أمام مسئولياتها وتحدياتها كاملة في إدارة العمل البرلماني والتشريعي. وإذا لم تكن هناك أي مادة في قانون مجلس الشعب أو بند في لائحة العمل البرلماني أوتجربة في العمل السياسي والحزبي ما يمنع أي حزب يتمتع بأغلبية نسبية من أن يستحوذ علي مختلف المواقع القيادية تحت قبة البرلمان وبخاصة رئاسة اللجان النوعية وشغل المواقع القيادية في هيئات مكاتبها فإن الأمر هنا يختلف..!! وإذا كانت مفردات الجماعة قبيل إجراء الانتخابات تؤكد أن عند خوضها الانتخابات ستعتمد علي مبدأ المشاركة لا المغالبة وأنها ستهجر الإقصاء وأن التوافق سيكون توجهها وهو ما تحقق بالفعل في انتخابات رئيس المجلس والوكيلين الذين شغلوا مقاعدهم, ممثلين عن3 أحزاب, غير أن ماجري في انتخابات اللجان النوعية بالمجلس19 لجنة قد نسف كل هذه التعهدات وأثار مخاوف تيارات سياسية ونواب بأنهم قد يواجهون سياسات وممارسات اعتادوا عليها مع الحزب الوطني المنحل. واقع الحال وما يواجهه الوطن من مخاطر وما يأمل فيه المواطن من أمال يستوجب علي نواب البرلمان وفي مقدمتهم نواب الحرية والعدالة أن يكون التوافق والتقارب هو منهجهم وليس الإقصاء أوالإبعاد أو التخوين. مصر بأبنائها وثوارها فوق المصالح الحزبية أو الشخصية وليست رهنا لصفقات أو مساومات.. وأن حالة الإقصاء الوحيدة التي سيقبل بها أبناء الثورة هي إقصاء أسباب اشتعالها. مينا ومحمد.. الخالة تريزا في نجوع الصعيد وأم هاشم في كفور بحري.. وعبد الجواد أفندي.. والدكتور فريد.. والباشمهندس وائل.. والأسطي عيد.. جميعهم في انتظار برلمان يعيد لهم حقوقهم كاملة وليست منقوصة ووقتها سيحق لنا جميعا أن نهتف مجددا, الشعب أسقط النظام!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش