أنا من أشد المؤمنين بأن تقدم الأمم يقاس بنجاح الإصلاح السياسي القائم علي التوافق بين جميع القوي السياسية، فإذا صلحت السياسة صلحت كافة الأعمال وتقدمت الامم واذا فشلت السياسة فسدت الانظمة وتأخرت الامم ومن هنا أطلب من البرلمان الجديد تكليف اللجان البرلمانية الثماني عشرة بع د - أداء اليمين الدستورية بمراجعة كافة القوانين السياسية والاقتصادية التي صدرت في عهد النظام السابق والتي تم تعديلها بمعرفة المجلس العسكري كل فيما يخصها لسد الثغرات التي تسلل منها الفساد قبل بدء مرحلة جديدة. وحتي ينجح البرلمان في القيام بهذه المهمة لابد أن يبدأ بنفسه لترشيد الحصانة البرلمانية التي خلعها القانون علي النواب بعد أن أصبحت هذه الحصانة فقط هي هدف معظم الملايين الذين تقدموا للترشيح في الانتخابات السابقة وسار علي نهجهم عدد كبير من المرشحين في الانتخابات الحالية. في الماضي كان الحزب الوطني يبيع المقاعد البرلمانية للمرشحين وكان المرشح يدفع الملايين للحزب مقابل الترشيح وينفق ملايين أخري علي البلطجية والناخبين في اطار الترغيب والترهيب مقابل أن يتلم علي المقعد لان عائد الحصانة بالمليارات. وكان المواطنون يطلقون علي النواب في دوائرهم النائب أبو حصانة بدلاً من النائب المحترم لأنه كان باسم الحصانة يمتص دماءهم ويستولي علي أراضيهم ويأكل حقوقهم ويحرض عليهم الباشا الضابط. ولا يتم تفتيشه ولا تفتيش حقائبه في الجمارك رغم ما فيها من «بلاوي» وكان النائب يبتز الحكومة ويستولي علي أراضي الدولة ويمد يده في خزائنها ويلوي أذرع الوزراء لتوظيف أبنائه وزوجاتهم وزوجاته وتوظيف الشباب الذين باعوا الجاموسة لسداد المبلغ الذي طلبه النائب!! وكان سيادة النائب يفرض إتاوة علي الوزراء ورؤساء الشركات العامة والخاصة وكانت سيارات سيادته تذهب خماصا وتعود بطانا محملة بالخيرات وكان سيادته يحضر 10 دقائق فقط كل عدة جلسات الي مجلس الشعب يقف أمام الوزراء لانهاء مصالحه ويهرول الي الشارع لجمع ريع الحصانة. والقانون منح الحصانة للنواب من الأساس لحمايتهم من بطش الحكومة بعد الآراء والافكار التي يبدونها ضدها تحت القبة واستفاد من هذه الآلية القليل من النواب لكن نواب الاغلبية لم يبدوا أية آراء ولا أفكار لأنهم نواب الحكومة وسرها والمتسترين علي تجاوزاتها ولكن الحصانة لا تتجزأ وهناك آليات وضعها القانون لرفع الحصانة عن النواب وكان مجلس الاغلبية، وهو يحمي نواب الوطني وهو يقوم بدور الخصم والحكم عند مناقشة طلبات رفع الحصانة حيث كان ثلثا النواب لا يوافقون علي الطلبات، كما كانت اللجنة التشريعية تتواطأ مع نواب الاغلبية بحجة الكيدية وتضيع حقوق المواطنين التي أكلها النواب الذين يفترض انهم خط الدفاع عن مصالح دوائرهم تحت قبة البرلمان بسبب حماية البرلمان لابو حصانة. وفي الآخر كانت البرلمانات التي تشكلت في عهد حكومات الوفد تقصر حصانة النواب علي دور الانعقاد فقط لتمكين النواب من إبداء آرائهم في أداء الحكومة دون خوف وفي الإجازة لا توجد حصانة حتي يحصل الناس علي حقوقهم من النواب وجاءت حكومات الحزب الوطني وأضافت فقرة الي القانون لتكون الحصانة طوال مدة العضوية و«كلبش» النواب في الحصانة أكثر واللي مش عاجبه يتفلق!. والآن نحتكم إلي برلمان جديد والي اقتراح بمشروع قانون تقدم به النائب المستقل مصطفي بكري يريد فيه قصر الحصانة البرلمانية داخل البرلمان فقط وليس خارجه حتي يتمكن الناس من نيل حقوقهم من النواب وحتي لا تلعب الحصانة الدائمة بعقول نواب برلمان الثورة ونجدهم يركزون علي ريعها وينسون أن هناك وطنا يتم بناؤه من جديد وهناك قوانين مهلهلة مطالبين بتعديلها. انني أطالب رئيس برلمان الثورة أياً كان اسمه أو انتماؤه أن يضع هذه القضية في مقدمة أولويات الدورة الجديدة ليعود النائب المحترم وأن يتسابق النواب علي خدمة الامة بدلاً من أن نجد فصيلاً منهم يتقاتل علي مفتاح خزائن الدولة.