الكاتبة سكينة فؤاد مستشارة الرئيس لشئون المرأة تؤكد أن الدولة ملتزمة بحصول المرأة على استحقاقاتها التى منحها لها الدستور الجديد، لأن هناك قوى مدنية وليبرالية شاركت فى عدم تمكين المرأة، كما أن هناك تضليلا للوعى العام بعدم قدرة المرأة على تحمل المسئولية، وهذا كان واضحا فى تشكيل الوزارة الجديدة، والمحافظين، مع أن المرأة مسئولة عن 30% من الأسر فى مصر.. وإليكم نص الحوار: {{ كمستشارة لرئيس الجمهورية لشئون المرأة من المؤكد لديكم أجندة عمل.. فما أهم القضايا التى تتناولها؟ واقع المرأة المصرية يمتليء بكيانات ومنظمات ومؤسسات رسمية وأهلية ومدنية عاملة منذ سنوات ومهمتى الأساسية هى مزيد من الدعم لهذه المؤسسات وإزالة العقبات التى قد تظهر والموجودة بالفعل والمشاركة والتواصل من أجل ارسال الرسائل التى تعبر عن الدور الذى شاركت به المرأة فى 25 يناير و30 يونيو، وكذلك مواجهة كثير من المشاكل والعقبات والتحديات والقضايا التى لم يتم حلها وتواجهها المرأة، فلا أضع أجندة واحدة للعمل بها فى مؤسسة الرئاسة فهناك خطط وبرامج عمل وكيانات محترمة تعمل، واجتهدت لتجميع الجهود لهذه الكيانات لتحقيق نتائج أفضل ووضع أولويات تتجه إلى النساء الأكثر احتياجا وتحقيق أهداف الثورة ومواجهة الواقع المتغير والذى حدثت به كثير من السلبيات بالرغم من أن الزمن يتقدم للأمام إلا أن التجريف الاجتماعى والثقافى والاقتصادى والسياسى الذى حدث على مدى سنوات طويلة انعكس على المرأة بشدة فى سلبيات بالغة الخطورة فى ظل رؤى مغلوطة تخلط الدين بالعادات والتقاليد وتتصور أن المرأة بعد كل هذا المشوار الطويل من المشاركات والإنجازات من الممكن أن تكتفى بالهوامش. {{ وهل واجهتكم معوقات وصعوبات فى عملكم هذا؟ بالطبع، وللأسف، فإن عدم تمكين المرأة قام به بعض من ينتمون إلى اتجاهات وتيارات مدنية وليبرالية، فالواقع لايزال يحتاج إلى حركة يدعمها تفعيل سياسى لتشارك فيه المرأة، ومن أهم مطالب الكيانات النسائية أن تشارك المرأة مناصفة فى جميع لجان صناعة القرار، وأن توجد فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقد بدأ التدريب الفعلى لإعداد مرشحات لوقوفهن على كيفية مواجهة التجربة المقبلة وذلك بالاتفاق مع الأحزاب. والمرأة تثق أن الدولة ملزمة بتنفيذ الاستحقاقات الدستورية للمرأة بعد إنجاز خريطة الطريق، ولن تتوانى المرأة وكياناتها عن الحصول على استحقاقاتها. {{ الدستور منح المرأة حق تولى كل المناصب.. فهل ذلك يتحقق أم سيظل حبرا على الورق؟ أثق فى قوة الإرادة النسائية وكذلك أثق أن المرأة ستجد الدعم من عقول مستنيرة فى مصر. {{ ما انطباعك على نسبة المرأة فى تشكيل الوزارة الأخيرة التى لم تتعد الأربع وزارات، وهل هذه نسبة عادلة؟ هذه نسبة لا تمثل شيئا فكون أن 12% من تشكيل الوزارة من النساء فهى نسبة لا تليق ولا تصح بالرغم من أننا طالبنا كثيرا بتقييم المرأة بمقاييس الكفاءة. فإذا كانت الكفاءة هى الميزان الحاكم لما حصدت مصر كل هذا الفشل والاضطراب، فالتحدى المقبل هو أن التغير الحقيقى لن يحدث فى مصر إلا بدخول شريكين أصليين بالنسب العادلة بحجم ما يملكان من العطاء وبحكم الحقوق الدستورية وحقوق المواطنة سواء للمرأة أو الشباب، وعموما فالمرأة لا تطلب منحة بل تأخذ ما يقابل قدراتها واستحقاقاتها الدستورية والقانونية بما تستطيع أن تعطيه لبلادها. {{ متى نرى المرأة محافظا أو رئيسا للوزراء من وجهة نظرك؟ طالبت رئاسة الجمهورية بأن يكون لكل محافظ مستشار من النساء، وأن تكون شريكا فعالا فى العمل وليست مجرد ديكور. وفى البداية طالبت بتعيين المرأة كمحافظ وقد أكدت أنه إذا كانت المرأة تصلح أن تكون وزيرة وفى بعض الدول تتولى رئاستها فلن يستعصى عليها شئون محافظة إلا أن العرف جرى أن الكفاءات لا توجد سوى فى الرجال وبالرغم من أن أقاليم مصر كافة مليئة بالكفاءات النسائية التى لا يمكن لأحد أن يصدق ما هى عليه من قدرات فى جميع المجالات، فإننى فوجئت بعد أن تم تقديم قوائم مليئة بالكفاءات والقيادات النسائية أنه لم يتم اختيار نائبة واحدة لأحد المحافظين. إلا أننا مع كل ذلك نعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد متغيرات جوهرية فى واقع المرأة المصرية. {{ مع كل هذه الكفاءات التى ذكرتيها من الواضح أنه حدثت تدخلات واعتراضات على تولى المرأة أليس كذلك؟ هناك محاولات تضليل للوعى المصرى وثقافة عامة تصور أن المرأة لا تملك الصلاحيات والكفاءات بالرغم من أنها هى قائد الحياة فى أكثر من 30% من الأسر المصرية. {{ وكيف نغير تلك المفاهيم والأعراف تجاه المرأة؟ لقد عشنا مراحل فساد وإفساد لفترات طويلة تزاوج فيها المال والسلطة دون اهتمام بالثقافة والوعى والتعليم فى نقاط ارتكاز الحياة بالريف والصعيد المصري، ولذا تحدثت مع وزير التربية والتعليم وأكدت ضرورة تصحيح صورة المرأة بالمناهج لكى ترسل الصورة التى تعدل وترشد ذهن الأبناء حول المرأة. وبالاضافة إلى ذلك نسعى من خلال كيانات المرأة ومؤسساتها إلى التواصل مع وزارتى التعليم العالى والتربية والتعليم لعمل مشروع قومى لمحو الأمية. كما نجد طرقا وآليات لاستخدام المرشدات الريفيات والبالغ عددهن 12 ألف مرشدة ريفية لزيادة الوعى فى أنحاء الاقاليم المصرية. {{ ما انطباعك على رفض مجلس الدولة تعيين المرأة به؟ من المؤسف أن نسبة تمثيل المرأة فى سلك القضاء لا تزيد على 4% حسب إحصاء للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء، وعندما نتحدث عن هذه القضية فنحن نتكلم عن حقوق أبناء وبنات وطن ليس بينهم تمييز بل هو مطلب لتحقيق الاستحقاقات الدستورية والقانونية لهم. مع احترامى لكل القامات القضائية، وعلى ثقة بأنهم فى مقدمة حراس الاستحقاقات الدستورية، والتى ستحترم وتطبق واقعا دون تمييز. ولذا حرصت على ضرورة تشكيل المفوضية المصرية لمكافحة التمييز خلال الأيام المقبلة تحت رعاية رئاسة الجمهورية، وسيتم إصدار تشكيل اللجنة الوطنية المصرية لمناهضة العنف ضد النساء بمشاركة كل المؤسسات الرسمية والمدنية ذات الاختصاص للقضاء على جميع اشكال العنف من خلال متابعة الدولة لتطبيق كل التزاماتها وفقا للمواثيق الدولية. {{ ظاهرة التحرش الجنسى انتشرت بالشارع المصرى ودخلت الى الحرم الجامعى فما تفسيرك لها؟ نتيجة الضلال والتضليل الذى سيطر على الشباب، بالإضافة إلى خلل القيم والتربية وتحول الدين من زراعة القيم الدينية إلى المتاجرات السياسية، فعندما تركنا الدين تردت قيم واخلاقيات شبابنا اليوم، فهم أجيال ظالمة ومظلومة، فطيلة التاريخ المصرى كان لدينا اعتزاز بالقيم والثقافة الإيمانية الوسطية وليست التى تضع للدين غطاء يحدث تحته كل هذه الممارسات التى تفزع كل المصريين فأخطر ما حدث فى مصر هو انهيار قيم الانسان المصرى بحيث تم «هز» أعمدة الثقافة والتنوير، فلا وجود من الأساس للثقافة. {{ كيف نواجه آفة التحرش؟ مواجهة أى مشكلة لا تكون بعصا الأمن فقط بل نحتاج إلى تطبيق القانون بعدالة وحزم، بالإضافة إلى الدور المهم الواجب على مؤسساتنا صانعة القيم والخطاب الدينى الوسطى المحترم وضرورة احتواء الشباب بالجامعات بأنشطة ثقافية محترمة وإشراكهم فى صناعة القرار. {{ وأين دور الشباب على الساحة المصرية؟ الحقيقة إننا نستطيع ان ننظم هذه الصفوف ولهذا لم أتوقف عند مهمتى بالرئاسة كمستشارة للرئيس لشئون المرأة ولكننى تواصلت مع الشباب، والآن تنطلق تحت رعاية الرئاسة قوافل من الشباب لتضع جسورا بين القاهرة والقرى والمحافظات والصعيد والنوبة بحيث تكون جسورا ثقافية وسياسية ومشاركة فى الهموم، فالواقع المصرى فى قراه وصعيده مؤلم ومخجل. {{ لكن الشباب يرون أن الكبار لا يتيحون الفرصة لإثبات قدراتهم على الانجاز؟ بالفعل وأنا أسعى لتفعيل دور الشباب بالمرحلة الحالية والمقبلة ولذا اجتمعت مع مجموعات كثيرة منهم وتحدثت مع رئيس مجلس الوزراء وسيجتمع بهم قريبا وستنطلق بناء على ذلك قوافل الشباب نحو الريف والصعيد المصرى ليقفوا على مواطن الألم فى أنحاء مصر ويقترحوا الحلول ويسهموا فى تفعيلها، وتلك المجموعات ستكون من أبناء العاصمة وكل محافظة لإشراك الشباب فى العمل المحلى والدعوة فى ذلك العمل مفتوحة لكل الشباب للمشاركة والعمل فيها لاستثمار الطاقات الوطنية من الشباب. {{ مطالب المصريين على مدى ثورتين كانت العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وتوالت الحكومات ولم يجد المواطن تحقيقا لأى مطلب؟ منذ قيام الثورة لم يلتقط من قاموا بها أنفاسهم، فنحن منذ يوم 25 يناير فى صراع وبدلا من استثمار الثورة لمصلحة الشعب ولمصلحة الاكثر احتياجا فيه أو لوضع خرائط الأمل وتحقيق قدر من العدالة الانتقالية وتخفيف البطالة وإدارة عجلة الانتاج، فكانت مهمة جماعات معينة هى سرقة الثورة وتقديم المصالح الخاصة على مصالح الوطن. فدخلنا فى صراع منذ استفتاء «الجنة والنار» وضل المسار مصيره وللأسف وثقنا فى جماعة الإخوان، فالذين انتخبوهم وصعدوا بهم لمنصة حكم مصر كانوا من المصريين فلم نستورد أشخاصا ليجلسوهم على مقعد الحكم إلا أن النتيجة كانت مؤسفة فلقد ثار الشعب ضد فساد 30 عاما وبدلا من أن نعالج آثار هذا، دخلنا فى عملية اختطاف للثورة وانشغلنا عن تحقيق أهدافها، لأن الجماعة هرولت من أجل تفكيك الأمة، وتمكين الجماعة من كل قوى هذا الوطن، وخرجت الملايين فى 30 يونيو لاسقاط الجماعة ولم يفرض أحد على المصريين ذلك الخروج ولكن ما حدث هو الشرعية الفعلية والتى صنعها عشرات الملايين الذين خرجوا ليأخذوا ما منحوه للإخوان. ومنذ ذلك التاريخ ونحن نشهد حالة من الارهاب والعنف واتجار بالدم ودعوات من التنظيم الدولى للاخوان لتحويل مصر الى سوريا أخرى لتنفيذ المخطط الإمبريالى اليهودي. {{ وكيف نستطيع مواجهة الإرهاب فى الشارع يوميا؟ أشار رئيس الجمهورية إلى ضرورة تخصيص دوائر لمحاكمة الارهاب ويجب ان ندرك أن قبضة الدولة قوية بالقانون. فنحن لا نعامل الخارجين عن القانون إلا بالقانون، ولكن يجب أن تكون هناك سرعة فى العدالة واصدار أحكام، لأن عدم وجود مثل هذه السرعة الناجزة تجاه من يرتكب أعمالا إجرامية إرهابية تهدد أمن الوطن وتعطى انطباعا غير حقيقى يضعف الدولة، وهذا غير حقيقى لأن مصر بلد قوى ولن يهزمه أو يضعفه الارهاب.