ستة أشهر مضت على جنى محصول القطن وشرائه من الفلاح، ولم يصل دعم المغازل حتى الآن مما أوجد أزمة كبرى تتفاقم حدتها يوماً بعد يوم لأن المحصول البالغ انتاجه مليونا وتسعمائة ألف قنطار يضاف إليه مائتا ألف قنطار متبقية من الموسم الماضى مازال راكدا فى المخازن دون تصريف. فتوقفت المصانع التى تنفق الدولة 60 مليون جنيه شهريا مرتبات للعاملين بها، وهى لاتعمل أصلا.. ووضع التجار وشركات الأقطان فى أزمة حقيقية مع الجهاز المصرفي، وهو الذى مول عمليات الشراء بنسبة 80% بفائدة 15% وباجمالى مليارين و 700 مليون جنيه فضلا عن القلق الذى يعانيه الفلاح، وجعله فى حيرة من زراعة القطن العام المقبل، كما توقف المستورد الأجنبى عن شراء القطن أملا فى خفض الأسعار. الأزمة التى تواجه الذهب الابيض قد تقضى عليه وقيمة الدعم 200 مليون جنيه تقدمها الدولة على مراحل دعما للمغازل لتحل الأزمة من جذورها وتفتح باب الأمل والعمل لآلاف البشر الذين ينتظرون صدور هذا القرار، فهل تصدره حكومة المهندس إبراهيم محلب أم أن الأمر سيستمر على ماهو عليه وتسهم فى القضاء على زراعة وتجارة وصناعة الأقطان فى مصر؟ السؤال يحتاج إلى اجابة فورية من رئيس الحكومة نظرا لعظم القضية، لانها تتعلق بمحصول قومى يمس اقتصاد الوطن وبعد أن طرق رجال التجارة والصناعة كل الأبواب دون اجابة، لذا فإننا نجسد القضية ونطرحها على مائدة الحكومة الجديدة ليتحمل الجميع مسئوليته أمام التاريخ والوطن. رغم أن موسم تسويق القطن بدأ بأسعار شراء جيدة، على أساس أن الدعم سيتم اقراره كما أقر العام الماضى وبناء على توجهات الحكومة فإن الامور لم تسر كما كان يأمل العاملون فى تجارة وصناعة الأقطان، ومع تأخر إقرار الدعم توقفت الشركات عن شراء الأقطان اللازمة لتشغيل مصانع الغزل والنسيج، وبدأت الازمة تتفاقم يوما بعد يوم وتكدس المحصول من القطن الطويل التيلة فى المحالج بكميات كبيرة جدا ودخلت المصانع أزمة مالية كبيرة لعدم مقدرتها على دفع أجور ومستحقات العاملين بها، وتزايدت إضرابات العاملين المطالبة بحقوقهم المادية، وإعادة تشغيل المصانع، هذا ما أكده وليد عبدالرشيد بسيونى عضو لجنة تجارة القطن فى الداخل الذى يرى أن مصانع الغزل فى القطاعين العام والخاص أصبحت غير قادرة على شراء الأقطان اللازمة لتشغيلها بسبب عدم مقدرتها على تحمل فارق التكلفة بين سعر الأقطان الحر والسعر المدعم، وهو ما يترتب عليه وقف المنافسة فى السوق العالمية، وتجميد موقف مصانع الغزل والنسيج وأموال البنوك، التى تقدر بمليارين و 700 مليون جنيه تم اقتراضها من البنوك لتمويل شراء القطن من الفلاح، وعدم مقدرة الشركات أيضا على سداد المديونيات للبنوك وتسديد باقى مستحقات الفلاحين. يتوقف الدعم فى الوقت الذى تتحمل الدولة فيه 60 مليون جنيه شهريا، أجورا للعاملين فى المصانع المتوقفة أصلا عن العمل لعدم وجود خامات بها. الدعم سيعود للدولة يؤكد وليد عبدالرشيد أن مقدار الدعم لن يضيع على الدولة بل ستسترده ثانية من عوائد التشغيل الممثلة فى ضرائب المبيعات وتوفير ال 60 مليون جنيه التى تدفعها للأجور من الانتاج، ومن حصيلة التصدير بالعملة الصعبة وتخشى لجنة تجارة القطن بالداخل من اطالة أمد المشكلة، وتأخر اقرار الدعم عن هذا الحد فتخرج الغزول المصرية من السوق العالمية، ويعزف الفلاحون عن زراعة القطن بسبب عدم وجود آلية واضحة لتسعير محصول القطن، لذلك يطالب كل أعضاء لجنة تجارة القطن بالداخل بإقرار الدعم لمصانع الغزل والنسيج أسوة بالعام الماضى حتى تتمكن المصانع والمغازل من استخدام القطن المصرى والوفاء بالتزاماتها وحتى لاتأخذ البدائل الأخرى مكانة الغزول المصرية فى السوق العالمية. ثانيا: انشاء مجلس أمناء للاشراف على قطاعى الغزل والنسيج ومستقبل صناعة القطن وتحديث وتطوير هذه الصناعة الحيوية، مؤكدا أن لدى اللجنة دراسات كاملة تتضمن رؤية شاملة لانقاذ زراعة وتجارة وصناعة القطن نحن مستعدون لتقديمها فورا للدولة إن أرادت ان نكون شركاء حقيقيين فى تنمية وطننا. ويطالب بسيونى بزيادة المساحة المزوعة من الأقطان وذلك للاحتفاظ بمكانة القطن المصرى فى السوق العالمية وتوفير المياه والحد من زراعة الأرز، لان المنقوص من زراعة القطن غالبا ما يزرع بالارز. وأكد ضرورة تشغيل المحالج بكامل طاقتها وتوفير بذور القطن لتشغيل مصانع الزيوت والاعلاف والحد من استيرادها والتوسع فى زراعة القمح، لانه يعقب زراعة القطن مباشرة. مليون قنطار أما الدكتور مفرح البلتاجى رئيس اتحاد المصدرين فيؤكد أن تأخر حل الازمة يضاعف الاعباء المالية على الدولة ويعقد الأمور، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة قد حددت مساحة 367 ألف فدان لزراعتها بالقطن فى الموسم المقبل ويتوقع أن تتيح مليونين و 700 الف قنطار، ولو أضفنا فضلة موسم 2014 التى تقدر بنحو مليون قنطار سيكون الاجمالى من المعروض 3 ملايين و 700 ألف قنطار، وفى حالة استمرار الدولة فى فتح باب الاستيراد ولم تقدم الدعم المقرر حتى الآن فالمتوقع ان يزيد المعروض من القطن على المطلوب بنحو مليونى قنطار، ذلك لان احتياجات المغازل والتصدير موسم 2014 / 2015 لن تزيد على مليون و 700 الف قنطار وبالتالى يكون لدينا مليونا قنطار فائضان، تلك هى المشكلة الكبرى لان جميع المتعاملين فى القطن بداية من الفلاح والتاجر والمغزل والبنوك سيجدون أمامهم مشكلة كبرى وهى مضاعفة مبلغ الدعم عدة مرات، وهو ماقد يعقد الأزمة ويكون سببا فى تدهور زراعة وصناعة الأقطان المحلية فى مصر. العملة الصعبة ويؤكد أحمد الشرنوبى عياد رئيس الشعبة العامة للقطن باتحاد الغرف التجارية أن الدعم المطلوب سيذهب إلى المغازل التابعة للقطاعين العام والخاص وليس لتجار الأقطار وأن التأخر فى الحل يخرجنا من المنافسة العالمية ويزيد الطلب على العملة الصعبة بدلا من توفيرها من خلال تصريف المنتج فى الخارج. ويجعل المستورد الأجنبى يتوقف عن الشراء وهو ما يقلل من جلب العملة الأجنبية للبلاد. القابضة ترفض الشراء ويستكمل أحمد الشرنوبى رصد وتوضيح أسباب الازمة فيقول إنه بعد ان دخل القطن إلى المحالج رفضت المغازل الشراء، وأعلن رئيس الشركة القابضة أنه لايرغب فى شراء القطن المصري، وأنه سيعتمد على الاستيراد من الخارج، وهنا بدأت الأزمة لسببين، الاول أن الخواجة الذى كان يشترى القطن رفض هو الآخر الشراء بهدف ضرب السعر وبدأ فى شراء كميات صغيرة حتى لايتحمل أعباء الفائدة والتخزين فى بلاده وتحملتها الشركات المصرية فأدى ذلك إلى أن 85% من المحصول لم يتم التصرف فيها. يؤكد أن مثل هذه الاساليب والتصرفات تقتل روح المنافسة مع الدول المنتجة للقطن، رغم أن مصر لديها ميزة نسبية فى الأقطان الطويلة التيلة الممتازة وما تتمتع به من صفات غزلية من طول ونعومة ومتانة وتجانس فى اللون. الفلاح ينتظر الفرج ويقول المهندس سمير جمعة عضو جمعية تسويق المحاصل الحقلية عن الغربية إن جميع الفلاحين الآن فى حالة ترقب منتظرين انفراج الأزمة، كما أن الفلاح يقف حائرا لايعرف متى سيأتى له باقى أمواله من بيع القطن، ويشعر بالقلق مستقبلا إذا أراد أن يزرع القطن ثانية فالأمر جد خطير ويتطلب من كل المسئولين حلولا جذرية وسريعة. القطن محصول قومى ويرى حافظ الغرابلى عضو لجنة تجارة القطن بالداخل أن القطن هو محصول قومى واستراتيجى للبلاد يجب الحفاظ عليه وعلى الدولة أن تدعمه لما له من ميزة نسبية عالمية. ويعتبر الغرابلى أن القطن أمن قومى ومصدرا رئيسيا للدخل القومى والمساس به هو اعتداء على الأمن القومى لأنه محصول الشعب الرئيسى ومصدر دخل من العملات الصعبة. فالقطن ينتظره الفلاح كل عام لقضاء مستلزمات الحياة وزواج أبناء الأسرة، كما أنه مصدر احساس للناس بقيمة العمل.