تصاعدت أزمة تسويق محصول القطن في الموسم الحالي في معاناة تتكرر سنويا نتيجة غياب الحكومة وضعفها لحماية الفلاح والغريب في الأمر أن تتكرر هذه المشكلة بعد ثورة يناير التي كنا نأمل أن يحظي الفلاح بحماية من فلول قطاع الأعمال. وأصحاب اللياقات البيضاء, حيث هناك أكثر من4 ملايين قنطار قطن مكدسة في بيوت الفلاحين تنتظر قرارا بحل مشاكلهم. وبدلا من أغنية قديمة كان يرددها الفلاحون في الزمن الماضي تقول محلاها عيشة الفلاح!! انقلب الوضع وأصبح الشائع ياقطن.. مين يشتريك؟!! الفلاحون صدقوا وعود الحكومة بالانصاف في شراء محصول القطن باسعار تتلاءم مع العالمية فاجادوا الانتاج وقفز إلي معدلات عالمية, ولكن سرعان ماتبخر هذا الحلم وأصيبوا بخيبة أمل وقعوا ضحايا لضغوط أصحاب المغازل والمحالج واصرارهم علي اللجوء للاستيراد وعدم الشراء من الفلاحين والمساومة بأسعار منخفضة والفلاح يضطر للاستجابة لحاجته للمال لسداد الإيجار وقروض بنوك التنمية والائتمان الزراعي. المشكلة الحالية بدأت مع اصرار البنوك التجارية علي عدم تمويل شركات القطن المحلية لشراء القطن من المزارعين خوفا من انخفاض الأسعار العالمية واصرار المصانع المحلية علي استيراد الغزول من الخارج, وهناك تخوف لدي بنك التنمية والائتمان الزراعي لتنفيذ القرار الذي أصدره الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علي قيام البنك الزراعي بتمويل شراء الأقطان من المزارعين لمواجهة أزمة تسويقه في الموسم الحالي, حيث هناك مخاوف من تعرض الأسعار للانخفاض في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير أن أموال البنك للمودعين والحل أن تتدخل الدولة من خلال وزارة المالية في تخصيص مبالغ كافية لشراء القطن. والغريب في الأمر أن تتغير مواقف أصحاب المغازل والمحالج والمصنعين حسب مصالحهم بصرف النظر عن مصالح الفلاحين, فمنذ عام وتحديدا في أكتوبر من العام الماضي نشرت تحقيقات الأهرام مشكلة ارتفاع أسعار الغزول عالميا والمطالبة بخط تصدير الاقطان المنتجة محليا, واليوم يطالب هؤلاء بفتح باب لاستيراد الغزول بحجة انخفاض أسعارها عالميا!!! ليبقي السؤال ماهو المخرج من هذا المأزق؟ ومتي يعود الدور الغائب للدولة في حماية الفلاحين والوفاء بما التزمت به في الأسعار وهي1200 جنيه للقنطار طويل التيلة, و1100 جنيه لقصير التيلة؟ ماهي رؤية أطراف القضية للخروج من أزمة القطن ووقف شرائه؟. المهندس عادل حسين رئيس مجلس ادارة الجمعية العامة لتنظيم تجارة القطن بالداخل يطالب بأن تقوم الحكومة بدور الضامن للأسعار وتنفيذ ماوعدت به وأن تلزم شركات ومصانع الغزل بتحرير عقود موحدة لشراء القطن من المزارعين لمنع استغلالهم من هذه الشركات, موضحا أن الحكومة مطالبة بسرعة توفير المخصصات المالية اللازمة للشراء, مشيرا إلي أن القطن مكدس لدي الفلاحين منذ أكثر من شهر ولايجد من يشتريه. ويحدد رئيس اللجنة4 سيناريوهات عاجلة لإنهاء الجمود الحالي في أسواق القطن نتيجة نقص السيولة من أهمها ايقاف استيراد الاقطان الأجنبية لفترة محدودة حتي يتم نفاد رصيد الاقطان المصرية وأيضا اقرار دعم مالي لمصانع الغزل والنسيج المحلية لتتمكن من التشغيل بكامل طاقتها مع فرض رسوم وارد علي الغزول المستوردة يعادل الفرق بين المحلية والمستوردة وأخيرا حث البنوك التجارية علي تمويل محصول القطن. وقف الاستيراد ويؤكد رئيس مجلس ادارة اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن بالداخل أن هناك قرارات وزارية صدرت ولابد من الالتزام بها وقف استيراد الأقطان من الخارج مقابل تسلم المغازل المحلية سواء العام أو الخاص أو الاستثماري بأسعار تقترب من أسعار الاندكسي, ولايسمح بالاستيراد إلا بعد نفاد رصيد الأقطان المصرية, مع فرض رسم اغراق علي الغزول المستوردة يساوي الفرق بين سعر الغزول المحلية وثمن الغزول المستوردة, وتشكل لجنة لمراقبة الأسعار العالمية كل أسبوعين لتقرير الأسعار صعودا أو هبوطا مع الأسعار العالمية. وأوضح المهندس عادل حسين أن تنفيذ هذه السياسة يتطلب اعتماد دعم مقداره90 جنيها للقنطار الشعر وجه قبلي و100 جنيه لاقطان الشعر جيزة86 ويكون إجمالي الدعم المطلوب هو220 مليون جنيه علي أساس استهلاك المغازل المحلية2 مليون قنطار شعر, وأيضا التوصية لدي وزارة الصناعة لتقرير رسم حماية علي الغزل المستورد حماية للمحلي, وأن يتم إعداد عقد موحد لتسلم المغازل المحلية. السيد أبو العباس عثمان رئيس مجلس ادارة الجمعية العامة للائتمان يحذر من خطورة الوضع الحالي الناتج عن احجام الشركات عن شراء الاقطان وترك الفلاح في مهب الريح بدون حماية الأمر الذي سيكون له سلبيات في الاعوام المقبلة حيث سيعزف الفلاح عن زراعة القطن نهائيا ويتجه إلي زراعة المحاصيل الأخري وتخرج مصر نهائيا من السوق العالمية وتفقدها تماما, ويسأل ماهي الآلية التي تضمن تنفيذ ماسبق أن وعدت به الحكومة من أسعارها ضامنة وبحد أدني؟. تدخل الدولة كما يحذر أبو العباس من خطورة التكتلات والاتفاقات المسبقة للشركات علي أسعار منخفضة, ويقترح أن تتدخل الدولة كممول أساسي للشراء عن طريق التعاونيات والقطاع الخاص الملتزم. كما يسأل أبو العباس هل قضية التسويق مهمة الفلاح؟ والإجابة: أن مهمة الفلاح هي الإنتاج وزيادته وجودته وعلي الدولة القيام بالتسويق لصالح الفلاح والاقتصاد المصري. وحول الموقف الحالي لمحصول القطن في ظل الظروف غير المواتية لتسويقه يقول المهندس/ عبدالعزيز شوقي عامر نائب رئيس اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن في الداخل أن منتجي القطن قد حصلوا في الموسم الماضي علي أسعار عالية لإنتاجهم نظرا لزيادة الطلب العالمي علي القطن ومما ترتب عليه اتجاههم في الموسم الحالي إلي زيادة المساحة المنزرعة والتي بلغت525 ألف فدان من المتوقع أن ينتج عنها3.6 مليون قنطار شعر في ظل انخفاض الارتباطات علي التصدير في الوقت الحالي واتجاه المغازل المحلية نحو استخدام الأقطان المستوردة بالرغم من رداءتها وتدني صفاتها الغزلية وارتفاع نسبة العوادم الناتجة عن تشغيلها وذلك لانخفاض أسعارها بالمقارنة بأسعار الأقطان المصرية فائقة الجودة. ولما كانت أسعار الأقطان الشعر المعروضة حاليا علي المغازل المحلية لا تتفق مع اقتصاديات التشغيل في المغازل المحلية مقارنة بأسعار الأقطان المستوردة فقد تم التقدم إلي الوزراء المختصين بطلب تقرير دعم للمغازل المحلية بمبلغ220 مليون جنيه علي أساس الكمية المتوقع أستلامها من الاقطان والتي تقدر ب2 مليون قنطار حتي تتمكن من انتاج غزول بأسعار منافسة لأسعار الغزول المستوردة, وفي حالة الموافقة علي هذا الدعم سيتم دعم صنف جيزة86 بمبلغ100 جنيه للقنطار وأقطان الوجه القبلي بمبلغ90 جنيها للقنطار. كما تمت التوصية لدي وزارة الصناعة والتجارة الخارجية لتقرير رسم حماية علي الغزل المستورد حماية للغزول المحلية. 25% زيادة في الإنتاج ويشير رئيس الجمعية العامة للمحاصيل ونائب رئيس اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن بالداخل إلي خطورة عدم شراء القطن من المزارعين والاتجاه إلي استيراد الغزول من الخارج لأن ذلك سيضر بمستقبل زراعة القطن في مصر وفقدان مصر لأسواقها التقليدية بالخارج, وقال إن المشكلة تأتي في وقت شهد المحصول زيادة في الانتاج تصل إلي أكثر من25% من العام السابق نتيجة وعود وزارة الزراعة بأنها ستضمن شراء كامل المحصول من خلال الجمعيات التعاونية المنتشرة بأسعار تصل إلي1700 جنيه للقنطار وهو ما دفع الفلاحين لزراعته, الا انه بعد بدء موسم الحصاد تقاعست الحكومة عن وعودها ولم تقم الجمعيات بشراء المحصول نظرا لعدم توافر السيولة لها وتراكم القطن عند الفلاحين مما جعلهم فريسة للتجار الجشعين والسماسرة والذين قاموا بالشراء بسعر تراوح بين1000 و1100 جنيه. المهندس محمد رضا إسماعيل رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي يرفض الازدواجية في التعامل مع الفلاحين فلا يعقل أن تعاملهم في وقت انخفاض اسعار الأقطان والغزول بالخارج بنظرية الاقتصاد الحر وعندما تنخفض الأسعار عالميا نسمع صراخا حول الأضرار التي ستلحق بالمغازل والمحالج وصناعات النسيج من شراء القطن المحلي وهؤلاء كانوا في مقدمة طابور خط التصدير للخارج في وقت ارتفاع الأسعار عالميا وهم الآن لا يراعون ظروف المزارعين في وقت لا يجدون مشتريا لاقطانهم. ويحذر السيد أبوالعباس عثمان رئيس الجمعية العامة للائتمان من انخفاض مساحات زراعة القطن أكثر مما حدث الآن ويقول إن الدولة أمامها خياران إما دعم المغازل لشراء القطن المصري بالأسعار العالمية وإما أو إلزام البنوك بتمويل الشركات للشراء من الفلاحين. ويطالب المحاسب محمد الزيات مدير عام الجمعية العامة للائتمان باعطاء دور اكثر ايجابية للحركة التعاونية في تسويق القطن خاصة في ظل امكانياتها التخزينية وعلاقتها القريبة بالفلاح. في انتظار مشتري ويقترح أحد أصحاب المغازل قيام الحكومة بشراء كامل المحصول من الفلاحين والقيام بحلجه تمهيدا لإعادة بيعه لشركات الغزل بالسعر العالمي وفي هذه الحالة تلتزم الدولة بدعم فارق الاسعار بين الشراء والبيع. يسأل أحد الفلاحين الحكومة: أين وعودكم بالأسعار الاسترشادية للقطن وما سبق أن اعلنته من اقترابها من الأسعار العالمية؟ الأرقام التي أعلنتها الحكومة تقول:1000 جنيه لاقطان الوجه القبلي و1200 جنيه إلي1400 جنيه لاقطان الوجه البحري, وقال إنه برغم مرور فترة طويلة علي الجني لم يتم تسويق إلا نحو500 ألف قنطار من اجمالي انتاج سيزيد علي4 ملايين قنطار!! ويرسل برقية إلي الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء والدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة: ما هو موقفكم من الابتزاز الذي يتعرض له الفلاحون حاليا ببيع اقطانهم بأبخس الأسعار؟ ويقول أحد التعاونيين الزراعيين أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أتعجب!! والنتيجة هي عزوف الفلاح عن زراعة القطن في المواسم المقبلة وسنندم حين لا ينفع الندم.