برغم أهمية القطن.. كمحصول استراتيجي وأحد مصادر النقد الاجنبي للاقتصاد القومي.. إلا انه يواجه صعوبات شديدة أدت إلي تكدس كميات كبيرة منه في المخازن..مما يؤدي إلي تعرضه لمخاطر التلف بسبب الأمطار والرطوبة. وطبقا للمؤشرات الاقتصادية فان الكميات التي تم تسويقها في القطن والذي كان مشهورا من قبل بالذهب الأبيض لم تتجاوز حتي الآن50% من انتاج القطن المصري للموسم الزراعي الحالي وذلك نتيجة احجام بعض البنوك في الشهور الماضية عن تمويل الشراء لمحصول القطن للموسم الحالي وعدم اقبال التجار علي الشراء بالأسعار التي كانت الدولة قد حددتها1000 جنيه للقنطار بالوجه القبلي و1100 جنيه للقنطار بالوجه البحري حيث يرغب الكثير من التجار في الشراء بسعر700 جنيه فقط للقنطار. ففقدان سعر الضمان الذي كانت تحدده الدولة في السنوات السابقة أسهم في تكدس الأقطان بالمخازن. وقد تفاقمت المشكلة والتي كشف عنها الاتحاد التعاوني بوجود تجار غير معروفين يجوبون المحافظات والقري لشراء تقاوي القطن والاكثر جيزة88 و86 من المزارعين بأسعار مغرية وهو ما قد يؤدي إلي عدم وجود تقاوي للزراعة للعام المقبل ويقلل من جودة القطن في الموسم القادم. من هنا فإن زراعة القطن تحتاج إلي تحفيز المزارعين ودعم القطن وعدم فتح باب الاستيراد علي مصراعيه للقطن المستورد ليكون منافسا شرسا للقطن المصري في مصانع الغزل المصرية, ولا يعني ذلك التوقف النهائي عن الاستيراد لأن المغازل تستهلك في المتوسط نحو أربعة ملايين قنطار في الموسم الواحد مقابل انتاج محلي في المتوسط إلي مليونين ونصف مليون قنطار فقط. أي أن المقصود هو ترشيد الاستيراد فقط لاتاحة الفرصة للمغازل المحلية لاستنفاد الكمية المنزرعة كل عام. ولكن تبقي هناك مشاكل أخري تتعلق بالمصانع والمغازل المحلية الكثير منها استورد الآلات التي تعتمد علي القطن قصير التيلة وحتي الشركة القابضة للغزل والنسيج فقد استبدلت بعض ماكينات تصنيع القطن طويل التيلة بأخري تعتمد علي القطن قصير التيلة وهو غير المتوافر بالأسواق المحلية. فالقطن المصري طويل التيلة هو الذي تمتليء به المخازن العامة والخاصة مما أسهم في تراكم الأقطان المصرية وعدم الإقبال عليها لعدم قدرة الماكينات علي التعامل معها, إضافة إلي ارتفاع أسعار القطن المصري وهو ما أدي لاحجام المصانع المحلية عن استخدامه في الصناعة. وبالتالي فالمشكلة مزدوجة ولا تقتصر علي زراعة القطن فقط ولكن أيضا علي صناعة القطن في مصر, وتزداد المشكلة تعقيدا إذا علمنا أن صادرات القطن تراجعت وفقا لبيانات جهاز التعبئة العامة والاحصاء بنسبة27% في الموسم الحالي بسبب ارتفاع أسعاره عالميا ووجود أقطان منافسة من الدول الإفريقية. وضياع الأسواق الأوروبية وغيرها من الأسواق التقليدية من المصدرين المصريين لوجود دول منافسة حلت محل مصر في تصدير القطن طويل التيلة لدول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول المستوردة للقطن المصري وهو ما يقتضي بذل مزيد من الجهد من جانب المنتجين لتحسين جودة القطن المصري والبحث عن أسواق جديدة. من هنا فإن مشكلة زراعة وتصنيع القطن في مصر تحتاج إلي عدة محاور للحل, منها دعم المزارعين وترشيد الاستيراد واعادة سعر الضمان وتقديم حوافز للمزارعين, واعادة هيكلة منظومة الزراعة بحيث تتناسب مع أوضاع صناعة الغزل والنسيج والمغازل وتطوير آلات تلك المصانع بما يتناسب مع القطن المصري طويل وفائق الطول. بدلا من اعتمادها الحالي علي القطن قصير التيلة. وقد يقتضي الأمر التعاقد المسبق مع شركات الأزياء العالمية لإنتاج ما تحتاج اليه من المنسوجات الفاخرة باستخدام القطن المصري طويل وفائق الطول. كما أن هناك مطالب أخري من بعض الجهات مثل الجمعية العامة للاصلاح الزراعي ومراكز البحوث الزراعية باسناد تسويق بذور القطن إلي جهة واحدة للحفاظ علي التقاوي من الخلط والتدهور مما يحافظ علي سمعة القطن المصري في الأسواق المحلية والعالمية. اضافة إلي أهمية إلزام بعض البنوك المختصة بتمويل شراء محصول القطن في فترات الأزمات وهو ما يحافظ أيضا علي سمعة القطن.