أكدت الكثير من الدراسات والإحصائيات أن العديد من حوادث التحرش بالأطفال لم يتم الإبلاغ عنها لأسباب عائلية، ويتم التكتم عنها خوفا من الفضيحة الاجتماعية، وأشارت أيضاً إلى أن 70% من الأطفال فى العالم قد تعرضوا للتحرش الجنسى بنوع أو أكثر. هذه الأرقام زادت من مخاوف الآباء على أطفالهم وجعلتهم يتساءلون ..هل أطفالهم قد تعرضوا للتحرش بدون أن يعلموا ؟ وأكد الكثير من الآباء والأمهات أن التحرش الجنسى بالأطفال لم يعد قاصرا على المدارس أو الأماكن العامة، بل أصبح داخل البيوت، بعد أن انتشرت خدمة الانترنت، إذ يمضى الأطفال ساعات فى الفضاء الالكتروني. إلا أن هذه الظاهرة دعت الكثير من الدول العربية إلى سنِّ قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفال، تتراوح بين الأحكام الشاقة المؤبدة والإعدام، وعلى خط موازٍ تم إنشاء عدد كبير من الجمعيات التى تعمل على منع التحرش الجنسى بالأطفال، وظهرت مبادرات وحملات توعية للحدِّ من هذه الظاهرة الخطيرة، بهدف استئصالها من المجتمعات العربية الإسلامية . من جانبها تقول هالة عبد القادر المدير التنفيذى للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة إنه بالرغم من أن منظمات المجتمع المدنى تحاول الحد من حالات التحرش الجنسى بالأطفال إلا أنها تواجه عدة تحديات لعل من أهمها الحاجة إلى وجود تشريعات تحد من انتشار مثل هذه الحالات، بالإضافة إلى العادات والتقاليد والعرف الاجتماعى الذى يرفض الحديث علنا عن مشاريع أو برامج حماية الأطفال من التحرش الجنسى أو من الاعتداء، وينظر إلى من يقوم بالإبلاغ عن أى مضايقة أو تحرش بنظرة دونية , وحذرت من استمرار وجود الأسباب المؤدية إلى اتساع حالات التحرش الجنسى بالأطفال، وتبعات هذا الأمر على المجتمع، وأنه على الأسرة والمؤسسات التربوية ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام تحمل مسئولياتها فى هذا الاتجاه وبذل ما ينبغى من جهود مثل تضمن الأنشطة المدرسية على برامج توعية للطفل وإرشادات ومعلومات لابد للطفل من اتباعها ومعلومات أساسية عن الجنس بطريقة مبسطة وسهلة وغير جارحة ، مع ضرورة الإقلاع عن عادة التقبيل والأحضان لاى شخص سواء كان قريبا أو بعيدا، وعدم الجلوس بمفرده فى مكان ما حتى لا يكون فريسة لضعاف النفوس، وعدم ركوب سيارة مع الغرباء دون الرجوع والأذن من الوالدين والأهل، وأخيرا بناء جسر من الصداقة بين الآباء والأمهات وأطفالهم حتى لا يتردد الطفل فى إبلاغهم بما يقع فيه من مشكلات أو تعرضه للتحرش بالمدرسة . « تشريعات جنائية » المستشار يحيى أنور محفوظ رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة يتحدث عن وجود تشريعات جنائية ومدنية لا تصلح فى مجتمعنا لتحقيق العدالة الاجتماعية والوصول إلى حالة التوازن بين شرائح المجتمع على اختلاف أنواعها, فالتشريع الذى كان يصلح بالأمس لا يصلح فى يومنا هذا فعلى سبيل المثال هناك قاعدة مستقرة تنص على أنه لا جريمة أو عقوبة إلا بنص والعقوبة هى الإيلام وإيذاء من توقع عليه العقوبة والغرض منها أولا تحقيق العدالة وثانيا هو الدفاع عن المجتمع بردع الجانى عن العودة إلى الجريمة وردع غيره عن اتخاذ مسلكه , فقانون الطفل رقم 12 لسنة 96 نص على تعريف الطفل وذلك بمادته الثانية فقرة أولى وهو ( .. من لم يبلغ 18 سنة ميلادية كاملة..) وهناك من المواد بخصوص معاملته جنائيا عن من لم يبلغ سنه 18 سنة ومن بلغ 15 ولم يبلغ 16 سنة ومن زاد على 16 ولم يبلغ 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة وتناول هذه الحالات المختلفة من الأعمار بشيء من التفصيل , إذا ارتكب الطفل الذى بلغ 15 سنة ولم يبلغ 16 سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ويجوز للمحكمة بدلا من أن تحكم عليه بالحبس أن تحكم بإيداعه إحدى المؤسسات الاجتماعية مدة لا تقل عن سنة , أما إذا ارتكب الطفل جنحة يجوز الحكم فيها بالحبس فالمحكمة بدلا من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم بإحدى التدبيرين الخامس أو السادس المنصوص عليهما فى المادة 101 من هذا القانون وهما الاختيار القضائى أو الإيداع فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية (مادة 111من القانون سالف الذكر ) يلاحظ أن القانون رقم 95 لسنة 2003 استبدل عبارة السجن المؤبد بعبارة الأشغال الشاقة المؤقتة وإعمالا لهذا النص أذا ارتكب الطفل على هذا النحو جريمة قتل أو اغتصاب أو هتك عرض لا يحكم عليه بالإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد , وفى حالة ارتكابه جريمة عقوبتها السجن مثل الضرب الذى أفضى إلى موت يعاقب الطفل بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ليس هذا فحسب بل يجوز للمحكمة بدلا من ان توقع عليه الحبس أن تقوم بإيداعه احدى مؤسسات دور الرعاية مدة لا تقل عن سنة, أما بالنسبة للطفل الذى زاد سنه على 16سنة ولم يبلغ 18 سنة فلا يحكم عليه بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالمشدد , فإذا ارتكب جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن 10 سنوات , وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المؤبد يحكم عليه بالسجن الذى لا تقل مدته عن سبع سنوات ( مادة 112 من قانون الطفل) مثال ذلك أذا ارتكب الطفل جريمة القتل العمد لا يحكم عليه بالإعدام بل يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات وإذا ارتكب جريمة عقوبتها السجن المؤبد مثل من واقع أنثى بغير رضاها يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات. ومن وجهة نظر المستشار يحيى محفوظ أن التفرقة بين مراحل العمر المختلفة ليست فى محلها لان المسائلة الجنائية فى الأصل تقوم على عنصرين أساسيين هما الإدراك والاختيار ويتحققان بتحقق سن البلوغ وهو 15 سنة عند أغلب فقهاء الشريعة لقوله صلى الله عليه وسلم ( رفع القلم عن ثلاث الصبى حتى يحتلم والنائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق ) فجعل الإسلام حدا للبلوغ شرعا لكونه دليلا على كمال العقل وهو لا يتأخر عن هذه السن عادة لذلك فإن تحديد سن الطفل ينبغى أن يعاد فيه النظر لأن ذلك سيترتب عليه إعفاؤه من عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد , لاسيما وقد كثرت الجرائم التى تهدد الأمن والسلم الاجتماعي، فعلى سبيل المثال هناك من يدفع بالحدث للأخذ بالثأر لعلمه أنه سيفلت من العقوبات سالفة الذكر وهو ما ينتج عنه المفسدة , الدكتور محمد الشحات الجندى أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد ان هناك تفشيا كبيرا لهذه الظاهرة فى ظل الفوضى التى يعيشها المجتمع المصرى، فإن التحرش بالصغار أمر غير مشروع ويمثل جريمة فى نظر الشريعة الإسلامية لأنه ينتهك عرض الأطفال ويهددهم فى شرفهم وخاصة أنهم صغار لا يعلمون شيئا عن هذا الأمر، مما يدفع البعض ذوى النفوس المريضة والضعيفة إلى إغراء الأطفال للرضوخ لمثل هذا النوع من الانتهاكات وكثيراً ما نسمع عن أساليب من الخداع بهؤلاء للوقوع فى شراك هذا الفحش . كما يسأل أيضاً عنه جهاز الشرطة وكل من علم بهذا الأمر عليه أن يتصدى له، وقد ذكر القرآن الكريم فى آياته « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم... « سورة التحريم . فهذا التزام على مجتمع المؤمنين حتى يتخذوا وسائل الوقاية التى تحفظ لهؤلاء الصغار شرفهم مما يجعلهم يشبون أسوياء فى مجتمع يحفظ كرامة الأطفالوأضاف الدكتور. الشحات الجندى أن عقاب هؤلاء الذين يرتكبون هذه الجرائم قد تصل إلى حد الحرابة أو الإعدام لان الفعل قد يصل إلى جريمة الاغتصاب مما يجعلها تندرج تحت العمل الاجرامى، وذلك لان الجرم كبير ومن شأنه أن يجعل حاضر المجتمع ومستقبله كئيبا.