يبدو وكأن المثل الشائع القائل: «معظم النار من مستصغر الشرر»، ينطبق ويتماشى مع ماحدث ويحدث فوق أرض مصر الطيبة (وأخشى أن تستمر غفلتنا عن مغزى هذا المثل وعمق أبعاده مستقبلا لاقدر الله وذلك بعد أن تهدأ الأمور وتستقر الأوضاع بإذنه تعالي!) فدائما ماتترك المشيكلة (تصغير مشكلة) لتنمو وتكبر حتى تصبح بالفعل مشكلة، ونتركها حتى تتضخم وتغدو مشكلة كبيرة، وقد تتشابك المشاكل وحينذاك تتعقد الأمور وتستعصى الحلول وهناك أمثلة كثيرة على ذلك منها أننا تركنا العشرات من أطفال الشوارع الصغار ذكورا وإناثا، منذ عقود تحت الكبارى يتزايدون ويتضاعفون ليصلوا إلى المئات والآلاف، وتقدر أعدادهم الآن بالملايين حسب بعض الاحصائيات وقد انتشروا فى أحياء عواصمالمحافظات وأصبحوا بأفعالهم واستغلالهم من جانب البعض وبمخاطرهم، جرثومة شرور ووصمة عار فى جبين المجتمع! وبالمثل فى مجال الرياضة وبصفة خاصة بالنسبة للعبة الشعبية الأولى وهى كرة القدم، فلقد تركنا المشجعين يخرجون عن آداب التشجيع ليقتحموا الملاعب ويتعدوا على الحكام ويرتكبوا أعمال الشغب، ليشكلوا بعد ذلك مايسمى بالألتراس الذى لم يقتصر نشاطه فى الملاعب، بل امتد الى الشوارع والميادين وأمام المؤسسات الحكومية والسيادية، مستغلا ظروف وأحداث ماسمى بالربيع العربي، وما حل بالبلاد فى أثره من انفلات وفوضى وبلطجة ليشارك فى الحرق والتدمير بل والقتل وإزهاق الأرواح! وبالمثل تركنا الدراجات البخارية والتكاتك دون لوحاتها المعدنية ترتع جيئة وذهابا على الطرق وفوق المحاور، وشجعها تكاثرها واللامبالاة فى تعقبها ومواجهتها منذ البداية، على ارتكاب الجرائم الجنائية المتنوعة! وبالمثل أيضا تركنا ميدانى النهضة ورابعة ملاذا للعشرات ثم المئات ثم بالآلاف، وتركنا الآلاف ممن كانوا فيه يخرجون منه دون سؤال وما هم الا الشرارة التى كانت، ثم أصبحت حرائق تهدد الأمن والسكينة وتزهق الأرواح، وتضر بمصالح الوطن! لكل هذا وذاك وغيره، نأمل على أيدى القادمين لتولى أمور الحكم وادارة مؤسسات الدولة، وأد كل شريرة تصغير شرارة بمجرد بزوغها، بل والعمل مسبقا على اتخاذ الاحتياطات الواجبة التى تمنع بزوغها أصلا. جلال إبراهيم عبد الهادي مصر الجديدة