عندما يتبرع الفنان محمد صبحى ب 50 ألف جنيه لوزارة الثقافة لترميم المتحف الاسلامى ، ثم يطلق مبادرة ال "مليون مصرى" لدى زيارة وفد من اليونسكو للمتحف لجمع تبرعات لترميمه ، فهو يؤكد من جديد أن صبحى "المواطن المصرى اللى بجد" لايبتعد كثيراً عن صُبحى الفنان الذى "صال وجال " بإبداعاته خاصة المسرحية منها ، نقدا وتقييما، وحباً فى هذا الوطن 0 لازال صبحي صاحب المشوار الفنى الطويل يقدم نموذجاً خاصاً للفنان المصرى ، المسؤل الذى يتقدم صفوف المواطنة وقت الشدة دون مزايدة ولا " طنطنة" ، ولا ادعاء للثورية .. طلب والتقى صبحي رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور ، وبصحبته الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم ، ليعرض صبحى عليه قيام مؤسسته الخيرية التى اقامها بعد ثورة يناير ببناء خمسين مدرسة فى المناطق المحرومة من التعليم ، إسهاماً فى مبادرة وزير التعليم التى تستهدف بناء ثلاثة آلاف مدرسة تجريبية نموذجية على مدار ثلاث سنوات. وطلب صبحى المشاركة فى مشروع "مصر التحدى" الذى يعالج مشكلات الأطفال المتسربين من التعليم، والذى طرحته وزارة التضامن الاجتماعى لتتم إعادة تأهيلهم، لإعادتهم إلى المسار التعليمى أو تعليمهم حرفة تساعدهم على الحياة . وقبل كل هذا كانت المبادرة التى قام بها صبحى لمشروعه الكبير عبر مؤسسته بتطوير العشوائيات ، وإنشاء مدن جديدة لأصحابها ، عبر التبرعات ، وبالتنسيق مع الدولة ،لقد كان صبحى الفنان هو اول من دعى من أبناء جيله من الفنانين إلى الخروج إلى الصحراء وتعميرها ، فى مسلسله الشهير " سنبل" ، وهو نفسه الذى توقع الثورة وجسد دكتاتورية حكامنا العرب فى عنفوانهم فى مسرحيته " تخاريف " ، وهو الذى "عرى" ديمقراطية الولاياتالمتحدة المزعومة فى مسرحية "ماما أمريكا" . وهو نفسه الذى لخص سلبيات أسرتنا المصرية ، ومحاولة الخروج منها فى "يوميات ونيس" ، فى رسالة واضحة وصلت للجميع دون خوف . وكان صبحى صاحب "الفارس بلاجواد" الذى جسد خلاله الأفكار الصهيونية ، بوجوهها المتعددة ، مواجها حرباً ضروساً من إسرائيل ذاتها على هذا المسلسل الذى منع التليفزيون المصرى عرضه لفترة ليست بالقليلة . لقد كان صبحى بين العديد من فنانين آخرين نموذجا للفنان الذى يعبر فى فنه عن قضايا وطنه ، لكنه كان ولازال من بين القلائل الذين لم يتلونوا ، وغيروا فى جلودهم نفاقاً ، ورياءاً للحاكم مثل البعض .. وعندما جاء الوقت الذي احتاج فيه الوطن أن يتغير فيه شكل هذا العطاء ليتحول من افكار يزرعها الفن إلى واقع ملموس على الارض تحرك صبحى دون تردد ، ودون انتظار ، مبادراً وليس تابعاً لدولة أنهكتها الظروف .. وهو الدور الذى بات ضرورياً وبات على كل فنان كبير أن يقوم به إلى جانب فنه ، دون تردد ليعطى لهذا البلد كما أعطته كثيراً . فى رأيى كان محمد صبحى ، فى تاريخه المسرحي , هو هذا الفنان المبدع المثقف الواعى ، أما الآن فهو فوق كل ذلك زعيم الفنانين اللى بجد فهل يحذو حذوه الآخرين ؟ لمزيد من مقالات حسين الزناتى