الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك    الري: خطة طوارئ شاملة لمواجهة فترة أقصى الاحتياجات المائية بعيد الأضحى    ترامب يهدد بخفض العقود الحكومية والدعم المالي لأعمال إيلون ماسك    خبير علاقات دولية: هجوم أوكرانيا على العمق الروسي يعزز موقفها في المفاوضات    العراق يخسر من كوريا الجنوبية ويتأهل للملحق الآسيوي بتصفيات المونديال    الجزائر تتفوق بثنائية على رواندا وديا    عمال السكة الحديد يواصلون العمل خلال إجازة عيد الأضحى لخدمة المسافرين    هنيدي ومحمود سعد وفيفي عبده..النجوم في عزاء سميحة أيوب    عيد على حبايبك.. أجمل عبارات التهنئة بعيد الأضحى المبارك 2025    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي محافظ بورسعيد ويبحثان سبل تطوير الخدمات الصحية    رسميًا.. موعد صلاة العيد الكبير 2025 في جميع المحافظات    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    أستاذ تمويل: المنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار مهمة لتعزيز بيئة الأعمال    «الشهر العقاري» تعلن تقديم خدماتها للجمهور خلال إجازة عيد الأضحى    «كل إناء ينضح بما فيه».. تعليق ناري من زوجة الخطيب على «سب» هاني شكري جماهير الأهلي    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    بروتوكول تعاون بين «التضامن» و«التعليم العالي» ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    أول زيارة للمستشار الألماني للولايات المتحدة    ورش وعروض فنية في احتفال ثقافة المنيا بعيد الأضحى    مخرجة «ريستارت» عن انتقادات مشهد ارتداء تامر حسني ملابس داخلية: أشكره على جرأته    زلزال بجنوب إيطاليا يتسبب في انهيار جزئي بموقع بومبي الأثري    صلاة العيد يوم الجمعة الساعة كام في مصر؟ رسميًا بالتوقيت المحلي    استهتار غير مسبوق    الهلال يُغري نابولي بعرض خيالي لضم أوسيمين    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    مصطفى محمد يُساند الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة أمام بيراميدز    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الخارجية الألماني يجدد مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    خلال اتصاله بنظيره الرواندي.. وزير الخارجية يشدد على أهمية تحقيق التهدئة في منطقة البحيرات العظمى    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    المجمع المقدس يؤكد على الرعاية المتكاملة ويُطلق توصيات جديدة للرعاية والخدمة والأسرة    رومانو: لاعب ميلان يخضع للكشف الطبي مع مانشستر سيتي يوم الأحد    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    قصف إسرائيلي يستهدف أطراف بلدة الوزاني وحرج بلدة يارون جنوبي لبنان    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    توريد 173ألف و821 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    بالفيديو.. "نصائح لازم تاخد بالك منها وأنت بتشتري الأضحية"    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    تحويلات مرورية أمام فندق راديسون بالطريق الدولي بعد تصادم مروع لسيارتين    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يشتاقون للجمعة الغائبة وحياة اجتماعية آمنة
الناس «زهقت» من السياسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2014

الكلام فى السياسة أصبح كالظل الذى يطاردك أينما ذهبت منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن اختفت الموضوعات الأخرى والحكايات، حتى النميمة والدردشة فى سيرة الناس أصبحتا على هامش الجلسات..
فالكل يتكلم فى الحال السياسى للبلد.. ينفعل.. يلقى بالاتهامات هنا وهناك بلا حدود أو مراعاة لأبسط المعايير التى لا يجوز إختراقها أو حتى الاقتراب منها.
فى الوقت نفسه تأثرت بشدة العادات المصرية الأصيلة ولم تعد كما كانت، فقد تغيرت ملامحها بعد أن إتسعت دائرة الأحداث السياسية وزادت خطورتها.
تفاصيل كثيرة افتقدها المصريون كانت جزءآً من حياتهم، وأصبحوا يحلمون بعودتها، كالخروج مثلا منذ الصباح الباكر يوم الجمعة للاستمتاع بالاجازة وسط الأهل والأقارب أو بصحبة الأبناء فى الأماكن والمتنزهات المختلفة، كذلك التجول ليلاً أو السفر فى أى وقت ومكان دون قلق أو خوف كما كان الأمر قبل 25 يناير..
أمام تلك الأحلام البسيطة، وفى محاولة للتعرف على الحالة المزاجية للمصريين اكتشفنا أنهم «زهقوا من السياسة».
وجاء كلام حسام عبد الجليل محاسب خير دليل على هذه الحالة، حيث قال «أنا زهقت من كل حاجة فيها سياسة»، فليس معقولاً أن تتحدث مع كل شخص تقابله فى نفس الكلام بداية من الأسرة والأصدقاء والأقارب وزملاء العمل وانتهاء بسائق التاكسى الذى ينظر إليك فور جلوسك بجواره ليسألك «عجبك ياباشا حال البلد؟ وتكون تلك الجملة بداية لحوار طويل لا ينتهى حتى وصولك المشوار الذى تريده.
وعندما تقرر عدم الكلام أو سماع أى شىء عن الأحداث السياسية، وتذهب لمشاهدة التليفزيون تطالعك الفضائيات بمئات البرامج واللقاءات وأحيانا »الخناقات« التى لا تخرج عن نطاق السياسة أيضاً، فأين نذهب إذن لنرتاح ونهدأ من تلك المطاردة السياسية.
بينما قالت منى عمران ليسانس حقوق لم تعد ملامح بلدنا كما هى، فقد تغيرت أشياء كثيرة، منها الإحساس بالأمان الذى كان السمة الأساسية لهذا البلد، ومنها أيضا يوم الجمعة الذى نحلم بعودته كما كان قبل 25 يناير، حيث الزيارات واللقاءات العائلية وأحياناً السفر فى الأماكن المختلفة لقضاء الاجازة والراحة من متاعب العمل طوال الاسبوع. والذى لم يعد يحدث الآن نظراً لأجواء القلق والتوتر المحيطة بذلك اليوم.
أضافت منى أن الحالة المزاجية العامة صارت بلا طعم وأنها أصبحت ترفض تماماً أى كلام فى السياسة لأنه على حد قولها السبب الرئيسى فى تلك الحالة المزاجية السيئة..
إبراهيم الششتاوى موظف بإحدى شركات القطاع الخاص قال: «نفسى الناس تبطل كلام وتشتغل شوية» حيث إن الكلام فى السياسة على حد قوله أصبح مهنة لمن لا مهنة له، وأضاف أنه يحلم بعودة الاستقرار والأمن مرة أخرى لأنه يفتقد كثيراً التجول فى شوارع مصر فى أوقات متأخرة، كذلك السفر ليلاً على الطرق السريعة هو وأسرته، حيث ان الأجواء السياسية الحالية لا تسمح.
نورهان الشناوى طالبة بكلية التجارة قالت: «مش بحب السياسة لأنها غيرت أخلاق الناس» وبصراحة نفسى أعمل أى حاجة تانية غير الكلام فيها، لأنها سبب رئيسى فى حالة الحزن والكآبة التى تعيشها مصر هذه الأيام.
الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى فى تحليله لحالة «الزهق» التى أصابت المصريين من السياسة يرى أن المصرى فى طبيعته الأصلية محب للحياة ومسالم وكانت تسعده أشياء بسيطة، كجلسة مع أصدقاء أو «تمشية» على النيل أو الترعة ساعة العصارى، أو سهرة حلوة مع الأحباب فى البيت أو المقهى، وقد اعتاد لعقود طويلة أن يترك السياسة لأهلها، وإذا تحدث فيها فبشكل عابر من خلال نكتة يلقيها أو نكتة يسمعها فيفرغ شحنة إحباطه أو غضبه ولا يأخذ الموضوع على محمل الجد.
ويضيف: بعد ثورة يناير تغير الأمر وشعر كل مصرى بأنه أصبح فى بؤرة الأحداث وأنه صار جزءاً من المعادلات السياسية، وعلى مدى ثلاث سنوات عاش المصريون تقلبات شديدة وحادة فى المرحلة الانتقالية جعلت السياسة هى الاهتمام الأول لدى غالبية الناس، ولم يعد الحديث فيها هامشياً أو مقصوراً على نكتة سياسية يسخرون فيها من حكامهم، ولكن أصبح الحديث مشحوناً بالصراع والمرارة والألم.
فقد انقسم المصريون الى طوائف وتيارات واتجاهات سياسية ودينية، ووصل هذا الإنقسام الى داخل العائلات والبيوت وأحدث شروخاً قاسية، وكان للآلة الإعلامية الضخمة أثر كبير فى جر غالبية المصريين الى بؤرة الخلافات والصراعات السياسية بكل تهديداتها ومرارتها وقسوتها، فأصبحوا ينامون ويستيقظون على أخبار وأحداث مزعجة وسادت حالات الأرق نسبة غير قليلة من الناس، وتغير المزاج المرح الذى عرف به المصريون إلى مزاج قلق وخائف ومتوتر وغاضب ومتحفز وسريع الاستثارة والاشتباك.
ويوضح د. المهدى أيضاً أنه لم تعد هناك مصادر للطمأنة أو البهجة، فالسائد لدى الناس هو حالة من الغموض وعدم اليقين فى المستقبل وانعدام الثقة فى الجميع، بالإضافة الى حالة من القلق تجاه لقمة العيش ومصير الأبناء واستقرار الأوضاع، حتى المناسبات التى كانت تحمل قدراً من الفرحة والسعادة مثل شهر رمضان والأعياد لم تعد قادرة على تغيير مزاج المصريين للأفضل وخلق جو من التسامح والتصالح والتوافق بينهم، ولم تعد قادرة أيضاً على إزاحة طبقات الهم المتراكمة، إذ يبدو أن الشروخ عميقة والجراح مؤلمة.ويشير أستاذ الطب النفسى الى يوم الجمعة الذى كان يمثل بشكل خاص يوم راحة واسترخاء ومناسبة للخروج والتنزه والزيارات واللقاءات الحميمة، هذا اليوم لم يعد كما كان حيث أصبح مشحوناً كل أسبوع بأحداث مؤسفة ومظاهرات وانفجارات ومواجهات سياسية حادة، وعزف كثير من الناس عن الخروج فى هذا اليوم خوفاً من المفاجآت غير السارة التى يمكن أن تواجههم.
ومن هنا سادت حالة من «الزهق» والتشبع السلبى من السياسة والسياسيين ومن برامج التوك شو الساخنة والمشتعلة والمهيجة للصراعات والخلافات، وصار الناس فى لهفة إلى لحظات يبتعدون فيها عن كل مايتصل بالأخبار السياسية، ولكن للأسف تلاحقهم الأحداث والأخبار والتحليلات المخيفة فتحكم الخناق حول رقابهم، ولهذا اختفت الكثير من المشاعر الجميلة، وإختفت النكتة اللطيفة التى إشتهر بها المصريون وحل محلها تعليقات لاذعة وجارحة وعدوانية على صفحات الانترنت.
ويضيف إن الناس فى حالة ترقب لانتهاء ذلك الصراع السياسى وتلك الحالة من «الزهق» والاختناق والغرق فى بحر السياسة الأسود الحالك، والأمل مازال يراودهم فى أن تستقر الأوضاع لينصرفوا إلى حياتهم البسيطة المعتادة، وينشغلوا فى مشروعات البناء العامة والخاصة، ويقود حالة المحبة والصفاء كما كانت وتلتئم الجراح الغائرة .. لكن كيف ومتى ؟ هذا ماستجيب عنه الأيام والأحداث القادمة.
ويبقى الأمل كما يقول د. المهدى كبيراً فى قدرة الله سبحانه وتعالى على أن يوفق قادة هذا البلد ومفكريه للبدء فى برنامج بنائى إصلاحى تصالحى يلم الشمل ويوجه الطاقات نحو البناء ويعيد للمصريين بهجتهم وسعادتهم ومحبتهم لبعضهم وللحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.