تعيش مصر اليوم الذكرى 45 لنكسة عام 1967، ورغم ما نمر به من زخم سياسي، وصراع بين القوى الثورية والحكومة والسلطة الحاكمة، لإنقاذ ثورة 25 يناير، لم تخلو صدور الكثير منا من الآلم والحزن كلما تذكر أو سمع عن عام النكسة، وبسؤال الخبراء النفسيين تبين مدى تأثر الحالة المزاجية لدى الشعب المصري بذكرى نكسة 1967، حيث اكد علماء النفس المصريين انة من السهل جدا تغيير المزاج العام للشخصية المصرية من الحزن الى الفرح والعكس. قال د.يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى، أن الشخصية المصرية تعرضت منذ عام 67 إلى الان للعديد من التغيرات ما بين الشعور بالإحباط والاكتئاب الى حالة البهجة والفرح بانتصار اكتوبر 73 فتميزت بالترابط العميق واختفاء النزاعات والخلافات الشخصية، وتوحد الجميع على كلمة وهي الوصول الى النصر وهزيمة العدو المحتل للاراضى المصرية، فطالما حدد المصريين هدفا أجمع عليه الكثيرون تجد المزاج العام كله مترابط فانحصرت السرقات والهجوم على المنازل، وسادت حالة من الاستقرار المزاجى، ولكن لعب التوتر والخوف من المستقبل منذ اواخر الثمانينات حتى قبل ثورة 25 يناير نتيجة تردى أحوال المعيشة وانتشار الفقر والبطالة وارتفاع معدلات الجريمة . وأضاف أن الحالة المزاجية للمصريين تشهد تقلبات يومية نتيجة لاختلاف المواقف السياسية والاحداث المتلاحقة التى لم يتعود عليها المصريين فالحذر من الحديث السياسى اختلف بشكل قياسى بعد الثورة وهذا الامر يؤدى الى اختلاف المزاج العام للمصريين بشكل سريع جدا . وفسر موقف المصريين الان بانه يشهد حالة من التخبط وتناقض المشاعر وعدم الاحساس بالأمان على مستقبلهم، موضحاً أن العلاج من تلك التقلبات المزاجية يكمن فى الإسراع من قبل القادة الى إعادة الأمور لنصابها الطبيعي إضافة الى سرعة بناء مؤسسات الدولة بعد ان انتشرت فيها الفساد بشكل يصيب بالاحباط والاكتئاب . وأشار د.احمد هلال الخبير النفسى، ان هناك فرقا كبيرا بين الحالة المزاجية للمصريين اثناء نكسة 67 وبين الأوقات التى نعيشها فى تلك الأيام، لافتاً لالتفاف الشعب المصري حول القائد والزعيم جمال عبد الناصر لانهم يعلمون الظروف السيئة التى طالت البلاد، وطالبوا القائد بالاستمرار فى الحكم للخروج من تلك المعضلة السياسية فشهدت تلك الايام ملحمة نادرة بين الشعب والقيادة الحاكمة للبلاد، واستطاعوا تغيير الظروف من هزيمة إلى انتصار تحدث عنه العالم اجمع وما اشبه الليلة بالبارحة، ففى أول ايام 25 يناير انتفض المصريين للمطالبة بحقوقهم فى وجة الظلم والفساد الذى نخر فى جميع مؤسسات البلاد ولولا الاجتماع على كلمة واحدة لكان مصير هؤلاء الشباب مثل أهل الكهف الذين اختفوا عن الانظار لمدة 99 عاماً، ولكن اليوم نحن نعيش مأسآة حقيقية، بعدما أجبرنا على اتباع النظام القديم إلى كراهية المصريين لثورتهم فلم يكفهم افساد الذوق العام للمصريين من اخلاق واغانى ومعمار على مدار ثلاثين عاما بل قاموا بتوجية راى المصريين الى النواحى السلبية التى تزيد من الامور تعقيدا وعنفا . وأضاف انه من السهل تغيير الشخصية المصرية الى السؤ او الخير بسهولة جدا فاذا وجدت الشخصية المصرية من يقودها الى شاطىء الخير فستلزم معها بما تملية عليها من طلبات . ولفتت د. فاطمة موسى استاذة الطب النفسى، إلى أن المزاج العام يعبرعن الخيارات والتفضيلات الأساسية التى تنتشر بين أغلب الناس فى المجتمع، والتى يتشكل منها الرأى العام، ويتشكل منها السلوك السائد، أو الاختيارات السائدة، ولم يكن المزاج العام للمجتمع المصري غائبا قبل الثورة، ولكنه لم يكن فاعلا فى المجال السياسي، لأن الاستبداد كان يسيطر بالكامل على المجال السياسي، فظل المزاج العام للمجتمع المصري يشكل اختياراته الثقافية والدينية والاجتماعية فى عهد النظام السابق، ويصنع التوجهات السائدة للرأى العام، دون أن يكون لذلك أثر واضح على المجال السياسي. واستطردت فمنذ ايام نكسة 67 ومرت الشخصية المصرية بالعديد من المزاجات المتقلبة مابين الشعور بالاحباط والفرح والتوتر والخوف وهو ما تهتم به الدول الغربية فى دراستة وذلك لشعوب دول العالم الثالث عامة ومصر بشكل خاص لأن الشخصية المصرية تمتاز بطباع خاصة من الصعب وضوح ملامحها، فنحن من نوعية الشعوب التى لابد ان توضع فى الازمات طوال الوقت حتى يتم توحدنا وزيادة انتاجنا ونرى ذلك جليا فى العديد من المسائل الحيوية كبناء السد العالى وتأميم قناه السويس وحروب الاستنزاف والوصول الى حرب 73 ، ومنذ هدوء الحال وتوافر نسبة كبيرة من الاستقرار الامر الذى ادى الى تزايد الشعور بالاحباط من التغيير الى الايام القليلة قبل الثورة المصرية ولكن بعد الثورة، تحررت الإرادة الشعبية، وأصبح الفعل الشعبى والجماهيرى مؤثرا على مسار العملية السياسية، وبدأت فاعلية الناس تظهر فى المجال السياسي، وهنا ظهر أن المزاج العام له الدور الأول فى تحديد خيارات عامة الناس فى المواقف والقرارات السياسية، بما جعل الرأى العام هو المحرك الأول للعملية السياسية، وله تأثير كبير يتفوق على أى تأثير آخر، بما فى ذلك تأثير النخب السياسية أو الإعلامية على الشخصية المصرية التى مازالت تعيش حالة من التناقض والاضطراب السلوكى حتى الان . وقالت د مها وصفى استاذ الطب النفسى لقد مرت مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير بتغيرات سريعة، وقد ظهرت آثار هذه التغيرات على الرأى العام المصرى أولا، فى شكل التسييس وارتفاع الوعى السياسى لدى قطاعات واسعة جدا من المصريين، وثانيا، فى شكل التغير السريع فى اتجاهات الرأى العام لملاحقة سرعة التغير فى الأحداث المتلاحقة. لقد أنهت التطورات الثورية الأخيرة عصر الركود وبطء التغيرات فى اتجاهات الرأى العام، كما أنهت حالة الانصراف عن السياسة والشأن العام التى ميزت عموم المصريين لعدة عقود، وفى ظل هذه التغيرات أصبح لدراسة الرأى العام المصرى وملاحقة التغيرات التى تطرأ عليه بطريقة علمية أمر شديد الأهمية والفائدة لنشطاء السياسة والمحللين وصناع القرار، وهى المهمة التى ينوى مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية القيام بها بشكل دورى فى المرحلة القادمة وأكدت الخبيرة النفسية أن هناك اجهزة بأكملها تحرك المزاج العام للمصريين وتغيير الرأى العام والتغطية على احداث معينة وتمرير قوانين معينة تخدم كل اذناب النظام السابق وهذا جزء من عمل الدولة الامنية التى كانت سائده فى الماضى ولكن الشخصية المصرية حيرت الكثيريين ممن قاموا بدراسة وتحليل تلك الشخصية وابرز مثال حينما قال وزير الداخلية المحبوس حاليا فى احدى حواراته التليفزيونية قبل ايام من احتفالا الشرطة باعياد 25 يناير وأكد "اننا لسنا تونس كى يحدث فيها ثورة على النظام " ولكن الشخصية المصرية خيبت امال الاجهزة الامنية قاموا باشعال الثورة المصرية واعتقد ان مثل هذة الشخصية قادرة ان تحير الكثيرين فى فهمها .