جاءت مطالبة وزير الأوقاف وأعضاء نادي تدريس جامعة الأزهر بسحب الشهادات الأزهرية من الدكتور يوسف القرضاوي بسبب فتاواه المضللة وتحريضه المتواصل علي القتل وسفك دماء المصريين لتفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات عن المسكوت عنه في ساحة الفتوي, فهل يتم تعميم هذا علي كل من يخطئ في الفتاوي؟! وهل نحن بحاجة لفرض قانون أو آلية لضبط الفتوي تجعل الإفتاء عبر وسائل الإعلام مقصورا علي من يحمل ترخيصا وأن يتولي الأزهر مهمة منح هذه التراخيص؟! يقول الدكتور سعيد عامر, أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية, إن سحب التراخيص من المجترئين علي ساحة الفتوي يعود إلي هيئة كبار العلماء, فينظرون إلي خطورة الفتوي وواقعها, وليس كل من أخطأ في فتوي تسحب منه الشهادة الأزهرية, وهذا ليس علي عمومهم, لأن كلا منا له وعليه, فالأمر يعود إلي فهم الواقع وفهم الواجب في الواقع, وأري أنها ليست علي إطلاقها لأنه لا عصمة إلا للأنبياء, أما من يخطئ خطأ شديدا في الفتاوي العادية علي جهة عمله أن تحاسبه وأن تراجعه في ذلك, وعليه أن يعود إلي الصواب وإلي الحق.أما موضوع يوسف القرضاوي فيرجع الأمر إلي هيئة كبار العلماء والمجلس الأعلي للجامعة هو الذي يحدد مصيره وذلك نظرا لخطورة فتاواه علي البلاد والعباد. من جانبه يقول الدكتور أحمد محمود كريمة, أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر, إن جموع الأزهريين استقبلوا بيان استقالة الدكتور القرضاوي من عضوية هيئة كبار العلماء بالأزهر, بالترحاب, لأن عباراته تضمنت إساءات بالغة وتجريحا وتشويها وتشهيرا بالأزهر الشريف, وأننا مشفقون عليه فما كان ينبغي لمن له تاريخ في الدعوة إلي الله أن يخالف ما كان يدعو إليه, فيقول الله تعالي:( ولا تنابذوا بالألقاب),( ويل لكل همزة لمزة), وأيضا تطاول علي العلماء المسلمين, والتطاول علي خير أجناد الأرض. وأضاف: إن القرضاوي رغم فقدانه شروط الانضمام التي نصت عليها اللائحة إلا أن الأزهر سمح له بالانضمام وأن يعتلي منبر الجامع الأزهر, ولكنه أساء إلي نفسه قبل غيره, فإذا كان يحرك الفتن في محل إقامته بدعوي الشرعية, فلماذا صمت عن الانقلابات الأخري في بعض الدول, كما أنه أخطأ بإنشاء كيان مواز محاز للأزهر الشريف بما يسمي ب( الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين), وهو علي غير الحقيقة فلا يضم من العلماء إلا أفرادا يعدون علي الأصابع, والغريب أن د. القرضاوي قد كفر سيد قطب قبل ذلك لما كتب كتابه( معالم في الطريق) والذي حكم فيه علي المجتمعات المسلمة بالجاهلية والكفر, وقال بالنص( إن سيد قطب خرج عن أهل السنة والجماعة) ثم بعد ثورة25 يناير تقمص زي ودور الخوميني في ميدان التحرير, فما كان يليق بهيئة كبار العلماء أن تضم التابعين لا المتبوعين, أما عن سحب الشهادة الأزهرية, فهذا الأمر يرجع إلي هيئة كبار العلماء وهم الذين يحددون مصيره في هذا الشأن. وحول سبل مواجهة الفتاوي المثيرة للفتنة, يقول الدكتور شوقي علام, مفتي الجمهورية, إن هذه الفتاوي الغريبة تمثل حالة من الفوضي في الخطاب الديني وهي في الغالب الأعم ليست صحيحة ولم تصدر عن أية جهات رسمية, والإعلام مسئول مسئولية كاملة عن ترويج مثل هذه الفتاوي الشاذة, التي تثير البلبلة لدي المسلمين والتي لا تعبر إلا عن رأي مطلقها, وهناك مشكلة أخري أن البعض يخلط بين الرأي والفتوي, والساحة الدينية اليوم تعاني من فوضي عارمة في الفتاوي وفوضي في الخطاب الديني, نظرا لتصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين للإفتاء, ونتيجة لتلك الفوضي خصوصا المنتشرة عبر الفضائيات والتي تصدر عن أناس غير مؤهلين للإفتاء من الأساس مما تسبب في حدوث بلبلة وتشكيك للناس في أمور دينهم ولابد من قصر الأمر علي المتخصصين من العلماء, وتأهيل العلماء للإفتاء من خلال المعايير التي ينبغي أن تتوافر فيمن يتصدر لهذه المهمة العظيمة. وأضاف المفتي: إن القضاء علي هذه الظاهرة مهمة كبيرة, وهذا ما نحاول أن نتصدي له, ونقوم في هذه المرحلة بوظيفة الدار من بيان للأحكام الشرعية بطريقة منضبطة تحد من الفتاوي التي تحدث بلبلة في المجتمع وتقضي علي ما يسمي بفوضي الفتاوي, وسيتحقق ذلك الأمر من خلال الإسهام الفاعل في بث مزيد من الوعي العام لدي جماهير الأمة بهذه القضية, والعمل علي إرساء ما سماه بعض علمائنا بثقافة الاستفتاء, لأن هذا بمثابة التحصين من الوقوع في هذا الإشكال, والأمر الآخر يتمثل في العمل الدءوب علي تصحيح المفاهيم الفاسدة التي تخلفها تلك الفتاوي الشاذة والغريبة علي مجتمعاتنا وعلي روح الإسلام الوسطي الذي اتخذه الأزهر منهاجا له, فالمؤسسة الأزهرية هي عنوان للوسطية الإسلامية التي تسع الجميع وتحتوي الجميع, وستظل بفضل الله عز وجل مرتكزا لكل دعوات الخير, وقيادة لا أقول روحية فقط, وإنما قيادة فكرية قادرة علي ضبط إيقاع المجتمع إذا ظهر فيه النشاز في أي صورة من صوره. وناشد العامة ألا يأخذوا أمور دينهم إلا من متخصصين ولا يلتفتوا لتلك الآراء الغريبة إلا ما أقرته الجهات الدينية الرسمية كالإفتاء أو مجمع البحوث أو هيئة كبار العلماء, وعلي وجه الخصوص ما يتصل بالفتاوي الحساسة والمؤثرة في المجتمع كما يسمي الآن بالشرعية والجهاد, والتي تكون سببا في شيوع الفتنة وتعريض دماء وأرواح الناس للخطر.