نصلي هذا المساء قداس عيد الميلاد متحدين مع قداسة البابا فرنسيس ومع إخواتنا البطاركة والاساقفة في الكنيسة الكاثوليكية في أنحاء العالم أجمع ونصلي أيضا مع شعوب العالم بعد أن احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بختام السنة المكرسة لتعميق الايمان, وما الإيمان الحقيقي سوي المصالحة الشاملة, مصالحة مع الله, ومصالحة مع الانسان الاخر وقبوله. هذا يعبر بصدق عن حال العالم اليوم, وعن حاجة كل إنسان الي تجديد إيمانه, وعن الرغبة الانسانية العميقة في قبول الانسان لأخي الانسان بعد أن مزقت الاسرة البشرية حروب في أغلب بلاد العالم يشعلها التعصب المقيت, والعنصرية المرزولة ويشيع الارهاب في كل نفس بشرية الخوف والقلق, فيقتل في الانسان كل رجاء في الحياة فتنعدم الرؤية لينغلق الانسان علي نفسه. إن في حضارتنا المعاصرة ثقبا خطيرا وهو التهاون بأمور الروح والفضيلة. لقد نسينا أن نور العقل هو اشعاع من نور الخالق, وأن قدرة العقل بعض من قدرة الخالق, فأصبح ما يحققه الانسان في مختلف نواحي الحياة سببا للغرور والكبرياء. فيفقده ذلك الحس الروحي والرؤية الالهية لمعني الحياة والمصير في هذا الواقع يأتي عيد الميلاد ليذكرنا بان كيان الانسان لايتحقق إلا بمدي الاتحاد مع الله لابمعزل عنه, فلا صراع بين الله والانسان. جاءت مسيرة المسيح علي الأرض خلقا جديدا لعلاقة الانسان بأخيه الانسان. فقيمة الانسان هي في ذاته, لا فيما يملك من أسباب القوة والمال والسلطة. لذا ولد المسيح في مغارة بعيدا عن كل مظاهر التملك, عاش في أسرة متواضعة ومكافحة. فانتمي هكذا إلي الانسان العامل الشريف الذي يتعامل مع الطبيعة والمادة في صبر وثقة, نابعين من ضمير نقي. لقد حمل رسالته الي الضمير الانساني ليوقظه, فلا صلاح لانسان إلا بصلاح ضميره ونقاء سريرته وتوهج روحه بالخير, ولاصلاح لمجتمع إلا بوحدة أبنائه وترابطهم وتعاونهم علي الخير. إن ميلاد المسيح فرصة لنا جميعا, لنتساءل مع ذواتنا عن طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض, في علاقتنا, في وطننا تجآه الخير العام: هب محبة الله ومحبة القريب كوصية هي الاساس في تصرفاتنا؟ هل هي الدافع الحقيقي للمصالحة واللقاء بالاخر؟ لذا ننتهز احتفالنا بميلاد المسيح لنجدد هذه الوصية في حياتنا لنعيش مصالحتنا مع الله ومع ذواتنا والقريب. أحبائي, ولد المسيح, افرحوا, تصالحوا, كونوا سفراءه أينما كنتم. في نهاية رسالتنا هذه باسمكم جميعا أتوجه إلي سيادة الرئيس عدلي منصور وكل معاونيه المخلصين بالشكر والتقدير علي جهودهم ومحاولتهم من أجل استقرار وأمن وطننا الحبيب مصر. بطريرك الاسكندرية للأقباط الكاثوليك لمزيد من مقالات الانبا ابراهيم اسحق