يقينا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استرجع الكثير من مشاهد الحربين الشيشانتين الأولي, والثانية.. وما ارتكبته وترتكبه جماعة الإخوان المسلمين من جرائم في روسيا, يوم طلب منه الرئيس المعزول محمد مرسي رفع اسم الإخوان المدرج علي قائمة المنظمات الإرهابية المحظور نشاطها بموجب قرار المحكمة الروسية العليا. ويقينا أيضا أنه كان علي علم بما كان يدور من حوارات بين مرسي وزعيم القاعدة محمد الظواهري, وعلاقة القرابة التي تربط الأخير برئيس ديوان الرئاسة السابق محمد رفاعة الطهطاوي وما يترتب علي هذه العلاقة من التزامات تهدد أمن بلاده. لم يكن بوتين ليغفل كذلك أبعاد الأخطار التي تهدد مصر وما يجاورها من مناطق, جراء تدفق آلاف الإرهابيين الفارين من أفغانستان إلي سيناء, متسلحين بما تم تهريبه من أسلحة ليبية, استعدادا للانتقال إلي سوريا ومنها إلي شمال القوقاز تحت رعاية دول عربية وغربية علي حد تعبير مصادر رسمية روسية.. من هذا المنظور, وبعد أن عاد الإرهاب ليضرب الكثير من أرجاء روسيا في توقيت بالغ الحرج قبيل افتتاح دورة الألعاب الشتوية الأوليمبية في سوتشي فبراير المقبل يمكن استيضاح مدي الأهمية التي يوليها بوتين اليوم للحد من اخطار التيارات الدينية المتطرفة والافكار الوهابية الوافدة من المنطقة العربية. خاصة, أن الأحداث الإرهابية الأخيرة, في فولجاجراد وأماكن أخري, اضطرت الزعيم الروسي إلي العودة ثانية إلي ثوابت استراتيجيته الأمنية التي سبق وحقق من خلالها الكثير من النجاح ضد الحركات الانفصالية المدعومة من جانب دوائر غربية وعربية, إدراكا من جانبه لأبعاد العلاقة الجدلية التي تربط بين دسائس الغرب وسعيه للتخلص من الخطر الروسي, من خلال اعتماده علي التنظيمات الدينية المشبوهة, واستغلال قصور بعض السياسات الاقتصادية والتعليمية في جنوبروسيا. ومثلما فعل بالأمس القريب, عاد بوتين لينشد دعم نظرائه في الغرب ممن اضطروا الي غض الطرف عن شمال القوقاز,مقابل اطلاق اياديهم في افغانستان ومنحهم بعض التسهيلات العسكرية في بلدان اسيا الوسطي واستخدام المجال الجوي لروسيا عقب أحداث سبتمبر.2001 ومثلما نجح في استغلال متغيرات الساحة الدولية آنذاك, يعود بوتين اليوم إلي محاولات حشد الجهود الدولية ضد أخطار الإرهاب الذي عاد ليظهر بوجهه القبيحفي فولجاجرادعلي غرار ما يحدث في مصر وسوريا وليبيا وبلدان اخري, بموجب نفس السيناريو ومن خلال نفس المدبرين, حسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية. وكشف البيان ضمنا عن دور القيادات التخريبية ومنها دوكو عمروف الارهابي الشيشاني الذي يدعو تحت راية الجهاد, إلي اقامة الخلافة الإسلامية في شمال القوقاز, إلي جانب فضحه لأدوار الكثيرين من رجال السياسة في الخارج ممن يباركون من وراء ستار نشاط المنظمات المتطرفة. وثمة ما يشير إلي أن سياسات التشدد التي عادت إليها موسكو لمواجهة الإرهاب والتطرف, لابد وأن تمتد لتشمل العرب والأجانب الوافدين إلي روسيا. ولكم كان من سخريات القدر ان يواكب انفجار موجة الارهاب في فولجاجراد, اصدار سلطات مقاطعة كراسنودار, حيث الاستعدادات لافتتاح اوليمبياد سوتشي, لقرارها بطرد17 مصريا كانوا قد وقعوا ضحية ألاعيب تجار التأشيرات وبيع أحلام الهجرة, وراحوا يبحثون عن السلوي والملاذ لدي نظرائهم في موسكو ممن يشغلون ادني درجات السلم الاجتماعي, ووجدوا ضالتهم في الحصول علي الجنسية الروسية عبر الزواج من روسيات. بل أصبحوا أسري حلم التدثر بتشكيل نقابي يحمل اسم الجالية المصرية متعلقين بأهداب السفارة المصرية التي يزعمون مباركتها لهذه الفكرة, دون ادراك لمقتضيات' الجنسية الروسية' التي تحظر عليهم الإبقاء علي جنسيتهم المصرية, وما يترتب علي ذلك من وضعية تجعلهم قانونا خارجين عن دائرة إشراف أي مؤسسة مصرية.