السادات.. وملحمة أكتوبر    لتعزيز المشاركة السياسية في انتخابات مجلس النواب 2025    منافسة عالمية على «تلال الفسطاط» |تأهيل 5 تحالفات دولية لتشغيل أكبر «حدائق الشرق»    مدبولي: الموافقة على الطرح وإنهاء التعاقد ل9 مشروعات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص    اجتماع خليجي أوروبي يدعم خطة ترامب ويدعو إسرائيل لضمان المساعدات والإفراج عن أموال السلطة    صحة غزة: 21 شهيدا خلال يوم واحد جراء الغارات الإسرائيلية    استطلاع: 64% من الإسرائيليين يطالبون باستقالة نتنياهو الآن    الكرملين: تصريحات ترامب حول تمديد معاهدة ستارت الجديدة تبعث على التفاؤل بالحفاظ على الاتفاق النووي    منتخب 2008 يستعد لمونديال المغرب بمواجهات قوية أمام كبار دوري اليد    الزمالك يدعو لجمعية عمومية من أجل تعديل لائحته    أيمن الشريعي: جميع أندية مصر تضم لاعبين من إنبي    القبض على صانعة المحتوى دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بالجيزة    جيل يتحدث مع الآلة    خالد العناني يقود اليونسكو.. تفاصيل عن المنظمة العالمية التي تحمي التراث وتعزز التعليم    الألباني روبرت بودينا يحصد جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو عن فيلم قطرة ماء بمهرجان الإسكندرية السينمائي    حزب الجبهة الوطنية يحتفي بفوز العناني في انتخابات اليونسكو: انتصار جديد للإرادة المصرية    الوثائقية تكشف أسرار الجمسي مهندس الحرب والسلام احتفاءً بنصر أكتوبر المجيد    نوفمبر المقبل.. بدء تصوير «أب ولكن» ل محمد فراج    عندهم شرف ويقفون بجانب الغلبان.. 5 أبراج تتمتع بصفات نبيلة (هل أنت منهم؟)    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    جولة مفاجئة لنائب وزير الصحة بمستشفى أم المصريين: استبعاد المدير ونائبه ونقل المدير المناوب    الهجرة العشوائية لامريكا أو اللوتري الأمريكي .. طريقة التقديم والشروط المطلوبة    سوسن بدر للوثائقية: الجبهة الداخلية هى الجبهة الأولى فى ضهر قائدها    إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قرية كفر عين شمال رام الله    الاتحاد الأوروبي: يجب إنهاء دورة الموت في قطاع غزة    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد احتفال الطلاب بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    آية سويلم تحصد الذهب في بطولة نيويورك للقوة البدنية    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    سلة – الأهلي يهزم الأولمبي في دوري المرتبط    «البترول» تستعد لحفر بئر جديدة في البحر المتوسط    سر صفاء الذهن..عشبة صباحية تمنحك تركيزًا حادًا وذاكرة قوية    الأهلي يحدد 16 أكتوبر موعدا مبدئيا لرحلة بوروندي    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    الرابط مفعل.. خطوات التقديم على وظائف وزارة الخارجية عبر منصة مسار في السعودية    وزير الخارجية يلتقي رئيسة المؤتمر العام لليونسكو والمندوبة الدائمة لرومانيا لدى المنظمة    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الإثنين 6102025    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
الغطاء الرسمي للإرهاب..!

إذا كان هناك بين وزراء حكومتنا من يعترض علي قانون تنظيم التظاهر فهو غطاء رسمي للإرهاب.. وإذا كان هناك بين الوزراء من يرفض دخول الأمن إلي الجامعات فهو غطاء رسمي للإرهاب..
وإذا كان هناك بين الوزراء من يرفض حظر أنشطة الجماعات المتطرفة فهو غطاء رسمي للإرهاب.. وإذا كان هناك بين الوزراء من يرفض إدراج جماعات العنف علي قوائم الإرهاب فهو غطاء رسمي للإرهاب.. وإذا كان هناك بين الوزراء من يتواصل مع البرادعي حتي الآن فهو غطاء رسمي للإرهاب.. وإذا كان هناك بين الوزراء من ينتمي إلي حركات وائتلافات داعمة للعنف فهو غطاء رسمي للإرهاب.. وبذلك فإذا استمرت هذه الحكومة في موقعها أكثر من ذلك فهو غطاء رسمي للإرهاب!
في الوقت نفسه, إذا استمر الأداء الإعلامي بهذه الوتيرة, وخاصة ما يتعلق منه ببعض الفضائيات, فهو غطاء داعم للإرهاب.. وإذا استمرت المنظمات الأهلية تعمل بلا رابط ولا ضابط فهو غطاء مجتمعي للإرهاب.. وإذا استمر التعامل مع المظاهرات غير الرسمية بأيد مرتعشة, فهو غطاء أمني للإرهاب.. وإذا استمر إغداق التمويل الأجنبي علي بعض النشطاء السياسيين فهو غطاء دولي للإرهاب, وإذا استمرت قضايا العنف وسفك الدماء تتداول, دون سقف زمني لحسمها, فهو غطاء قضائي للإرهاب.. وإذا استمر الفساد المالي والإداري شائعا في المجتمع, دون مواجهة حقيقية, فهو غطاء يسهم في رفع وتيرة الإرهاب.. وإذا استمرت الدول الداعمة للعنف في مصر علي موقفها, دون تصد واضح لها, فهو تخاذل في مواجهة الإرهاب.
هذه هي الحقيقة.. التي يجب أن نعترف بها جميعا, وهي أن الإرهاب, الذي يطل برأسه الآن, وأصبح واقعا نعيشه, هو إما من صنع أيدينا, أو نتيجة تراخ وتهاون في التعامل معه, ومع الداعمين له, ولنكن أكثر صدقا واتساقا مع أنفسنا ونقر بأننا أمام دولة تدعم الإرهاب, بطريق مباشر, أو غير مباشر, إلا أن النتيجة واحدة, وهي أننا أصبحنا أمام شعب لم يعد آمنا لا علي يومه, ولا علي غده.. وفي المقابل نحن أمام حكومة تصريحات دون المستوي, وإجراءات لا تتناسب مع طبيعة الأحداث, بل إن الخلافات واضحة فيما بين أعضائها في التعامل مع الموقف, ولم لا؟, وهي حكومة برادعاوية جاءت في غفلة من الزمن, وكان عليها أن ترحل برحيل زعيمها, الذي أسهم في تشكيلها قبل أن يفر من وطنه إلي منفاه الاختياري.
ومن هنا.. فإن كل قطرة دم أريقت, منذ تشكيل هذه الحكومة بعد الثلاثين من يونيو, هي في رقبتها, ويجب أن تحاسب عليها, وأن استشهاد نحو200 من رجال الشرطة, منذ ذلك التاريخ, هو في رقبتها, ويجب أن تحاكم بسببهم, وأن أضعاف هذا الرقم من المدنيين, الذين أزهقت أرواحهم غدرا, أيضا في رقبتها, ويجب أن تتحمل مسئوليتهم, وأن خسائر كبيرة قد لحقت بالدولة, طوال هذه الفترة, اقتصاديا, وسياحيا, هي في رقبتها, ويجب أن تسدد فواتيرها, وأن حالة من البؤس والاكتئاب العام يعيشها المواطن, من أقصي البلاد إلي أقصاها, هي في رقبتها, ويجب أن تعتذر لهم.
إذن.. متي يمكن أن تستقيل هذه الحكومة؟.. وماذا تنتظر أكثر من ذلك؟.. ولماذا لا تقال إذا كانت لا تتحلي بالشجاعة التي تجعلها تبادر بالرحيل؟! الواضح إذن.. أن الشعب والشرطة في الداخل, كما القوات المسلحة في سيناء, أصبحوا يسددون, بصفة يومية, فاتورة إخفاق حكومة ضعيفة, وهشة, لا ترقي أبدا إلي مستوي الأحداث, وكان لزاما عليها بعد العملية الإرهابية بالمنصورة أن تصدر قرارات فورية بحظر المظاهرات, علي اختلاف توجهاتها, سياسية كانت أو فئوية, وكان لزاما عليها أن تحظر أنشطة كل الأحزاب والجماعات والائتلافات الداعمة للإرهاب, تصريحا أو تلميحا, وكان عليها أن تطلب أحكاما عرفية لفترة من الزمن لا تقل عن عامين, وكان عليها أن تقطع العلاقات مع الدول التي تؤوي إرهابيين ومناوئين, أمريكية كانت أو أوروبية أو خليجية, وكان عليها أن تبادر بالاعتراف بالفشل, ومن ثم الانسحاب من المشهد السياسي, وتسليم السلطة إلي القوات المسلحة لإدارة البلاد, حتي تعود بالحياة إلي طبيعتها, إلا أن العكس هو الذي حدث, فراحت تصدر تصريحات مترددة أحيانا, ومتضاربة أحيانا أخري, ومتخاذلة معظم الوقت, وكأنها تعيش في واد, والشعب في واد آخر, وراحت عقب اجتماع استمر أكثر من4 ساعات تتحدث عن أن قانون الإرهاب لا يزال محل نظر, علي حد قول أحدهم, ثم توج السيد رئيس مجلس الوزراء كل ذلك بقوله: إن الذي نفذ عملية المنصورة إرهابي!.. هذا كل ما في الأمر, وهو أن الحكومة اكتشفت بعد طول بحث ودراسة أن الفاعل إرهابي, إلي أن اكتشفت أنها أصبحت في مأزق حقيقي لا بد من تداركه, فراحت في اليوم التالي تستجيب لضغط الشارع وتعلن جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا.
يجب أن نعترف..
بأننا في بداية طريق شائك, لا يعلم إلا الله وحده منتهاه, وهو طريق الإرهاب الأسود, الذي يجد إنفاقا طائلا من المال, وتتبناه جماعات لا علاقة لها بالدين, ولا بالدنيا, والممولون له يكنون لمصر وأهلها حقدا دفينا, والمنفذون له طمس الله علي قلوبهم وأعمي بصيرتهم, فرأوا في سفك الدماء طريقا لتحقيق أهدافهم, دون اعتبار لحرمة النفس البشرية, ودون اعتبار لأطفال ييتمون, وزوجات يرملن, وأمهات يثكلن, وهو أمر لن يتجاوزه الشعب ببساطة, كما يمكن أن يتصور البعض, وقد وجه عامة المواطنين أصابع الاتهام مباشرة إلي جماعة الإخوان المسلمين, وهو أمر جعل كل الخيارات متاحة في التعامل مع أعضاء الجماعة, صغارا كانوا أو كبارا, رجالا كانوا أو نساء, وكان يجب أن تعلم الجماعة أن الفعل هنا سوف يكون من الشعب أكثر من الدولة الرسمية, وقد ظهرت بوادر ذلك في ردود فعل فورية, ليس بمدينة المنصورة فقط, وإنما في مواقع أخري أيضا, أما إذا كانت الجماعة تري غير ذلك, فإن بيانا كالذي صدر عقب وقوع الحادث, ينفي ارتكاب الجريمة, لم يكن كافيا علي الإطلاق, فنحن أمام أرواح أزهقت لا حول لها, ولا قوة, وأمام ممتلكات دمرت, لم يقترف أصحابها ذنبا, وأمامهم أزمات لن يعالجها مجرد النفي أو الاعتذار.
كان المطلوب..
وعلي الفور من قادة الجماعة, داخل السجون وخارجها, التبرؤ من العنف, والدعوة إلي التهدئة, ووقف المظاهرات, ونبذ كل ما من شأنه إحداث الفرقة بين المصريين, فلن يقبل أحد أبدا, سواء العامة أو الخاصة, أن يعتلي أي شخص كان سدة الحكم علي أنقاض, وجثث, وخراب, ودمار, كما لن يقبل أحد أبدا أن تتحول مصر إلي سوريا أخري أو عراق آخر, كما لن يقبل أحد أبدا بانهيار جهاز الشرطة أو النيل من القوات المسلحة, وبالتالي فإن هذا المسلك الداعم للعنف بوضوح, أو المناهض للدولة وشعبها, لم يكن يحقق أبدا أي مكاسب سياسية, أو حتي غير سياسية.. هي دعوة, لمن يعقدون اجتماعات في الخارج, بأن يتقوا الله في مصر وشعبها, وهو تحذير, لمن يدعمون الإرهاب في الداخل, بأن مصيرهم معلوم مقدما, وهو القصاص, إن شنقا أو قتلا, وهو رجاء, إلي كل القوي السياسية الموجودة علي الساحة, أن تضع مصلحة مصر فوق أي اعتبارات شخصية, أو أيديولوجية, وهو نداء للشعب بالصبر علي البلاء, وأمل في أن يظل جهاز الشرطة عند حسن الظن به, بتحمل مسئولياته في الشدائد, والمحن, ولنحتسب عند الله سبحانه وتعالي الضحايا شهداء, والمصابين أوفياء لعملهم ووطنهم.
إلا أن ما هو مطلوب الآن..
هو أن تكثف الجهات الأمنية المختلفة جهودها للكشف عن الجاني في واقعة المنصورة, التي نحن بصددها تحديدا, وذلك لما أحاطها من ملابسات, أهمها أن هذا النوع من متفجرات تفريغ الهواء علي الرغم من قوته الشديدة فإنه لم تنتج عنه حرائق, مما يشير إلي أننا أمام دول محددة هي التي تنتجها, أو تمتلكها, وفي مقدمتها الولايات المتحدة, وإسرائيل, وبما يشير إلي أن هذه العملية هي محصلة تعاون خارجي, وداخلي, يتوجب الكشف عنه, قبل فوات الأوان, وإلا فلن تكون هي العملية الوحيدة من نوعها علي المدي القريب, فقد شهدت البلاد منذ الثلاثين من يونيو الماضي نحو1230 واقعة إرهابية مسجلة بالمحاضر, إلا أن جميعها كانت مختلفة عن هذه, التي كانت عالية التكلفة, والتقنية, والإعداد, ومن هنا, فإننا أمام عدو لا يرحم, يخوض حربا غير أخلاقية, ولا يتورع عن استخدام كل ما يتاح له من أدوات قتل, ودمار, ومادام الأمر يجد مددا من الخارج, فسوف تتوافر له في المستقبل تقنيات أعلي, وأموال أكثر, ولم لا؟, وقد أصبح الهدف مشتركا, وواضحا, وهو إسقاط الدولة.
ولنا أن نتصور.. مع كل هذه الفاجعة, ومع ما يحاك لمصر وشعبها من كوارث, فإنه مازالت هناك مناقشات حول تعديلات جديدة, يريد البعض إدخالها علي قانون التظاهر, بما يتيح المزيد من إثارة القلق, والتوتر في المجتمع, ولنا أن نتصور مع كل هذه الأزمات أن الحكومة مازالت تتردد في إصدار قانون الإرهاب, ولنا أن نتصور مع كل هذه المحن أنه مازال في الحكومة من يري أن مظاهرات الجامعات حق مكتسب, وأن الإضراب عن العمل حق مشروع, ولنا أن نتصور أن الجهاز الأمني يخوض مواجهة عنيفة مع البلطجية, وقطاع الطرق, والخطف, والاغتصاب, بصفة يومية, في الوقت الذي مازالت فيه الحكومة تتحدث عن حقوق الإنسان, وحقوق الحيوان, ولنا أن نتصور أن جيشا يخوض حربا ضارية مع الإرهاب في سيناء, في الوقت الذي يتبجح فيه البعض علي المحاكمات العسكرية والمحاكم الاستثنائية, ولنا أن نتصور ذلك الشلل, الذي أصاب القطاعات الإنتاجية بالمجتمع, ومع ذلك تعول الحكومة علي المعونات, والمنح, والودائع الأجنبية, والقروض, كعوامل استقرار, وتحفيز للاقتصاد, دون تصور حقيقي لنهضة وطنية, ولنا أن نتصور أن ثلاث سنوات مضت, كان خلالها الجدل واللغط هما العامل المشترك في كل قضايانا, ومازلنا نبحث أيهما أولا: الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية؟!
الحالة الآنية..
أصبحت تحتاج إلي حلول جذرية, بجراحات عاجلة, دون أدني انتظار لاستفتاءات أو انتخابات من أي نوع, ومن المؤكد أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي تستطيع إجراء مثل هذه الجراحات في ظل هذه الظروف, حتي لو تطلب ذلك بترا يوميا لكل ما طالته الغرغرينا في حياتنا اليومية, فلم يعد مقبولا أن تظل المؤسسة العسكرية تنأي بنفسها عن إجراء هذه الجراحات في الوقت الذي أصبحت تتفاعل فيه الأمراض إلي حد قد لا يجدي معه البتر مستقبلا, ومن هنا فإن التدخل يصبح أمرا حتميا لإنقاذ المجتمع من الوقوع في براثن الفوضي, والإرهاب الذي يتهدده, وخاصة أنه لم يعد معلوما إلي أي مدي يمكن أن يتمدد الإرهاب, ولا أين, ولا متي, ولا بأي طريقة!, وهو الأمر الذي يجب أن يضعنا أمام مسئولياتنا, بألا نلتزم الصمت إلي حين وقوع مزيد من الكوارث, أو التروي إلي حين خروج الأمور عن السيطرة, وخاصة أنه قد بدا واضحا أن مخطط الإرهاب أصبح يعمل بوتيرة أعلي من معدلات المواجهة, ولم يعد يخفي مآربه في استمرار التوتر, وإثارة القلاقل, وسفك الدماء, إمعانا في مزيد من التردي الاقتصادي, بإحجام رءوس الأموال, بل هروبها, ومزيد من الانقسام في المجتمع, بمواجهات يومية, ومزيد من إرباك الدولة بمظاهرات غير مبررة.
وإذا تابعنا الغطاء السياسي الخارجي, في الآونة الأخيرة, لأحداث الشغب, والإرهاب لدينا, فسوف ندرك إلي أي مدي أصبحت مصر مستهدفة أكثر من ذي قبل, ففي اليوم التالي للحادث الإرهابي بمدينة المنصورة, وتحديدا أمس الأول, خرجت ردود فعل دولية, كان من المفترض أن تدين ذلك الذي حدث, إلا أنها للأسف كانت تري مصر من منظور آخر, في محاولة للتغطية علي الحدث, وليس ذلك فقط, بل بدا واضحا أنها كانت تريد توجيه رسائل إلي العالم بأن مصر تستحق ما يحدث فيها من كوارث:
الرسالة الأولي, كانت من بان كي مون, الأمين العام للأمم المتحدة, التي أدان فيها الحكم بحبس النشطاء الثلاثة: أحمد دومة, وأحمد ماهر, ومحمد عادل, معبرا عن قلقه لما سماه تدهور المناخ السياسي, وحقوق الإنسان في مصر, ولم يعر بان كي مون هنا أي اهتمام للقضاء, كون الحكم صادرا عن محكمة طبيعية, كما لم يعر اهتماما لمصر, كونها دولة ذات سيادة.
الرسالة الثانية, كانت من منظمة هيومان رايتس ووتش, التي تحدثت عن قمع الإخوان, وأن المصريين يتجنبون الحديث عن ممارسات الحكومة, وأن الحرية تنهار وسط محاولات تقويض الإخوان وأنصارهم, وأن الدعوة لتحقيق العدالة ذهبت أدراج الرياح, وأن الدولة قتلت1000 شخص خلال عام2013, وأن شيئا لم يتغير في مصر عن السابق.
الرسالة الثالثة, كانت من صحيفة دويتشه فيلله الألمانية, وقالت فيها: إن قوات الشرطة والجيش قامت بقمع شباب الثورة, وإنه مع اقتراب الذكري الثالثة, لثورة25 يناير, لم يتم تنفيذ أي إصلاحات أساسية, وأحد هذه المطالب هيكلة جهاز الشرطة, لكن لا يوجد دليل علي ذلك, وخاصة مع استمرار قمع المتظاهرين.
وإذا كانت..
هذه هي حصيلة يوم واحد من التشهير بمصر, وعقب حادث إجرامي كان يجب أن ينتفض له العالم, فيمكن لنا أن نعي إلي أي مدي أصبح التحفز واضحا, في تناغم واضح بين الإرهابيين في الداخل, وداعميهم من الخارج, حتي علي مستوي منظمة دولية, كالأمم المتحدة, وكم وقف العالم علي قدم وساق مع أي حادث إرهابي في دول الغرب, أيا كانت ضآلة حجمه, وسوف نظل نتذكر ما قاله ديفيد كاميرون, رئيس الوزراء البريطاني, أمام مجلس العموم فلتذهب حقوق الإنسان إلي الجحيم, إذا تعلق الأمر بأمن بريطانيا, ولكن للأسف لأنه لا يوجد لدينا كاميرون, ولا يوجد لدينا حكومة كاميرون; فقد كان من الطبيعي أن نصبح ملطشة الداخل, والخارج معا, ولم لا؟, ونحن مكبلون بطابور خامس يعتلي المناصب القيادية بالدولة, وليس ذلك فقط, بل يجاهر بكل ما من شأنه دعم الإرهاب!
الرسالة المصرية..!
أعتقد أنه يجب أن نستنشق, ولو بصيصا من هواء الحرية, والخروج من التبعية, بعد رفض استقبال روبرت فورد سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية في مصر, عقب فترة قضاها في دمشق, لعب خلالها دورا مريبا في التعامل مع الجماعات الإرهابية هناك سرا, وأعلن صراحة رغبته في التفاوض معهم علنا, وعقب تجربة مريرة, أيضا, تابعناها في مصر مع آن باترسون, السفيرة السابقة للولايات المتحدة, التي غادرت القاهرة, بطريقة مخزية, بعد أن لعبت دورا مريبا, أيضا في التعامل مع القوي السياسية المختلفة.
وفي تقرير لها, ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن قرار إدارة الرئيس باراك أوباما سحب ترشيح السفير روبرت فورد جاء بعد أن أشار بعض كبار قادة الجيش المصري بهدوء إلي أنهم لا يريدونه في القاهرة, وقالت المجلة: إن تواصل فورد مع المتمردين الإسلاميين في سوريا دق ناقوس الخطر في مصر, ويبدو أنه قضي علي فرص توليه المنصب الذي كان مرشحا له.
وأضافت فورين بوليسي, في تقرير لها عبر موقعها الإخباري ذا كيبل, أن هذه الخطوة تترك منصبا دبلوماسيا غاية في الأهمية شاغرا, خلال فترة من التوترات القوية علي نحو غير عادي بين واشنطن وواحدة من أهم حلفائها في الشرق الأوسط, وهي مصر.
الرسالة المصرية, هنا, بدت واضحة, وهي أن عهدا جديدا قد بدأ في التعامل مع الآخرين يجب أن يقوم علي الندية, والاحترام المتبادل, فلم يكن خافيا أن العلاقات مع الولايات المتحدة وتحديدا في عهد الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك كانت تمر بفترات طويلة من الفتور, والارتباك, نتيجة محاولات التدخل الصارخ في الشأن المصري, وكان ذلك معلنا أحيانا, وفي طي الكتمان في معظم الأحيان, حتي وإن بدت طبيعية في كل الأحوال, إلا أن التاريخ سوف يكشف معاناة الرئيسين في مواقف كثيرة جراء هذا الوضع, علي الرغم من اتهامات الشارع, التي لم تكن تتوقف.
ولكن ما يثير الاهتمام, في تقرير المجلة الأمريكية, هو أن الاعتراض المصري جاء من خلال قادة الجيش, في إشارة أخري إلي غياب مؤسستي الرئاسة والحكومة عن المشهد, علي الرغم من أهميته, وخطورته, وبما يؤكد أن قواتنا المسلحة سوف تظل حجر الزاوية, حتي في العلاقات الخارجية, وقد حدث ذلك في صمت, ودون ضجيج, مثمرا في النهاية ذلك التطور في فرض الإرادة المصرية.
ولأن الأمر كذلك.. فالمؤكد أن قواتنا المسلحة ليست غافلة عن محاولات العبث بأمن مصر من خلال سفارة هنا, أو مكتب لمنظمة دولية هناك, إلا أن لكل حادث حديثا, ولكل أمر توقيته المناسب, ولن يكون مقبولا أبدا استمرار العلاقات الطبيعية مع عاصمة ما, تؤوي الإرهابيين أو المتجرئين علي مصر وشعبها, كما لن يكون مقبولا أبدا استمرار محاولات الافتئات علي الشأن الداخلي, حتي لو كان من عواصم كبري لها مآربها, أو منظمات دولية مشبوهة.
ولأن الأمر كذلك أيضا.. فمن الطبيعي أن نبدأ في إعادة صياغة العلاقات مع السفارات الأجنبية, بصفة عامة, وليكن ذلك طوال الوقت من خلال الدولة الرسمية, ممثلة في وزارة الخارجية, وليس من خلال جمعيات أهلية, ثبت بالدليل القاطع أنها لم تكن فوق الشبهات, فالبعض منها تلقي أموالا, والبعض الآخر تلقي تدريبات, والبعض الثالث وجد الرعاية والغطاء الدوليين لممارساته, وجميعها في النهاية لعبت أدوارا غاية في الخطورة, علي مدي عقد مضي, وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة.
يجب أن نعترف إذن.. بأن الدولة كانت سداحا مداحا, أمام أجهزة مخابراتية, ومنظمات دولية, هي في الحقيقة مخابراتية أيضا, ويجب أن نعترف بأن هذه الأجهزة قد وجدت أرضا خصبة لأعمالها وممارساتها, وكانت النتيجة ما نحن فيه الآن من انفلات, وارتباك, وقد آن الأوان لتدارك هذه الأوضاع, وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنها الجزء الأهم في المشهد السياسي الحالي, ولتكن واقعة السفير الأمريكي رسالة مهمة إلي العالم الخارجي, بأن مصر قد استيقظت من غفوتها, وأن قلة قليلة هي التي أساءت لمصر وشعبها, وأن جموع الشعب منهم براء, وحين ذلك سوف نستنشق المزيد من هواء الحرية, والخروج من التبعية.
لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.