جاء اغتيال المقدم محمد مبروك, الضابط بجهاز الأمن الوطني, أمام منزله, مساء أمس الأول, ليؤكد أننا أمام وضع خطير, يتطلب إجراءات استثنائية, من جهة, وأننا علي أبواب مرحلة من العنف الممنهج, الذي يمكن أن يطول الجميع, من جهة أخري والأهم من ذلك هو ما بدا واضحا من أن غطاء السرية قد انكشف عن الجميع, أيضا, من أشخاص, وعناوين, وتحركات, نتيجة عوامل عديدة. وكل هذا يؤكد أننا في حاجة إلي تحرك سريع, علي الأرض, يحتوي هذا الوضع, وذلك بدعم الأجهزة الأمنية إلي أقصي حد, ويؤكد في الوقت نفسه ما طالبنا به, مرارا وتكرارا, من أهمية قيام القوات المسلحة بدور فاعل في هذه المرحلة علي كل الأصعدة, وقد آن الأوان للمتشدقين بغير ذلك أن يعوا خطورة الموقف, وأن يعوا أن استمرار هذا الوضع دون رد فعل من القوات المسلحة سوف يصيب الجميع بالضرر, فلن يكون أحد بمنأي عن الخطر. غباء الإرهاب, أيها السادة, لا حدود له, والتفجيرات لا عيون لها, فلا تمييز بين صغير وكبير, ولا بين رجل وامرأة, وإذا كان المستهدف هو أحد رجال الأمن في هذه المرة, فبالتأكيد سوف يتطور الأمر إلي رجل سياسة, ورجل دين, وربما ما هو غير هذا وذاك, في ظل المزايدة علي قانون الطوارئ, وحظر التجول, وحتي قانون تنظيم التظاهر, الذي لم ير النور حتي الآن. نحن في حاجة إلي إجراءات استثنائية, تأخذ في الاعتبار حرمة الدم المصري, الذي أصبح رخيصا, وتأخذ في الاعتبار أيضا أحقية المواطن في العيش بأمان واستقرار, وتأخذ في الاعتبار كذلك أن عنصري الأمن والقوات المسلحة هما أغلي وأعز ما يملكه الوطن, وتأخذ في الاعتبار أن الشعب سوف يتقبل أي قرارات, من شأنها توفير الأمن, وتحقيق الهدوء, وليذهب المزايدون إلي الجحيم. إن الحصار, الذي يفرضه بعض ما يسمي القوي الثورية والسياسية علي صناعة القرار في هذه المرحلة, هو أخطر ما يهدد حاضر ومستقبل البلاد الآن, فلا يمكن القبول بالتردد في اتخاذ قرار ما, نزولا علي ابتزاز منتفعين, هم في حقيقة الأمر طابور خامس يعيش بيننا, ويرددون طوال الوقت أنهم أدري بشعابها, كما لا يمكن القبول باستمرار البلاد رهنا لمسيرات, ومظاهرات, ومناوشات علي مدي الساعة, دون إجراءات تحسم مثل هذه الأوضاع. وأعتقد أن شهيد الأمن الوطني هو بمثابة جرس إنذار, يجب أن نستيقظ من خلاله, بما يحمله من رسائل, من هذه الغفوة التي طال أمدها, وذلك بوضع مصلحة الوطن والمواطن فقط نصب أعيننا, دون التفكير في أي شيء,, لأن ذلك الخضوع الحاصل, الآن, سوف يؤدي بنا إلي مصير مظلم, أراه يحلق في الأفق, إن استمر هؤلاء يقاومون محاولات الاستقرار وإعادة الأمن إلي مساره الطبيعي. فقد أصبح الإرهاب يعيش بيننا, كما أصبح الداعمون له نجوم مجتمع, بينما أصبح المزايدون عليه يتصدرون الجنازات, وسرادقات العزاء, في الوقت الذي لا يري فيه المواطن مواجهة فعلية مع هؤلاء, وأولئك, علي الرغم من أنهم القتلة الحقيقيون, بذرائعهم الواهية, وأطروحاتهم الممجوجة, ودوافعهم الواضحة, ولا أعتقد أن أحدا يمكن أن يقبل بتقديم مرتكبي هذه الجريمة, التي بين أيدينا, إلي محاكم طبيعية, ومن هنا كنا نطالب طوال الوقت بتحويل مثل هذه القضايا إلي محاكم عسكرية لكي تسارع بإنزال أقصي العقوبة في أقل وقت ممكن, وتنفيذ الأحكام علي مرأي ومسمع من الجميع, فالمحاكم الطبيعية بها ما يكفيها من آلام الناس, ومعاناتهم. وليعلم هؤلاء الإرهابيون أنهم سوف يجدون مقاومة شعبية عنيفة, في كل موقع, كما سيجدون, هم ومناصروهم استهجانا واسعا, لم يألفوه من قبل, حيث لن يقبل أي مواطن شريف أن تكون مصر مسرحا لمثل هذه الجرائم, أو مرتعا للإرهاب, أو حتي مأوي للمتآمرين, في السر والعلن, ولن نقطع دابر الإرهاب إلا بقطع الدعم المادي عنه, والدعم السياسي له, فهما في الحقيقة لا ينفصلان. هو رثاء لأنفسنا في استشهاد ضابط, لا ذنب له إلا أداء واجبه الوطني, وهو رجاء أن يسكنه الله فسيح جناته, ودعاء بالصبر والسلوان لأسرته, وزملائه, وشعب مصر العظيم, ولئن كان الشهيد يحمل شهادة مهمة في قضية ما, فسوف يتكفل كل الشعب بتقديمها إلي العدالة. لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة