باكستان تعلن ارتفاع حصيلة قتلاها جراء الضربات الهندية إلى 31    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4810 جنيهاً    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    الأخضر بكام.. تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    استعدادا لعيد الأضحى.. سلسلة ندوات بسيناء حول مبادرة «صحتك تهمنا»    اليوم، إضراب المحامين أمام محاكم استئناف الجمهورية    أعلام فلسطيني: 4 إصابات جراء قصف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين بخان يونس    أيمن موسى يكتب: سباق المصالح بين بوتين وترامب    دوري نايل.. موعد مباراة الأهلي أمام المصري البورسعيدي والقنوات الناقلة وطاقم التحكيم    كمال الدين رضا يكتب: إصابات نفسية للأهلي    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والصغرى بالقاهرة 22    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالقاهرة الجديدة    حبس سائق توك توك تحرش بسيدة أجنبية بالسيدة زينب    سهير رمزي تكشف علاقة الشيخ الشعراوي بارتدائها الحجاب وسر رفضها ميراث والدها (فيديو)    تفاصيل تعاقد الزمالك مع أيمن الرمادي    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    أنطونيو جوتيريش: الهجمات الأخيرة على بورتسودان تُمثل تصعيدًا كبيرًا    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    وول ستريت جورنال: أحمد الشرع طلب لقاء ترامب خلال زيارته لدول الخليج    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون.. شرطان لتطبيق الدعم النقدي.. وزير التموين يكشف التفاصيل    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    بحضور نواب البرلمان.. «الاتحاد» ينظم حلقة نقاشية موسعة حول الإيجار القديم| صور    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    وزير الاستثمار يلتقي مع السفير السويدى لتعزيز العلاقات الاقتصادية    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
إنذار علي يد غانا!

علي الرغم من أنها الهزيمة الأولي من نوعها, بستة أهداف, علي مستوي المسابقات الرسمية لمنتخبات الكرة المصرية, سواء من غانا أو من غيرها, فإنها ليست نهاية المطاف, بقدر ما هي جرس إنذار, ليس في عالم الرياضة فقط, وإنما في مجمل حياتنا الكروية, والفنية, والثقافية, والخدمية, وأيضا السياسية.
فالمتابع لأفلام العيد بدور السينما, الآن, يكتشف أن الهزيمة الكروية أهون بكثير, وأخف وطأة, من تلك الهزيمة الفنية, ممثلة في ذلك الإسفاف, والتردي, والقبح, الذي يستهدف أجيالا, لا حول لها ولا قوة, وقد سبق ذلك فشل آخر, أكثر إسفافا وترديا, في مسلسلات التليفزيون الرمضانية, إلا أن أحدا لم يلق لها بالا, أو اهتماما.
كما أن المهتمين بالشأن الثقافي سوف يتوقفون, أيضا, أمام ذلك الاهتراء, والهراء, الذي أصاب ثقافتنا, شعرا ونثرا, وغناء, وقصصا, وتأليفا, وتلحينا, وأيضا, إعلاما مقروءا, ومسموعا, ومرئيا, اتسم في معظمه بالألفاظ الخادشة, والجمل الهابطة, بل الضعف العام لدي المؤلفين, والمعدين, ومقدمي البرامج, الأمر الذي انعكس سلبا علي مجمل سلوكيات المواطنين.
وفي الشأن الخدمي, لم يكن الوضع أفضل حالا, وقد كان انهيار جسر الصف, في ليلة الكارثة الكروية, أكبر دليل علي ما آلت إليه المرافق والخدمات في مجتمعنا, بعد توقف عمليات الإصلاح, والإحلال والتجديد, علي مدي يقارب السنوات الثلاث, هي عمر الثورة التي كان من المفترض أن تعقبها نهضة واسعه علي كل المستويات سالفة الذكر, إلا أن العكس هو الذي حدث- للأسف لأسباب من صنع أيدينا.
إذن.. كانت الهزيمة الكروية, النكراء, بمثابة نكسة, نام المواطن ليلتها كمدا, محملا بالكوابيس مختلفة الأشكال والألوان, ليستيقظ علي الحقيقة المؤلمة, وهي أن القضية ليست كرة قدم, بقدر ما هي فشل عام أصاب حياتنا, ودمر مقوماتنا, ونحن نعي, أو لا نعي, إلا أننا في كل الأحوال لا نريد أن نعترف بالحقيقة, وهي أن هذه النكسة مجرد مقدمة لنكسات أخري أكثر إيلاما, إذا لم نتدارك الموقف, من خلال تعبئة عامة علي كل المستويات, وبقوانين استثنائية في كل المجالات, تصب جميعها في هدف واحد, هو مستقبل الدولة المصرية.
الدولة المصرية, أيها السادة, في حاجة الآن إلي قيادة بحجم هذا الوطن الكبير, ولا يمكن لها أن تنتظر فترات انتقالية أكثر من ذلك, أو تجارب دستورية فاشلة, أو حتي مواءمات سياسية عقيمة.. والدولة المصرية, أيها السادة, ليست بحاجة إلي ديمقراطية المزايدين, أو حرية المشاغبين, أو حتي الطبطبة علي المتحذلقين.. والدولة المصرية, أيها السادة, ليست بحاجة إلي90 حزبا سياسيا, أو33 ألف جمعية أهلية, أو ائتلافات, وحركات, وتنظيمات لا حصر لها.. والدولة المصرية, أيها السادة, لم تعد تحتمل فوضي المتظاهرين, أو مغامرات الألتراس أو عبث القوي السياسية.. والدولة المصرية, أيها السادة, لن تفيدها أبدا سياسة الإقصاء والعزل, كما سوف تضر بها محاولات التكويش والاستحواذ, وفي الوقت نفسه, لن تنهض إلا بسواعد أبنائها, وليس بالهبات والمعونات.. والدولة المصرية, أيها السادة, يجب أن تضع نصب أعينها أولويات عودة السائحين, وجذب المستثمرين, وكسب ثقة العالم فينا من جديد, وقبل هذا وذاك إعادة الثقة لأنفسنا, وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
بالفعل..
يجب أن تكون النكسة الكروية, علي يد المنتخب الغاني, بمثابة انطلاقة, نعيد معها مراجعة كل شئون حياتنا, قبل أن نعتاد الهزائم والنكسات, مع العالم الخارجي, بعد أن استمرأناها في الداخل, ولن يتأتي ذلك إلا بالعمل, والعمل فقط, ولن يكون ذلك إلا بتحقيق مبدأ الثواب والعقاب, وهو المبدأ الذي تواري خلف الفهلوة والشيطنة, التي سادت مجتمعنا باسم الحرية والديمقراطية, كما لن يتحقق ذلك, أيضا, إلا من خلال مشروعات قومية شاملة, تحمل علي عاتقها إصلاح عملية التعليم, ومنظومة الصحة, وخلل الأمن, وحال القضاء, وفساد الإعلام, وأوضاع المرافق والخدمات, وسوف نكتشف, مع بدء تلك الانطلاقة, أن كل مقومات حياتنا, عبارة عن نكسات متلاحقة, وكامنة, سوف تنفجر في وجوهنا, جميعا, الواحدة تلو الأخري, إذا لم تنفجر بالتزامن في توقيت واحد, وهو الأمر الذي يكشف, بطريقة أو بأخري, أننا نعيش علي برميل من البارود, لم يعد يحتمل غض الطرف عنه, أو تأجيل التعامل معه.
وإذا كان الانفجار الأول قد بدأ بعالم الرياضة, وتحديدا كرة القدم, فإنه سوف يظل أخف وطأة من غيره, بكثير, إذا ما قورن بانفجار العشوائيات, أو الفقر, أو حتي الغلاء والضنك, وبالتأكيد لن يفلح الفانوس السحري في حل هذه الأزمات مجتمعة, وإنما فقط من خلال الاستعانة بكل قوي المجتمع الفاعلة, ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب, دون محاصصة, ودون صفقات سياسية, أو طائفية, وإلا فإننا سوف نظل ندور في فلك الأزمات, التي ظلت تنخر في مفاصل الدولة علي مدي أكثر من نصف قرن, وكان نتيجتها ما نحن فيه الآن, من نكسات ونكبات.
الأمر, أيها السادة,
لم يعد يقبل أنصاف الحلول, ولم يعد يحتمل وجود ذلك الطابور الخامس في كل مؤسسات الدولة الرسمية, وإذا كان الشعب قد خرج, يوما ما, لتفويض القوات المسلحة في إدارة أزماته, فيجب أن تتحمل مسئولياتها كاملة, دون انتظار لدستور, أو استفتاء, أو انتخابات برلمانية ورئاسية, لأن مصر حين ذلك تكون قد أصبحت أكثر خرابا, وعلي موعد مع مزيد من النكسات, فلا المكلفون بتعديل الدستور علي المستوي المطلوب, ولا القائمون علي إدارة البلاد وانتخاباتها علي المستوي الموثوق.
وإذا كان البعض يلقي باللوم علي حارس مرمي منتخبنا الوطني, في هذه الهزيمة الثقيلة, والبعض الآخر, يلقي بالمسئولية علي المدرب, فيجب ألا تنتقل مثل هذه الأوضاع إلي حياتنا العملية, بمعني تحميل شخص, أو آخر مسئولية ما نحن فيه الآن من عناء وعذاب, وذلك لأن المسئولية هنا جماعية, كما في لعبة كرة القدم تماما, بمعني أن افتقاد التجانس والتآلف في مباراة المنتخب جعل اللاعبين كالأقزام في الملعب, لا وجود لهم, بل لا تستطيع أن تراهم إلا في حالة الاعتراض علي حكم المباراة, أو الحصول علي كارت أصفر, أو بدء اللعب من منتصف الملعب مرة أخري, بعد تسجيل كل هدف, وهو الأمر الذي ينطبق علي مسئولينا, الذين سوف نجدهم في موقع الحدث بعد كل كارثة, يبررون, ويتشدقون بوعود لا يستطيعون تنفيذها, وقد نراهم بعد ذلك كثيرا في قفص الاتهام, ليس نتيجة تقاعس في العمل, لأنه لا توجد لدينا قوانين بهذا الشأن, وإنما نتيجة مخالفات, وتجاوزات, وربما ما هو أكثر من ذلك.
وجه الشبه
يبدو أنه كبير, أو هكذا يتضح, بين لعبة كرة القدم, والإدارة بصفة عامة, وأسباب النكسة الكروية يبدو أنها متشابهة, إلي حد كبير, أيضا, مع أزماتنا الحالية, فالفشل هو الفشل, والإخفاق هو الإخفاق, ولا أعتقد أننا يمكن أن نتراجع في كل قضايانا, كما هي الحال الآن, ونحقق تقدما في عالم الرياضة, حتي لو كان علي المستوي الإفريقي, ولذلك فإن النهضة يجب أن تكون شاملة, وإعلان التعبئة العامة يجب أن يستهدف كل شيء, فالصحة هنا معناها صحة اللاعبين, والتعليم هنا معناه تنمية الذكاء لديهم, والثقافة هنا تصب في تربية وطنية حقيقية, والإعلام هنا تنمية الوعي والإحساس بالمسئولية, وإذا كان كل ذلك قد تدهور وتواري في المجتمع, فكيف يمكن تكوين فرق ومنتخبات علي مستوي التمثيل المنشود, أو نطمح من خلالها في تحقيق بطولات, أو أمجاد علي المستوي الدولي؟!.. وإذا كان المجتمع منقسما إلي هذا الحد الغريب, فكيف يمكن إقناعهم بالعمل الجماعي, علي الرغم من أن حالتنا تتعلق بلعبة جماعية؟!
الأمر واضح تماما..
وهو أن فشل إدارة البلاد قد ألقي بظلاله علي منتخبنا الوطني, والصراع الحاصل علي قوانين ومجالس إدارات الأندية قد أسهم في إضعاف قدرات اللاعبين والفرق والمنتخبات, وغوغاء الألتراس, والوايت نايتس... وغيرها, قد أفرز روحا غير رياضية في عالم الرياضة, بصفة عامة, كما أن استشراء الشللية, في هذا المجال, بدءا من الوزارة المعنية, التي يسعي وزيرها إلي اعتلاء منصة التتويج بأحد أكبر الأندية, قد يكون أحد العوامل المهمة في الخلاف بين فرق النادي الواحد, فما بالنا بمنتخب يضم لاعبين من معظم الأندية؟, وبالتأكيد.. فإن حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بالبلاد لابد أن تعود بالسلب علي اللاعبين والإداريين والفنيين في آن واحد, فهم في النهاية مواطنون, لهم أفكارهم, وربما انتماءاتهم, فلم تعد هناك الروح الوطنية القتالية المصرية, التي تشهد لها الملاعب الإفريقية, علي مدي ثلاث بطولات متتالية قادها مدرب وطني أصيل.
ولذلك.. يمكن القول إن الأداء السياسي والإداري المصري, بصفة عامة, في الداخل هو الذي جلب الهزيمة للمنتخب الوطني في الخارج, وهو ما يحتم حل مشكلاتنا وقضايانا الداخلية, إذا أردنا تمثيلا مشرفا في المحافل الدولية, علي كل المستويات الرياضية وغيرها, أما إذا استمرت هذه الأوضاع, بهذا الأداء, في مؤسساتنا الرسمية المختلفة, فمن الطبيعي أن تهترئ المؤسسات الرياضية, ومن ثم نتائج الفرق, والمنتخبات, والأفراد, وحين ذلك لن نستطيع إلقاء اللوم أبدا علي لاعبين أو مدربين, حتي لو كانوا أجانب, وذلك لأن الفشل, هنا, أصبح عاما, كما يمكن القول إن النهضة الرياضية تحتاج بالدرجة الأولي إلي دعم معنوي كبير, سواء علي المستوي الرسمي أو الشعبي, ولنا أن نتساءل عن ذلك الدعم الذي وجده منتخبنا قبل هذه المباراة, أو غيرها من المباريات السابقة, في ظل تأجيل مسابقة الدوري تارة, واللعب دون جمهور تارة أخري, والتعدي علي اللاعبين تارة ثالثة, وإقامة المباريات بمنشآت عسكرية في كل الأحوال, بل التردد في إقامتها حتي اللحظة الأخيرة!
والأدهي من ذلك,
هو أن يفاجأ منتخبنا, ولأول مرة في تاريخه, بمواطنين مصريين في صفوف مشجعي المنتخب المنافس, وهي طامة كبري, لم نكن نتوقعها علي الإطلاق, بل لم نكن نتمني أن نحيا حتي نري ذلك اليوم, الذي انقسم فيه المصريون, إلي هذا الحد, وبهذا الشكل المقيت, فقد تصور البعض أن المنتخب يمثل فصيلا سياسيا بعينه, أو أن فوز المنتخب هو انتصار يصب في مصلحة فئة بعينها, ثم تأتي شماتة ما بعد الهزيمة, التي عبر عنها البعض بمواقع التواصل الاجتماعي, لتؤكد أننا أمام كارثة حقيقية, تفوق كارثة الهزيمة, وهي أن الانتماء أصبح من الماضي, وأن مصر لم تعد هي القضية, وكل ذلك نتيجة عبث تعليمي, وإعلامي, وسياسي, قادته, للأسف, النخبة المهيمنة علي شئون البلاد, إلا أن ما يهدئ من روعنا هو أننا علي يقين من أن هذه الفئة قليلة, ومضللة, ولا تعبر أبدا عن الشارع المصري الحقيقي, الذي بات ليلته في غم ونكد, أطفالا, وشيوخا, رجالا ونساء, وقد آن الأوان لتدارك هذه القضية, والتعامل معها ومعهم بعقل ومنطق, يعيد للمجتمع توازنه, ولمصر قدرها.
علي أي حال..
ربما تكون نكسة2013, في غانا, دافعا قويا لإعادة نظر شاملة فيما نحن فيه الآن, ولأن غانا سوف تظل كابوسا يلاحقنا طويلا, بعد أن سطرته ذاكرة الرياضة العالمية, فقد نستطيع إذا عزمنا الأمر تحويلها إلي نقطة انطلاق إيجابية علي كل المستويات, إلا أنني أعتقد أن قيادات المرحلة ليست علي المستوي الذي يمكن معه تحقيق ذلك الأمل, ولذلك فإن الأمر يستدعي بالدرجة الأولي إعادة هيكلة الجهاز الإداري في مصر بما يتناسب مع حجم الأحداث الراهنة, وحجم الكوارث المنتظرة, وذلك لأن القادم أسوأ, إذا استمر هذا الجهاز بتكوينه الحالي, ولكن تظل الأسئلة تطرح نفسها بقوة وهي: من الذي سيعيد التشكيل؟, ومتي يمكن أن يحدث ذلك؟, وإلي متي سوف ننتظر ذلك؟, وحتي يمكن أن يحدث ذلك, ماذا نحن فاعلون؟, وإلي أي مدي يمكن أن نتحمل المزيد من الأزمات والنكسات؟, وكيف سيتم تحديد المسئولية في إطار هذا الشيوع والفشل الشامل؟, ولأن الإجابات ليست واضحة, فليس أمامنا سوي التضرع بالدعاء إلي الله.. اللهم أنقذ مصر, وألهم أهلها المزيد من الصبر!
علي دمائنا نزايد ؟!
لا أري سببا لتلك الضجة, التي صاحبت صدور قانون التظاهر, في هذا التوقيت, الذي عانت فيه البلاد, شرقا وغربا, شمالا وجنوبا, من هذه الظاهرة, التي كانت حضارية يوما ما, قبل أن تتحول إلي آفة وساحات لسفك الدماء.
ولأنها مازالت ظاهرة حضارية في العديد من الدول المتحضرة, فسوف يظل لدينا الأمل في أن نحذو حذو هذه الدول, عندما نصبح أكثر تحضرا, أما إذا ظل الهدف من المظاهرات هو تعطيل خطوط المترو, وإغلاق الطرق, وإحراق أقسام الشرطة, وتدمير وتخريب المنشآت الحكومية, فتبا للمظاهرات, وبلاها ديمقراطية, ولتذهب الحرية, إذا كانت من هذا النوع, إلي الجحيم.
يجب أن تستعيد ذاكرتنا وفاة المئات في الأعوام الثلاثة السابقة, وإصابة الآلاف, خلال المظاهرات, ويجب أن تستعيد ذاكرتنا, أيضا, إحراق العشرات من المنشآت, والمئات من السيارات بالشوارع, وتعطيل الطرق, ومن ثم مواقع الإنتاج, بسبب المظاهرات, التي لم يكن لها هدف, في معظم الحالات, سوي هذه الأزمات سالفة الذكر.
وبذلك, فقد أصبح هذا القانون مطلبا شعبيا, بل جاء متأخرا كثيرا, بعد أن ضاق الناس ذرعا من هذه الممارسات, حيث أصبحوا يؤثرون عدم التنقل, وأحيانا عدم النزول إلي العمل, خلال المظاهرات, من فرط الخوف علي أرواحهم, وممتلكاتهم,مما يؤكد أن هذه الآفة ارتبطت في بلادنا بالعنف, والعنف المضاد, وليس بالتعبير عن الرأي.
وإذا كان البعض يري أن المظاهرات يجب أن تكون في حراسة الأمن, للتعامل مع حالات الخروج عن السلمية, فإن ذلك مردود عليه بأن عناصر الأمن أصبحت, في الفترة الأخيرة, هدفا للمتظاهرين, حيث وصل الأمر إلي إطلاق الرصاص الحي علي رجال الشرطة جهارا نهارا, في محاولة لإثارة أكبر قدر من الفوضي, وسفك الدماء.
ومن هنا, لا أري سببا, سواء باسم حقوق الإنسان, أو حقوق الحيوان, للمزايدة علي هذا القانون في هذا التوقيت, الذي أصبح فيه القاتل مجهولا, في معظم الأحوال, كما أصبح السلاح في متناول الجميع, أما عن المتفجرات فحدث ولا حرج, بمعني أن حماية المتظاهرين, أيضا, من بعضهم بعضا, ومن مجهولين; تصبح ذات أولوية قصوي أخذها القانون بعين الاعتبار.
وفي بلد عاني من التدخل الأجنبي المباشر, أحيانا, وبالتمويل النقدي في أحيان أخري, يجب علي الدولة أن تتحمل مسئولياتها كاملة بحماية مواطنيها, وخاصة أنه تم القبض, خلال الأعوام الأخيرة, علي عدد ليس بالقليل من جنسيات مختلفة, بينهم إسرائيليون, وأوروبيون, وأمريكيون, وأيضا من العرب المغرر بهم.
ويجب أن نعترف بأن ثقافة المظاهرات السلمية لم تأخذ طريقها إلي المجتمع المصري بالشكل, الذي تنص عليه القوانين الدولية في هذا الشأن, وكم شاهدنا اعتقالات في دول أوروبية لمتظاهرين يتعدون الخط, أو الحاجز, الذي تم تحديده لهذا الغرض, وكم رأينا استخداما مفرطا في القوة لدي التعامل مع متظاهرين سلكوا هذا السلوك, إلا أننا لم نر أبدا متظاهرا يحمل السلاح.
ومن هنا, فإن هذه الدول تزدهر سياحيا واقتصاديا, حيث لا مجال للخوف, أو القلق من السفر إلي هناك, أما لدينا, فقد توقفت تماما حركة السياحة بفعل المظاهرات, وتراجعت حركة الاستثمار للسبب نفسه, بل تردت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تماما للسبب ذاته, وهو الأمر الذي كان يجب أن يعجل بصدور مثل هذا القانون.
إن الأهم من صدور قانون التظاهر هو تفعيله, وذلك لأن كم القوانين غير المفعلة كان كفيلا بحل هذه المشكلة, دون صدور قانون خاص, وأهمها قانون الطوارئ, الذي كان يجب أن يحظر مثل هذه الممارسات, ومن بينها الاحتجاجات, والاعتصامات في مواقع العمل, والتحريض علي تعطيله, بل تخريبه, في بعض الأحيان, وهي الممارسات التي عاني منها مجتمعنا طويلا, دون رادع حقيقي.
أعتقد أنه قد آن الأوان لبدء صفحة جديدة من الانضباط في الشارع, ومواقع العمل, دون الالتفات إلي مثل هذه المزايدات, التي سدد الشعب كل الشعب بسببها ثمنا فادحا من حياته, ودمه, وممتلكاته, كما أنه آن الأوان أن يفهم كل المتشدقين بالحريات أن مصلحة مصر يجب أن تتصدر الأولويات, ومستقبل المواطن, وأمنه, وأمانه, يجب أن تكون الهدف الأول والأخير, وذلك إذا أردنا أن نقيم في النهاية دولة ديمقراطية حقيقية, أما إذا اختلطت الأمور, أو ظلت تختلط بهذا الشكل العقيم, فلا ديمقراطية سوف تتحقق, ولا أمن سوف يستتب!
لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.