مواقف إنسانية جمعت الرئيس السيسي وأحمد عمر هاشم    رزقة الله حسن البيان وفصاحة اللسان، شيخ الأزهر ينعى أحمد عمر هاشم بكلمات مؤثرة    استمرار ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحرى والقبلى    بسبب تكلفة الإنتاج..أسعار الخضروات والفواكه تواصل الارتفاع فى الأسواق    توقعات بارتفاع كبير فى أسعار الحديد والأسمنت مع بداية العام 2026    زراعة الفيوم تطلق حملة لمكافحة القوارض والآفات في طامية    محافظ الشرقية ناعيًا الدكتور أحمد عمر هاشم: أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين    ترامب: مستشار بايدن الخاص تنصت على مكالمات أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ    مؤسسات الأسرى الفلسطينيين: سقوط 77 شهيدا وإخفاء قسري لعشرات المعتقلين منذ بدء حرب غزة    موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان في السوبر الأفريقي    تحرير 70 مخالفة تموينية في حملة على أسواق قرى الفيوم    طقس خريفي معتدل الحرارة بشمال سيناء    وزير التعليم يهنئ الدكتور خالد العناني لفوزه بمنصب مدير عام اليونيسكو    موعد عرض مسلسل ولد بنت شايب الحلقة 3    غادة عادل تكشف عن شروط خوضها تجربة عاطفية: «يكون عنده عطاء ومفيش مصالح»    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء التمريض المؤهلين الوظائف الإشرافية    كايسيدو نجم تشيلسى يتوج بجائزة لاعب الأسبوع فى الدوري الإنجليزي    رئيس الوزراء: السلام الحقيقى بالشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية    الأهلي يبحث عن عرض إعارة ل جراديشار خلال ميركاتو الشتاء    رودريجو يكشف أسرار علاقته بمودريتش وتطوره تحت قيادة أنشيلوتي    اتحاد المصارعة: كيشو يخوض بطولة ودية فى أمريكا باسم مصر    موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وجيبوتي في تصفيات المونديال    المصري يكشف حقيقة طلب الأهلي قطع إعارة عمر الساعي    غرفة قطر: رغبة كبيرة لدى القطاع الخاص لتعزيز التعاون التجارى والاستثمارى مع مصر    صعود معظم مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    لحظة هروب عصام صاصا من مشاجرة الملهى الليلى فى المعادى.. صور    صحة المنوفية: استقرار حالات طلاب التسمم نتيجة تناولهم وجبة كشرى    ضبط بؤرة مخدرات فى السويس بحوزتها سموم ب180 مليون جنيه    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    السيسي يوجه ببدء صرف حافز التدريس بقيمة 1000 جنيه.. نوفمبر المقبل    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    وزير العمل: شكل الاستقالة الجديد يحمي العامل وصاحب العمل ولن تقبل إلا في هذه الحالة    أحمد حاتم يشارك بأسبوع الموضة فى باريس.. صور    كم شخص حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء حتى الآن وماذا حدث فى آخر مرتين    فتح التقديم لمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن:: الراحل أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    "قصة سلاح أربك العالم" كيف ساهمت السعودية في نصر أكتوبر 1973؟.. فيديو    اجتماع تنسيقى عربى روسى على مستوى السفراء تحضيرا للقمة المشتركة    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر دعم سلاسل الإمداد وتوريد السلع الاستراتيجية    مصر بين الحرب والسلام.. عامان من الدبلوماسية الإنسانية في مواجهة نيران غزة    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    التضامن الاجتماعي تشارك في فعاليات معرض "إكسبو أصحاب الهمم الدولي" بدبي    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين أطفال المدارس بسوهاج.. صور    وكيل صحة الأقصر يعلن إعادة تشغيل العناية المركزة بمستشفى القرنة المركزى.. صور    اليوم.. نظر محاكمة شقيقين متهمين بقتل سائق توك توك فى إمبابة    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاة بأسوان الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025- 2026    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
إنذار علي يد غانا!

علي الرغم من أنها الهزيمة الأولي من نوعها, بستة أهداف, علي مستوي المسابقات الرسمية لمنتخبات الكرة المصرية, سواء من غانا أو من غيرها, فإنها ليست نهاية المطاف, بقدر ما هي جرس إنذار, ليس في عالم الرياضة فقط, وإنما في مجمل حياتنا الكروية, والفنية, والثقافية, والخدمية, وأيضا السياسية.
فالمتابع لأفلام العيد بدور السينما, الآن, يكتشف أن الهزيمة الكروية أهون بكثير, وأخف وطأة, من تلك الهزيمة الفنية, ممثلة في ذلك الإسفاف, والتردي, والقبح, الذي يستهدف أجيالا, لا حول لها ولا قوة, وقد سبق ذلك فشل آخر, أكثر إسفافا وترديا, في مسلسلات التليفزيون الرمضانية, إلا أن أحدا لم يلق لها بالا, أو اهتماما.
كما أن المهتمين بالشأن الثقافي سوف يتوقفون, أيضا, أمام ذلك الاهتراء, والهراء, الذي أصاب ثقافتنا, شعرا ونثرا, وغناء, وقصصا, وتأليفا, وتلحينا, وأيضا, إعلاما مقروءا, ومسموعا, ومرئيا, اتسم في معظمه بالألفاظ الخادشة, والجمل الهابطة, بل الضعف العام لدي المؤلفين, والمعدين, ومقدمي البرامج, الأمر الذي انعكس سلبا علي مجمل سلوكيات المواطنين.
وفي الشأن الخدمي, لم يكن الوضع أفضل حالا, وقد كان انهيار جسر الصف, في ليلة الكارثة الكروية, أكبر دليل علي ما آلت إليه المرافق والخدمات في مجتمعنا, بعد توقف عمليات الإصلاح, والإحلال والتجديد, علي مدي يقارب السنوات الثلاث, هي عمر الثورة التي كان من المفترض أن تعقبها نهضة واسعه علي كل المستويات سالفة الذكر, إلا أن العكس هو الذي حدث- للأسف لأسباب من صنع أيدينا.
إذن.. كانت الهزيمة الكروية, النكراء, بمثابة نكسة, نام المواطن ليلتها كمدا, محملا بالكوابيس مختلفة الأشكال والألوان, ليستيقظ علي الحقيقة المؤلمة, وهي أن القضية ليست كرة قدم, بقدر ما هي فشل عام أصاب حياتنا, ودمر مقوماتنا, ونحن نعي, أو لا نعي, إلا أننا في كل الأحوال لا نريد أن نعترف بالحقيقة, وهي أن هذه النكسة مجرد مقدمة لنكسات أخري أكثر إيلاما, إذا لم نتدارك الموقف, من خلال تعبئة عامة علي كل المستويات, وبقوانين استثنائية في كل المجالات, تصب جميعها في هدف واحد, هو مستقبل الدولة المصرية.
الدولة المصرية, أيها السادة, في حاجة الآن إلي قيادة بحجم هذا الوطن الكبير, ولا يمكن لها أن تنتظر فترات انتقالية أكثر من ذلك, أو تجارب دستورية فاشلة, أو حتي مواءمات سياسية عقيمة.. والدولة المصرية, أيها السادة, ليست بحاجة إلي ديمقراطية المزايدين, أو حرية المشاغبين, أو حتي الطبطبة علي المتحذلقين.. والدولة المصرية, أيها السادة, ليست بحاجة إلي90 حزبا سياسيا, أو33 ألف جمعية أهلية, أو ائتلافات, وحركات, وتنظيمات لا حصر لها.. والدولة المصرية, أيها السادة, لم تعد تحتمل فوضي المتظاهرين, أو مغامرات الألتراس أو عبث القوي السياسية.. والدولة المصرية, أيها السادة, لن تفيدها أبدا سياسة الإقصاء والعزل, كما سوف تضر بها محاولات التكويش والاستحواذ, وفي الوقت نفسه, لن تنهض إلا بسواعد أبنائها, وليس بالهبات والمعونات.. والدولة المصرية, أيها السادة, يجب أن تضع نصب أعينها أولويات عودة السائحين, وجذب المستثمرين, وكسب ثقة العالم فينا من جديد, وقبل هذا وذاك إعادة الثقة لأنفسنا, وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
بالفعل..
يجب أن تكون النكسة الكروية, علي يد المنتخب الغاني, بمثابة انطلاقة, نعيد معها مراجعة كل شئون حياتنا, قبل أن نعتاد الهزائم والنكسات, مع العالم الخارجي, بعد أن استمرأناها في الداخل, ولن يتأتي ذلك إلا بالعمل, والعمل فقط, ولن يكون ذلك إلا بتحقيق مبدأ الثواب والعقاب, وهو المبدأ الذي تواري خلف الفهلوة والشيطنة, التي سادت مجتمعنا باسم الحرية والديمقراطية, كما لن يتحقق ذلك, أيضا, إلا من خلال مشروعات قومية شاملة, تحمل علي عاتقها إصلاح عملية التعليم, ومنظومة الصحة, وخلل الأمن, وحال القضاء, وفساد الإعلام, وأوضاع المرافق والخدمات, وسوف نكتشف, مع بدء تلك الانطلاقة, أن كل مقومات حياتنا, عبارة عن نكسات متلاحقة, وكامنة, سوف تنفجر في وجوهنا, جميعا, الواحدة تلو الأخري, إذا لم تنفجر بالتزامن في توقيت واحد, وهو الأمر الذي يكشف, بطريقة أو بأخري, أننا نعيش علي برميل من البارود, لم يعد يحتمل غض الطرف عنه, أو تأجيل التعامل معه.
وإذا كان الانفجار الأول قد بدأ بعالم الرياضة, وتحديدا كرة القدم, فإنه سوف يظل أخف وطأة من غيره, بكثير, إذا ما قورن بانفجار العشوائيات, أو الفقر, أو حتي الغلاء والضنك, وبالتأكيد لن يفلح الفانوس السحري في حل هذه الأزمات مجتمعة, وإنما فقط من خلال الاستعانة بكل قوي المجتمع الفاعلة, ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب, دون محاصصة, ودون صفقات سياسية, أو طائفية, وإلا فإننا سوف نظل ندور في فلك الأزمات, التي ظلت تنخر في مفاصل الدولة علي مدي أكثر من نصف قرن, وكان نتيجتها ما نحن فيه الآن, من نكسات ونكبات.
الأمر, أيها السادة,
لم يعد يقبل أنصاف الحلول, ولم يعد يحتمل وجود ذلك الطابور الخامس في كل مؤسسات الدولة الرسمية, وإذا كان الشعب قد خرج, يوما ما, لتفويض القوات المسلحة في إدارة أزماته, فيجب أن تتحمل مسئولياتها كاملة, دون انتظار لدستور, أو استفتاء, أو انتخابات برلمانية ورئاسية, لأن مصر حين ذلك تكون قد أصبحت أكثر خرابا, وعلي موعد مع مزيد من النكسات, فلا المكلفون بتعديل الدستور علي المستوي المطلوب, ولا القائمون علي إدارة البلاد وانتخاباتها علي المستوي الموثوق.
وإذا كان البعض يلقي باللوم علي حارس مرمي منتخبنا الوطني, في هذه الهزيمة الثقيلة, والبعض الآخر, يلقي بالمسئولية علي المدرب, فيجب ألا تنتقل مثل هذه الأوضاع إلي حياتنا العملية, بمعني تحميل شخص, أو آخر مسئولية ما نحن فيه الآن من عناء وعذاب, وذلك لأن المسئولية هنا جماعية, كما في لعبة كرة القدم تماما, بمعني أن افتقاد التجانس والتآلف في مباراة المنتخب جعل اللاعبين كالأقزام في الملعب, لا وجود لهم, بل لا تستطيع أن تراهم إلا في حالة الاعتراض علي حكم المباراة, أو الحصول علي كارت أصفر, أو بدء اللعب من منتصف الملعب مرة أخري, بعد تسجيل كل هدف, وهو الأمر الذي ينطبق علي مسئولينا, الذين سوف نجدهم في موقع الحدث بعد كل كارثة, يبررون, ويتشدقون بوعود لا يستطيعون تنفيذها, وقد نراهم بعد ذلك كثيرا في قفص الاتهام, ليس نتيجة تقاعس في العمل, لأنه لا توجد لدينا قوانين بهذا الشأن, وإنما نتيجة مخالفات, وتجاوزات, وربما ما هو أكثر من ذلك.
وجه الشبه
يبدو أنه كبير, أو هكذا يتضح, بين لعبة كرة القدم, والإدارة بصفة عامة, وأسباب النكسة الكروية يبدو أنها متشابهة, إلي حد كبير, أيضا, مع أزماتنا الحالية, فالفشل هو الفشل, والإخفاق هو الإخفاق, ولا أعتقد أننا يمكن أن نتراجع في كل قضايانا, كما هي الحال الآن, ونحقق تقدما في عالم الرياضة, حتي لو كان علي المستوي الإفريقي, ولذلك فإن النهضة يجب أن تكون شاملة, وإعلان التعبئة العامة يجب أن يستهدف كل شيء, فالصحة هنا معناها صحة اللاعبين, والتعليم هنا معناه تنمية الذكاء لديهم, والثقافة هنا تصب في تربية وطنية حقيقية, والإعلام هنا تنمية الوعي والإحساس بالمسئولية, وإذا كان كل ذلك قد تدهور وتواري في المجتمع, فكيف يمكن تكوين فرق ومنتخبات علي مستوي التمثيل المنشود, أو نطمح من خلالها في تحقيق بطولات, أو أمجاد علي المستوي الدولي؟!.. وإذا كان المجتمع منقسما إلي هذا الحد الغريب, فكيف يمكن إقناعهم بالعمل الجماعي, علي الرغم من أن حالتنا تتعلق بلعبة جماعية؟!
الأمر واضح تماما..
وهو أن فشل إدارة البلاد قد ألقي بظلاله علي منتخبنا الوطني, والصراع الحاصل علي قوانين ومجالس إدارات الأندية قد أسهم في إضعاف قدرات اللاعبين والفرق والمنتخبات, وغوغاء الألتراس, والوايت نايتس... وغيرها, قد أفرز روحا غير رياضية في عالم الرياضة, بصفة عامة, كما أن استشراء الشللية, في هذا المجال, بدءا من الوزارة المعنية, التي يسعي وزيرها إلي اعتلاء منصة التتويج بأحد أكبر الأندية, قد يكون أحد العوامل المهمة في الخلاف بين فرق النادي الواحد, فما بالنا بمنتخب يضم لاعبين من معظم الأندية؟, وبالتأكيد.. فإن حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بالبلاد لابد أن تعود بالسلب علي اللاعبين والإداريين والفنيين في آن واحد, فهم في النهاية مواطنون, لهم أفكارهم, وربما انتماءاتهم, فلم تعد هناك الروح الوطنية القتالية المصرية, التي تشهد لها الملاعب الإفريقية, علي مدي ثلاث بطولات متتالية قادها مدرب وطني أصيل.
ولذلك.. يمكن القول إن الأداء السياسي والإداري المصري, بصفة عامة, في الداخل هو الذي جلب الهزيمة للمنتخب الوطني في الخارج, وهو ما يحتم حل مشكلاتنا وقضايانا الداخلية, إذا أردنا تمثيلا مشرفا في المحافل الدولية, علي كل المستويات الرياضية وغيرها, أما إذا استمرت هذه الأوضاع, بهذا الأداء, في مؤسساتنا الرسمية المختلفة, فمن الطبيعي أن تهترئ المؤسسات الرياضية, ومن ثم نتائج الفرق, والمنتخبات, والأفراد, وحين ذلك لن نستطيع إلقاء اللوم أبدا علي لاعبين أو مدربين, حتي لو كانوا أجانب, وذلك لأن الفشل, هنا, أصبح عاما, كما يمكن القول إن النهضة الرياضية تحتاج بالدرجة الأولي إلي دعم معنوي كبير, سواء علي المستوي الرسمي أو الشعبي, ولنا أن نتساءل عن ذلك الدعم الذي وجده منتخبنا قبل هذه المباراة, أو غيرها من المباريات السابقة, في ظل تأجيل مسابقة الدوري تارة, واللعب دون جمهور تارة أخري, والتعدي علي اللاعبين تارة ثالثة, وإقامة المباريات بمنشآت عسكرية في كل الأحوال, بل التردد في إقامتها حتي اللحظة الأخيرة!
والأدهي من ذلك,
هو أن يفاجأ منتخبنا, ولأول مرة في تاريخه, بمواطنين مصريين في صفوف مشجعي المنتخب المنافس, وهي طامة كبري, لم نكن نتوقعها علي الإطلاق, بل لم نكن نتمني أن نحيا حتي نري ذلك اليوم, الذي انقسم فيه المصريون, إلي هذا الحد, وبهذا الشكل المقيت, فقد تصور البعض أن المنتخب يمثل فصيلا سياسيا بعينه, أو أن فوز المنتخب هو انتصار يصب في مصلحة فئة بعينها, ثم تأتي شماتة ما بعد الهزيمة, التي عبر عنها البعض بمواقع التواصل الاجتماعي, لتؤكد أننا أمام كارثة حقيقية, تفوق كارثة الهزيمة, وهي أن الانتماء أصبح من الماضي, وأن مصر لم تعد هي القضية, وكل ذلك نتيجة عبث تعليمي, وإعلامي, وسياسي, قادته, للأسف, النخبة المهيمنة علي شئون البلاد, إلا أن ما يهدئ من روعنا هو أننا علي يقين من أن هذه الفئة قليلة, ومضللة, ولا تعبر أبدا عن الشارع المصري الحقيقي, الذي بات ليلته في غم ونكد, أطفالا, وشيوخا, رجالا ونساء, وقد آن الأوان لتدارك هذه القضية, والتعامل معها ومعهم بعقل ومنطق, يعيد للمجتمع توازنه, ولمصر قدرها.
علي أي حال..
ربما تكون نكسة2013, في غانا, دافعا قويا لإعادة نظر شاملة فيما نحن فيه الآن, ولأن غانا سوف تظل كابوسا يلاحقنا طويلا, بعد أن سطرته ذاكرة الرياضة العالمية, فقد نستطيع إذا عزمنا الأمر تحويلها إلي نقطة انطلاق إيجابية علي كل المستويات, إلا أنني أعتقد أن قيادات المرحلة ليست علي المستوي الذي يمكن معه تحقيق ذلك الأمل, ولذلك فإن الأمر يستدعي بالدرجة الأولي إعادة هيكلة الجهاز الإداري في مصر بما يتناسب مع حجم الأحداث الراهنة, وحجم الكوارث المنتظرة, وذلك لأن القادم أسوأ, إذا استمر هذا الجهاز بتكوينه الحالي, ولكن تظل الأسئلة تطرح نفسها بقوة وهي: من الذي سيعيد التشكيل؟, ومتي يمكن أن يحدث ذلك؟, وإلي متي سوف ننتظر ذلك؟, وحتي يمكن أن يحدث ذلك, ماذا نحن فاعلون؟, وإلي أي مدي يمكن أن نتحمل المزيد من الأزمات والنكسات؟, وكيف سيتم تحديد المسئولية في إطار هذا الشيوع والفشل الشامل؟, ولأن الإجابات ليست واضحة, فليس أمامنا سوي التضرع بالدعاء إلي الله.. اللهم أنقذ مصر, وألهم أهلها المزيد من الصبر!
علي دمائنا نزايد ؟!
لا أري سببا لتلك الضجة, التي صاحبت صدور قانون التظاهر, في هذا التوقيت, الذي عانت فيه البلاد, شرقا وغربا, شمالا وجنوبا, من هذه الظاهرة, التي كانت حضارية يوما ما, قبل أن تتحول إلي آفة وساحات لسفك الدماء.
ولأنها مازالت ظاهرة حضارية في العديد من الدول المتحضرة, فسوف يظل لدينا الأمل في أن نحذو حذو هذه الدول, عندما نصبح أكثر تحضرا, أما إذا ظل الهدف من المظاهرات هو تعطيل خطوط المترو, وإغلاق الطرق, وإحراق أقسام الشرطة, وتدمير وتخريب المنشآت الحكومية, فتبا للمظاهرات, وبلاها ديمقراطية, ولتذهب الحرية, إذا كانت من هذا النوع, إلي الجحيم.
يجب أن تستعيد ذاكرتنا وفاة المئات في الأعوام الثلاثة السابقة, وإصابة الآلاف, خلال المظاهرات, ويجب أن تستعيد ذاكرتنا, أيضا, إحراق العشرات من المنشآت, والمئات من السيارات بالشوارع, وتعطيل الطرق, ومن ثم مواقع الإنتاج, بسبب المظاهرات, التي لم يكن لها هدف, في معظم الحالات, سوي هذه الأزمات سالفة الذكر.
وبذلك, فقد أصبح هذا القانون مطلبا شعبيا, بل جاء متأخرا كثيرا, بعد أن ضاق الناس ذرعا من هذه الممارسات, حيث أصبحوا يؤثرون عدم التنقل, وأحيانا عدم النزول إلي العمل, خلال المظاهرات, من فرط الخوف علي أرواحهم, وممتلكاتهم,مما يؤكد أن هذه الآفة ارتبطت في بلادنا بالعنف, والعنف المضاد, وليس بالتعبير عن الرأي.
وإذا كان البعض يري أن المظاهرات يجب أن تكون في حراسة الأمن, للتعامل مع حالات الخروج عن السلمية, فإن ذلك مردود عليه بأن عناصر الأمن أصبحت, في الفترة الأخيرة, هدفا للمتظاهرين, حيث وصل الأمر إلي إطلاق الرصاص الحي علي رجال الشرطة جهارا نهارا, في محاولة لإثارة أكبر قدر من الفوضي, وسفك الدماء.
ومن هنا, لا أري سببا, سواء باسم حقوق الإنسان, أو حقوق الحيوان, للمزايدة علي هذا القانون في هذا التوقيت, الذي أصبح فيه القاتل مجهولا, في معظم الأحوال, كما أصبح السلاح في متناول الجميع, أما عن المتفجرات فحدث ولا حرج, بمعني أن حماية المتظاهرين, أيضا, من بعضهم بعضا, ومن مجهولين; تصبح ذات أولوية قصوي أخذها القانون بعين الاعتبار.
وفي بلد عاني من التدخل الأجنبي المباشر, أحيانا, وبالتمويل النقدي في أحيان أخري, يجب علي الدولة أن تتحمل مسئولياتها كاملة بحماية مواطنيها, وخاصة أنه تم القبض, خلال الأعوام الأخيرة, علي عدد ليس بالقليل من جنسيات مختلفة, بينهم إسرائيليون, وأوروبيون, وأمريكيون, وأيضا من العرب المغرر بهم.
ويجب أن نعترف بأن ثقافة المظاهرات السلمية لم تأخذ طريقها إلي المجتمع المصري بالشكل, الذي تنص عليه القوانين الدولية في هذا الشأن, وكم شاهدنا اعتقالات في دول أوروبية لمتظاهرين يتعدون الخط, أو الحاجز, الذي تم تحديده لهذا الغرض, وكم رأينا استخداما مفرطا في القوة لدي التعامل مع متظاهرين سلكوا هذا السلوك, إلا أننا لم نر أبدا متظاهرا يحمل السلاح.
ومن هنا, فإن هذه الدول تزدهر سياحيا واقتصاديا, حيث لا مجال للخوف, أو القلق من السفر إلي هناك, أما لدينا, فقد توقفت تماما حركة السياحة بفعل المظاهرات, وتراجعت حركة الاستثمار للسبب نفسه, بل تردت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تماما للسبب ذاته, وهو الأمر الذي كان يجب أن يعجل بصدور مثل هذا القانون.
إن الأهم من صدور قانون التظاهر هو تفعيله, وذلك لأن كم القوانين غير المفعلة كان كفيلا بحل هذه المشكلة, دون صدور قانون خاص, وأهمها قانون الطوارئ, الذي كان يجب أن يحظر مثل هذه الممارسات, ومن بينها الاحتجاجات, والاعتصامات في مواقع العمل, والتحريض علي تعطيله, بل تخريبه, في بعض الأحيان, وهي الممارسات التي عاني منها مجتمعنا طويلا, دون رادع حقيقي.
أعتقد أنه قد آن الأوان لبدء صفحة جديدة من الانضباط في الشارع, ومواقع العمل, دون الالتفات إلي مثل هذه المزايدات, التي سدد الشعب كل الشعب بسببها ثمنا فادحا من حياته, ودمه, وممتلكاته, كما أنه آن الأوان أن يفهم كل المتشدقين بالحريات أن مصلحة مصر يجب أن تتصدر الأولويات, ومستقبل المواطن, وأمنه, وأمانه, يجب أن تكون الهدف الأول والأخير, وذلك إذا أردنا أن نقيم في النهاية دولة ديمقراطية حقيقية, أما إذا اختلطت الأمور, أو ظلت تختلط بهذا الشكل العقيم, فلا ديمقراطية سوف تتحقق, ولا أمن سوف يستتب!
لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.