موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    جريمة زوجية وجثة حسناء في سهرة حمراء وانتقام للشرف.. أكتوبر على صفيح ساخن    رئيس المستشارية الألمانية: وقف إطلاق النار يجب أن يسبق المحادثات مع روسيا    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    خلافات أسرية تؤدي لمصرع طالب بقرص لحفظ الغلال في طهطا بسوهاج    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 12-5-2025    النبأ التاريخى.. التفاصيل الكاملة لخبر ترامب الأكثر تأثيرا على الإطلاق    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    محمد شيكا يتصدر.. ترتيب هدافي دوري المحترفين بعد نهاية الجولة ال 35    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    أسعار كرتونة البيض اليوم 11 مايو 2025    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    حريق محدود في مطبخ شقة سكنية بساقلتة دون إصابات    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
أزمة رجال الأعمال..!

إذا علمنا أن هناك أكثر من50 مليار دولار استثمارات مصرية في الخارج, فسوف نتأكد أن هناك أزمة حقيقية تعوق الاستثمار داخل مصر.. وإذا علمنا أن متوسط الاستثمارات الأجنبية قد تراجع بعد25 يناير2011 إلي ملياري دولار, معظمها في مجال البترول, بعد أن كان قد قارب السبعة مليارات قبل ذلك التاريخ, فيمكن أن ندرك حجم المخاوف التي تنتاب المستثمرين الأجانب..
وإذا علمنا نبأ هروب26 شركة سياحية مصرية إلي المغرب وحدها لإقامة مشروعات بقيمة ملياري دولار هناك, فقد ندرك حجم الكارثة, التي أصابت ذلك القطاع, بعد تراجع الدخل السياحي لدينا بنسبة80%.
هذه هي الحقيقة.. أو الأزمة الكبري, التي أصابت مصر والمصريين خلال العامين ونصف العام الماضية, جراء الانفلات الحاصل في المجتمع, من مظاهرات, واعتصامات, واحتجاجات, وما نتج عنها من مخاوف, أيضا, أصابت ما يقرب من عشرة ملايين مصري ينتشرون في بقاع المعمورة, بلغت تحويلاتهم18.7 مليار دولار خلال العام الماضي, إلا أن استثماراتهم هناك بلغت ثلاثة أضعاف ذلك الرقم, وهو الأمر الذي يدعونا إلي دق جرس الإنذار قبل فوات الأوان.
هذه هي مسئولية الدولة, أولا وأخيرا, وذلك لأن أي مستثمر لن يغامر بوضع مدخراته في مهب الريح, مع أي أزمة سياسية أو أمنية, كما أن أي عاقل لن يخاطر بمستقبله, ومستقبل أبنائه, في وطن يجد في التحفظ علي الممتلكات, ومصادرة الأموال وسيلة سريعة للانتقام والتشفي, كما أن أي طامح إلي التنمية والإنتاج لن يجازف ببذل جهده ووقته في مشروعات, قد تكون عوائدها مثار شك, واستمرارها مثار ريبة.
ومن هنا.. فإننا في حاجة إلي إعادة نظر في التعامل مع هذا الملف من كل جوانبه, بما يضمن احترام القوانين المحلية والدولية في هذا الشأن, وبما يضمن وضع خطوط عريضة للنهوض بالاقتصاد المتعثر, منذ أكثر من عامين, وبما يكفل توفير المعلومات اللازمة, التي يستطيع معها المغتربون في الخارج عمل دراسات جدوي للمشروعات, التي يرغبون في تنفيذها داخل مصر, وبما يحقق ثبات واستقرار هذا الملف, الذي تتعامل معه الحكومات المتعاقبة كل حسب أيديولوجيتها, بل يمكن أن نقول أهوائها!.
يجب أن نعترف بأن المجتمع يعاني أزمة اقتصادية حقيقية, ولا مناص للخروج منها سوي التعويل علي رأس المال الوطني, دون مزيد من التسول والانبطاح أمام العواصم الأجنبية, حتي لو كانت شقيقة, ويجب أن نعترف بأن رأس المال الوطني في مأزق حقيقي, بعد أن تشتت بين السجون, وبنوك الخارج, وخزائن الداخل, والتهريب, والخوف, وعدم الثقة, كما يجب أن نعترف بأن هناك أزمات مفتعلة, الآن, في الداخل, فيما يتعلق برفع الأسعار, والاحتكار, ومحاولات تعويق الإنتاج, بل حركة الشارع, كما يجب أن نعترف بأن هناك جهودا تبذل في الخارج, يدعمها مصريون, للأسف, تستهدف ضرب الاقتصاد, وتركيع القيادة, وإيجاد مزيد من الأزمات لتحقيق أهداف سياسية, ويجب أن نعترف أيضا بأن إدارة المرحلة ليست علي المستوي, الذي تطمئن معه رءوس الأموال, محلية كانت أو أجنبية, علي مستقبلها, وهو الأمر الذي يمثل خطورة علي الحاضر والمستقبل.
ربما..
لا يدرك البعض حجم الأزمة, التي تعيشها مصر الآن, بعد أن أحبطت أخطر مؤامرة كانت تحاك للمنطقة بأكملها, وقد بدأ الإعداد لها قبل عشرة أعوام, تحت مسميات مختلفة, من بينها' الشرق الأوسط الجديد', و' الفوضي الخلاقة', و' إعادة تنظيم المنطقة', وكان حجم ما أنفق علي تنفيذ هذه المؤامرة, من تخطيط, وتدريب, وتمويل, وتسليح, كافيا للنهوض بها اقتصاديا واجتماعيا, إلا أن هذه لم تكن أبدا أخلاقيات الاستعمار يوما ما, كما لم تكن سياسة القوي العظمي, في أي من مراحل تاريخها, إلا أن ما يجب أن ندركه, جميعا, هو أن هذه القوي لا تقبل الهزيمة هكذا ببساطة, من دول العالم المتخلف, أو النامي, فذاكرة التاريخ تحمل من مخططات الانتقام الكثير, كما أن الوثائق, التي يتم الكشف عنها بعد عقود من وقوع الحدث, تزخر هي الأخري بالمآسي, بدءا من الاغتيالات والتفجيرات, مرورا بشراء الذمم, وتجنيد الجواسيس, وليس انتهاء بضرب مقومات الدول الحالمة بالتحرر, حتي لو كان ذلك بطريق غير مباشر.
إذن..
القضية لم تنته بعد, والمتآمرون لم يرفعوا الراية البيضاء كما فهم البعض, أو حاول أن يفهم, من خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام الأمم المتحدة قبل أيام, وهو الخطاب, الذي تضمن عبارات تحمل في طياتها نيات خبيثة, بجانب بعض الاعترافات الإيجابية الجديدة, وربما يؤكد ذلك ما ذكرته' الأوبزرفر' البريطانية, مؤخرا, حول لجوء التنظيم الدولي للإخوان إلي مكاتب محاماة رفيعة المستوي هناك, لإقامة دعاوي قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي, حول جرائم ضد الإنسانية في مصر, وعلي الرغم من أن مصر لم توقع علي اتفاقية المحكمة, بمعني أنه لا ولاية لها علينا, فإن الهدف, كما هو واضح, التشويه والابتزاز, اعتمادا علي قاض بعينه, وبطرق ملتوية, يمكن أن يحيل القضية إلي مجلس الأمن الدولي, بدعم من إحدي العواصم الأوروبية الكبري المتخمة بأموال التنظيم الدولي في صور وأشكال عديدة, من استثمارات وودائع, إلي رشاوي ونفقات, ليجد هذا الملف من يتلقفه في نيويورك, بل في واشنطن, صانعة أزمات المنطقة, والمكلومة بفشلها الذريع.
إلا أنه..
ورغم كل محاولات النيل من مصر, ورغم أن الأطرف المناوئة هي في النهاية عواصم كبري, فإن اعتمادنا علي أنفسنا, كما فعلت أمم عديدة في تجارب غير مسبوقة, ومن أبرزها الصين, يمكن أن يقينا هذه الشرور, فلا يعقل أبدا أن نكون في حاجة إلي أموال الوطن, وأموال أبناء الوطن, ونظل نستجدي آخرين, وهو ما يجعلنا نناشد الدولة الرسمية العمل سريعا علي طمأنة مستثمرينا في الخارج, بل إدارة حوار معهم حول أهمية العودة إلي وطنهم, مهما تكن أيديولوجياتهم, ماداموا لم يرتكبوا جرما في حق الوطن, بل التجاوز, والصفح في بعض الأحيان, وأعتقد أن استدعاء مستثمرين مصريين سوف يكون أيسر بكثير من استجداء الأجانب, وخاصة في مثل هذه الظروف, التي يراها الآخرون غير طبيعية, أو مثار قلق وتوتر, والتي تجعل من حقهم, إلي حد كبير, التردد, والعزوف عن المغامرة.
مصر أيها السادة.. لن تنهض إلا بسواعد أبنائها, وعلي الرغم من أن هذه السواعد قد تراجعت قدراتها المهنية, إلي حد كبير, مقارنة بتقدم واضح شهدته دول نامية عديدة في هذا المجال, فإننا مازلنا نعقد الأمل علي الاهتمام بمراكز التدريب, المنتشرة في المحافظات المختلفة, التي قد يتجاوز عددها ال250 مركزا لسد هذه الثغرة, التي كان لها الأثر السلبي الواضح علي إنتاجيتنا في الداخل, وعلي وجودنا كعمالة ماهرة في الخارج.. ومصر أيها السادة.. لن تنهض أيضا إلا بأموالها, وأموال أبنائها, وهذه الأموال تحتاج فقط الآن إلي رؤية واضحة في استخدامها واستثمارها الاستثمار الأمثل, وتوفير المناخ الملائم لذلك, بما يسهم في إيجاد فرص عمل, تحد من حالة البطالة المتفشية في المجتمع, التي كانت سببا رئيسيا في حالة الانفلات الشائعة, وحالة الغوغاء باسم الديمقراطية والحرية, وهما منها براء.
والمطلوب الآن..
من رجال الأعمال, في هذه المرحلة, أن يكونوا شركاء حقيقيين في بناء المجتمع, وعدم الهروب من المسئولية, بمعني أن تكون لهم أياد بيضاء في نهضة حقيقية يسجلها التاريخ, الذي يزخر بالعديد من النماذج الخيرة, التي تركت إرثا من أوقاف الخير في كل ربوع مصر, يتمثل في أراض شاسعة, وعقارات لا حصر لها, لم تأخذ حظها من الذكر, وبالعودة إلي أرشيف وزارة الأوقاف, سوف نكتشف أن أعمال الخير, في بلادنا, هي الأعظم علي الإطلاق مقارنة بمثيلاتها في أي مجتمع آخر, وبالتالي فنحن في حاجة إلي ذوي الضمائر الحية, الذين يحققون أرباحا تتناسب وواقع الحياة, وفي الوقت نفسه لا يضنون علي المجتمع بأن يحيا حياة كريمة بجانبهم, وذلك لأن مثل ذلك الاحتكار, الذي شاع في العقود الأخيرة, قد ألقي بظلال من الألم علي قطاعات عديدة, وهو الأمر الذي يجب تداركه في الحاضر والمستقبل.
وبقدر ما هو مطلوب من الدولة أن تقدم التسهيلات اللازمة لأصحاب رءوس الأموال, فإن المطلوب منهم, أيضا, السعي إلي إنقاذ القطاعات الحيوية في المجتمع, التي أصابها الشلل, وفي مقدمتها قطاع السياحة, وهو القطاع الذي يحتاج إلي حملات تنشيطية, يجب ألا تقتصر أبدا علي الدور الرسمي للدولة, وكذلك أزمة الأسعار, التي يكمن الجزء الأكبر من حلها في يد رجال الأعمال, وأيضا أزمة الكهرباء, التي تمثل عمليات الإحلال والتجديد فيها الشق الأهم في المشكلة, وهو ما يجب أن ترعاه استثمارات خاصة في ظل الضائقة الحكومية الحالية, وأيضا قطاعات النظافة, ومياه الشرب, والطرق, وهي القطاعات التي استحوذت عليها الدولة دون مبرر, والتي انصرف عنها رجال الأعمال دون سبب منطقي, استسهالا للربح السريع, في مشروعات أقل نفعا للمواطن.
ومن هنا..
فنحن في حاجة إلي إعادة نظر شاملة لهذا الفصيل الحيوي والجوهري في حياتنا, بدءا من تغيير الصورة النمطية عنهم, وذلك من خلال وسائل الإعلام, التي دأبت علي التشهير بهذا أو ذاك, ووقف المطاردات القضائية والقانونية لهم, بل إنه قد آن الأوان للاحتفاء بهم, ورصد جوائز سنوية تشجيعية وتقديرية للفاعلين منهم, علي غرار المفكرين والمثقفين, فلا يعقل أن تقوم الدولة بتكريم أحد المحاضرين في جامعة ما, دون تكريم من قام ببناء وتشييد هذا الصرح الجامعي, الذي استوعب عشرات, بل مئات المحاضرين, كما لا يعقل تكريم من أسهم في إنجاز ما في عالم الزراعة, دون تكريم من أفني سنوات عمره في استصلاح وزراعة آلاف الأفدنة, وهو التكريم, الذي سوف يجده في العديد من الأقطار حولنا, إن هو بذل هذا الجهد هناك.
أعتقد أنه..
قد آن الأوان لعدالة اجتماعية شاملة في المجتمع, يحصل خلالها كل مجتهد علي حقه قدر اجتهاده, دون حسد, ودون مغالاة.. انطلاقا من قول ربنا سبحانه وتعالي' والله فضل بعضكم علي بعض في الرزق', فيجب ألا تكون هناك نظرة سلبية, أبدا, لمن اجتهد وحصل علي رزقه, الذي قدره المولي عز وجل, وحينما يكون الأمر كذلك, فلن يتردد أحد في الاجتهاد والمصارحة, عملا بقوله سبحانه' وأما بنعمة ربك فحدث', أما إذا ظل مجتمع مقسما إلي طبقات تتحفز لبعضها, وتتصارع فيما بينها, دون أخلاقيات, فهذه هي المأساة بعينها, وهذا هو أيضا دور المسجد, والكنيسة, والمدرسة, أو التعليم, بصفة عامة, وهو أمر يستوجب منا الكثير من الجهد منذ مراحل التنشئة, ويؤكد أن المسئولية جماعية بالدرجة الأولي.. فمتي سوف نبدأ؟!
الارتباك..!
تابعنا في الأهرام, الثلاثاء الماضي, تصريحات وزير الكهرباء والطاقة, حول احتياج هذا القطاع إلي أكثر من120 مليون متر مكعب من الغاز لتشغيل جميع المحطات, والقضاء علي انقطاع التيار, وهو ما لا توفره وزارة البترول, بينما صرح مسئولو البترول بأن القطاع يمد محطات الكهرباء يوميا باحتياجاتها تقريبا, وأن الأزمة لا علاقة لها بنقص إمدادات الوقود, وإنما تتعلق بمشكلات داخل قطاع الكهرباء ذاته.
لنا إذن, أن نتصور وقع ذلك التخبط علي المواطن, وتبادل الاتهامات, في الوقت الذي يئن فيه من هذه المشكلة, التي أصبحت ظاهرة يومية, وخاصة مع بدء العام الدراسي, ولنا أن نتخيل حجم الارتباك, الذي تعيشه الأجهزة الرسمية, التي وصلت إلي حد أن أيا منها لم يعد يعي أين تكمن المشكلة؟, وهل هي مسئوليته أم مسئولية غيره؟, وإلا فإن كل جهة تلقي بالمسئولية علي الأخري, مادامت المحاسبة غائبة.
وفي' الأهرام', أمس, قرأنا تضارب التصريحات الصادرة عن وزارة الزراعة, ومديريات الطب البيطري بالمحافظات حول تفشي مرض إنفلونزا الطيور من عدمه, ففي الوقت الذي تحدثت فيه الوزارة عن أزمة كبيرة جراء انتشار المرض في هذا القطاع, الذي تبلغ استثماراته25 مليار جنيه, نفت غالبية مديريات الطب البيطري وجود إصابات من الأساس, وفي الوقت, الذي تحدثت فيه الوزارة عن نقص الأمصال المستوردة, وهو ما يمثل خطورة بالغة, أكد الطب البيطري أن الأمصال المحلية الأقل ثمنا هي الأكثر فاعلية!
وهكذا.. يجد المواطن نفسه ضحية ذلك الارتباك أو الفوضي, التي ضربت أجهزتنا الرسمية حتي النخاع, لدرجة أن أصبح المسئول الواحد يدلي بتصريحات متضاربة, ربما في اليوم الواحد, حسب طبيعة المشهد, وطبيعة التوقيت, أو وسيلة الإعلام, التي يتحدث إليها, دون النظر إلي أن المواطن لديه ما يكفيه من المعاناة اليومية, دون إدراك أن الشفافية يجب أن تصبح عنوانا للمرحلة الحالية لأسباب عديدة.
ففي حالة الكهرباء, من المهم أن يقف المواطن كمستهلك, علي حجم المشكلة من مختلف جوانبها, وذلك لأنه المعني بها في النهاية, حتي يمكننا أن نطالبه بالترشيد في الاستهلاك, أو التعاون في حل الأزمة, أو المساعدة علي إيجاد طريقة ما للتعامل معها, أما إذا أصبح وأمسي علي مثل تلك التصريحات المتضاربة, والاتهامات المتبادلة, فسوف تظل الحكومة, في نظره, هي المتهم الأول والأخير, سواء بالافتعال, أو التقصير, أو حتي الإهمال, واللامبالاة.
وفي حالة الثروة الداجنة, يظل أصحاب المزارع في موقف لا يحسدون عليه, فما بالنا بصغار المربين في المنازل, الذين قد لا يكتشفون المرض إلا بعد فوات الأوان, نتيجة عدم الدراية, وعدم الاعتماد علي أطباء بيطريين, كما يحدث في المزارع, والنتيجة كوارث وخسائر هنا وهناك.
القضية, الآن, هي أن حالة الانفلات الشائعة بالشارع حاليا, يجب ألا تنتقل إلي الحكومة, أو إلي مؤسسات الدولة الرسمية بهذا الشكل الفج, كما يجب ألا نخجل من نقل الصورة كاملة للمواطن مهما تكن سلبياتها, وذلك لأننا أمام مرحلة انتقالية, تحمل المواطن أعباءها كاملة, ويمكن أن يتحمل المزيد إذا كانت هناك مصارحة ومكاشفة, أما إذا اعتمدنا مثل هذا الخطاب الملتوي في حياتنا, كما كان في السابق, لنستيقظ في النهاية علي مزيد من المآسي, فهذه هي الأزمة الحقيقية.
نأمل من رئيس الحكومة في هذه المرحلة توعية وزرائه بأهمية الصدق كأحد عوامل علاج الأزمات, ونأمل أيضا من الوزراء نقل هذه التوعية إلي الدرجات الأدني, فسوف نتحمل مسئولين أقل نضجا وخبرة, إلا أن ما لا يتحمله أي وطن, وأي مواطن, هو الالتفاف حول الأزمة بعدم ذكر الحقائق مهما تكن مؤلمة, فقد نستطيع خداع الناس بعض الوقت, إلا أننا لن نستطيع خداعهم طوال الوقت.
لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.