فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    يفضّل دخول السجن بدلًا من أن يتكلم.. لغز الرجل الصامت الذي يعطل المرور منذ 11 عامًا (فيديو)    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    مسؤول بالكرملين: «مكالمة ترامب وبوتين استمرت 40 دقيقة»    صفقة من أجلي.. ترامب يتحدث لماكرون عن خطة بوتين بشأن حرب أوكرانيا    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    هشام عباس يعيش مع جمهوره على جسر الذكريات بمهرجان القلعة    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    ما صحة إدعاءات دولة إسرائيل «من النيل إلى الفرات» في التوراة؟ (أستاذ تاريخ يوضح)    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    قد يسبب تسارع ضربات القلب.. 6 فئات ممنوعة من تناول الشاي الأخضر    مساعد الرئيس الروسي يكشف تفاصيل مكالمة بوتين وترامب    إنزال الكابل البحري «كورال بريدج» في العقبة بعد نجاح إنزاله في طابا    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    من هونج كونج.. السوبر السعودي يشعل المنافسة بين رباعي القمة    فحوصات طبية ل معلول لتحديد مدى إصابته    هز الضمير الإنساني.. وفاة الطفل الفلسطيني "عبد الله أبو زرقة" صاحب عبارة "أنا جعان"    بكين: سيادة الصين على تايوان نتاج للانتصار في الحرب العالمية الثانية وتؤكدها الوثائق    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    هشام عباس مع جمهوره ورحلة مع الذكريات في مهرجان القلعة    جمارك مطار القاهرة تضبط مخدرات وأسلحة بيضاء ومستحضرات تجميل مُهربة بحوزة ركاب    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    رئيس وزراء السودان يوجه نداء إلى الأمم المتحدة بشأن مدينة الفاشر ويطالبها بالتدخل فورا    60.8 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    فلسطين.. إصابات بالاختناق جراء اقتحام الاحتلال مدينة بيت لحم    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    "رشاقة وفورمة الساحل".. 25 صورة لنجوم ونجمات الفن بعد خسارة الوزن    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    وزير الزراعة: نسعى للوصول بالرقعة الزراعية إلى 13.5 مليون فدان خلال 3 سنوات    تأكيدًا لمصراوي.. نقل موظفين بحي الهرم في الجيزة على خلفية مخالفات بناء    ضياء السيد: الأهلي سيواجه أزمة أمام بيراميدز.. والتسجيل سيدين محمد معروف    حاول إنقاذ الصغير.. مصرع أب ونجله غرقًا داخل ترعة قرية الشيخ عيسى بقنا    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدم والعقل وحل الجماعة..!
نشر في صدى البلد يوم 11 - 10 - 2013

بعد حل جمعية الإخوان المسلمين رسميا, بحكم قضائي, لم يعد مقبولا ذلك الدم المصري, الذي ينزف بصفة يومية, ولم يعد مقبولا ذلك الانقسام غير الطبيعي في الشارع الواحد, بل داخل البيت الواحد.
كما لم يعد مقبولا إجبار العقل علي إجازة مفتوحة لحساب لغة السلاح وسفك الدماء, كما ليس مقبولا أن نظل نحيا هكذا علي قلق وتوتر وارتباك, دون أدني أفق لمستقبل واضح, أو لمعالم طريق تحمل بصيصا من الأمل, وبالتالي لن يكون مقبولا استمرار الأداء الرسمي للدولة بهذه الوتيرة, التي ترفع من معاناة المواطن, وتزيد من آلامه, في شتي المجالات, بدءا من الفقر, مرورا بالأسعار, وانتهاء بفوضي الشارع.
هذه هي الحقيقة, التي لا جدال فيها, مهما نحاول تجميل المصطلحات والعبارات, ومهما نحاول القفز علي الواقع بخطب حماسية, أو شعر رومانسي, أو حتي قرارات في معظمها غير منطقية, وذلك لأن الواقع يحتم علينا الدخول الآن في عمق المشكلات دون تردد, ويحتم علينا أيضا مواجهة الأزمات دون انتظار, فلم يعد هناك مبرر لقبول ذلك التردي في الأداء بدعاوي الإرهاب, والأزمات السياسية, والمشكلات الدولية, كما لم يعد هناك مبرر لتأجيل المواجهة مع انفلات الشارع, أو تجاوزات التجار, أو حتي ترهل المسئولين, وصناع القرار.
المطلوب الآن, وعلي وجه السرعة, أن تتحمل الدولة مسئولياتها كاملة, بحل المشكلات الآنية, التي أصبحت مزمنة, إلي حد جعل المواطن لا يري أي جديد فيما بعد25 يناير2011 عما قبلها, بل وصل الأمر إلي أن هناك من يري أن ما قبل ذلك التاريخ كان أفضل مما بعده, علي كل المستويات, ومن جميع الوجوه, ولم لا؟, فتحت عناوين ودعاوي الثورة, ارتكبت الموبقات السبع, بالإضافة إلي أخري مستحدثة, وتحت دعاوي الحرية, انفلت زمام الأمن, وانفرط عقد الأخلاق.
هي إذن.. مسئولية الدولة الرسمية بالدرجة الأولي, بتفعيل القوانين, وفي مقدمتها قانون الطوارئ, وهي مسئولية الأمن, بتطبيق القانون علي البلطجية والمشاغبين والمنفلتين, وهي مسئولية المحليات باتخاذ قرارات صعبة, أهمها إغلاق المحال, وما شابهها في الثامنة مساء, وإعادة هيبة الدولة, للأرصفة والشوارع, وهي أيضا مسئولية القوات المسلحة, التي يجب أن تشارك بقوة في كل ذلك, استنادا إلي تفويض شعبي, لم تستثمره حتي الآن!
بعد حل جماعة الإخوان رسميا, يجب أن تتوقف مظاهرات مناصريهم, فنحن أمام حكم قضائي, وبعد أن أصبحت المواجهة شعبية, يجب إعمال العقل, فلن يقبل أحد بحرب أهلية علي الأراضي المصرية, وبعد وضوح الرؤية لدي العالم الخارجي, يجب التعامل مع الأمر الواقع, وهو إعادة بناء الدولة, وهو ما يجب أن يفطن إليه أيضا القائمون علي أمر البلاد, بسرعة تدارك الموقف نحو إعادة البناء, حتي يشعر المواطن بأن شيئا ما قد تغير, أما إذا استمر الوضع كما هو, فنحن أمام ثورة شعبية حقيقية مرتقبة, وقودها, هذه المرة, الفقر, والجوع, والمناطق العشوائية, التي بلغ عددها422 منطقة, تترعرع فيها الجريمة, وتنمو فيها المخدرات, وتسكنها الرذيلة, ويتكاثر فيها محترفو البلطجة بالأجر المادي تارة, وبما يسد الرمق في معظم الأحيان, ومع مزيد من الاستقرار, تتزايد حالة العداء لدي هؤلاء, وأولئك, بعد أن تتقطع أمامهم سبل' العيش الحرام', وهم في حالة بطالة, كغيرهم من ثمانية ملايين آخرين داخل المجتمع.
يجب أن تتوقف, إذن, عملية سفك الدم الحرام في بر مصر, بعد أن أصبحنا نسمع أنباء القتل, وكأنها حالة طبيعية في حياتنا, ويجب أن نبحث عن مخرج لحالة الانقسام الحاصلة في المجتمع الآن, وذلك بطرح رؤية سياسية للمرحلة المقبلة, لا تقصي ولا تستبعد أحدا, مادام يسعي إلي حياة آمنة له ولغيره, ويجب أن نحتكم إلي لغة العقل, وإعمال الضمير, حتي لا يظل العنف, والعنف المضاد, حالة مسيطرة علي سلوكياتنا, ولنتجه بالدرجة الأولي إلي إنتاج غذائنا, الذي نستورد نصفه من الخارج, وهو أمر يحتاج إلي رؤية أوسع بكثير مما هو مطروح الآن, تتخلي عن البيروقراطية, وتتجاوز المحسوبية, وتتصدي للفساد, وجميعها أوضاع مازالت قائمة, بل مازالت تنخر في أوصال المجتمع, وتهدم أركانه, وكأن شيئا لم يتغير, بل إن هناك استطلاعات تؤكد أنها تفشت بنسب أعلي من ذي قبل.
نحن.. الآن..
أمام واقع جديد يفرض علي جماعة الإخوان التعامل مع الوضع الراهن, بما يتناسب وطبيعة المرحلة من عدة وجوه, أراها علي النحو التالي:
إن الجماعة عادت محظورة, كما كانت الحال قبل25 يناير2011, وإذا كانت, رغم حظرها في السابق, قد مارست نشاطا سياسيا تغاضت عنه الدولة الرسمية, بل وصل الأمر إلي تمثيلها في البرلمان, فإن تكرار مثل هذا الوضع, يمكن أن يتوقف علي طريقة تعاطيها مع المرحلة المقبلة, سواء إيجابا, أو سلبا, وخاصة أن حزبها' الحرية والعدالة' مازال قائما حتي الآن, والممارسة, أيضا, هي التي سوف تؤكد استمراره من عدمه.
إن شعب مصر, بطبيعته, يميل إلي السلام الاجتماعي, ويأبي, بل يرفض تماما, أي محاولات من شأنها تعكير صفو الأمن بالمجتمع, وبالتالي فإن أي محاولات من جانب الإخوان, للإخلال بالأمن, سوف تسحب من رصيدهم, بل سوف ينفد هذا الرصيد تماما, والأهم من ذلك أنهم سوف يجدون مواجهة شعبية عنيفة, ظهرت بوادرها بوضوح الآن.
إن الاتهامات الموجهة لقيادات الجماعة وأعوانهم من المقبوض عليهم, حاليا, ترقي العقوبة في بعضها إلي الإعدام, وفي البعض الآخر إلي المؤبد والأشغال الشاقة, وهو أمر يتطلب من أنصارهم تحكيم لغة العقل والمنطق, وتغليب المصلحة العليا للوطن واستقراره, أملا في عفو أو تخفيف عقوبات في المستقبل.
وفي هذا الصدد, أتوقع من قيادات الجماعة, داخل السجون, الإسهام في إعادة الهدوء إلي الشارع, من خلال بيانات تدعو أنصارهم إلي التريث, وعدم إثارة القلاقل, تغليبا للمصلحة العامة للمجتمع أيضا, وخاصة أن مثل هذه القلاقل لن تفضي إلا إلي مزيد من سفك الدماء والاعتقالات في صفوفهم.
أناشد قيادات الخارج, الإخوانية, تغليب الضمير الوطني علي أي مطامع شخصية, وذلك لأن الهدف النهائي يجب أن يكون مصر القوية, الفاعلة في محيطها إقليميا ودوليا, وليست مصر الخاضعة لفصيل سياسي بعينه, وفي الوقت نفسه, لا يعقل أن تستمد حفنة من القيادات بالعواصم الغربية شرعيتها لدي هذه العواصم من جثث, ودماء المواطنين الأبرياء بالداخل.
أستطيع أن أؤكد أن تعامل الدولة مع الشغب الإخواني, في المرحلة المقبلة, سوف يختلف عن سابقتها, ويمكن أن نقرأ ذلك في القرار الجمهوري, الذي أصدره الرئيس عدلي منصور بتفويض وزير الدفاع والإنتاج الحربي في بعض قرارات الرئيس بشأن التعبئة العامة اعتبارا من أول نوفمبر المقبل, كما يمكن أن نقرأه أيضا في أحداث ذكري السادس من أكتوبر, وهو الأمر الذي تتوجب معه إعادة النظر إخوانيا في هذا النهج العنيف, الذي أضر كثيرا بالمواطنين ككل, ناهيك عن إضراره أيضا بعناصر الإخوان ومناصريهم في كل مكان, وكما لم يعد المواطن يقبل باستمرار مثل هذه الأوضاع, فإن الدولة الرسمية لن تستمر في قبولها هي الأخري.
وأعتقد أنه يوجد بين صفوف الجماعة, ممن دارت معهم محادثات حول تسوية ما خلال الفترة الماضية, من يستطيعون فرض هذا التصور, سواء مع قيادات الداخل أو الخارج, وبالتالي مع الدرجات الأدني, وهم بذلك يؤدون دورا وطنيا, يمكن أن تنتفي معه اتهامات العمالة, والتبعية, والتشدد, والتطرف, إن هم أرادوا العودة إلي المجتمع كمواطنين طبيعيين صالحين, فلا يعقل, أبدا, أن يواجه أي مواطن جيش بلاده, أو أن يستهدف عناصره بسوء, بل لن يسمح الشعب بذلك, كما لا يعقل أبدا استهداف منشآت الدولة, ومرافقها بتخريب أو تدمير, كما حدث مع محطة الأقمار الاصطناعية بالمعادي, أو مترو الأنفاق, أو محطات الوقود, وفي الوقت نفسه, لن يسمح المواطن الطبيعي, أو يقف صامتا, أمام محاولات تعويق حركة المرور, أو قطع الطرق, وإغلاق الميادين, وبالتالي فإن القضية الآن قضية شعب, كما أن المواجهة سوف تكون أيضا مع الشعب.
وأعتقد..
أن ذكري انتصار السادس من أكتوبر كانت أكبر دليل علي خطأ النهج الإخواني في التعامل مع الموقف الراهن, حيث كان من المتوقع أن تعلن الجماعة, علي أقل تقدير, عدم النزول إلي الشارع في ذلك اليوم, حتي لا تفسد علي الشعب فرحته بهذه الذكري, وإن كنت أري أنه كان يجب عليها مشاركة الشعب في فرحته هذه, علي اعتبار أنها ربما تكون الذكري الوحيدة علي مدي العام, التي نشعر فيها بالزهو والفخر, بعد انتصار علي عدو يتربص بنا حتي هذه اللحظة, وقد قتل من جنودنا وأطفالنا وآبائنا من قتل, ودمر من ممتلكاتنا, ومرافقنا, وبنيتنا التحتية ما دمر, إلا أن ما فعلته الجماعة وأنصارها في ذلك اليوم من إفساد متعمد ومعلن, لفرحة ونشوة ذلك اليوم, هو خطأ لن يغتفر, وقد سجلته ذاكرة الصغار والكبار بحزن ومرارة شديدين, لن تمحوهما الاعتذارات, فما بالنا بالدماء التي سفكت, والأرواح التي أزهقت!
وفي الوقت نفسه..
أجد أن القيادة السياسية في البلاد, ممثلة في الحكومة بصفة خاصة, يقع عليها العبء الأكبر من المسئولية في المرحلة الحالية, بمشاركة القوات المسلحة, وهو الأمر الذي يتوجب معه القيام بعدة إجراءات, أراها تتمثل فيما يلي:
يجب أن نعترف, مبدئيا, بأن هناك وزراء في الحكومة أخفقوا في أداء مهامهم, أو علي الأقل لم يواكبوا المرحلة كما يجب, وهو ما يتطلب استبدالهم فورا, حتي لو تطلب ذلك إعادة التكليف بتشكيل حكومة جديدة, وخاصة أن المشار إليهم كثر.
يجب عدم إقصاء فصيل سياسي, نتيجة الفشل, لحساب فصيل سياسي آخر, أكثر فشلا, يسعي إلي السيطرة علي كل مقدرات ومفاصل الدولة, ويتغلغل كالسوس في مفاصلها, الرئاسية, والوزارية, ومجالسها, ولجانها, وهو فصيل, بجانب عدم أهليته, يفتقد في الوقت نفسه الثقة فيه, وخاصة في هذه المرحلة.
إن استمرار غياب العدالة الاجتماعية, قد ضاعف من حجم الفجوة بين الأغنياء والفقراء, بل أسهم في زيادة نسبة من هم تحت خط الفقر, وهي القضية التي يجب أن توليها الحكومة أهمية قصوي في هذه المرحلة, قبل فوات الأوان.
إن نهضة المجتمع الحقيقية لن تتحقق إلا بقرارات مصيرية, تحتاج إلي رجال علي مستوي المرحلة, وخاصة ما يتعلق منها بإلغاء أو تقليص الدعم عن بعض السلع, وعلي الأخص الوقود, والغاز, وفتح ملفات المستشارين بالوزارات, واستغلال النفوذ بالقطاعات المختلفة, وترشيد نفقات السفارات والمكاتب الخارجية, وفتح ملفات الفساد المسكوت عنها حتي الآن.
وضع خريطة مستقبل لجهاز الشرطة تتضمن مدي زمنيا محددا, تعيد خلاله الانضباط إلي الشارع من كل الوجوه, وهو الأمر الذي أصبح مطلبا جماهيريا يتصدر الأولويات, بعد أن أصبحت حالة الشارع طاردة للمواطنين, فما بالنا إذا كنا ننشد سياحا وزائرين!
علي أي حال..
تجب الإشارة إلي أن مصر بدأت تستعيد ثقة العالم شيئا فشيئا, لكن ذلك لن يكتمل إلا في حال وجود مصر القوية الناهضة, ولن يتأتي ذلك أيضا دون سلطة تنفيذية قوية تستطيع الإمساك بزمام الأمور في كل بقعة فيها, فقد كان من المهم خوض تلك المعركة مع الإرهاب في سيناء, إلا أن الأهم هو اتخاذ موقف حاسم مع الداعمين له من الخارج, سواء كانت عواصم, أو جماعات, أو أفرادا, وإذا كانت هناك عمليات إجرامية نوعية, من فعل جماعات أطلقت علي نفسها أسماء غريبة أو وهمية, في الفترة الأخيرة, فهي نتيجة يأس من مواجهة الشارع, وبالتالي لن تستطيع هذه الجماعات تحقيق أهدافها, التي تصب, أولا وأخيرا, في تعويق مسيرة المجتمع, وسوف تمضي المسيرة قدما إلي الأمام, بفضل تماسك أبناء الشعب, وليس من خلال مباركة أوروبية, أو غطاء سياسي أمريكي, ومن هنا يجب ألا نتوقف أو نلتفت إلي مواقف هذه الدول, حتي وإن تعلق الأمر بقطع مساعدات, فمصر أكبر منهم جميعا, وسوف يسعون إليها خاضعين, إن هي أحسنت التقدير, وهو ما أحسبه بعون الله مقدرا, إلا أن الأمر يتطلب, الآن, إعادة نظر شاملة, وهو ما لا أراه في الأفق, علي الأقل الآن!
نقلا عن الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.