في صعيد مصر ولفترة قريبة كان لايعلو صوت علي صوت القبيلة وكانت عائلات محدودة تسيطر علي مجريات الأمور وخاصة في أثناء الانتخابات والاستفتاءات والتنظيم الحياتي بشكل عام. وهذه السطوة تعتمد علي قوه العصبية وتمتد إلي أدق تفاصيل حياة الصعيدي من زواج وعمل وسياسة أيضا والأخيرة أصبحت بعد الثورة علي رأس الاهتمامات وأثرت بصورة كبيرة علي قرارات أفراد كل عائلة. وبرغم تعدد الأحزاب الجديدة والقديمة إلا أنها لم تستطع ان تذيب حدة التعصب والانتماءات القبلية قبل الثورات... ملحق المحافظات يفتح هذا الملف الشائك والخطير حيث أجري مسحا مبسطا في محافظتي أسوانوالأقصر وخاصة أن مصر علي أبواب استحقاقات مصيرية من استفتاء علي الدستور وانتخابات برلمانية ورئاسية. الأحزاب في محافظة أسوان كانت ولاتزال مجرد مقار يتردد عليها أشخاص يعدون علي أصابع اليد الواحدة ومجرد لافتات لم تنجح في التغلغل والوجود بين الناس خاصة في القري.. وكان عندما يتوجه المواطن في صعيد مصر إلي اللجان الانتخابية فانه يرتدي رداء القبلية ولاينظر إلي مدي صلاحية المرشح!! ولذلك فان الأحزاب تبحث عادة عن مرشحين لهم ثقلهم القبلي. أما الآن وبعد ثورتي25 يناير و30 يونيو وبعد الانشقاقات التي مست الأسر والعائلات بعد تسلل السياسة والانتماءات الحزبية والسياسية تمسك كل شخص أو أفراد بآرائهم حتي لو خالفت رأي العائلة والقبيلة وهو ما أدي الي تفكك العائلات وانهيار ما كان يعرف بالسطوة القبلية! والدوائر الانتخابية في محافظة أسوان لها تقسيمة ظلت ثابتة لازمان طويلة بسبب التعصبات القبيلة, فالجعافرة هم أكثرية بالمحافظة ظلوا يحتفظون بنصف مقاعد الدوائر الانتخابية( شعب وشوري ومحليات) والنصف الثاني يتم اقتسامه بين قبائل العبابدة والنوبيين وظل هو الحال حتي نجح التيار الإسلامي في ان يفتت الألتزام القبلي في انتخابات2011 وفوجئت القبائل الكبري بزلزال هز الأرض تحتها وسحب المقاعد البرلمانية من تحت أقدامها بعد ان تم منح الفرصة لقوي وتيارات جديدة وقبائل اصغر وعائلات كانت مهمشة وظلت محرومة سنوات طويلة وعندما حانت الفرصة قفزوا علي سدنة الحكم ومما ساعد علي سقوط سطوة القبلية والعائلات هو تدهور الالتزام القبلي وتمرد الأجيال الجديدة علي كبير القبيلة الذي لم يعد يتمتع بالاحترام الواجب والتقديس وتعدد المرشحون وأصبح البيت الواحد يقدم أكثر من مرشح انتخابي في ظل عدم الالتزام مما أدي إلي تفتت أصوات القبيلة التي فقدت وحدتها وفقدت معها مقاعدها البرلمانية... هذا ماسجلته آخر انتخابات برلمانية بمحافظة أسوان عام..2011 وفي ظل استمرار التفسخ الذي يشهده المجتمع المصري فان القبلية والعصبية والعائلات تودع السطوة والمجد. الحاج احمد الكاجوجي عضو مجلس شوري سابق ومن زعماء قبائل الجعافرة يؤكد لقد تغيرت الخريطة الانتخابية بعد ثورة25 يناير وأصبحت القبلية والعصبية وهما بعد ان فقدت التناسق القبلي نتيجة اختفاء القيادات القديمة المسموع صوتها بل وانقراض هذه القيادات فاختفلت الحسابات وحدثت شروخ في الالتزام, وهو الأمر الذي أصاب المجتمع والوطن ككل بعد الثورة ولايمكن إعادة القوة للعائلات او القبلية في المستقبل في ظل جيل متمرد غير ملتزم.. عبدالمجيد عثمان شيخ مشايخ عربان العبابدة والبشارية قال: نعم القبلية فقدت قوتها اخيرا ولكننا نسعي للم الشمل والتحالف والجلوس مع الشباب لمحاربة الانانية وإقناع الشيوخ بترك الفرصة للوجوه الجديدة من الشباب وقد حصلنا علي دروس عديدة من الانتخابات الاخيرة فالاتحاد قوه والتفتت ضعف. العمدة مجدي الحسيني عمده بنبان يقول مازال للقبلية مكانتها ورغم ما أصابها من عدم توحد الا أنها قادرة علي التعافي واستعادت سطوتها والعودة لاحتلال مقاعدها البرلمانية... والجماهير لن تسمح للتيار الإسلامي بالفوز بعد ان انكشف وفقد تعاطف الاغلبية. احمد راشد حسين قيادي نوبي يؤكد ان وحدة الكلمة والصف وراء نجاح القبيلة في ان تفرض مرشحها في الدائرة بشرط الشفافية في الالتزام وهذا يمكن تحقيقه عن طريق القيادات الواعية صاحبة الشعبية وهي القيادات الطبيعية القادرة علي جمع كلمة القبلية باعتبارها القدوة والمثل. أما في الاقصر فالسطوة الامنية اثرت علي السطوة العائلية وهنا يقول محمد صالح منسق اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية ان السطوة العائلية لم تعد كما كانت من قبل وخاصة بعد قيام ثورة25 يناير فالشباب الذي قام بالثورة اصبح يرفض كل ما هو قديم واصبح الانتماء الي النظام القديم اتهام يواجهه كبار العائلات من قبل الشباب مما جعلهم في معظم الحالات يرفضون نصائحهم ويعارضونهم, الامر الذي جعل العديد من الاسماء المعروفة في الساحة الاجتماعية والسياسية في السنوات الثلاث الماضية تفضل عدم الظهور, فالشباب كان في حالة تمرد جعلته يرفض اي راي منهم حتي لو كان صحيحا, الامر الذي اسهم في زيادة ضعف السطوة العائلية وبالتالي لم يعد كبار العائلات يستطيعون تقديم خدمات للاهالي الامر الذي اسهم في ازدياد حالات العنف في الخلافات بين اي عائلتين وأكبر مثال في الاقصر هو الاشتباكات المتكررة بين عائلتي الخولة والشبيانية في مدينة البياضية والتي نتج عنها مصرع ثلاثة من العائلتين بعد تبادل بينهم لاطلاق النار اثناء صلاة الجمعة العام الماضي فكل محاولات الصلح بينهم باءت بالفشل وكل اتفاق بين الكبار كان يرفضه الشباب وهذا ماكان يحدث في معظم الحالات فلم يعد هناك من يستطيع الآن ان يقول أنا ضامن القعدة وللاسف الشديد ان هذا الوضع يجعلنا حاليا لا نعرف ما الذي يمكن ان تسفر عنه الانتخابات البرلمانية القادمة ففي ظل ضعف السطوة العائلية وصعوبة عقد الاتفاقات العائلية والانتخابية التي كانت تحدث في الماضي وفي ظل غياب الكوادر من الشباب ومع احتمالية تفتيت الاصوات نتيجة عدم الاتفاقات فربما يكون فرصة الاخوان المسلمين بالفوز بها كبيرة نتيجة تفتيت الاصوات وعدم وجود البديل بعد ان احترقت عديد من الاسماء المعروفة بانتماءاتها السياسية السابقة ويخالفه في الرأي ابوبكر فاضل أمين حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالاقصر واحد شباب ثورة25 يناير الذي قال ان سطوة القبلية مازالت لها تأثير قوي في الحياة السياسية في الأقصر ولكن اعتقد انها ليست بنفس قوة التأثير ماقبل الثورة ونحن علي الطريق للتخلص من تلك العصبية المقيتة ولكن ربما سيأخذ هذا وقتا للتخلص منها تدريجيا... ولتحقيق هذا الهدف يجب تغيير الواقع الاجتماعي للطبقات المهمشة والفقيرة في قري ونجوع الأقصر ونشر التوعية السياسية في تلك الاماكن المهمشة وقوانين الانتخابات وهل الترشح فردي ام قائمة.. فنظام القائمة يقلل من حدة القبلية وبمرور الوقت يذيبها والعكس مع الفردي.