ربما لا يعلم كثيرون أن أول قزم تطأ قدمه أرض مصر كان من وسط افريقيا, بعد ان عثر عليه حرخوف احد رجال الدولة في عصر الاسرة السادسة, وذلك اثناء رحلة استكشافية له في انحاء القارة السمراء. حرخوف كان يريد اسعاد الملك بيبي الثاني, وعندما علم الاخير بامر القزم, فرح كثيرا وامر حرخوف بتوفير حرس يحميه ليلا ونهارا, كما اوصاه بان يحافظ عليه في اثناء رحلة العودة الي مصر, وحذره من الغفلة عنه لئلا يسقط من المركب في النيل! الحكاية السابقة يحكيها الدكتور نشأت الزهيري الاستاذ بقسم الاثار بآداب عين شمس مدللا علي الترابط القديم الذي جمع بين المصريين والافارقة منذ عهد الحضارة المصرية القديمة. ويكشف الزهيري عن امتداد حضاري كبير للحضارة المصرية في السودان وليبيا, واثيوبيا حيث حضارة اكسوم التي تاثرت بالحضارة المصرية فنجد معابد امون واعتناق الديانة ذاتها ونفس الالهة مثل امون وايزيس وازوريس وانوبيس, وكان الدفن في الاهرامات, كما وجد في اثيوبيا تماثيل من البرونز لمعبودات مصرية كحورس وسوبك وايزيس, بالاضافة الي ان جيش مصر كان يضم افرادا من قبائل افريقية مثل قبيلة يام الليبية,وفي الحضارات القديمة في السودان كان لابد ان يحصل الملك علي تأييد الاله امون ليحكم, ويتم اقامة نفس الطقوس وترديد نفس الكلمات. اما من ابرز التأثيرات الثقافية للحضارة المصرية المستمرة حتي الان في افريقيا فهو انتشار تقديس الحيوانات خاصة الثور والبقرة, وارتباطها بالامومة, كذلك وضع الريش فوق الرأس كنوع من التمييز, وهو يخص زعماء القبائل الافريقية, فضلا عن الاهتمام بكسوف الشمس وخسوف القمر, والرقصات الدينية, فالرقص كطقس ديني مستمد من الحضارة المصرية القديمة, وسنجد ايضا عادة رش المياه علي المقابر بعد الدفن معمولا بها في افريقيا وهي اصلا عادة مصرية. علي الجانب الاخر كان المصريون يجلبون حيوانات معينة من انحاء القارة السمراء كالاسود والنمور والزراف, وسنجد علي جدران المعابد توثيقا لتلك الرحلات, فنري افارقة ببشرتهم السمراء وشعرهم المجعد وانوفهم المفلطحة يحملون بضاعاتهم الافريقية. ومن جانبه يفصل الدكتور عبد الحليم نور الدين العميد الاسبق لكلية الاثار بجامعة القاهرة ارتباط الحضارة المصرية بالسودان او ما يسمي النوبة العليا بدءا من وادي حلفا حتي الخرطوم, فيقول اللغة المصرية الهيروغليفية كانت لغة الحديث والكتابة و في ممالك كوش ونبتة ومروي بالسودان, بنيت الاهرامات خصوصا مملكة نبتة, ومنها جاءت الاسرة ال25 في مصر, كما تم اكتشاف التشابه الكبير بين اللغة المروية واللغة النوبية, وهناك طقس موجود حتي الان لدي القبائل الافريقية, وهو الاحتفال بالعيد الثلاثيني اي مرور30 سنة علي حكم زعيم القبيلة, حيث تقام احتفالات كبري لتأكيد سلامة الملك واستمرار قدرته علي القيادة, وهو ماخوذ عن الحضارة المصرية القديمة فيما يعرف ب حب سيد حيث يتم تجديد جلوس الملك علي العرش. ويتابع نور الدين فيما يخص العلاقات مع الغرب الافريقي فكانت هناك غزوات عسكرية متبادلة وهناك اسرة مصرية ذات اصول ليبية هي الاسرة ال.22