علي طريقة المسلسلات الاجتماعية, تحولت الصديقتان إلي متنافستين كل منهما تعتقد فكرا علي طرفي النقيض من الأخري, هما ميشيل باشليه وايفلين ماتيه التي اتخذت كل منهما منحي سياسيا مختلفا عن الأخري, وساهم في ذلك الانقلاب العسكري الذي حدث في تشيلي عام1973, حيث قلب حياتهما رأسا علي عقب فسارت كل منهما في اتجاه, و ليتنافسا أخيرا علي كرسي الرئاسة, لتصير منافسة نسائية غير مسبوقة في تاريخ تشيلي. فقد جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في دورتها الأولي بتشيلي غير حاسمة بعد أن احتلت فيها ميشيل باشليه الصدارة وبفارق كبير, لتواجه صديقتها مرشحة الائتلاف اليميني ايفلين ماتيه في الدورة الثانية بسبب عدم حصولها علي نسبة ال50% من الأصوات التي كان من الممكن أن تجنبها الدورة الثانية التي ستجري في الخامس عشر من ديسمبر المقبل, لتوصف بأنها انتصار مرير لباشليه وفشل ضعيف لايفلين ماتيه. ميشيل باشليه... ماض يضيء المستقبل المرشحة الاشتراكية و الطبيبة البالغة من العمر62 عاما, هي ابنة فالبرتو باشليه جنرال سابق في سلاح الجو التشيلي, عذب في معتقله حتي الموت, في الوقت الذي كان فيه الجنرال ماتيه والد المرشحة اليمينية مديرا للكلية العسكرية التي احتجز فيها والد باشليه لولائه للسلفادور الليندي آنذاك.. ميشيل باشليه هي أول امرأة ترأس بلدا في أمريكا اللاتينية عام2006, وقد كانت تحظي بشعبية كبيرة حتي انتهاء ولايتها الرئاسية الأولي في2010, إلا انه في تلك الآونة منعها الدستور من عدم الترشح لولايتين متتاليتين, لتعيد ترشيح نفسها مرة أخري هذا العام راغبة في الفوز بإصرار لتنفيذ إصلاحاتها التي تعبر عن نشأتها وأفكارها الاشتراكية, فهي وعدت خلال حملتها الانتخابية بأن تحقق إصلاحات كي تجعل تشيلي بلدا مختلف عن ذلك الذي تركته في2010, وذلك من خلال برنامج يسمي المائة يوم. ومن أصعب ما سوف تواجهه باشليه ما وعدت به بشأن مراجعة دستور1980, والذي لم يجرؤ أي رئيس سابق حكمه علي المساس به لتصير مأمورية تعديله أمرا صعبا خاصة دون حصول حزبها علي أغلبية برلمانية, فهي تريد إيجاد دستور جديد, من شأنه أن يمثل كل ما هو حديث, وأن يكرس فكرة دولة الرفاهية التي تضمن للمواطن ان يمارس حقوقه دون قيود, وتعد إصلاحات قطاع التعليم ثانية مهام باشليه الصعبة فهي تؤمن بأن التعليم حق اجتماعي مكفول للجميع غني وفقير, لا سيما أن الطلاب التشيليين يضطرون لأخذ قروض من أجل إكمال تعليمهم العالي, وذلك ضمن الإرث الثقيل الذي تركه الديكتاتور بينوشيه, لتصل الحال بالبلاد إلي خصخصة الأنظمة الاجتماعية والتعليم والصحة, وثالثة مهام باشليه الصعبة زيادة الضرائب علي الشركات الكبري بالإضافة إلي اعتزامها العمل علي إصدارها تشريع الإجهاض المحظور حتي لغايات طبية, وفتح النقاش حول زواج مثليي الجنس والذي تصعب من إجرائه تقاليد المجتمع التشيلي المحافظ جدا, كل هذا يتطلب دعما كافيا من البرلمان لتحقيق هذه الإصلاحات, ومدي قدرة باشيليه حال فوزها علي المناورة لإجراء الإصلاحات الموعودة. إفلين ماتيه..المهمة الصعبة أما افلين ماتيه فهي أول امرأة محافظة تترشح للانتخابات الرئاسية التشيلية, بعد أن حصلت علي ترشيح الائتلاف اليميني في وقت متأخر, وقد جاءت النتيجة التي أحرزتها وهي(25%) أكبر بكثير من تلك التي حصلت عليها في استطلاعات الرأي والتي لم تزد علي14%, لتبدي سعادتها الكبيرة بالنتائج, معربة عن ثقتها في الفوز في الدورة الثانية, مصرحة أمام حشد من أنصارها تجمع في مقر حملتها الانتخابية: نعم.. يمكننا ذلك سنفوز في الدورة الثانية مضيفة: سنبدأ اعتبارا من الغد.. ليست لدينا دقيقة واحدة لنضيعها. وزيرة العمل السابقة في حكومة الرئيس المحافظ المنتهية ولايته سيباستيان بينييرا يعرف عنها جرأتها, ومدافعتها عن سياسة اليمين, وهي لا تنوي من جهتها إجراء أي تغييرات عميقة في المجتمع التشيلي, حيث لا تري حاجة في تغيير الدستور, بل انها تقترح استمرار السياسة الاقتصادية الداعمة للشركات الكبيرة, ومشروعها الليبرالي المندرج في إطار استمرارية سياسة حكومة سيباستيان بينييرا, والذي يدعو إلي ضبط التهرب الضريبي بشكل أفضل وإعادة توزيع الثروات, واصفة سياسة الأحزاب اليمينية بأنها مشجعة للاستثمار, وانه قد نتج عنها انخفاض معدلات البطالة, وازدياد وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد.