كتب بنيديكت ماندر، المراسل بجريدة الفاينانشيال تايمز، مقالا بعنوان «بينوشيه يلقى بظلال طويلة على يمين تشيلي»، نُشر على الموقع الإلكترونى للجريدة. يتناول فيه الانتخابات الرئاسية القادمة فى تشيلى. بدأ الكاتب المقال قائلا إنه على الرغم من أن مرشحتى انتخابات الرئاسة فى تشيلى كان لكل منهما أب جنرال فى القوات الجوية، فقد ظل أحدهما مواليا للرئيس سلفادور أليندى بعد انقلاب عام 1973 وهو ما أدى إلى تعذيبه وموته بينما أيد الآخر نظام الجنرال أوجستو بينوشيه. وأضاف الكاتب أنه من المحتم أن يكون لهذه الخلفية العسكرية دور عندما يقرر التشيليون أيّا من المرشحتين البارزتين سوف يصوتون لها فى اقتراع 17 نوفمبر، فإحداهما من اليسار الوسط، وهى ميشيل باشيليه، بينما إيفيلين ماتيى من اليمين الوسط. ●●● ويضيف الكاتب إنه مع انتقاد الرئيس المنتهية فترته سباستيان بينييرا مؤخرا للسيدة ماتيى لدعمها السلبى لبينوشيه فى استفتاء 1988 الذى تسبب فى سقوط نظامه، فقد احتفل بالذكرى الخامسة والعشرين لهذا الاقتراع فى الخامس من أكتوبر مؤيدو السيدة باشيليه، وهى رئيسة سابقة وهناك احتمال كبير أن تعود إلى السلطة. وجاء ذلك بعد وقت قصير من احتفال التشيليين بالذكرى الأربعين لانقلاب بينوشيه الذى استهل 18 عاما من الدكتاتورية التى ما زال التشيليون يكافحون لتقبلها. ومن ناحية أخرى، ذكر الكاتب أن أنجليس فرنادنديس، عالمة السياسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة تشيلى 21، وصفت الذكرى السنوية بأنها «رصاصة الرحمة» لمحاولات اليمين للاحتفاظ بالسلطة عندما يصل بينييرا إلى نهاية فترته بأقل قدر من درجات الشعبية التى حصل عليها رئيس لتشيلى إلى الديمقراطية فى عام 1990. وأشارت فرنانديس: «بسبب الذكرى السنوية، هناك مناخ عاطفى فى تشيلى معارض بشكل مطلق لليمين» وأضافت أنه «إذا كان اليمين فى ظرف أفضل فلن يختار بحال من الأحوال ماتيى» التى تُحسب ارتباطاتها ببينوشيه عليها». ●●● ويذكر الكاتب، إن تحالف تشيلى اليمينى يعيش أزمة سياسية بعد عملية الاختيار المفجعة لمرشح جديد يحل محل بينييرا الذى لا يمكن إعادة انتخابه باعتباره شاغلا للمنصب فى الوقت الراهن. حيث دخل المنافسة مرشحان قبل السيدة ماتيى، لكن الأول أُجبر على الانسحاب تحت سحابة من ادعاءات الفساد، بينما أرجع أبناء الآخر سبب انسحابه من السباق إلى الاكتئاب، بعد إصابة ابنه بالسرطان. وأضاف، إنه على الرغم من نجاح بينييرا فى إنهاء عقدين من حكم ائتلاف الأحزاب الديمقراطية اليسارية، فقد كانت تغلب على فترة حكمه القلاقل الاجتماعية بسبب سوء الخدمات العامة ومستويات التباين المرتفعة على الرغم من انخفاض التباين فى السنوات الأخيرة. وعلى صعيد آخر، أوضحت استطلاعات الرأى إن السيدة باشيليه، التى تولت الرئاسة من 2006 إلى 2010، بفارق هائل فى سباق شارك فيه تسعة مرشحين، بينما يظهر مسح أجراه مركز الدراسات السياسية العامة الشهر الماضى حصول مرشح تحالف الأغلبية الجديد على 44 بالمائة بينما حصلت ماتيى على 12 بالمائة فحسب. وأشار الكاتب إلى تنبؤ باتريسيو نافيا، عالم السياسة التشيلى بجامعة نيويورك، الذى تنبأ بأن تكون هناك جولة ثانية للانتخابات: وقال «الأمر أشبه بكوميديا رومانسية. فنحن جميعا نعلم ما سوف يحدث، إلا أنه ستكون هناك جرعة صحية من الشك» وأضاف، إنه على الرغم من أن هناك توقعا كبيرا لفوز السيدة باشيليه، وهى طبيبة أطفال وأم لثلاثة، فقد قال نافيا إن فترة رئاستها نفسها لن تكون على قدر كبير من السهولة. وهو يشك فى قدرتها على أن تنفذ بالكامل برنامج إصلاحها الطموح الذى يتضمن توفير التعليم المجانى وزيادة ضرائب الشركات وإعادة كتابة دستور 1980 الذى وُضِع فى عهد بينوشيه. وأضاف نافيا أنها «تَعِد بأشياء كثيرة جدّا. وسوف يكون عاما من الإحباط»، حيث يقبل التشيليون حقيقة أن مؤسساتهم السياسية قادرة فقط على إحداث تغيير تدريجى. وأضاف إنه لن يكون من الصعب فحسب على السيدة باشيليه أن تفوز بالأغلبية التى تحتاجها فى الكونجرس للمضى قدما فى تنفيذ أجندتها التشريعية، لكن النمو فى اقتصاد تشيلى آخذ فى التباطؤ بعد انخفاض الطلب على النحاس فى الصين، وهى شريك تشيلى التجارى الرئيسى ومشترك رئيسى لصادراتها من النحاس. حيث تشيلى أكبر منتج فى العالم للنحاس المسئول عن 15 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى و20 بالمائة من عائدات الحكومة و60 بالمائة من الصادرات». واختتم نافيا تحليله «إن التباطؤ الاقتصادى قد يعقِّد رفع عائدات الضرائب لتمويل الإصلاحات التعليمية، وهو مطلب أساسى للحركة الطلابية التى تؤيد السيدة باشيليه. وكانوا قد سببوا مشكلة كبيرة لبينييرا، على الرغم من أنه ورث نظاما تعليميّا تطور فى عهود الحكومات السابقة بل إن السيدة باشيليه نفسها كانت ضحية للاحتجاجات الطلابية المعروفة بثورة طيور البطريق فى عام 2006.» ●●● ويختتم الكاتب المقال بمقولة خورخى راميريس المحلل فى مركز أبحاث «الحرية والتنمية» بسنتياجو: «سوف يراقب التشيليون باشيليه عن كثب، خاصة وأنهم سيكونون قد أعطوها الفرصة لفترة حكم ثانية. وسوف يكونون أكثر انتقادا بكثير، وهم حاليا لديهم قدرة أكبر بكثير على النزول إلى الشوارع».