بعد سيطرة يسار الوسط علي الرئاسة في تشيلي علي مدي سنوات طويلة يستعد اليمين مرة أخري للعودة للإمساك بزمام الحكم منذ سقوط ديكتاتورية أوجستو بينوشيه في عام1990. ويقول المراقبون إن الفضل في تقيق هذا الهدف سيكون لرجل الأعمال سيباستيان بينيرا مرشح اليمين الذي سيخوض انتخابات الإعادة. المقرر إجراؤها في السابع عشر من يناير الحالي أمام منافسه الديمقراطي المسيحي إدوارد فراي الرئيس السابق ومرشح ائتلاف التوافق. وكانت الجولة الأولي من الانتخابات قد انتهت بحصول بينيرا علي44% من الأصوات مقابل31% لفراي بينما جاء في المركز الثالث المرشح المستقل ماركو انريكز أو مينامي بحصوله علي نسبة12.20% من الأصوات ويليه اليساري البرلماني خورجي أراتي بنسبة2106%. والمنافسة بين بينيرا وفراي في رأي بعض المحللين محسومة مسبقا, فعلي الرغم مما بذله فراي67 عاما من محاولات خلال حملته الانتخابية لكسب شعبية أكبر بالحصول علي تأييد أصوات المرشحين الخاسرين إلا أن كفة بينيرا رجل الأعمال الأغني في تشيلي هي الأقرب للفوز, والسبب في ذلك يعود إلي نشاطه الواسع في مجالات عدة تتراوح من القطاع النقدي إلي الإعلام مرورا بالأدوية والطيران, ذلك إلي جانب امتلاكه لقناة تليفزيونية, الأمر الذي جعله يتصدر استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا ويحصل علي49% مقابل32% حصل عليها منافسه فراي الذي يسعي للحصول علي فترة رئاسية ثانية بعد غياب عشر سنوات. بينيرا60 عاما الذي يلقبه خصومه ببرلسكوني سانتياجو لامتلاكه أكبر ناد لكرة القدم في تشيلي وعد خلال برنامجه الانتخابي باستحداث مليون وظيفة وبتحريك الاقتصاد مسخرا له النجاح الذي حققه في مجال الأعمال, ولكن برغم الوعود التي أعطاها بينيرا بعدم المساس بالمكاسب الاجتماعية التي قررتها الحكومات الأخيرة أو إعادة النظر في التوجه الاقتصادي الحذر لتشيلي الذي كان محل إشادة المؤسسات المالية الدولية, إلا أن هناك بعض النقاد يشعرون باليأس من انه في حالة فوزه لن يحدث تغيير كبير في السياسة الاقتصادية للبلاد, ولكن البعض الاخر يري أن بينيرا, الذي وصف الانتخابات بأنها مواجهة بين الماضي والمستقبل, بين الجمود والتقدم قادر علي قلب الموازين إذا أتيحت له الفرصة المناسبة, والدليل علي ذلك وعوده للمواطنين بنمو تصل نسبته الي6% خلال الأربعة أعوام القادمة إضافة الي التصدي لظاهرة انعدام الأمن في البلاد, وبذلك سيكتب لبينيرا تجسيد فكرة أن اليمين لم يعد يخيف, فخطته تعتمد علي ازدهار الاستثمار الأجنبي وتحقيق الانتعاش الاقتصادي التشيلي. الواقع أن تجربة الانتخابات هذه لم تكن الأولي بالنسبة لبينيرا, ففي عام2006 خاض انتخابات رئاسية أمام الاشتراكية ميشيل باشليت الرئيسة الحالية لتشيلي ذات الشعبية الكبيرة, وإن كانت لا تستطيع الترشيح لولاية ثانية طبقا للدستور التشيلي. ويري المحللون انه مع نشوة الفوز في الجولة الأولي سيحاول بينيرا الانفتاح لتوسيع دائرة تحالفاته وتوسيع هامش مناوراته إزاء منافسه إدوارد فراي الذي في المقابل سيحاول تركيز حملته الانتخابية علي مسألة حقوق الإنسان مستغلا الحكم الذي أصدرته المحكمة في تشيلي مؤخرا والتي اعتبرت والد رئيس تشيلي السابق مات مسموما عام1982 علي يد الديكتاتور بينوشيه في المستشفي بعد إجرائه عملية جراحية, ولن يكتفي فراي بذلك بل سيحاول اللعب علي نية بينيرا العفو عن المجرمين, وفي آخر خطاب له دافع الرئيس السابق فراي عن قيمه اليسارية قائلا: إن تشيلي ليست في حاجة الي مدير بل هي في حاجة الي رئيس, وإذا فاز فسيعتبر امتدادا لعقدين من حكم يسار الوسط, مما يعني أن حقوق الإنسان والتخويف من عودة الديكتاتورية سيكونان العامل المحدد للفائز في الانتخابات المقبلة, فهل ينجح بينيرا في تغيير نظرة الناخب التشيلي في اليمين وإعادته للحكم بعد مرور20 سنة من الغياب؟