يعد عام2009 عام الانتخابات الرئاسية بلا منازع فقد شهد علي مداره أكثر من عملية انتخابية امتدت من افريقيا إلي آسيا إلي أمريكا اللاتينية وأوروبا. بعض هذه الانتخابات مر مرور الكرام, وبعضها حظي باهتمام غير مسبوق. ويمكن القول إنه من بين هذه الانتخابات الرئاسية, فهناك حدثان حظيا بأكبر كم من الاهتمام والمتابعة الإعلامية, وهما بترتيب الحدوث الانتخابات الإيرانية التي جرت في شهر يونيو الماضي منذ الاعلان عن اسماء المرشحين الاصلاحيين المنافسين للرئيس الحالي احمدي نجاد, والحديث لم ينقطع عن سير الانتخابات, حتي وصلت الاثارة لقمتها بإعلان فوز نجاد بفترة رئاسية ثانية بنسبة62% وما تبع ذلك من عمليات احتجاج واسعة من قبل المعارضة, التي انضمت إليها القوي الغربية بدعوي حدوث تجاوزات خلال عمليات التصويت, وهي التداعيات التي مازالت أحداثها مستمرة حتي الآن, الأمر الذي جعل من هذه الانتخابات أهم حدث تابعته الصحافة علي مدي اسابيع. اما الانتخابات الرئاسية الأخري التي حظيت باهتمام بالغ, فهي الانتخابات الافغانية, التي شهدت تنافسا حادا بين الرئيس حامد كرزاي ومنافسه الرئيسي وزير خارجيته السابق عبدالله عبدالله فالحملة الانتخابية التي بدأت هادئة, سرعان ما تحولت إلي حملة ساخنة مع انحسار المنافسة بين كرزاي وعبدالله من ناحية, وبسبب سيطرة قضايا الفساد ونفوذ طالبان والوجود الأمريكي في البلاد علي الحملة, وقد اكتملت اركان الاثارة بسبب تمسك كلا المرشحين باعلان فوزه, والدعوة لاجراء جولة أخري من الانتخابات, انتهت باعلان فوز كرزاي, ليعتبر البعض ان البلاد لن تشهد تغييرا يذكر, بل ان الوضع ربما يكون مرشحا للاسوأ, خاصة في ظل اعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاستراتيجيته الجديدة, لتبقي الأوضاع في افغانستان علي ماهي عليه حتي اشعار آخر, ولكن الانتخابات الايرانية والافغانية علي اهميتها ليست الانتخابات الوحيدة التي جرت في القارة الاسيوية, فقد شهدت اندونيسيا أكبر بلد اسلامي انتخابات رئاسية اعلنت نتائجها النهائية في يوليو الماضي, وفاز فيها بفترة ولاية ثانية الرئيس سوسيليو بامبانج يودينو بنسبة60,8% من اجمالي الاصوات, ويشير المراقبون إلي ان يودينو يحظي باعجاب الاندونيسيين بسبب قدرته علي إدارة شئون الاقتصاد وملاحقة الفساد, ويعتبرونه الرجل الذي ساهم في جلب الاستقرار اللازم والأمن الذي كان مفتقدا في بعض الفترات, ومن آسيا إلي افريقيا التي شهدت أكثر من انتخابات رئاسية في الجزائر وتونس لم تأت بجديد, بينما تركزت الانظار علي الجابون, التي تسببت الانتخابات الرئاسية فيها في موجات احتجاج عارمة بسبب نتائجها التي جاءت بالرئيس علي بونجو, خليفة لوالده عمر بونجو الذي حكم البلاد42 عاما, خاصة بعد اتهام فرنسا بالاشتراك في التلاعب بالنتائج لفرض بونجو الابن نظرا للصلات الوثيقة الواصلة بين أسرة الرئيس الراحل بباريس. ويشير المراقبون إلي ان التحدي الأكبر سيكون فيما بعد الانتخابات وسيتعلق بمدي قدرة علي بونجو في المحافظة علي استقرار الاقتصاد, وتوظيف عائدات النفط للحد من الفقر المستشري بين المواطنين. وتظل القارة اللاتينية صاحبة نشاط انتخابي كبير, حيث اجريت بها أكثر من انتخابات رئاسية, ونبدأ من تشيلي التي شهدت لأول مرة منذ اسقاط الديكتاتور بيونشيه تقدما لليمين في الجولة الأولي من الانتخابات, حيث تقدم الملياردير سبستيان بينيرا علي مرشح يسار الوسط ليظل الأمر معلقا في انتظار الجولة الثانية التي ستجري في17 يناير المقبل. اما في اورجواي فقد فاز مرشح تيار اليسار خوسيه مونيكا74 عاما بالانتخابات الرئاسية بعد حصوله علي50% في جولة الاعادة, وبهذا الفوز اكتمل تحول خوسيه من متمرد يساري سابق قضي اكثر من14 عاما في السجن إلي رجل دولة, ويعبر عن رغبة الناخبين في بقاء التوجه اليساري مسيطرا علي الرئاسة, وفي بوليفيا أعيد انتخاب الرئيس الاشتراكي ايفو موراليس بأغلبية ساحقة, كما حصل حزبه علي الاغلبية المطلقة في البرلمان, وبهذا الفوز الثاني سيتمكن موراليس من تعزيز هيمنته علي الحياة السياسية واضعاف المعارضة اليمينية. وتبقي بعد ذلك انتخابات هندوراس التي اجريت بعد خمسة اشهر من الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس مانويل زيلايا, وفاز فيها مرشح التيار المحافظ بورفيريو لوبو من الحزب الوطني, وقد قاطع مؤيدو زيلايا الانتخابات ووقف خلفهم البرازيل والارجنتين, استنادا إلي ان الانتخابات ترسخ مبدأ الانقلابات, فيما ايدت نتائجها الولاياتالمتحدة, ومع ذلك لم تستطع هذه الانتخابات انهاء الازمة السياسية بسبب الخلاف حول مدي شرعية عودة زيلايا للرئاسة الذي كان ستنتهي ولايته فيها يناير المقبل, في حالة عدم حدوث الانقلاب. وتنتهي الجولة في القارة الأوروبية التي جرت فيها انتخابات رئاسية نبدأها من رومانيا واسفرت عن اعادة انتخاب ترايان باسيسكو مرشح يمين الوسط بعد تأكيد المحكمة الدستورية العليا فوزه عقب مطالبة منافسه بالغاء نتائجها, وسيكون من أولي مهام الرئيس اختيار رئيس جديد للوزراء, حيث امتنع صندوق النقد الدولي عن الافراج عن جزء من قرض منحه لرومانيا لافتقاره لحكومة فعالة. اما في ابخازيا فقد أعيد انتخاب الرئيس الانفصالي سرجي باخبش في أول اقتراع منذ الحرب الروسية الجورجية في اغسطس2008, وقد ادانت الحكومة الجورجية اجراء الانتخابات في الاقليم الانفصالي معتبرة اياها مهزلة, في الوقت الذي رفض فيه المرشحون الخمسة بشكل قاطع فكرة اعادة توحيد الاقليم ضمن جورجيا.