اختتمت الثلاثاء الماضي فاعليات الدورة ال71 للمهرجان القومي للسينما, والتي عقدت بعد غياب عامين, نظرا للظروف السياسية, وغياب الكثير من أنشطتنا الثقافية.. وخلال هذين العامين سمعنا الكثير من الأحاديث والتصريحات حول تطوير المهرجان وتغيير لائحته ونقاشات أخري وأوراق تقدم واقتراحات لوزير الثقافة, وغيره من المسؤولين في محاولة للتغلب علي أزمات المهرجان وعزوف السينمائيين عن حضور فعالياته حتي وصل الأمر ببعضهم إلي العزوف عن إرسال أفلامهم للمشاركة, في مسابقة المهرجان, حيث كان هناك من يرغب في حجز جوائزه مقدما من باب التعالي علي المهرجان, لذلك كان تفكير المخرج' مجدي أحمد علي' حينما كان يترأس المركز القومي للسينما هي تغيير لائحة المهرجان وجعله احتفالية تشبه الأوسكار, يحتفي فيها بإنتاج العام في السينما المصرية, من خلال التصويت علي الأفلام المتسابقة, واقامة حفل كبير مبهر لتوزيع الجوائز, وهي الفكرة التي سبق وطرحها العديد من مبدعينا ونقادنا الكبار, وللأسف لم يتم الأخذ بأي مقترح من مقترحات تطوير المهرجان. وعاد المهرجان في ثوبه القديم رغم توقف عامين ومحاولات لتطويره والتغلب علي أزماته المتكررة, والتي زاد عليها هذا العام عزوفا أكبر من جانب صناع السينما المستقلة, إضافة إلي ضم الإنتاج السينمائي خلال العامين الماضيين, وهو ما أدي الي دخول أكثر من عمل للفنان الواحد, وكان النجم ينافس نفسه, ومن هؤلاء النجوم أحمد حلمي, وأحمد مكي, وغيرهما, وهي الأعمال التي عرض معظمها علي الفضائيات وليس في دور العرض فقط, لذلك شهدت عروض الأفلام الروائية الطويلة غياب شبه كامل للجمهور, وأيضا لصناع هذه الأعمال, في حين شهدت عروض الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية إقبالا محدودا من جانب صناع هذه الأعمال ونقاد ومتابعي الحركة السينمائية. والمفارقة أن القائمين علي المهرجان وعلي رأسهم المخرج سمير سيف, رئيس المهرجان الذي اعتبر هذا المهرجان هو عرس للسينما المصرية, لذلك حرص علي ألا تظلم إنتاجات السينما المصرية التي عرضت خلال العامين اللذان توقف فيهما المهرجان, وقرر أن يعطي هذه الأفلام التجارية منها والفنية الفرصة في التنافس, خصوصا أن معظم ما تم إنتاجه خرج في ظل مشهد سياسي مرتبك وظرف إنتاجي يحمل قدرا كبيرا من المجازفة, ورغم تقديره لهذه الأعمال وصناعها إلا إنهم قابلوا ذلك بتجاهل المهرجان حيث لم يفكر أي منهم في الحضور, وهو ما يؤكد خطأ نظرية سيف حيث إن المهرجان في هذه الدورة كان يجب أن يكون معبرا عن حال السينما المصرية المتردي في ظل تراجع الإنتاج علي مستوي الكم والكيف, فهو مهرجان محلي يكرم رموز الصناعة, وكان من المنطق أن تكون تلك الدورةبمثابة ناقوس الخطر الذي يدق للتأكيد علي التدهور الذي تعانيه صناعة السينما. والغريب ان رئيس المهرجان الدكتور سمير سيف, كان يؤكد في تصريحاته أن الإقبال علي الأفلام القصيرة كان متوقعا, وغياب الجمهور عن الأفلام الطويلة طبيعيا, خصوصا وأن معظم هذه الأعمال تمت مشاهدتها في السينمات وعرضت علي العديد من القنوات, إذن فما جدوي حجز قاعة أو مسرح وعرض الفيلم؟, ولماذا لم يتم العمل علي تطوير شكل المهرجان بدلا من الإصرار علي تقليديته ونمطيته وبنفس مشاكله؟, خصوصا في ظل توتر الأحداث السياسية, والتي تلقي بظلالها علي مختلف الانشطة, ورغم تحفظات البعض إلا أن معظم المتابعين والعاملين في صناعة السينما يرون أن مجرد إقامة المهرجان هو حدث يستحق الاحتفاء, خصوصا في ظل, انحسار الحركة الفنية والثقافية في الفترة الماضية, وهي وجهة نظر البعض تستحق الاحترام والتقدير. ولكن يبقي السؤال الأهم والذي يطرح نفسه, مادامت قد توافرت الإمكانيات, لماذا يعود المهرجان بشكله التقليدي وبكل أزماته؟ وخير مايؤكد ذلك هو ما قاله الكاتب المبدع وحيد حامد, والذي رأس لجنة التحكيم في حفل الختام وقبل توزيع الجوائز, حيث قال: من المؤسف أن يتغيب عن الاحتفالية النجوم المصريون, رغم أن كثيرا منهم يتسول حضور مهرجانات سينمائية خارج مصر, وأنه لولا أعمالهم بمصر ماكان عرفهم أحد.