رحلات ممزوجة بطعم الموت والهلاك وروح المغامرة يعيشها النازحون الأفارقة إلي اليمن منذ سنوات هربا من القتال والقلاقل السياسية في بلدانهم أو طمعا في التسلل إلي دول الخليج, المهاجرون يأتي أغلبهم من مينائي بصاصو في الصومال وأبوك في جيبوتي. وفي عرض البحر يبدأ فصل جديد من المعاناة, حيث يتعرضون للتعذيب والإبتزاز والاستغلال علي أيدي المهربين والمتاجرين بالبشر. وبينما يصل هؤلاء الأشخاص إلي السواحل اليمنية وهم يعانون من الجفاف والتعب والجوع والعطش, يتربص الموت بالعشرات منهم قبل وصولهم إلي السواحل اليمنية وذلك بسبب قيام المهربين بإجبارهم علي القفز من القوارب في المياه العميقة خشية وقوعهم في أيدي سلطات خفر السواحل اليمنية ومصادرة قواربهم. هذه الظاهرة الإنسانية الصعبة ضاعفت معاناة اليمن التي تعيش أصلا أزمة إقتصادية طاحنة ونزوحا داخليا بسبب القتال الداخلي ومواجهات القاعدة, مما جعل الحكومة اليمنية تعلن رسالة إحتجاج إلي المجتمع الدولي تمثلت في إستضافة مؤتمر إقليمي يوم11 نوفمبر الجاري لمناقشة الهجرة والنزوح الأفريقي إلي اليمن. وكان اليمن قد استقبل العام الماضي2012 م, حوالي107 آلاف و500 لاجئ من القرن الإفريقي مقارنة مع103 آلاف لاجئ في العام2011 م,80% منهم من الأثيوبيين الذين يتخذون اليمن ممرا إلي دول الخليج للعمل بها. وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين عن وصول أكثر من46 ألف لاجئ ومهاجر إلي ساحل اليمن خلال الأشهر الستة الأولي من العام الجاري. وتؤكد تقارير الأممالمتحدة أن اللاجئين يتعرضون للاستغلال والعنف والانتهاك الجنسي في جميع مراحل رحلتهم, حيث تعاني القوارب التي تقوم بعبور بحر العرب أو البحر الأحمر إلي اليمن عادة من الاكتظاظ. وربما يجبر المهربون الركاب علي النزول إلي المياه تجنبا لاكتشاف أمرهم. وعادة ما يقوم المهربون وتجار البشر بالانتظار علي الساحل من أجل استقبال القادمين الجدد. ويؤكد الدكتور أبوبكر القربي وزير الخارجية اليمني أن هناك أكثر من مليون لاجئ من بلدان القرن الإفريقي بحسب التقديرات القريبة من الحقيقة, منوها إلي أن هناك أيضا ما بين600 إلي700 ألف لاجئ داخلي جراء الأحداث التي شهدتها محافظة صعدة والمواجهات مع القاعدة في جنوب البلاد. ويري القربي أن اليمن إمكانياته محدودة وظروفه الاقتصادية في منتهي الصعوبة ومن الغريب أن ينظر العالم إلي وجود ما يزيد علي مليون لاجئ في اليمن ولا يتحرك بالقدر الكافي, الأممالمتحدة طلبت ما يقرب من720 مليون دولار لرعاية هؤلاء اللاجئين, حتي الآن لم تلزم الدول إلا بحوالي48% من هذا المبلغ مما يعني أن هناك تقصيرا من الدول التي تتحدث كثيرا عن قضايا حقوق الإنسان ورعاية هذه المجموعات التي تضطر للهجرة نتيجة الظروف السياسية والأمنية, ولكنها في نهاية الأمر لا تقدم سوي القليل لمعالجة هذا الأمر. ونص إعلان صنعاء الصادر في ختام المؤتمر علي إنفاذ القانون في مواجهة شبكات التهريب والاتجار بالبشر في كل من دول المصدر والعبور والمقصد.