العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    الصور الأولى من موقع حادث انقلاب ميكروباص داخل ترعة بقنا    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    عمرو أديب يشن هجوما على الفنان محمد صبحي.. لهذا السبب    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    توسك يؤكد أن بولندا لن تشارك في قوة متعددة الجنسيات بأوكرانيا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    10 صور تكشف الحادث، انقلاب حاويات قطار بطوخ يدمر سور المنازل ويوقف حركة السكك الحديدية    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    مقتل شاب وإصابة شقيقه فى مشاجرة بالغربية    السبب مفاجأة، محامي عروس المنوفية يوضح أسباب استبعاد والدة الجاني من الاتهام    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    عمرو أديب ينتقد محمد صبحي بسبب فيلم الست: هناك فرق بين النقد والغل.. أنت من تصنع المؤامرة للتغطية على واقعة سائقك    إبراهيم المعلم: الثقافة بمصر تشهد حالة من المد والجزر.. ولم أتحول إلى رقيب ذاتي في النشر    رئيس وزراء أستراليا: هجوم سيدني الإرهابي يبدو مدفوعا بأيديولوجية داعش    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    كاراجر: إذا رحل محمد صلاح عن ليفربول سيندم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    تكريم مهندسي مصر للطيران للصيانة بعد أزمة طائرات إيرباص A320    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    مصير أسعار الذهب في 2026 بعد خفض الفائدة الأمريكية؟    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجة شقيقه وإبنته ببولاق الدكرور    تأجيل محاكمة 25 متهما في قضية خلية الظاهر    تعرف على تفاصيل تعطيل الدراسة اليوم بمحافظة شمال سيناء.. فيديو    وفاة وفقدان 27 مصريا بينهم أطفال في غرق قارب جنوب جزيرة كريت باليونان    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    العد التنازلي بدأ، خمسة نجوم يتنافسون على الجائزة الكبرى في SBS للدراما 2025    مركز محمود سعيد للمتاحف يحيي اليوم العالمي للغة العربية بتأبين الشاعر فوزي خضر    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    متحدث الوزراء: لا مساس بأسعار الخدمات الطبية المقدمة لمحدودي الدخل    بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل في هذا الموعد    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    نائب رئيس جامعة عين شمس: تقديم أوجه الدعم والرعاية للطلاب الوافدين    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهوية المصرية.. ركائزها ومسارها!
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 11 - 2013

ذكرني صديقي بمقولة كنت دائما أرددها, هي أن هوية مصر لابد وأن نقترب منها من منظور حضاري. ولا ينبغي أن تخضع للرؤية الدينية المحضة أو تتلقفها المصالح السياسية. قلت لم أزل متمسكا بهذه المقولة وقد ذكرت صديقي بدوري.
هذا ما حاولنا أن نوضحه في مقالنا المعنون مصر المركب الحضاري الذي نشر في الأهرام( مايو الماضي) مؤكدا عدم ارتياحي إلي ما تضمنه دستور2012( الذي أطلقت عليه دستور منتصف الليل) في هذا المقام. ومرة أخري, أجدد حديثي حول هوية مصر, في ضوء ما يرشح عن لجنة الخمسين من جهة والحوارات المنطلقة من هنا وهناك حول هذا الموضوع من جهة أخري, حيث يتراوح الحديث عنها بين التديين و التسييس, ولكن قبل الخوض في هذا الأمر, أظن أنه من المفيد التذكير ببعض الركائز التي تقوم عليها الهوية المصرية من خلال السياق التاريخي الحضاري المصري. من هذه المرتكزات ما يلي:
أولا: أن هوية مصر هي نتاج حركة حضارية دءوب من قبل المصريين عبر العصور. لذا يعتبرها محمد شفيق غربال حصيلة تفاعل بين الاستمرارية والتغيير. فمصر مر عليها أشكال وألوان من الثقافات والأديان والأجناس من المنتمين للحضارات المختلفة. بعضها استقر بها, وبعضها الآخر عبر أرضها..الخ. وكانت مصر في كل الأحوال تستوعب وتهضم وتتمثل وتعيد الانتاج سواء علي المستوي المادي أو المعنوي: فنون, وعمارة, وفقه, ولاهوت, وأدب شعبي..الخ.
ثانيا: أصبحت الهوية المصرية هي حاصل ضرب مختلف الحضارات و الثقافات و الأديان,لا حاصل جمع, وهناك فرق بين الاثنين. وعليه انفتحت مصر علي كل ما هو جديد تأخذ ما يفيدها وتلفظ ما يضر نواتها الصلبة الثقافية الأولي. هكذا تعامل المصريون مع المسيحية الوافدة وبات هناك مسيحية مصرية نفخر بها مركز لها اجتهادها اللاهوتي وتراثها الثقافي. كما تعاطي المصريون مع الإسلام القادم وأصبح هناك اسلام الخبرة المصرية الذي يجعل الإمام الشافعي يغير الكثير من فقهه بعد أن التقي بالليث بن سعد. ويجعل مصر تقبل حكم الفاطميين(من عام969 إلي1171 م) وتأخذ الكثير من العادات والسلوكيات الحياتية دون التفريط في مذهبها الرئيس. وأثناء ذلك نجد تواصلا حضاريا مستمرا في الكثير من المجالات من وقت الفراعنة.. الخ. ولعل البارون امبان مؤسس حي مصر الجديدة كان واعيا بما نقول فصمم الحي الجديد وفق طرز ثلاثة: الفرعونية, والإسلامية والحديثة, في انسجام عبقري.
ثالثا: في ضوء ما سبق, تكونت الشخصية الحضارية المصرية من حصيلة كل ما مر بها واختبرته علي أرض الواقع. وإذا ما راجعنا تاريخنا الحقيقي الشعبي القاعدي لا تاريخ الحكام الرسمي فسوف نصل إلي حقيقة يبلورها أحمد رشدي صالح في مرجعه العمدة الأدب الشعبي كما يلي: قد يحلو للبعض أن يقولوا إن رجل الشارع المصري عبارة عن طبقات من مدنيات تتركب بعضها فوق بعض, فهو مصري في ظاهره, فإذا رفعت تلك الطبقة ألفيته قبطيا أو إفريقيا. هذا الرأي مؤداه أنه يستطيع الرجوع أو الانتكاس إلي حيث كان المصري عربيا أو قبطيا أو فرعونيا. إن الشخصية المصرية شأنها شأن أي شخصية قومية أخري قد أصبحت اليوم مزيجا مركبا تركيبا جدليا وتاريخيا, لا تستطيع قوة أن تسحق عناصر منها أو تسلخ بعضها. لذا ننحاز إلي أن مصر مركب حضاري متعدد العناصر وأن مصر لا تعد مصر إلا بتعدديتها...بغض النظر عن الوزن النسبي لهذه العناصر.
رابعا: لقد كان هم كل الحكام الوافدين الأول( المماليك من1250 إلي1517 والعثمانيين من1517 إلي محمد علي الذي وضع مسافة مع الباب العالي رغم التبعية القانونية) هو التمتع بثروات مصر علي حساب أهلها, لذا أذاقوا المصريين الأمرين ولم يكن التماثل المذهبي لكثير من المصريين وهؤلاء الحكام ميزة لهم.ولأن هؤلاء الحكام قد سلكوا سلوك الإثنية الحاكمة المغلقة لمنع أهل البلاد من المشاركة في الحكم. وعليه تضامن المصريون معا علي اختلافهم في مواجهة هؤلاء الحكام, وهو ما تمثل في ثورات متتابعة( رصدناها في دراسة عن ثورات المصريين قبل الدولة الحديثة) كان ذروتها هو تأسيس الدولة الحديثة. ومع محمد علي سار المصريون معا يناضلون من أجل المواطنة بتأكيد الشراكة في الحكم عندما بدأوا في مراجعة إسماعيل, ثم وضع دستور للبلاد, والنضال من الاستقلال الوطني وبناء الوطن المستقل لاحقا...
الخلاصة, وبعد هذه المسيرة التاريخية النضالية الممتدة هل يستقيم أن يستأثر مكون بتحديد الهوية؟ وأن تكون دينية محضة؟ وأن يتم إخضاعها للتسييس؟ وما تداعيات ذلك.. ونواصل.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.