مما لاشك فيه أن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي ترك إرثا ثقيلا في ليبيا, وأن رحيله الدموي والفظائع التي جري ارتكابها في حق الشعب الليبي الشقيق تخيم علي الواقع الليبي ومستقبله. إلا أن البكاء علي ما مضي, والارتهان لحقائب الماضي الثقيلة لن تؤدي بالشعب الليبي إلي أي طريق سوي الفوضي. ولقد بات واضحا الآن بما لا يدع مجالا للشك أن ليبيا أصبحت مصدرا للقلاقل لجيرانها, وللخطر علي نفسها, وإذا ما استمرت عملية العناد, ومحاولات الإقصاء فإن الفوضي المدمرة سوف تتعمق, وربما تتحول ليبيا المسالمة علي مدي تاريخها إلي صومال غاضب جديد, وربما يسقط الشعب الليبي في قبضة ميليشيات مسلحة وتجار موت تحركهم قوي خارجية تتلهف لتضع يدها علي مقدرات البلاد, أو جزء منها. وإذا كانت هذه الكتابات الخطيرة واضحة علي الجدران الليبية من الآن, فإن القوي الفاعلة في العالم العربي عليها أن تتدخل لإنقاذ ليبيا من الميليشيات الدينية والقبلية والفيدرالية. ويبدو في هذه اللحظة أن المهمة الأولي هي دعوة الجامعة العربية للقيادات الوطنية والشريفة لمؤتمر كبير وعاجل للمصالحة في ليبيا, ولعل هذه المهمة العاجلة ستكون اختبارا للجامعة والدول العربية علي التحرك بسرعة بدلا من انتظار خراب ليبيا, ودعوة القوي الغربية للتدخل لحل الأزمة العربية. ولن تكون المهمة سهلة إلا أنها تستحق التحرك العاجل, ويتعين علي القادة العرب أن يبعثوا للشعب الليبي برسالة تقول إن الإقصاء ليس الحل! لمزيد من مقالات