لابد أن نستعيد اليوم ما اعترفت به إسرائيل قبل40 عاما من أن أكبر أخطائها في حرب أكتوبر كان في مجال التقدير الاستراتيجي لأنهم توهموا أن أي حرب جديدة سوف تجيء علي غرار حرب يونيو1967 التي حسمتها إسرائيل في ساعات بهجوم جوي شامل. كان زهو الانتصار الخاطف في حرب يونيو قد أدار رءوسهم وجعلهم يتجاهلون ما سبق أن دونوه في مؤلفاتهم وفي مقدمتها مؤلفات ديان وبارليف أصحاب النظرية القائلة: إن كل حرب تختلف عن سابقتها.. ولكن الصلف والغرور أعمي عيونهم عن قراءة ما كتبوه... ولعل من سخريات القدر أن الجنرال حاييم بارليف عندما جري استدعاؤه للخدمة لكي يتولي مسئولية إنقاذ الخط الدفاعي الذي يحمل اسمه أصيب بصدمة عصبية صباح يوم7 أكتوبر عندما رأي الأعلام المصرية ترفرف فوق النقاط القوية للمواقع الحصينة وتأكد بأم عينيه أن العبور المصري جري علي امتداد خط المواجهة من بورسعيد شمالا إلي عيون موسي جنوبا وأن الخط الأسطورة الذي يحمل اسمه والذي ظل لعدة سنوات يمثل جدار الثقة لإسرائيل وحائط اليأس للمصريين قد انهار تماما.. والحقيقة أنه لم يكن بمقدور أحد أن يفهم حجم ومعني التداعيات المنتظرة لزلزال العبور وسقوط خط بارليف سوي حاييم بارليف نفسه. وفي القاهرة كانت فرحة الإحساس بالنصر والإنجاز تتصاعد رويدا رويدا.. لقد سقط التفوق الجوي وسقط التفوق التكنولوجي وانكشفت أكذوبة القوة التي لا تقهر وظهر عجز الإعلام الموالي لإسرائيل عن تغطية عار الهزيمة.. وأدرك العالم كله بعد24 ساعة فقط أن الخريطة السياسية للشرق الأوسط تتجه لتغيير جذري وكبير تحت أقدام قوات العبور. خير الكلام: يارب إذا أعطيتني نجاحا لا تأخذ تواضعي! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله