لاشك في أن سهولة النصر الخاطف الذي حققته إسرائيل في حرب5 يونيو1967 قد أدي إلي بناء جدار كبير من الوهم يصور لهم أن الحرب الشاملة مع مصر أصبحت مستحيلة وأن العبور الكامل للقوات المصرية إلي الضفة الشرقية للقناة لم يعد أمرا واردا- لسنوات طويلة قادمة. والحقيقة أن أوضاع ما بعد انتهاء معارك يونيو1967 شكلت صورة مغرية لإسرائيل تشجعها علي مواصلة بناء جدار الوهم والتيقن من استحالة توافر القدرة المصرية علي تغيير الأمر الواقع أو حتي مجرد التفكير في عمليات قتالية واسعة. كان وقف إطلاق النار في9 يونيو1967 قد سمح لإسرائيل بأن تنشر كتائب المشاة ووحدات المدفعية ومن خلفهما طوابير المدرعات علي امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس باستثناء قطاع ضيق في شمال شرق القناة حيث تفصل المستنقعات العميقة هناك بين الحواجز الرملية وبين مدينتي بور سعيد وبور فؤاد... وهو القطاع الذي دارت فوق أرضه معركة رأس العش الشهيرة التي واجهت فيها إسرائيل أول هزيمة بعد يونيو1967 بأسابيع قليلة والفضل في ذلك لإحدي فصائل قوات الصاعقة المصرية التي دافعت عن هذا القطاع ببسالة ونجحت في التشبث بمواقعها وإجبار المدرعات الإسرائيلية علي التراجع! كانت المساحات الشاسعة لصحراء شبه جزيرة سيناء التي تترامي خلف الضفة الشرقية للقناة المعززة بتحصينات خط بارليف قد هيأت للإسرائيليين أنه حتي في حال حدوث مفاجأة غير محسوبة وإقدام المصريين علي شن هجوم شامل- دون إنذار كاف- فإن إسرائيل سوف يكون بمقدورها صد هذا الهجوم ودحر القوات المصرية المهاجمة بعد الالتفاف عليها وتطويقها تحت غطاء التفوق الجوي!
خير الكلام: لن تستطيع تغيير الواقع إلا إذا خلعت رداء اليأس وارتديت جلباب الأمل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله