من بين أهم ما كشفت عنه اعترافات الأسري الإسرائيليين خلال الأيام العشرة الأولي للحرب أن انهيار خط بارليف تحت أقدام قوات العبور المصرية استتبعه انهيار عسكري وسياسي لم تعرفه إسرائيل منذ إعلان قيامها في15 مايو عام.1948 والحقيقة إنني خلال متابعتي للعديد من جلسات التحقيق مع بعض هؤلاء الأسري أدركت مبكرا أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلي الوراء بعد أن سقط قناع الغرور الذي كان يغطي وجه المؤسسة العسكرية وجنرالاتها منذ الساعات الأولي من صباح5 يونيو1967 وحتي الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر.1973 كان أخطر ما تعرضت له إسرائيل هو فقدان حالة التوازن وانهيار مشاعر الثقة بالنفس وانهيار نظريات الأمن المزعومة حيث سقطت الخطوط واحترقت الطائرات والدبابات ورفع الجنود الإسرائيليون رايات الاستسلام. لقد اعترف الأسري بأنهم أفاقوا من أحلامهم علي كابوس ثقيل بسبب دقة التخطيط وبراعة التنفيذ في عملية عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف التي فرضت عليهم احترام العسكرية المصرية والانبهار بروح القتال العالية التي كان يندفع الجنود والضباط المصريين بفضلها غير عابئين بالحصون والموانع وغير متهيبين للهيب نيران المدافع. لكن الاعتراف الأكثر أهمية كان يتعلق بمحاولة كبار القادة العسكريين الإسرائيليين طمأنة جنودهم في أيام الحرب الأولي بأن التدخل العسكري الأمريكي قادم وأن عليهم أن يصمدوا لبضعة أيام حتي تصل النجدة الأمريكية في شكل جسر جوي كامل لن يقتصر فقط علي الطائرات والمدافع والدبابات وأطقم القتال وإنما باختراق معلوماتي للجبهة المصرية التي بدت في الأيام الأولي للحرب لغزا يستعصي علي الفهم والتحليل! وقد ثبت بالفعل صحة وصدق هذه الاعترافات عندما اخترقت المجال الجوي المصري طائرتي استطلاع أمريكيتين ظهر يوم السبت13 أكتوبر علي ارتفاع شاهق وبسرعة تفوق سرعة الصوت عدة مرات حيث مسحت الجبهة المصرية من بور سعيد شمالا إلي رأس بناس علي البحر الأحمر جنوبا مرورا فوق كل مواقع تمركز القوات المصرية شرق وغرب القناة من بور فؤاد شرق بورسعيد وحتي عيون موسي شرق السويس. ورغم خطورة مشهد الاختراق الأمريكي وما سوف يوفره من معلومات لم يكن بمقدور إسرائيل الحصول عليها فإن مصر التزمت بوعدها للسوريين ببدء عملية تطوير الهجوم شرق القناة لتخفيف الضغط علي الجبهة السورية حيث جرت أكبر معارك للدبابات منذ الحرب العالمية الثانية. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: فليست حدود الأرض تفصل بيننا... لنا الشرق حدود والعروبة موقع! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله