مع اقتراب احتفالات ثورة يناير حاولنا رصد العلاقة بين الثورة المصرية والفن التشكيلي, والتي تخطت حصر الفن في الأسباب السياسية المباشرة أو الإصرار علي ضرورة خدمة الفن لقضية سياسية مباشرة. لأن الفن خلال ثورتي يناير ويوليو خدم كل التطورات المتعلقة بالشخصية الإنسانية, وتعامل مع الرؤي المختلفة وكافة العلاقات الاجتماعية, وعلي خلفية ثورتي25 يناير و30 يونيو شهدت بعض قاعات الفنون أعمالا متنوعة عكست الانفعال بالثورة ورؤية لمستقبل مصر بعد أن هبت عليها رياح الديمقراطية.. في البداية يقول الدكتور صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية: أن الثورة لها تأثير ايجابي في زيادة الحس الوطني والوعي الثقافي والفني لدي الشباب, حتي وان لم يكن ظاهرا بشكل واضح الآن ولكنه سيتضح فيما بعد, فقد أصبحت الفعاليات المرتبطة بالحس الوطني تلقي اهتماما أكبر لدي الناس, وأشار إلي أن أي حدث عظيم يحتاج إلي وقت حتي يستطيع الفنان التعامل معه, ولكني أعتقد أن الأعمال المعبرة عن الثورة ستأتي فيما بعد عندما تكتمل الرؤية لدي الفنان, أما الفن الذي ظهر بقوة فهو الجرافيتي وكان أداة قوية للتعبير علي الجدران في الشوارع والميادين علي الرغم من أنه وصل أحيانا الي حد السب والقذف, وعموما فسيظل الفن هو حائط الصد الأخير وأعتقد ان الأحداث الماضية أثبتت ذلك من خلال موقف المثقفين والفنانين الذين كان لهم دور كبير في ثورة30 يونيو. ويؤكد الفنان رضا عبد السلام دور الثورة الايجابي الذي سيظهر تدريجيا علي المدي البعيد حيث تأثر عدد من الفنانين بالأحداث وقدموا بعض الأعمال, ولكن جميعها لا تعبر عن الثورة بمفهومها الحقيقي وخاصة أن الأحداث الجارية تسفر عن وقوع شهداء وكشف حقائق, وبالنسبة إلي المعارض التشكيلية فإنها فقدت عدد كبير من جمهورها وأصبح فن الجرافيتي هو البطل الذي يخاطب الناس, ويضيف رضا, يعتبر الفن ملاذا للفنان ووسيلته للمقاومة وتغيير الواقع وخصوصا في ظل وجود القوي التكفيرية التي يجب مواجهتها بالفكر والفن والإبداع والعلم وليس بالاعتقال, ولابد أن تصل الفنون إلي القاعدة العريضة من الشعب. يقول إبراهيم عبدالرحمن المسئول عن جاليري بيكاسو للفنون: ب قبل ثورة يناير كنا نشعر بترويج الفن التشكيلي بجميع تخصصاته بدرجة مرضية إلي حد ما, ولكن بعد الثورة حدث ركود شبه تام ومع مرور الوقت بدأنا في استعادة النشاط نسبيا فعندما يقام معرض كنا نتوخي الحذر في الأعمال المعروضة بحيث ينتهي الحال بأننا لا نقدم ما يرضي الفنانين وجمهور القاعات, ويضيف: تبدلت الحال بعد ثورة30 يونيو وتحسنت الأوضاع كثيرا وأصبح كل يوم يمضي أفضل من السابق, وبدأنا جميعا نستبشر خيرا, وحاليا استعدنا حوالي80% من رواج الفن قبل الثورة ويري الفنان فريد فاضل أن الثورات عموما فترة خصبة وصاخبة في نفس الوقت, فدائما ما يصاحبها نوع من الحرية الإبداعية ولكن الحالة العامة يكون بها غموض, يليها شعور بالإحباط ناتج عن عدم تحقيق ما هو مرجو من الثورة, ولكن الحالة والرصيد الإبداعي لدي الفنان لا يتأثر بل يزداد نضجا مع وضوح الرؤية السياسية وهناك بعض الفنون ازدهرت أثناء الثورة مثل الفيديو أرت والجرافيتي والتصوير الفوتوغرافي ولكنها جميعا ينقصها النضج, ويضيف فاضل, بالنسبة للفترة القادمة أشعر بالتفاؤل المشوب بالحذر, فحضارات الشعوب مبنية علي النظام المصاحب بمناخ ملائم لتفجير الطاقة الإبداعية, وللأسف خلال العقود الأخيرة تغيرت شخصية المصريين وأصبح هناك أزمة أخلاقية شديدة, وإذا أردنا التطوير ومواجهة المنافسة العالمية في جميع المجالات لابد من الاهتمام بالأخلاق والتعليم والثقافة.