في ظل نظام انتخابي معيب معقد, معيب لكونه يجمع أو يخلط, إذا أردنا الدقة, بين نظامين( قائمة, وفردي).. ومعقد حيث لك أن تتخيل حالة وجود عدد لابأس به من الناخبين ويتسلم الناخب منهم ورقة كبيرة بها ما يزيد علي100 اسم لمرشحين مع رموزهم العجيبة. جرت عملية الاقتراع علي أساس طائفي( مسلم) يتوجه إلي الحرية والعدالة أو النور, ومسيحي إلي الكتلة المصرية, دون رجوع إلي برامج أو مناقشة أو رؤي وسياسيات للأحزاب المشاركة وكأننا استبدلنا شهداءنا الابرار ومقلتي عيون احمد حرارة وزملائه بمقاعد..!! معركة انتخابية وسبقها هجوم عنيف لثالث أو رابع مرة علي الرجل الجميل المخلص, الإنسان الوديع راجح العقل, صافي الذهن, وأحد الرموز الصانعة لثورة يناير واعني د.البرادعي. نظام انتخابي سمح لبعض رموز الحزب الوطني المنحل بالترشح ومع ذلك تظل هناك علامات مضيئة بالأمل ذكرتني تلك الاتخابات, بقصة طريفة حقيقية أوردها الاستاذ رجب البنا في أحد كتبه, بطل القصة رائد فضاء سوفيتي ويدعي(سيرجي كريا كليف) فقد صعد الرجل إلي مركبة فضاء, سابحة خارج الكرة الأرضية, وكان جور باتشوف هو الذي يحكم في ذلك الوقت, وكان الاتحاد السوفيتي لايزال قائدا للمعسكر الاشتراكي, وظل( كريا كليف) في الفضاء شهورا علي ارتفاع35 ألف كيلو متر, فلما جاء موعد عودته إلي الأرض, وفق البرنامج, كان كل شيء في الاتحاد السوفيتي وفي العالم قد تغير. أثناء الفترة التي عاشها الرجل معلقا في الفضاء, سقط جور باتشوف, وتفكك الاتحاد السوفيتي, وحل حلف راسو نفسه, وتفاقمت الأزمة الاقتصادية, إلي حد أن عجزت روسيا عن تمويل رحلة عودة رائد الفضاء, فبقي(كيريا كليف) خمسة أشهر إضافية معلقا في الفضاء, إلي أن أكمل220 يوما لإطلاق صاروخ رحلة العودة عاد(كاريا كليف) في حالة يرثي لها من الاضطراب العقلي والنفسي, ولم يعد قادرا علي فهم ما حدث وما يحدث لبلاده. فقد ترك بلاده, وهي دولة عظمي وعاد ليجدها قد اصبحت15 دولة مستقلة!! أراد أن يذهب إلي مدينة(ليننجراد) فلم يجد مدينة بهذا الاسم ووجدها أصبحت باسم القيصر القديم( بطر سبرج) لم يستطع عقله أن يستوعب كيف أن بلاده حين تركها كانت تقدم المعونات لدول العالم الثالث, لتساعدها علي التحرر من الأستعمار والتبعية ومن النفوذ الأمريكي فوجد بلاده هي التي تتلقي المساعدات من فائض الانتاج الاوروبي الامريكي. قصة( كريا كليف) ليست تكرارا لأهل الكهف. فأهل الكهف ناموا أكثر من ثلاثمائة عام, واستيقظوا ليجدوا أنفسهم في عصر آخر, ومع بشر آخرين!!! اما هو فقد ظل يقظا, وابتعد عن واقع بلاده, كل شئ تغير فيما عدا هو من ناحية الانفصال عن الواقع وعدم القدرة علي إدراك التغيير, القصة ليست من صنع الخيال, وهي قابلة للتكرار, فكم( كريا كليف) يعيش بيننا أظن أن عندنا من أمثاله الكثير غابوا بفكرهم وعقولهم وكان ابتعادهم لأسباب مختلفة سواء إلي الماضي البعيد أو القريب أوسكن غابة الوحوش التي تعيش علي مكتسبات البشر.